بدء التسجيل الإلكترونى لرغبات الطلاب بجامعة القاهرة الأهلية 30 أغسطس الجارى    سعر الذهب اليوم في مصر ببداية تعاملات الأحد    منها 3 شاحنات وقود.. تواصل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    إيران تعليقا علي قرار الكابينت الاسرائيلى باحتلال قطاع غزة كاملا : يهدف لمحو هوية وكيان فلسطين    حرض على العنف.. السجن 20 عاما لرئيس وزراء تشاد السابق    إنقاذ مهاجرين في فرنسا اختبأوا داخل شاحنة مبردة متجهة إلى بريطانيا    كرة اليد، تعرف على مباريات منتخب مصر في الدور الرئيسي لمونديال الناشئين    القبض على التيك توكر لوشا لاتهامه بنشر فيديوهات تنتهك القيم الأسرية    محمد شاهين ضيف إسعاد يونس في "صاحبة السعادة" اليوم    فى فيلم روكى الغلابة .. مريم الجندى تواصل تقديم دور الصحفية بعد " ولاد الشمس "    وزارة الزراعة تعلن التشغيل التجريبى للمتحف الزراعى مجانا للجمهور    لليوم العاشر.. عمرو دياب الأكثر مشاهدة على يوتيوب ب كليب «خطفوني»    مصر وتركيا تؤكدان السعي لرفع التبادل التجارى ل 15 مليار دولار    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 10-8-2025 مع بداية التعاملات    موقف مثير للجدل من حسام حسن في مباراة الأهلي ومودرن سبورت (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. ليفربول والدوري المصري    النصر السعودي يعلن التعاقد مع لاعب برشلونة    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة    الأرصاد الجوية : ارتفاع فى درجات الحرارة بكافة الأنحاء والعظمى بالقاهرة 38 درجة    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث انقلاب سيارة في سوهاج    شكاوى من انقطاع التيار عن قرى بدير مواس وسمالوط بالمنيا وكفر الشيخ    النائب العام يوفد 41 عضوًا إلى أوروبا والصين لتلقي دورات متخصصة    في السابعة مساء اليوم .. آخر موعد لتسجيل الرغبات بتنسيق المرحلة الثانية للقبول بالجامعات    أسعار الأسماك في شمال سيناء اليوم الأحد 10 أغسطس 2025    إعلام: إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    بعد غلق التسجيل اليوم.. متى تعلن نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025؟    قروض السلع المعمرة بفائدة 26%.. البنوك تتدخل لتخفيف أعباء الصيف    تعرف على أعلى شهادة ادخار في البنوك المصرية    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    ريبيرو: كنا الأفضل في الشوط الثاني.. والتعادل أمام مودرن سبورت نتيجة طبيعية    أمير هشام: الأهلي ظهر بشكل عشوائي أمام مودرن.. وأخطاء ريبيرو وراء التعادل    وزير العمل يزف بشرى سارة للمصريين العاملين بالسعودية: لدينا تطبيق لحل المشاكل فورًا (فيديو)    «بيت التمويل الكويتى- مصر» يطلق المدفوعات اللحظية عبر الإنترنت والموبايل البنكي    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    التفاصيل الكاملة ل لقاء اشرف زكي مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية    محمود العزازي يرد على تامر عبدالمنعم: «وعهد الله ما حصل» (تفاصيل)    شيخ الأزهر يلتقي الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة «الإمام الطيب»    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    من غير جراحة.. 5 خطوات فعالة للعلاج من سلس البول    يعاني ولا يستطيع التعبير.. كيف يمكن لك حماية حيوانك الأليف خلال ارتفاع درجات الحرارة؟    دعاء الفجر يجلب التوفيق والبركة في الرزق والعمر والعمل    مصدر طبي بالمنيا ينفي الشائعات حول إصابة سيدة دلجا بفيروس غامض    مصرع وإصابة طفلين سقطت عليهما بلكونة منزل بكفر الدوار بالبحيرة    وزير العمل: سأعاقب صاحب العمل الذي لا يبرم عقدا مع العامل بتحويل العقد إلى دائم    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    القبض على بلوجر في دمياط بتهمة التعدي على قيم المجتمع    حكيمي: أستحق حصد الكرة الذهبية.. وتحقيق الإحصائيات كمدافع أصعب كثيرا    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    ترامب يعين «تامي بروس» نائبة لممثل أمريكا في الأمم المتحدة    أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    منها محل كشري شهير.. تفاصيل حريق بمحيط المؤسسة فى شبرا الخيمة -صور    يسري جبر: "الباء" ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    "حب من طرف واحد ".. زوجة النني الثانية توجه له رسالة لهذا السبب    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما كفوا عن الحلم
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 12 - 2012

كان هناك دم.. كثير منه لشباب وشابات هم فى عمر الزهور.. كان هناك حلم.. كثير من الاحلام اصطفت متراصة لوطن بحجم الكون.. كانوا هناك كثيرون منهم ومنا.. كنا واحدا اصبحنا أكثر من واحد فانتهى الوطن.. كلما تصورنا ان هناك مساحة لى ولك وله ولها قالوا ولكننا الاكثر.. كله بالعدد الا الاوطان لا تحسب بالاعداد بل بتعدد الالوان المتراصة جنبا إلى جنب.. قد تتداخل احيانا وفى اوقات يبقى كل لون بلونه.. لا يمحى واحد الاخر ولا يفقده رونقه.. ويبقى الاهم ان لا يسرقوا الحلم منا.. لا يسرقوا احلامنا كما كفوا هم عن الحلم.

