«الإعلان الدستورى الأخير، لم يضف سلطات جديدة للرئيس، ولم يحصن قراراته العادية» هكذا يرى وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، محمد محسوب، وإن كان ذهب إلى أنه «يحصن أعمال السيادة العادية التى استقرت عليها الدولة المصرية والقضاء المصرى». محسوب الذى التقته «الشروق» فى حوار مطول، دار حول آخر المستجدات على الساحة السياسية والشعبية فى مصر، والتى أوضحت «حالة الاستقطاب التى يعانيها الشارع»، قال إننا «نعيش فى عيوب ومشكلات المرحلة الانتقالية التى أورثنا إياها المجلس العسكرى»، مشددا على أن الرئيس «لم ينتزع السلطة التشريعية من أحد». وقال كذلك إن الإعلان الدستورى محل الجدل «سمح بإعادة مبارك للمحاكمة.. ومن يسقطه لا يحدثنا عن محاكمة مبارك مرة أخرى»، مطالبا فى الوقت ذاته بإلغاء المادة السادسة منه لأنها «بلا قيمة وتوحى بوجود وضع استثنائى».. فإلى نص الحوار:
كيف تقرأ الإعلان الدستورى والانتقادات التى وجهت إليه؟
أولا ما يقال عن تحصين القرارات «كلام فاضى» فلا تحصين للقرارات، قانون السلطة القضائية يقول: «ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فى أعمال السيادة ولا أن تؤوِّل الأمر الإدارى أو توقف تنفيذه» هذا النص أصدرته السلطة التشريعية وفق قانون السلطة القضائية، ويمنع على القضاء النظر فى الأمور المتعلقة بالسيادة، الإعلان الدستورى متعلق بالإعلانات الدستورية وقرارات رئيس الجمهورية المرتبطة بالوضع الدستورى والعلاقة بين السلطات، كل هذا يسمى
«أعمال سيادة».. سنة 1991 قضى بعدم دستورية مجلس الشعب، ورئيس الجمهورية وقت ذاك، حسنى مبارك، رفض حل مجلس الشعب ولجأ لاستفتاء والمجلس ظل فى العمل بعدها لنحو 4 شهور وأصدر تشريعات، ولما رفعت دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا، قضت بعدم اختصاصها لأنها من أعمال السيادة.. إذا هناك قرارات رئاسية متعلقة بأعمال السيادة لا تنظرها المحاكم وهذا هو المقصود.. ومع ذلك نحن نقترح أن يتم تفسير هذا الوضع للجمهور لرفع حالة الالتباس، وكون أن بعض المحاكم تنظر فى هذه الأمور لأنها تستضعف الدولة، فهذا أمر آخر، ولكن وفقا لقانون السلطة القضائية لا يجوز لها نظر تلك الأمور.. النقطة الأخرى المتعلقة بتحصين الجمعية التأسيسية، فالموضوع بكل بساطة أن القوى السياسية طالبت الجميع بأن تطيل أمد التأسيسية حتى نعطى وقتا أطول للتوافق، فهل إطالة أمد التأسيسية المقصود به لحلها أم لإنجاز عملها بالتوافق.. هى حصنت حتى لا يتم حلها، وفى الحقيقة هى يجب ألا تحل وألا تعرض على القضاء لكن القضاء يتداولها كل يوم، لأنها أنشئت بوضع دستورى وهى مستقلة عن كل السلطات وهى فوق كل السلطات، لأنها منتخبة من جهة منتخبة، وهى الاجتماع المشترك لمجلسى الشعب والشورى، خصوصا أن القوى السياسية توافقت على تأسيسها بهذا الشكل، ثم أتت بعض الاتجاهات السياسية، ونكصت عن اتفاقها السابق وطالبت المجلس العسكرى بإعادة تشكيلها على قواعد أخرى.. الحقيقة أن هذه الجمعية توافقية وأنجزت عملا توافقيا، وليس فيه أى سمات لا طائفية ولا حزبية ولا إخوانية ولا إسلامية، وهذا الدستور هو أقل الدساتير التى ذكرت فيه كلمة «دين» فى تاريخ الدولة المصرية، وبالتالى مد فترة عملها أنا كنت رافضا له.
