أعلنت الجمعية الوطنية للتغيير عن حملة لجمع توقيعات، على خطاب صاغه الفقيه الدستوري محمد نور فرحات، تمهيدا لإرساله إلى رئيس الوزراء د. عصام شرف، لمطالبته بالاحتكام إلى جمعية الفتوى والتشريغ في مجلس الدولة، بخصوص تعديل المادة 60 من الإعلان الدستوري. وذكرت الرسالة أن "الموقعون على الخطاب يطالبون رئيس مجلس الوزراء بالاحتكام للجمعية العمومية للفتوى والتشريع، في مجلس الدولة، لسؤالها إذا كان الإعلان الدستورى الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في 30 مارس الماضي، يستند في شرعيته إلى استفتاء 19 مارس، أم يصدر عن المجلس باعتباره الجهة السيادية التى تستمد شرعيتها من الثورة". وأوضح الخطاب إنه إذا كان الاحتمال الثاني هو الأرجح، فأن السؤال هنا هو هل يجوز للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يصدر إعلانا دستوريا تكميليا، يعدل فيه أحكام المادة 60 من الإعلان الدستوري، بحيث يتم النص على وضع الدستور أولاً، ثم يجرى انتخاب الرئيس والبرلمان على هدى من أحكام الدستور الجديد؟، أم أن تعديل الإعلان الدستوري بهذه الطريقة، يخالف الإرادة الشعبية التي أفصحت عن نفسها في استفتاء 19 مارس؟". وذكر الخطاب أن هناك خلاف بين القوى السياسية حول هذا الأمر، وهو ما يستلزم حسمه عن طريق جمعية الفتوى والتشريع، والتي تمتلك طبقا لنص الفقرة أ من المادة 66 بقانون مجلس الدولة، حق "إبداء الرأى فى المسائل الدولية والدستورية والتشريعية التى تحال إليها بسبب أهميتها، من رئيس الجمهورية أو رئيس الهيئة التشريعية، أو رئيس مجلس الوزراء، أو أحد الوزراء، أو رئيس مجلس الدولة ". ولخص الخطاب الخلاف بين القوى السياسية، التي انقسمت إلى قسمين، يرى الأول أن من شأن صدور إعلان أو قرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يتبنى خيار أولوية وضع الدستور على انتخاب البرلمان، مخالفة لإرادة الشعب التى أفصح عنها بالموافقة على تعديلات دستور 1971، فى 19 مارس 2011، ومنها المادة 189 مكرر، التى جرى نقلها بحرفها إلى الاعلان الدستوري فى المادة 60 منه، ومؤداها أن الأعضاء المنتخبين فى أول مجلسين للشعب والشورى، هم الذين يشكلون لجنة وضع الدستور الجديد، كما يستند القائلون بأولوية انتخاب مجلسى البرلمان قبل وضع الدستور الجديد، إلى حجج سياسية متعددة، أهمها أن المادة 60 من الإعلان الدستوري، ومن قبلها المادة 189 مكرر من تعديلات دستور 1971، قد نهجت نهجا ديمقراطيا فى وضع الدستور الجديد، إذ منحت ممثلى الشعب حق اختيار لجنة وضع الدستور، بدلا من أن يكون تشكيل هذه اللجنة بقرار من الرئيس أو من يقوم مقامه. أما الرأي الثاني، المطالب بأولوية وضع الدستور الجديد، قبل انتخاب مجلسى البرلمان، فيستند إلى أن وضع قواعد البيت سابق ومقدم على إقامته، وأنه من شأن إقامة البناء السياسي على قواعد مؤقتة، ممثلة في الإعلان الدستوري، ثم إعادة صياغة القواعد مرة ثانية، بوضع الدستور الدائم، أن يدخل مصر فى متاهات، من تشكيل وإعادة تشكيل المؤسسات وفقا للقواعد المؤقتة أولا، ثم القواعد الدائمة ثانيا، و"ما أغنانا عن ذلك إن اتبعنا منطق الأمور على استقامتها، بوضع القواعد الدستورية أولا، ثم إقامة المؤسسات على هديها”. كما يستند الرأي الثاني على أنه من غير المقبول سياسيا أو دستوريا، أن تستأثر القوى السياسة التى ستمتلك مواقع التأثير فى البرلمان المقبل، بتشكيل لجنة وضع الدستور، لأن الدستور وثيقة توافق وطني، لا يجب أن تنفرد بها أغلبية حزبية، لأن الأغلبية الحزبية اليوم قد تكون أقلية غدا، أما الدستور فوثيقة دائمة، ولأن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور هى أعلى فى المرتبة من السلطات التى ينظمها الدستور، ومنها البرلمان، "فكيف يكون تشكيل الهيئة الأعلى بواسطة هيئة أدنى؟"