تبدأ في العاصمة القطرية، الدوحة، الاثنين المحادثات الدولية حول المناخ لإبرام اتفاقية جديدة تحل محل بروتوكول كيوتو حول المناخ الذي سنتهي العمل به في العام المقبل. ومن أهم القضايا التي ستطرح للبحث هي حق الدول الغنية في استخدام ما يعرف بتراخيص الانبعاثات كجزء من الالتزامات التي قطعتها في بروتكول كيوتو لتخفيض الانبعاثات الغازية، إلا أن هناك دولا تعارض استمرار العمل بهذه التراخيص.
ومع انتهاء العمل ببروتوكول كيوتو العام المقبل، فإن الكثير من البلدان تود الاستمرار في استخدام تراخيص "الهواء الحار" غير المستخدمة والتي سمح بها بروتكول كيوتو، إلا، أن هناك مخاوف من أن الخلافات القديمة بين البلدان الغنية والفقيرة سوف تعيق تحقيق أي تقدم مهم في المحادثات.
ويشارك في المؤتمر أكثر من 17000 مشارك من مختلف أنحاء العالم، ويتوقع أن يتقاطر هؤلاء على العاصمة القطرية للمشاركة في الدورة الثامنة عشر لميثاق الأممالمتحدة حول التغير المناخي (سي او بي 15).
خيار شجاع
ويستغرب كثيرون اختيار قطر لاستضافة المؤتمر، حيث أنها دولة غنية بالنفط والغاز ونصيب الفرد من الانبعاثات الغازية فيها هو الأعلى في العالم. لكن المتحدث باسم برنامج المتحدة حول البيئة (يونيب)، نِك نوتل، أشاد ب"شجاعة" قطر في استضافة المؤتمر.
وقال نوتل "إن بعض البلدان التي كنا نعتقد أنها غير جدية في ما يتعلق بالتغير المناخي وأنها ليست مهتمة بالطاقة المتجددة، قد أعلنت بقوة الآن أنها تريد أن تكون جزءا من الحل".
وأضاف نوتل: "الاشارات التي نتلقاها من الحكومة القطرية هي أنها تريد أن تعمل شيئا تجاه مشكلة التغير المناخي، وان انعقاد هذا المؤتمر في الدوحة هو ربما الخطوة الاولى". لكن انعقاد المؤتمر لا يعني تحقيق تقدم.
ويأتي هذا المؤتمر قبل عام من انتهاء فترة الالتزام ببروتكول كيوتو وهو أهم اتفاقية عالمية حول تخفيض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون.
وكان المفاوضون الدوليون قد اتفقوا في العام الماضي في ديربان في جنوب افريقا على ما سمّوه "منبر ديربان" وفحوى تلك الاتفاقية هو أن تستمر الدول الغنية في تقليص الانبعاثات الغازية إلى ما بعد عام 2013 بموجب اتفاق تمديد بروتكول كيوتو، وفي المقابل تتفاوض الدول النامية حول اتفاقية جديدة بحلول عام 2015 تُلزِم كل البلدان، بما فيها القوى العظمى الجديدة كالصين والهند، بتقليص الانباعاثات الغازية اعتبارا من عام 2020.
وتعتبر الفقرة الأساسية لذلك الاتفاق هو تشكيل ما سُمِّي ب "إئتلاف الراغبين" الذي سيتكون من البلدان الأوروبية ودول الجزر الصغيرة والدول الأقل تطورا.
قضية صعبة
بروتكول كيوتو حول تقليص الانبعاثات الغازية أجاز للدول الغنية شراء "تراخيص الكاربون" من الدول الفقيرة
إلا ان بعض تفاصيل الاتفاقية سوف تبحث في قطر وقد يكون من الصعب التوصل إلى اتفاق بين هذه الدول غير المتجانسة. ومن المسائل الخلافية هي تراخيص "الهواء الحار". بعض الدول الأوروبية كانت قد حصلت على تراخيص الكاربون في بروتكول كيوتو (والتي تشتري بموجبها حصة الدول الفقيرة من الانبعاثات الغازية) وهي تنوي الاستمرار في استخدام هذه لفترة جديدة.