ولكنى أرجو أن تلغى المادة السادسة، لا قيمة لها، لأن الإعلان الدستورى الصادر فى 30 من مارس 2011 الذى أصدره المجلس العسكرى فيه مادة أقوى من ذلك، وتعطى الرئيس سلطات أوسع من ذلك، وهى المادة 59، وفى الحقيقة الإعلان الدستورى لم يضف أى سلطات للرئيس، ولم يحصن قراراته العادية، إنما حصن أعمال السيادة العادية التى استقرت عليها الدولة المصرية والقضاء المصرى.
أما ما يتعلق بتغيير النائب العام فهو مطلب موجود منذ بدء الثورة، وما حصل أنه كلف أن يكون سفيرا بشكل لائق، لكن القوى السياسية رفضت، وهو اعترض، والدنيا كلها اعترضت، ومن هنا ستوضع قاعدة عامة واضحة فى الدستور، وهى إن كل نائب عام يعمل لمدة 4 سنوات فقط، ولمرة واحدة فقط، والنائب العام الجديد تم تعيينه بقرار من رئيس الجمهورية وفقا لقانون السلطة القضائية القائم، الذى ينص على أن «يعين النائب العام بقرار من رئيس الجمهورية ولا يجوز عزله»، أما الحديث عن ترشيحه من قبل المجلس الأعلى للقضاء، فهذا أمر موجود فى قانون السلطة القضائية الذى ناقشه مجلس الشعب السابق، ولم يقر بعد، وأنا أرجو أن يقر لأن فيه تحديد سن تقاعد القضاة ليكون 65 بدلا من 70، وهذا يترتب عليه خروج كثير من القضاة من السلك القضائى.. من جهة أخرى الدستور سيقرر مآل كل سلطة قائمة، بما فيها النائب العام، يبقى أم لا، ونحن ندعو الجميع للتوافق على الدستور، وبالتالى أنا أقول إن الإعلان الدستورى لم يضف سلطات جديدة، والإعلان الدستورى ليس محل خلاف، لأن الخلاف بدأ قبل صدور الإعلان، فالاحتجاجات بدأت من الأسبوع الماضى فى محمد محمود، ثم تطورت إلى إلقاء المولوتوف على الجمعية التأسيسية وحوصرنا فى الجمعية، وطلب منا الأمن أن نفض الجمعية، ولكن رفضنا.. الجمعية التأسيسية نأت بنفسها عن كل الخلافات السياسية، والحديث عن شرعية النظام وشرعية الرئيس وشرعية الجمعية التأسيسية مثارة قبل الإعلان الدستورى.. الإعلان الدستورى كان يوم الخميس، لكن الأيام السابقة كلها كانت «تسخين» وكان هناك دعوة لمليونية يوم 23، إذا فتلك الاحتجاجات لم يكن سببها الإعلان الدستورى، البعض يقول إن الإعلان الدستورى أضاف سببا جديدا للاشتعال، ولذلك أنا أطالب بأن يصدر الرئيس بيانا تفسيريا للإعلان بأن المقصود ليس تحصين قرارته العادية، ولكن تحصين قراراته المتعلقة بالوضع الدستورى، لأنه من الضرورى تثبيت الوضع الدستورى المؤقت، للانتقال لوضع دائم.. الدنيا كلها تثبت الأوضاع الدستورية، ثورة 1952 فعلت ذلك، فرنسا بعد الحرب العالمية فعلت ذلك، ويجب تثبيت الوضع الدستورى المؤقت، بحلوه ومره حتى يمكننا الانتقال من الوضع الدستورى المؤقت إلى الوضع الدستورى الدائم.
وماذا عن تحصين مجلس الشورى؟
الدستور الجديد سيقرر إنهاء أن يحوز رئيس الجمهورية السلطة التشريعية تماما، بمجرد إقرار الدستور، يعنى سندخل بعد إقرار الدستور، وقبل الانتخابات البرلمانية مش هيبقى فيه سلطة تشريعية، مين يشيل السلطة التشريعية، الحالة الانتخابية تحتاج قانونا للانتخاب، ولتنظيم دوائر الانتخاب، مين اللى هيحطها، الجهة الوحيدة المنتخبة والتى يمكن أن نعطيها سلطة التشريع مؤقتا لحين انتخاب مجلس النواب هو مجلس الشورى وهذا بعد وضع الدستور، أى سيتم تكليف مجلس الشورى بسلطة التشريع بعد وضع الدستور لفترة انتقالية، حتى يصدر القوانين الانتخابية التى تحتاج إليها عملية الانتخابات، لأن تلك القوانين لو صدرت من رئيس الجمهورية سيكون فقد السلطة التشريعية حينها.
