ليس بالضرورة أن يكون من يقارب بين الأشخاص ويحاول شرح وجهة النظر الأخرى هو ممن يعملون بالترجمة، خاصة أن الأمر يتعلق هنا بلاجئين سوريين يتحدثون العربية ومضيفين أتراك قد لا يفهمون لغة سيبويه. هناك بالفعل داخل المخيم مجموعة من 80 مترجما يعملون لحساب شركة خاصة تعاقدت معهم الإدارة ويعملون بنظام الورديات لتلبية الاحتياجات المختلفة، فعندما يذهب أحدهم إلى المشفى الموجود داخل مخيم كلس قد لا يستطيع شرح ما ألم به من مرض إلا بمساعدة مترجم، إلى ما غير ذلك. لكن هناك أشخاصا مثل الحاج أبومحمود يفعلون ذلك دون صفة رسمية، بل كان اختيارهم أن يلعبوا هذا الدور، فيبدو وكأنه منسق الحدود. يكلمه أحدهم بالتركيةعلى التليفون ليبلغه أنهم قبضوا على شخص سورى من عائلة كذا يهرب الخبز من سوريا إلى تركيا.. يستنكر الأمر: «وهل أشخاص مثله فى حاجة لتهريب الخبز ونحن فى حاجة إليه بالداخل؟»، صحيح أن كيس الخبز (700 جرام) بحلب سعره 25 ليرة، فى مقابل 100 ليرة داخل الأراضى التركية، إلا أن ذلك لا يبرر مثل هذه الأفعال فى نظره.. يتدخل أحيانا بعشم لدى السلطات التركية لنصرة هذا الشخص أو ذاك، وأحيانا يتوسط لدى الجيش السورى الحر الذى تعاون معه مبكرا، وكان من أوائل من أتوا إلى كلس فصار بمثابة «عميد» المخيم، الذى بعون الله يقدر على كل شىء. يعلق أبومحمود قائلا: «هذه الثقة لا تأتى من فراغ، لكن اكتسبتها عن تجربة، فأحيانا يعرض على البعض تقديم مساعدات للاجئين وإرسال أموال باسمى، فأرفض. ثم أبلغ إدارة المخيم مثلا أو الهلال الأحمر التركى حتى ندرس كيفية الإفادة من مثل هذه الإعانات المادية». كان يعمل قصابا (جزار) بمدينة إعزاز، إلى جوار أحد المواقع الأمنية، فانتهز الفرصة لإبلاغ الثوار وأفراد الجيش الحر بما يحدث، وعندما انكشف أمره لاذ بالفرار هو وأهله ليستقر على معبر كلس ويصبح أحد وجوهه البارزة إلى أن تنكشف الغمة.