وزيرة التخطيط: لا تراجع عن استمرار الإصلاح الاقتصادى لزيادة الإنتاج والتصدير    سعر الذهب اليوم الخميس 25-12-2025.. عيار21 يسجل 5970 جنيها    نصف مليار في صفقة واحدة.. نوران للسكر تشعل سوق خارج المقصورة اليوم    اغتيال عنصر فيلق القدس الإيراني بلبنان حسين محمود مرشاد الجوهري    إصابة شابين فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي وهجمات المستوطنين    الخارجية الروسية: الاتحاد الأوروبي يراهن على تصعيد الصراع الأوكراني من أجل المال    البنك الأهلى يتقدم على الجونة 1-0 فى الشوط الأول    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات ويشدد على إصدار قرارات غلق للمحال    بسبب الكلاب الضالة.. ضبط شخصين تعديا على جارهما في المنتزه    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة لمجلس النواب    رئيس جامعة كفرالشيخ يلتقي بالطلاب الوافدين ويؤكد الحرص على تقديم بيئة متميزة    روسيا: نحلل خطة السلام الأمريكية بشأن أوكرانيا    إغلاق موقع إلكتروني مُزوّر لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    المنيا تنفرد بتطبيق نظام الباركود للمحاصيل الحقلية    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    فيديو.. سرب مكون من 8 مقاتلات حربية إسرائيلية يحلق فوق جنوب وشرق لبنان    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    قطع المياه عن المنطقة المحصورة بين شارعي الهرم وفيصل غدا    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    برلماني: الوطنية للانتخابات وضعت خارطة طريق "العبور الآمن" للدولة المصرية    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    حسام حسن: ⁠طريقة لعب جنوب أفريقيا مثل الأندية.. وجاهزون لها ولا نخشى أحد    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    ضبط 14 ألف و400 صاروخ ألعاب نارية تحت التصنيع وكمية من فتيل الصواريخ محظور تداولها بالأسواق بالفيوم    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    لم يرحم إعاقته، القبض على مدرس لغة عربية هتك عرض تلميذ في الهرم    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما كفوا عن الحلم
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 12 - 2012

كان هناك دم.. كثير منه لشباب وشابات هم فى عمر الزهور.. كان هناك حلم.. كثير من الاحلام اصطفت متراصة لوطن بحجم الكون.. كانوا هناك كثيرون منهم ومنا.. كنا واحدا اصبحنا أكثر من واحد فانتهى الوطن.. كلما تصورنا ان هناك مساحة لى ولك وله ولها قالوا ولكننا الاكثر.. كله بالعدد الا الاوطان لا تحسب بالاعداد بل بتعدد الالوان المتراصة جنبا إلى جنب.. قد تتداخل احيانا وفى اوقات يبقى كل لون بلونه.. لا يمحى واحد الاخر ولا يفقده رونقه.. ويبقى الاهم ان لا يسرقوا الحلم منا.. لا يسرقوا احلامنا كما كفوا هم عن الحلم.

كان هناك دم.. كثير منه.. وجاءوا هم كثرة حاملين بيد مفاتيح الجنات وبيد اخرى العصى الغليظة.. أغلقوا عوالهم منذ مدة وقطعوا صلاتهم بالكون.. كثيرا منهم شباب ايضا فى عمر الزهور ولكن سحبت منهم انسانيتهم عندما سرقوا منهم الحلم... انها شبيبة كفت عن الحلم، حينها توقفت عن تقبل الاخر وبدأت معركتها مع من سمتهم احيانا الكفرة واخرى اطلقت تسميات عدة قد تكون منها «علمانيين» «صليبيين» «عملاء».. أى احد غيرى لا يستحق شبرا من الجنة معى هكذا رددوا عليهم.. هكذا لقنوهم الدرس..شبر فى الجنة وفسحة على الارض.. لا يستحق قالوا لا يستحق. وراحوا يهرولون يقيمون الحد وينشرون فى الارض كلام قالوا انه كلام الله كان قد ردده عليهم كثيرا ذاك الشيخ القادم من مدن الجهل.. ذاك الذى فك الخط ربما منذ بضع لحظات واصبح واعظا برتبة «شيخ»!

