المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المتحف المصرى الكبير    السبت 14 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    وزير الزراعة يبحث مع السكرتير التنفيذي لهيئة المصايد تعزيز التعاون الإقليمي    محافظ أسيوط يؤكد تيسير إجراءات التصالح في مخالفات البناء وتكثيف المتابعة    السبت 14 يونيو 2025 .. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع خلال تعاملات اليوم    التلفزيون الإيراني: 60 قتيلا جراء هجوم إسرائيلي على مجمع سكني في طهران    بعثة الهلال تصل واشنطن للمشاركة في مونديال الأندية    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    امتحانات الثانوية العامة.. 17 إدارة تعليمية تستعد لاستقبال 40 ألفا و3 طلاب وطالبات في البحيرة    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم السبت 14-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    ارتفاع أسعار النفط 7% مع تبادل إسرائيل وإيران الغارات الجوية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : نحن بحق فى معركة!?    الطاقة الذرية الإيرانية: أضرار محدودة بموقع مفاعل فوردو النووي    الهلال السعودي يصل واشنطن للمشاركة فى كأس العالم للأندية.. صور    محافظ مطروح يشيد بجهود المشاركة المجتمعية في التيسير على المواطنين    موعد مباراة الأهلي ضد إنتر ميامي.. القنوات الناقلة والمعلقون    الأهلي بزيه التقليدي أمام إنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    صدام الحلم في مونديال الأندية 2025.. مواجهة عربية نارية بين عمر مرموش ورامي ربيعة.. نجم السيتي يبحث عن مجد جديد.. والعين الإماراتي يعيد بناء فريقه بصفقة الأهلي    غدا.. بدء صرف مساعدات تكافل وكرامة للأسر الأولى بالرعاية عن شهر يونيو    ارتفاع أسعار اللحوم والزيت والفول اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    على غرار ياسين.. والدة طفل تتهم مدرب كاراتيه بهتك عرض نجلها بالفيوم    تجهيز 76 لجنة استعدادًا لانطلاق ماراثون الثانوية العامة بأسيوط    لحماية الطلاب.. النيابة الإدارية تفعّل قنوات تلقّي الشكاوى خلال الامتحانات الثانوية العامة    سيكو سيكو يتذيل قائمة الإيرادات ليلة أمس الجمعة    إعلام إسرائيلى: إيران أطلقت نحو 200 صاروخ باليستى منذ بداية الهجوم    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    حفل النجم مدحت صالح على المسرح الكبيربدار الأوبرا المصرية .. كامل العدد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-6-2025 في محافظة قنا    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    في اليوم العالمي.. الصحة العالمية تكشف فوائد وشروط التبرع بالدم    غدا .. انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة بالمواد غير المضافة للمجموع    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    محاكمة 3 متهمين في قضية خلية "جبهة النصرة الثانية".. اليوم    افتتاح كأس العالم للأندية.. موعد والقنوات الناقلة لمباراة الأهلي وإنتر ميامي    شديد الحرارة.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس حتى الخميس 19 يونيو    قصور الثقافة تعرض "طعم الخوف" على مسرح مدينة بني مزار الأحد المقبل    غرائب «الدورس الخصوصية» في شهر الامتحانات    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 14 يونيو 2025    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    توجيهات رئاسية مُستمرة وجهود حكومية مُتواصلة.. مصر مركز إقليمي لصناعة الدواء    أنغام تُطرب جمهور الخبر في حفل استثنائي ب السعودية (فيديو)    وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات قوية في شرق طهران    تعرف على أسماء وأماكن لجان الثانوية العامة 2025 بمحافظة الشرقية    قناة مفتوحة لنقل مباراة الأهلي وانتر ميامى في كأس العالم للأندية    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    الكويت تدعو مواطنيها فى مناطق التوتر بتوخى الحذر والمغادرة حال سماح الظروف    فرنسا تحذر مواطنيها من السفر إلى الشرق الأوسط    لدينا دبلوماسيين بارعين.. عمرو أديب يعلق على أنباء ترشيح مدبولي للجامعة العربية    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    الدبيكي: إعتماد إتفاقية «المخاطر البيولوجية» إنتصار تاريخي لحماية العمال    الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات الصهيونية بحق دول المنطقة    احذرها.. 4 أطعمة تدمر نومك في الليل    «تضامن الدقهلية» تطلق قافلة عمار الخير لتقديم العلاج بالمجان    «الأهلي في حتة عاشرة».. محمد الغزاوي يرد على المنتقدين    4 أبراج يتسمون ب «جاذبيتهم الطاغية»: واثقون من أنفسهم ويحبون الهيمنة    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرعية الرئيس ليست دائمة.. وليست ملكه وحده
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 11 - 2012

