"الذين يدعون إفلاس مصر هم المفلسون"، كانت هذه العبارة في خطاب ألقاه الرئيس- محمد مرسي، السبت الماضي، أمام مجلس الشورى، غير أن بعض المعارضين قالوا -في تصريحات صحفية- إن "الرئيس يتحدث عن الاقتصاد الياباني وليس الاقتصاد المصري"، وقد تباينت الآراء حول موضوع احتمال تعرض مصر للإفلاس.
وقد ساعد على رواج ما ذكرته قوى سياسية من تعرض البلاد لإفلاس محتمل تراجع بعض المؤشرات الاقتصادية، مثل انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار على مدار الشهر الماضي، وكذلك تخفيض مؤسسة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني لمصر وبنوكها في الأسبوع الماضي.
لكن اقتصاديين يرون أن الحديث عن إفلاس مصر هو "مناورة سياسية وليس له شواهد من الصحة في واقع الحقائق الاقتصادية لمصر"، ويقول وزير المالية الأسبق- سمير رضوان، إن "الحديث عن إفلاس مصر نوع من الخرافة وتضييع للوقت وفزاعة تصرفنا عما ينبغي عمله للخروج بالاقتصاد المصري من مشكلاته المتعددة، التي يعانيها من قبل وبعد ثورة 25 يناير".
ودّلل رضوان، على صحة كلامه بأن مصر على مدار تاريخها لم تتعرض للإفلاس رغم صعوبة أوضاعها الاقتصادية في أوقات ماضية، ويضيف رضوان متسائلاً "كيف تُفلس مصر ولدينا احتياطي نقدي يقدر بنحو 15 مليار دولار، وإيرادات جارية لقناة السويس بحدود ستة مليارات دولار ونحو 18.1 مليار دولار تحويلات للعاملين بالخارج، وكذلك صادرات بترولية بقيمة عشرة مليارات دولار".
في الوقت نفسه، يرى "رضوان" أن وضع الاقتصاد المصري خطير ويتطلب التحرك بأسرع وقت نحو مجموعة من الإجراءات في الأجل القصير، منها التوقيع مع صندوق النقد الدولي على اتفاقية القرض، ومصارحة الشعب المصري بحقيقة المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
ومن الإجراءات المطلوبة أيضاً تغيير المجموعة الاقتصادية الحالية في الحكومة؛ لعدم قدرتها فنياً على معالجة مشكلات الاقتصاد المصري في المرحلة الماضية، وسيكون المطلوب من الحكومة الجديدة العمل على استعادة ثقة المستثمرين المحليين والأجانب.
من جانبه، يقول الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب- جمال بيومي، "كيف يمكن القول بإفلاس مصر وهي تمثل ثاني أكبر ناتج محلي على المستوى العربي بما يعادل نحو 300 مليار دولار، كما يعد السوق المصري من أكبر أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتوفر على ثالث أفضل متوسط للدخل على الصعيد العربي أيضاً، فهذه مقومات سوق اقتصادية من الصعوبة أن توصف بأنها على شفا الإفلاس".
واعتبر بيومي، أن الحديث عن إفلاس مصر "غير مبرر"، وأن حديث البعض عن مديونية مصر يجب أن ينظر إليه في سياق تاريخ البلاد، ففي معظم عصور النهضة الاقتصادية في مصر كانت البلاد فيها مَدِينة في عهد "محمد علي" وعهد "عبد الناصر"، وأوضح أن "الدَّين" ليس عيباً، ولكن العيب أن يستخدم الدين في غير موضعه الصحيح".
وأشار بيومي، إلى أهمية الائتمان "القروض" في صناعة الاقتصاديات الكبرى؛ موضحاً أن أميركا يتجاوز دينها العام 120% من إجمالي ناتجها المحلي، "فالائتمان أصبح عصب الاقتصادات الحديثة، ولكن الإدارة الاقتصادية السليمة هي تلك التي تستطيع أن توجه هذا الائتمان صوب التنمية".
ويؤكد الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب- جمال بيومي، أن مصر تعاني الآن من أزمة سيولة فقط؛ بسبب تعطل الإنتاج وكثرة الإضرابات، والمطالبة بزيادة الأجور في ظل تراجع الإنتاج وكذلك انخفاض النشاط السياحي وما ترتب عليه من تراجع العوائد، ويطالب الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب بتوقف هذه الإضرابات وعودة الثقة بين مكونات مجتمع الأعمال.
وشدد المتحدث نفسه، على ما أشار إليه المسؤولون المصريون في الأيام الماضية من قدرة مصر على سداد التزاماتها السنوية في يناير ويونيو من كل شهر، وأضاف أن مصر لم تتوقف أو تتعثر في سداد هذه الالتزامات، كما أن البنك المركزي المصري جدد تعهده للمصريين بضمان كل الودائع البنكية سواء للمصريين أو الأجانب بالعملات الأجنبية والمحلية، وشدد بيومي على أن الذين يتحدثون عن إفلاس مصر "لا يدركون حقيقة ولا خطورة ما يقولون".