المستشار طارق البشرى اعتبر أن الإعلان انقلاب على الدولة، فما رأيك؟
أنا رأيى أن التعديلات الدستورية التى وضعتها لجنة التعديلات، والتى لم يعرفها الجمهور إلا وقت الاستفتاء، هى التى كانت معيبة، وهى سبب كل المشكلات التى تحياها مصر، بسبب المادة 60 التى وضعت الجمعية التأسيسية بهذا الطريق، وكان الأولى أن يوضع نص بانتخاب مباشر للجمعية تأسيسية تشريعية، مثلما حدث فى تونس، فالجمعية التى ستنتخب للتشريع هى للتأسيس، ولكن النص العجيب للمادة 60 هو سبب الأزمات التى نحياها.. نحن نعيش فى عيوب ومشكلات المرحلة الانتقالية التى أورثنا إياها المجلس العسكرى، والسلطة التشريعية التى فى يد رئيس الجمهورية، الرئيس لم ينتزعها من أحد، ولكنها كانت فى يد المجلس العسكرى، ولما استبعد المجلس العسكرى وتقرر انتقال تام للسلطة للرئيس المنتخب انتقلت إليه السلطة التشريعية.
ولكن ألا تقتصر سلطة الرئيس التشريعية على إصدار مراسيم بقوانين تعرض على مجلس الشعب الجديد بعد انتخابه فقط؟
هذا رأى عجيب من وجهة نظرى لأن السلطة التشريعية التى انتقلت للمجلس العسكرى بموجب الإعلان الدستورى الصادر فى 17 يونيو، هى سلطة تشريعية أصيلة وليست سلطة تشريعية عارضة، ومن ثم انتقلت للرئيس مرسى، ولكن متى يصدر رئيس الدولة مراسيم لها قوة القانون، عندما تكون له سلطة تشريعية عارضة فى حالة غياب المجلس التشريعى، فى الإجازة التشريعية شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر، لو حدث أمر عاجل، يصدر مرسوما ويعرض على البرلمان عند بدء عمله، لكن هل الوضع فى مصر وفقا للإعلان الدستور الصادر فى 17 يونيو هكذا؟ وضع الدستور سيحل كل هذه الإشكالات، لأن الدستور سيلغى كل الإعلانات الدستورية، وسيلغى القرارات المتعلقة بالسيادة وسيلغى المؤسسات التى نشأت للمرحلة المؤقتة وسيخلق وضعا سليما منطقيا يمكن البناء عليه، هذه الحالة الدستورية يمكن أننا نحاسب كل شخص عليها، خصوصا أن مسودة الدستور تنتقص من سلطات الرئيس النصف، ونقلت نصف السلطة التنفيذية إلى رئيس الوزراء، ونقلت السلطة التشريعية وهى هنا لا يجوز أن تنتقل أبدا للرئيس ولذلك قامت بإنشاء مجلسين، فمجلس الشعب لو حل، ستعطى السطلة التشريعية لمجلس الشورى الذى لا يجوز حله، ومجلس الشورى له سلطة أصيلة فى التشريع، ليس مجلسا شكليا، ولذلك تستطيع الأحزاب التى لا ترى صوابا فى موقف الرئيس أن تأخذ غالبية البرلمان وتشكل الحكومة، لأن رأس رئيس الحكومة أصبح برأس رئيس الجمهورية، وعنده سلطات كاملة فى الاختصاصات الداخلية والاقتصادية والأمن الداخلى، ورئيس الجمهورية لن يمنعه، ولا يستطيع أن يقيل رئيس الوزراء ولا يستطيع أن يغير الوزراء، وبالتالى مازال أمام القوى السياسية نصف سلطة الرئيس مطروحة أمامهم.
ولكن الرئيس هو من يسمى رئيس الوزراء؟
هو يسميه أى مجرد أنه يحدده، لكن لا يمكن أن يكلف رئيس الوزراء إلا لو أخذ الثقة من البرلمان فى أول مرة، وإذا البرلمان رفض، يسمى الرئيس شخصا آخر، فإذا رفض البرلمان أن يعطيه الثقة، البرلمان هو الذى يسمى ويكلف.