إلا أن حجم "الفائض" كبير جدا وهو يعادل حوالي 13 مليار طن من ثاني أوكسيد الكاربون، وأن بقاءه بهذا الحجم سيجعل المفاوضات حول تقليص الانبعاثات الغازية غير مجدية.
ويقول الدكتور قمر الدين تشودري، وهو مشارك من بنغلادش ويتحدث باسم الدول النامية، إن العديد من المشاركين لا يشعرون بالارتياح إزاء مسألة استمرار الدول الغنية في استخدام تراخيص الكاربون وإن هذه القضية تحديدا هي "قضية صعبة".
وترى تريسي كارتي، وهي مستشارة في شؤون السياسة البيئية في وكالة أوكسفام، أن استخدام تراخيص الفائض الكاربوني قد تكون فقرة أساسية في المفاوضات.
وقالت كارتي لبي بي سي: "إنْ أريد للاتفاقية الثانية أن يكون لها ثقل ومصداقية، فإن من الضروي أن تكون هناك حدود لما يمكن أن يُرحَّل من الاتفاقية السابقة إلى الاتفاقية الجديدة وكيف يمكن أن تستخدم البلدان تراخيص "الهواء الحار" مستقبلا. وفي خلاف ذلك فإننا لن نحصل على التخفيض المطلوب في الانبعاثات الغازية الذي ننشده".
أما العنصر المهم الآخر في المفاوضات فهو المال. لقد وافقت البلدان الغنية في مباحثات (سي او بي 15) في كوبنهاغن عام 2009 على تقديم مبلغ قدره ثلاثون مليار دولار كي يستخدم في تحسين البيئة حتى العام 2012. كمما أسست "صندوق المناخ الأخضر" للتحكم بمئة مليار دولار سنويا يتوقع أن تجمع بحلول عام 2020 لمساعدة البلدان الفقيرة على تحمل أعباء التغير المناخي.
"الصندوق الأخضر" فارغ
منظمات البيئة قلقة من تزايد انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون في الدول الصناعية
هناك اتهامات موجهة ضد بعض الدول بما فيها المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا بأنها أعادت تصنيف أموال كانت مخصصة أساسا للمساعدات التنموية وصنفتها من جديد بأنها للبيئة. ويقول خبراء إن 33% من الأموال يمكن أن تصنف على أنها جديدة.
وترى أوكسفام أن هذه القضية ستكون من أهم القضايا المطروحة في هذا الاجتماع خصوصا وأن صندوق المناخ الأخضر سيفرغ كليا بحلول نهاية العام الحالي.
وتقول تريسي كارتي إن الخلافات قد تعيق عمل التحالفات الجديدة التي قادت إلى تحقيق تقدم في الاجتماعات السابقة في كانكون وديربان.
وتضيف كارتي: "لن نرى أي تطورات كبيرة في الدوحة حول الفقرات العامة لعام 2015، كما رأينا في ديربان. إلا أن هناك مفترق طرق في ما يتعلق بالتمويل. فهذه فترة تشهد نهاية الأموال المخصصة سابقا ولا نعرف ما سيكون على طاولة المفاوضات للعام المقبل".
إلا أن البعض لا يزال يأمل في تحقيق تقدم في مؤتمر الدوحة، خصوصا مع انتخاب قيادة جديدة في الصين وإعادة انتخاب الرئيس أوباما وكلا الطرفين يحدثان صخبا يدعو إلى التفاؤل حول المناخ.
ويقول الدكتور تشودري إن الرئيس أوباما أشار إلى أنه يعتزم إحداث تقدم حول الاحتباس الحراري وأن القيادة الصينية الجديدة قد تؤيد مثل هذا التحرك "وهذا هو رأيي الشخصي لكننا نريد أن نرى تقدما حقيقيا في هذا الصدد".