خلال الخمسة أشهر الماضية منذ يوم إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة وحتى صدور الإعلان الدستورى يوم الخميس الماضى دارت خلافات ومعارك عديدة بين القوى السياسية والاجتماعية، حول الجمعية التأسيسية والدستور، وحول عودة البرلمان المنحل، وحول الوضع فى سيناء، وقرض صندوق النقد الدولى، وأزمة الوقود، وغيرها من القضايا المعروفة للجميع. ولكن برغم شدة الخلاف واحتدامه أحيانا، إلا أنه ظل هناك اتفاق واسع بين كل القوى السياسية (فيما عدا الأكثر مغالاة منها) على أن د. محمد مرسى هو رئيس مصر المنتخب بشكل ديمقراطى، وأن شرعيته غير منقوصة أو محل جدال، وأنه يمثل مرجعية يمكن لكل القوى السياسية أن تحتكم إليها حينما يصبح التفاهم بينها متعذرا أو مقطوعا.

هذا الوضع، للأسف الشديد، أصبح مهددا نتيجة للإعلان الدستورى الأخير، والذى قد يكسب به د. محمد مرسى ومعه الحزب الحاكم جولة جديدة فى الصراع الدائر على السلطة، وقد يضمن به استمرار الجمعية التأسيسية برغم ما فيها من عوار وما شهدته من انسحابات واستقالات متوالية، وقد يحمى به مجلس الشورى. ولكنه فى نهاية الأمر قد يخسر من ورائه ما يفوق ذلك قيمة ووزنا على المدى الطويل، وهو شرعية حكمه والاعتراف به رئيسا لكل المصريين، وهذه تكون خسارة ليس للرئيس المنتخب وحده ولكن للمسار الديمقراطى وللمجتمع كله.

شرعية الرئيس المنتخب تأتى من اختيار الغالبية له فى انتخابات ديمقراطية، ولو شابها عيوب ومشاكل كما كان الحال فى مصر. ولكن هذه الشرعية ليست أزلية ولا دائمة، بل استمرارها مشروط بقدر احترام الرئيس المنتخب للمسار الديمقراطى الذى جاء به إلى الحكم وقيامه بكل ما فى وسعه لكى يظل الخلاف بينه وبين خصومه السياسيين فى إطار يسمح بالتعدد وبالاختلاف، وبالاحتكام إلى السلطة القضائية لحسم المنازعات. من هنا فإن استمرار العمل بالإعلان الدستورى الأخير يهدد مصر كلها واستقرار الحكم فيها لأربعة أسباب رئيسية:

السبب الأول أن رئيس الجمهورية لا يملك أصلا صلاحية إصدار إعلان دستورى ولا تعديل الإطار الدستورى القائم، وإنما يملك صلاحيات محددة فى الحكم وفى التشريع وفى إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لو عجزت عن القيام بعملها فى مدة محددة. أما إصدار إعلان دستورى بشكل منفرد فليس من صلاحياته. والقول بأن الظرف الثورى يتطلب ويبرر قيام رئيس الجمهورية بتجاوز النصوص الضيقة للقانون وللدستور هو قول سليم فى أعقاب أى ثورة وفى اللحظات التاريخية التى تنهار فيها مشروعية النظام القانونى القديم، ولكنه لا يستقيم بعدما تم انتخاب الرئيس بشكل ديمقراطى ولا يجوز حينما يتم التعامل مع الأمر بشكل انتقائى، فنلتزم بحرفية القانون وبمؤسساته حينما يحلو لنا ونتجاهله حينما يصبح عائقا أمام سلطة الحاكم.