ولكن القوى السياسية طالبت بأن يقوم حزب الأغلبية بتشكيل الحكومة مباشرة؟
والرئيس لا يكلف رئيس الوزراء إلا إذا أعطاه البرلمان الثقة، ولكن إذا كان البرلمان لا يوجد فيه حزب فائز بالأغلبية، يجب أن يسعى لعمل توافق بالتحالفات، وفى هذه الحالة هل ستنتظر فى البرلمان لعمل توافقات، أم عندما يطرح عليك شخصية نرى من سيقبل تلك الشخصية؟ أعطينا رئيس الجمهورية فرصتين، يطرح شخصية، فإن تم الرفض، يطرح شخصية ثانية، ولا بد من موافقة الأغلبية، وإذا لم توافق الأغلبية، يناقش البرلمان الأمر ويتفق على الشخصية، وإذا لم يحدث اتفاق، نعود للشعب مرة أخرى، ونقوم بعمل انتخابات من جديد.. وفى النهاية هذا دستور غير محصن، جائز تعديله بأغلبية عدد نواب مجلسى البرلمان، وهى ليست أغلبية صعبة.. الثلث يطرح طلبا للتعديل، ثم يتم التصويت، فلو حدثت أغلبية عددية يعدل، ثم يطرح على استفتاء، وبالتالى لو الشعب توافق على تعديل أى شىء فى الدستور، يعدل.
لكن القوى السياسية تطالب بسحب الإعلان الدستورى؟
القوى السياسية يجب أن تحدد ما الذى تريد أن تلغيه، فالإلغاء معناه أن تقبل الوضع السابق، وتتحمل مسئولياته، وتقول أنا لا أريد أن أحاكم قتلة الثوار، وبالتالى لا توجد طريقة، فإنه لا يمكن أن تحاكمى شخص صدر فى حقه حكم بالبراءة عن نفس الواقعة، ولكن الإعلان الدستورى سمح بأن يعاد التحقيق بشرط وجود أدلة أخرى، لأنه فى الأصل لم تكن هناك أدلة، والأدلة من المفترض أن تقدمها جهات التحقيق، وهى طالما تحولت لجهات تبحث فعلا عن إثبات التهم سيكون عندها الوسائل، والمقصود ليس اتهام أحد بعينه، جهات التحقيق واجبها أن تجد الفاعل الأصلى، أنا لا أريد فى النهاية جرائم تقيد ضد مجهول، فى النهاية هل نريد ال1800 شهيد مقيدين ضد مجهول؟ من الممكن أن يخرج البعض للبراءة، ولكن من المتهم، الإعلان الدستورى لا يمكنه أن يتهم شخص بعينه وإنما يلزم جهات التحقيق أن تبحث عن الفاعل، والذى سمح بأن يعاد مبارك مرة أخرى للمحاكمة هو هذا الإعلان الدستورى، ولذلك من يسقطه لا يحدثنا عن محاكمة مبارك مرة أخرى..
تحدث البعض عن أن صدور الإعلان الدستورى مرتبط بصفقة تمت مع أمريكا وإسرائيل بشأن سيناء، وهو ما تبعه الاتفاق على الهدنة فى غزة ما تعليقك؟
هذا كلام أول مرة أسمعه، ولكن مقابله كلام آخر بأن بعض السياسيين قابلوا بعض السياسيين الإسرائيليين وأن إسرائيل كانت تعول على الأحداث فى الداخل لتعطل دور مصر فى موضوع غزة.. هذا الكلام كله كلام شائعات، هذه خيانة لمبادئ الدولة المصرية، لأول مرة الدولة المصرية من 40 سنة تفرض إرادتها على الوضع فى غزة، بعدما كانت تعامل غزة كعدو.. عندما منعنا اقتحام غزة لم ينتقل إلينا فلسطينى واحد.. الأمن القومى للدولة المصرية هو أبعد من الحدود وليس عند الحدود، ومن يريد أن يقول غير ذلك، فهو يفكر كتفكير حسنى مبارك.. ولنراجع تصريحات الولاياتالمتحدةالأمريكية عندما زار رئيس وزراء مصر غزة، فى السابق كانوا يهددون مصر ويحذرونها، لكن عندما تمكنت مصر، والمقاومة صمدت بالدفع المعنوى للدولة المصرية استطاعوا أن يفرضوا وقفا لإطلاق النار منع به اجتياح غزة، وبالتالى زاد تأمين الحدود المصرية بذلك.
