«بابا قالي حالنا هيتحسن لما الرئيس الجديد يجي، بس شكله لسه مجاش».. وسط تلال من القمامة داخل «مأوى اللبان» بمحافظة الإسكندرية، بدأت الطفلة ميار، التي وصلت للتو السنة السادسة من عمرها، حديثها ل«الشروق». «مأوى اللبان»، حيث تسكن ميار، عبارة عن أبنية ايلة للسقوط، تحيطها كميات هائل من القمامة ومياه الصرف الصحي، نُقل إليها المتضررون من انهيار العقارات، لحين توفير سكن بديل.
تحكي ميار عن ذلك الجسم الصلب الذي وجدته بجوار القمامة حين خرجت يوماً للعب مع أصدقائها أمام المنزل، والذي أخذه منها والدها بعد أن وبخها كثيراً لأنها خرجت للعب في القمامة، لتعرف بعدها أنه باعه واشترى بثمنه طعاماً لها ولآسرتها المكونة من أب وأم وثلاثة أطفال، ومن حينها اعتادت على البحث في القمامة عن أشياء يستطيع والدها أن يبيعها ليوفر احتياجات أسرتها.
وببراءة شديدة تتحدى ظروف معيشتها، تواصل ميار حديثها: «أنا نفسي ملعبش في الزبالة تاني وأروح المدرسة وأتعلم، واخواتى يتعلموا ونلاقي أكل فى البيت كل يوم، ونتفرج على التليفزيون، لكن إحنا معندناش أي حاجة من الحاجات دي.. ماما كل يوم تقولنا اصبروا، الحكومة أكيد هتحس بينا وتنقلنا برة المأوى، وهنعيش حياه حلوة...».
صوت والدة ميار التي كانت تبحث عنها قطع حديث الطفلة، فأسرتها لا تعرف مهنتها التي لجأت إليها لمساعدة والدها سرا، جرت في رعب شديد، لينتقل الحديث إلى والدتها، التي قالت إن الحكومة نقلتهم للسكن في مأوى اللبان بعد انهيار منزلهم عام 1998، بشكل مؤقت وفقا للمسؤولين وقتها، لكن نحو ربع قرن من الزمن مر دون أن تنتهي الفترة المؤقتة. تضيف والدة ميار: «زوجي كان شغال سواق في مصنع أعلن إفلاسه بعد الثورة، فاشتغل على توك توك، بس دخله مبيكفيش».
انتهى عهد مبارك، ومضى المجلس العسكري، وتولى الرئيس المنتخب محمد مرسي الحكم، لكن قناعة الطفلة ذات السنوات الست لم تتغير.. «شكل الرئيس الجديد لسا مجاش».