السبب الثانى أن قيام د. محمد مرسى بإصدار الإعلان الدستورى الأخير يتعارض مباشرة مع ذات قواعد الدستور المؤقت الذى مهد الطريق ونظم المسار الديمقراطى الذى جاء به رئيسا، الأمر الذى يجعل الإطار الدستورى الحالى كله موضع شك والعمل بأحكامه رهنا بقرار الرئيس وحده. والقضية هنا تتجاوز الخلاف حول نائب عام وحول تعويضات وحتى حول الجمعية التأسيسية، وإنما تثير مخاوف أكبر من فكرة احترام القانون ذاتها وبالتالى مصداقية ذلك على الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى المنشود.

أما السبب الثالث فهو أن الإعلان الدستورى قد تضمن نصوصا وأحكاما تؤدى إلى تحصين قرارات رئيس الجمهورية من الرقابة القضائية، وهذا أمر غير مسبوق ويهدم فكرة التوازن بين السلطات من أساسها لأن سلطة الحاكم فى إصدار قرارات تنفيذية يجب أن تقابلها سلطة القضاء فى الرقابة على هذه القرارات، وإلا كان معنى ذلك استبداد الحاكم بسلطته دون رقيب. لا يوجد مبرر واحد لكى تكون قرارات الرئيس محصنة من الرقابة القضائية، والقول بأن هذا وضع مؤقت فيه استخفاف بالغ بشرعية الحكم.

وأخيرا فإن السبب الرابع هو أن الإعلان الدستورى فى مضمونه وفى توقيت إصداره وفى ملابسات التبرير له يدفع البلد إلى انقسام غير مسبوق ويتجاوز ما هو مقبول من الخلاف على الرأى ومن الخلاف السياسى المشروع إلى التضحية بأمن الوطن وسلامة المواطنين وهذا يفقده شرعيته أكثر من اى اعتبار آخر قانونى أو دستورى. نحن نقترب وبشكل مخيف من هاوية جديدة، ينقسم فيها القضاء إلى فرق وأحزاب، وينقسم فيها الشارع بين مجموعات مستعدة للاشتباك مع بعضها البعض، وتتحول فيها اجتماعات النقابات إلى ساحات للقتال، وكل لقاء جماهيرى إلى قنبلة موقوتة. الدستور والإعلانات الدستورية غرضها الرئيسى حماية الوطن والمواطنين وتحقيق التوافق بين فئات المجتمع ولا يجوز تحت أى ظرف أن تكون سببا ومصدرا للفتنة والانقسام وانهيار المؤسسات التى ينهض عليها المجتمع.

ما يمكن أن يحققه الإعلان الدستورى الأخير لرئيس الجمهورية ولحزب الأغلبية من حسم سريع للصراع على السلطة وعلى كتابة الدستور يقابله خسارة أكبر فى شرعية الرئيس ومؤسسة الرئاسة. والحقيقة أن ما يهدد شرعية الرئيس المنتخب لا ينبغى أن نعتبره خسارة له وحده، بل هى خسارة أكبر لنا جميعا وللمجتمع الذى اختاره ووضع فيه ثقته واعتمد عليه فى الدفاع عن المسار الديمقراطى. الشرعية التى يخاطر بها د. محمد مرسى اليوم ليست ملكا له وحده لكى يفرط فيها أو يتصرف كيفما شاء، بل هى ملك للمجتمع، وللناخبين، ولكل من ضحوا من اجل إعطائنا الفرصة والحق فى أن ننتخب رئيسا لأول مرة. مصلحتنا جميعا هى الحفاظ على المسار الديمقراطى مهما كانت صعوبة اتخاذ قرار العدول عن الاعلان الدستورى الأخير، فالمكسب من هذا العدول لمصر سيكون أكبر بكثير من الفوز فى معركة عابرة ومكاسبها زائلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.