ذكرت أن حل الأزمة الحالية هو استكمال مؤسسات الدولة والبحث عن كيفية التوافق.. على ماذا يكون التوافق فى ظل حالة الاستقطاب التى يشهدها الشارع المصرى؟
أنا أدعو كل الأطراف للمرونة، لكى تصل لحل، والذى يمتلك بدائل فليقلها، خصوصا حول كيفية إعادة المحاكمات، وعملية تفعيل التحقيق فى قضايا الفساد وقضايا قتل الثوار فليقلها، ولو عندها بديل لعملية تغيير النائب العام بشرط أن النائب العام يكون مثله مثل غيره، وظيفته مؤقتة مدتها محددة، ما يتعلق بالأمور الأخرى يمكن التوافق عليه، هذه القوى السياسية تحتاج إلى توافق، هل تريدون مد عمل الجمعية التأسيسية لحلها أم لتنجز الدستور؟
هل من الممكن أن تكون هناك مبادرة من الحكومة للخروج من هذه الأزمة؟
ممكن ونحن على مستوى حزب الوسط دعونا كل القوى السياسية ووافقت الظهر، وغيرت رأيها العصر بعد أن اجتمعت وقالت «لا» عندما يلغى رئيس الجمهورية الإعلان الدستورى كاملا، فكلمة يلغى كاملا معناها أنك تريد أن تفرض شروطا كاملة، دون إعطاء حلول، والطرف الآخر من الممكن أن يقول أنه لن يغير أى شىء نهائيا، ولنرى توازنات الشارع ماذا ستفعل، الالتجاء لتوازنات الشارع خطر، فهناك من دعا لمليونية اليوم، وآخرون دعوا لمليونية أخرى، حتى تنقسم الشاشة وكل منهما يعد جمهوره، هل هذا الوضع مفيد لمصر، أم هو لعبة القط والفأر بين القوى السياسية؟
هل تخشى تطور الأمور إلى مالا تحمد عقباه؟
لا.. لن تتحول الأمور، أنا كنت أعيش مع هذه القوى السياسية منذ 30 عاما، وكل هذه القوى تعلم حدودها، وإمكانياتها، ومن ثم هى ستصل إلى حد معين وهو اسمه سياسة حافة الهاوية، ثم تنسحب، ولكن بخسائر، والخسارة الأكبر هى الكلفة الاجتماعية، لكن القضية إن القوى السياسية تسعى لمكاسب قريبة دون النظر فى الكلفة التى يتحملها المجتمع، وأنا كنت عارضت الاتفاق الذى أبرمته كل القوى السياسية الموجودة فى الساحة، ولم يشارك فيها حزب الوسط حينها، عندما اتفق 13 حزبا مع المجلس العسكرى على 6 مواد، أول مادة تقضى بتعديل المادة 5 من قانون الانتخابات بأن الأحزاب تستطيع أن ترشح فى الثلث الفردى، وهذا ما أبطل الانتخابات بعد ذلك، الأمر الآخر دراسة رفع قانون الطوارئ، ودراسة تحديد فترة الانتقال للحياة المدنية، وإنهم سيتعاونون أمنيا مع المجلس العسكرى، وكان سيتم توزيع كراسى، فقلت لهم نحن لسنا طرفا فى توزيع الكراسى، لأننا لسنا طرفا فى التحالف الديمقراطى، نحن نريد أن نناقش كيف وقعتم على هذه الورقة التى تمثل انتصار قريب، وهذا يفسر اتجاهات الساسة فى مصر، واتجاهاتهم هى الأهداف القريبة الحزبية، هم ألغوا المادة 5 ليزودوا عدد المقاعد التى سيحصل عليها، لكن لم تحل مشكلة الطوارئ ولم تحل مشكلة انتقال السلطة لرئيس منتخب، ومن حلها هو محمد محمود، وال45 شهيد والعيون التى طارت، وبالتالى هم سيلعبون فى الشارع نفس اللعبة، وهم لا يلعبون هذه اللعبة من أجل شهداء محمد محمود.