كان هناك دم.. كثير منه.. وجاءوا هم كثرة حاملين بيد مفاتيح الجنات وبيد اخرى العصى الغليظة.. أغلقوا عوالهم منذ مدة وقطعوا صلاتهم بالكون.. كثيرا منهم شباب ايضا فى عمر الزهور ولكن سحبت منهم انسانيتهم عندما سرقوا منهم الحلم... انها شبيبة كفت عن الحلم، حينها توقفت عن تقبل الاخر وبدأت معركتها مع من سمتهم احيانا الكفرة واخرى اطلقت تسميات عدة قد تكون منها «علمانيين» «صليبيين» «عملاء».. أى احد غيرى لا يستحق شبرا من الجنة معى هكذا رددوا عليهم.. هكذا لقنوهم الدرس..شبر فى الجنة وفسحة على الارض.. لا يستحق قالوا لا يستحق. وراحوا يهرولون يقيمون الحد وينشرون فى الارض كلام قالوا انه كلام الله كان قد ردده عليهم كثيرا ذاك الشيخ القادم من مدن الجهل.. ذاك الذى فك الخط ربما منذ بضع لحظات واصبح واعظا برتبة «شيخ»!

كان هناك دم.. كثير منه هنا على طرقات تلك الضاحية المسترخية فى حضن الشجر وزغزغة العصافير قبل ان يحولوها إلى ساحة معركة اخرى من غزواتهم.. هم من كفوا عن الحلم لا يعرفون معنى الزهرة ولا يستظلون بشجرة وافية كانت هنا قبلهم ولكل جذع منها ذكريات مع اطفال وشباب مارسوا الكثير من المرح والضحك تحت غصونها.. هم حولوا اغصان الاشجار إلى آلات للقتل.. انها المرة الاولى التى تعرف فيها نساء هذه الضاحية ان اشجارها قد تقتل ابناءها! وقفت هى فى شرفة شقتها المستظلة بشجر وارف هو اخر ما تبقى من تلك اللحظات الجميلة الماضية لم تستطع سوى ان تصرخ من هول الصدمة.. «هذه شجرتنا نحن» قالت ومضت تصرخ «هنا ذكريات طفولتى.. هنا ذكريات مدينتى.. هنا بقايا وطنى. خوفها من ان يسرقوا ذكرياتها واحلامها ووطنها هو الذى دفعها ان تتشح بالسواد وتلتحق بركب محبى الحرية المتراصين الواقفين خلف الفرح.. عندما قطعوا الغصن الاول سقطت دمعتها الثمينة واغتسل وجهها بكثير من ملح دموعها الدافئة.. سكبوا الدم الطاهر فوق صور كثيرة متراصة من زمن جميل كان. ذاك لم يحم الصور بل عادت لتتجدد بدمهم وتعيد تكرار لن تسرقوا وطنى ابدا لن تسرقوا الذكريات والاحلام.

●●●

لم ترتو الارض بعد.. فقد اغتسلت الميادين، كل الميادين بكثير من الدماء الطاهرة قبل عامين أو اكثر وبدلا من ان تنبت زهرة بل الف زهرة وزهرة راحوا ينثرون الدم على ميادين المدن.. وزعوها بالتساوى على الجميع وكأنهم يقولون «لن يفلت منكم احد»!

كان علينا ان نعيد قراءة التاريخ، ليس التاريخ البعيد بل القريب جدا والاقرب جغرافيا... بعض ما يحدث هنا كان هناك.. انهم فى كل مكان يملؤون الكون بالصراخ كثير من الاصوات العالية والوجوه الغاضبة لا تسألوا لما هم غاضبون؟ فلا احد يعرف لما كل هذه الكراهية ربما بدأت هناك قبل سنين عندما توقفوا عن الحلم ووضعوا فرمانات الممنوعات الطويلة.. يقول ياسمينة خضرا فى روايته الرائعة «خرفان المولى» فى وصفه «للائحة الممنوعات.. على ملصقة اليسار، يبدأ البيان بحديث شريف ويسجل السلوكات التى ينبغى للمؤمن أن يمتنع عن ممارستها. إضافة إلى المحرمات التقليدية المشهورة، دونوا المحرمات الجديدة مثل الحمام العمومى، وقاعات التجميل والحلاقة النسائية، ارتداء التنورة، المساحيق، الموسيقى، قراءة الأبراج والتدخين وقراءة وشراء وبيع الصحف والمقعرات الهوائية وألعاب الحظ والشواطئ....الخ» تطول القائمة باختصار هى كل ما يسمى حياة.. هى كل ما كان يقيم هنا متلاصق بسجادة الصلاة.. هنا كانت كثير من الجوامع تلاصقت حتى اصبحت جزءا من ذكرياتنا اليومية وذاكراتنا البصرية ومعها وبالقرب منها سكنت المقاهى والملاهى وكثير من الضحك وتلاوين الكون كانت هنا ايضا.. اه كم اشتاق إلى مدننا التى كانت، كم احن إلى مدن التسامح قبل عودتهم حاملين تفاسيرهم الخاصة للدين الاوحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.