كان هناك دم.. كثير منه هنا على طرقات تلك الضاحية المسترخية فى حضن الشجر وزغزغة العصافير قبل ان يحولوها إلى ساحة معركة اخرى من غزواتهم.. هم من كفوا عن الحلم لا يعرفون معنى الزهرة ولا يستظلون بشجرة وافية كانت هنا قبلهم ولكل جذع منها ذكريات مع اطفال وشباب مارسوا الكثير من المرح والضحك تحت غصونها.. هم حولوا اغصان الاشجار إلى آلات للقتل.. انها المرة الاولى التى تعرف فيها نساء هذه الضاحية ان اشجارها قد تقتل ابناءها! وقفت هى فى شرفة شقتها المستظلة بشجر وارف هو اخر ما تبقى من تلك اللحظات الجميلة الماضية لم تستطع سوى ان تصرخ من هول الصدمة.. «هذه شجرتنا نحن» قالت ومضت تصرخ «هنا ذكريات طفولتى.. هنا ذكريات مدينتى.. هنا بقايا وطنى. خوفها من ان يسرقوا ذكرياتها واحلامها ووطنها هو الذى دفعها ان تتشح بالسواد وتلتحق بركب محبى الحرية المتراصين الواقفين خلف الفرح.. عندما قطعوا الغصن الاول سقطت دمعتها الثمينة واغتسل وجهها بكثير من ملح دموعها الدافئة.. سكبوا الدم الطاهر فوق صور كثيرة متراصة من زمن جميل كان. ذاك لم يحم الصور بل عادت لتتجدد بدمهم وتعيد تكرار لن تسرقوا وطنى ابدا لن تسرقوا الذكريات والاحلام.

●●●

لم ترتو الارض بعد.. فقد اغتسلت الميادين، كل الميادين بكثير من الدماء الطاهرة قبل عامين أو اكثر وبدلا من ان تنبت زهرة بل الف زهرة وزهرة راحوا ينثرون الدم على ميادين المدن.. وزعوها بالتساوى على الجميع وكأنهم يقولون «لن يفلت منكم احد»!

كان علينا ان نعيد قراءة التاريخ، ليس التاريخ البعيد بل القريب جدا والاقرب جغرافيا... بعض ما يحدث هنا كان هناك.. انهم فى كل مكان يملؤون الكون بالصراخ كثير من الاصوات العالية والوجوه الغاضبة لا تسألوا لما هم غاضبون؟ فلا احد يعرف لما كل هذه الكراهية ربما بدأت هناك قبل سنين عندما توقفوا عن الحلم ووضعوا فرمانات الممنوعات الطويلة.. يقول ياسمينة خضرا فى روايته الرائعة «خرفان المولى» فى وصفه «للائحة الممنوعات.. على ملصقة اليسار، يبدأ البيان بحديث شريف ويسجل السلوكات التى ينبغى للمؤمن أن يمتنع عن ممارستها. إضافة إلى المحرمات التقليدية المشهورة، دونوا المحرمات الجديدة مثل الحمام العمومى، وقاعات التجميل والحلاقة النسائية، ارتداء التنورة، المساحيق، الموسيقى، قراءة الأبراج والتدخين وقراءة وشراء وبيع الصحف والمقعرات الهوائية وألعاب الحظ والشواطئ....الخ» تطول القائمة باختصار هى كل ما يسمى حياة.. هى كل ما كان يقيم هنا متلاصق بسجادة الصلاة.. هنا كانت كثير من الجوامع تلاصقت حتى اصبحت جزءا من ذكرياتنا اليومية وذاكراتنا البصرية ومعها وبالقرب منها سكنت المقاهى والملاهى وكثير من الضحك وتلاوين الكون كانت هنا ايضا.. اه كم اشتاق إلى مدننا التى كانت، كم احن إلى مدن التسامح قبل عودتهم حاملين تفاسيرهم الخاصة للدين الاوحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.