النائب العام السابق، عبدالمجيد محمود قال إن النيابة العامة استردت 45 مليار جنيه وأرسلت خطابا للرئاسة بذلك هل هذا صحيح؟
أنا لم أرها فى الحقيقة.رفض الدستور
ماذا لو رفض الشعب الدستور الجديد فى الاستفتاء؟ وهل سيستمر العمل بالإعلان الدستورى حينها؟
تنشأ جمعية تأسيسية جديدة، سنجلس مع بعض مجددا.. المشوار مازال طويلا، فهل نطيله ونهدم هذه الجمعية، ونتفق على جمعية أخرى.. وسنستغرق 5 أو 6 شهور إلى أن نتفق، والجمعية التى ستأتى سنختلف أيضا عليها.. فلننته من الدستور، وهو دستور يشترط ألا يكون فيه عوار جوهرى، وألا يكون محصنا ولا أى يكون مفصلا لفصيل على حساب الباقى.. والقوى السياسية موجودة فى صميم عمل الدولة المصرية، وفى صميم المجتمع المصرى، فلا أحد يستطيع أن يلغى قوى سياسية أخرى، إنما ستستمر، لكن تبنى أسلوب الإسقاط، هو تكريس خطير لمفهوم على الدولة المصرية لأنه لن يؤدى إلى استقرار، وبالتالى يجب أن نتوافق على أسلوب للشرف، أو ميثاق للشرف السياسى كميثاق الشرف الصحفى، ومن هنا إذا افترضنا أن الدستور وضع خلال أسبوعين، تسقط كل هذه الإعلانات الدستورية، ولنفترض أن الرئيس ألغى الإعلان الدستورى ولم نضع دستورا، سنظل محكومين برئيس يملك السلطة التشريعية، ومحكومين بإعلانات دستورية فيها عيوب، وفيها كوارث.. القضية ليست فى أن هذا الإعلان الدستورى جيد، والآخر سيئ، فكلها أسوأ من بعض، فكلمة إعلان دستورى هى عملية سيئة، الإعلان الدستورى هو إعلان استثنائى لوضع دستور مؤقت، كلما طال زادت كوارثه.محكمة الثورة
النائب العام الجديد تحدث عن إنشاء محكمة للثورة كيف ستعمل، وألا ترى أن ذلك يعد قضاء استثنائيا؟
لا.. أنت لا تنشئ محكمة، أنت تنشئ دائرة فى نفس المحاكم.. وهناك دوائر ستخصص لهذه الإجراءات حتى تكون متخصصة فتنجز عملها سريعا.. فإنشاء المحاكم الاقتصادية هل هو قضاء استثنائى؟ القضاء الاستثنائى هو أن تنشئ محكمة بتشكيل قضاة وغير قضاة، باختصاصات ليست فى قانون السلطة القضائية، ولكن هذه المحكمة عبارة عن تخصيص دوائر أى فى إطار الشرعية، رغم أن الوضع الدستورى المصرى يسمح بإنشاء محاكم استثنائية ودولية لأن المادة 4 من العهد الدولى لحقوق الإنسان تسمح للدول فى حالة عدم الاستقرار، أن تتخذ إجراءات استثنائية حماية لوجودها وشعبها، بشرط ألا تمس بالحقوق المدنية ولكنها من الممكن أن تمس بالحقوق السياسية.. وهو ما يوحى بأن هناك إجراءات استثنائية هى المادة 6 ولذلك أنا أطالب بإلغائها، لأنها فى الحقيقة هى موجودة فى المادة 59 بالإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011، فلماذا نضعها وكأنها أمر جديد.. هى موجودة بالفعل بل بأوسع من ذلك فى المادة 59.حكومة مؤقتة
هل سيتم إجراء تعديلات على الحكومة الحالية؟
هذه الحكومة مؤقتة بانتهاء الدستور، ومع ذلك لا مانع من أنها تعدل وأنا أرجو أن تعدل بقدرات سياسية مختلفة، حتى يكون الطابع السياسى موجودا فى هذه الحكومة بشكل أكبر، واستحداث وزارات جديدة جائز.. النظام السياسى للدولة المصرية لم يكتمل بعد فهذه الحكومة موجودة حتى تعبر بهذا الوضع حتى الوضع الدستورى الدائم، وهذا الوضع سيفرض أوضاعا مختلفة، وبالتالى أن تستمر هذه الحكومة أو لا تستمر هذا فى علم الغيب، لكن إذا كانت التغييرات بزيادة الحس السياسى للحكومة فهذا أمر جيد.