، كما أن إعطاء أعضاء البرلمان المقبل سلطة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، فيه مصادرة على مضمون الدستور المقبل، فكيف سيقوم برلمان نصفه من العمال والفلاحين، بتشكيل لجنة قد تلغى نسبة العمال والفلاحين؟، وكيف سيقوم مجلس الشورى بتشكيل لجنة قد تلغى وجوده؟، وذلك فى غيبة من أي ضوابط دستورية حول معايير تشكيل جمعية وضع الدستور الجديد. وأشار الخطاب إلى أن الفريق الثاني يرى أن ما يتذرع به الفريق الأخر، من أن تشكيل جمعية وضع الدستور قبل انتخاب البرلمان، يتعارض مع ما وافق عليه الشعب فى الاستفتاء، من إضافة المادة 189 مكرر إلى الدستور، والتى تنص على أن الأعضاء المنتخبين بمجلسي الشعب والشورى، هم الذين يشكلون هذه الجمعية، مردود عليه بأن نتائج الاستفتاء على تعديل الدستور، لم يتم تبنيها تماما بواسطة الإعلان الدستوري، فبينما أغفل الإعلان النص على الفقرة الأخيرة من المادة 189، التى أضافتها التعديلات، ووافق عليها الشعب، والتى تشترط أن يكون وضع الدستور الجديد بناء على طلب رئيس الجمهورية، بعد موافقة مجلس الوزراء، أو نصف أعضاء مجلسي الشعب والشورى، تبنى الإعلان فى مادته رقم 60، نص المادة 189 مكرر من التعديلات، التى توجب على الأعضاء غير المعينين بالبرلمان، تشكيل لجنة لوضع الدستور الجديد، فى إطار زمني محدد، دون إحالة إلى المادة 189 التى أغفلها الإعلان، وهو ما يكشف أن الإعلان الدستوري تعامل مع نتائج الاستفتاء على التعديلات بطريقة انتقائية، وأن مصدر القوة الإلزامية لنصوص الإعلان ليس مرجعها موافقة الشعب عليها، وإنما صدورها عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة. كما أن مؤدى الاستفتاء على التعديل، والموافقة عليه، أن يعود دستور 1971 إلى النفاذ بنصوصه المعدلة وغير المعدلة، وموافقة الشعب على إلغاء المادة 179 من دستور 1971 الخاصة بالإرهاب، تعنى موافقته على إلغاء هذه المادة وحدها، دون أن يشمل الإلغاء الدستور بأكمله، وهذا لم يحدث، فقد جرى إلغاء الدستور بأكمله، واستبدل به الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مما يفيد أن هذا الإعلان يستند إلى إرادة المجلس، دون الاستفتاء. ويرد المحتجون من أصحاب الرأي الثاني أيضا، بأنه "لو قلنا بأن بعض مواد الإعلان الدستوري تستمد شرعيتها من موافقة الشعب فى الاستفتاء عليها، والبعض الآخر من صدورها عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون استفتاء، لكان هذا مبعثا للتمييز والاضطراب فى التعامل مع نصوص الإعلان الدستوري، ولتحقيق الاتساق بين مواد الإعلان، فلا بديل عن التسليم بأن الاستفتاء الشعبي على بعض المواد، كان مصدرا استثنائيا استرشاديا للمجلس، وأن كل نصوص ومواد الإعلان الدستوري تستمد قوتها الملزمة من صدورها عن السلطة صاحبة السيادة التشريعية والدستورية، وهى المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وأضاف الخطاب "لما كان الشق الأكبر من خلاف الفريقين يرجع إلى مسائل قانونية، يمكن إجمالها عدة أسئلة هى: ما هو مصدر القوة الإلزامية للإعلان الدستوري؟، هل هو استفتاء الشعب على مواده، أم واقعة صدوره عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، باعتباره الجهة السيادية التى تستمد شرعيتها من الثورة؟، وهل يجوز للمجلس أن يصدر إعلانا دستوريا تكميليا، يخالف فى أحكامه المادة 60 من الإعلان الدستوري النافذ، بإعادة ترتيب الأولويات، بحيث تشكل المجلس جمعية لوضع الدستور الجديد أولا، ثم يجري انتخاب الرئيس والبرلمان على هدى من أحكام الدستور الجديد؟، أم أن هذا الإعلان الدستوري المقترح يصطدم بما وافق عليه الشعب فى الاستفتاء؟".