قالت مصادر دبلوماسية غربية: "إن تعامل الرئيس محمد مرسي مع ملف سيناء يشير إلى رغبته في إنهاء الأزمة، لكنه لا يمتلك جدولا زمنيًا واضحًا لذلك." وبحسب مصادر «الشروق»، فإن مصر أكدت للولايات المتحدةالأمريكية خلال اجتماعات تنسيق أمني جرت في القاهرة خلال اليومين الماضين، كما أكدت للدول المشاركة في قوات حفظ السلام في سيناء خلال اجتماع عقد في وقت سابق من الأسبوع الجاري بروما، عزمها علي المضي قدمًا في إنهاء أزمة سيناء واستعادة الأمن. غير أن مصادر غربية دبلوماسية في القاهرة قالت ل«الشروق»: "إن القاهرة لا تطرح جدولا زمنيًا واضحًا لإنهاء هذه الأزمة".
ويقول أحد الدبلوماسيين الغربيين: «ما نسمعه من المصادر الرسمية يشير إلى تحسن، لكن ما نسمعه من مصادر أخرى لا يوحي بأن هناك تقدمًا كبيرًا على الأرض».
ويقول مصدر دبلوماسي غربي آخر: «إننا نتفهم أن ما يحدث في سيناء اليوم لم يكن ليحدث لو أن الامور كانت منضبطة كما ينبغي في السنوات الأخيرة للرئيس السابق، لكن أيضًا نحن نظن أن إدارة الرئيس مرسي لا تبذل الجهد الكافي، أو ربما ليس الجهد الصحيح لإدارة الوضع في سيناء، ونحن نخشى أن الأمور تقترب من نقطة شديدة الخطورة».
وبحسب مصادر مصرية، فإن ما تم تحقيقه من المهمة «نسر»، التي كانت قد بدأت منتصف أغسطس الماضي، بالتوازي مع إحالة طنطاوي وعنان للتقاعد بعد الهجوم على مجندين مصريين ومقتل عدد منهم أثناء تناول إفطار رمضان، لم تحقق الكثير من المستهدف، بل إن بعض هذه المصادر تقدر أن نحو ثلثي سيناء في حاجة لوجود أوضح للدولة وسيطرتها.
يأتي ذلك فيما أكدت مصادر متطابقة وجود نوع من الاستياء داخل القوات المسلحة بسبب طريقة التعاطي مع الجماعات الجهادية المسلحة في سيناء ومحاولات فتح قنوات اتصال معها دون انتظار للحسم العسكري لهذا الملف.
وقالت المصادر المتطابقة: "إن قرار تأجيل «الجزء المعلن» من خطة التفاوض مع الجهاديين، دون استثناء لحوار غير رسمي تباشره قيادات سياسية إسلامية دعوية وحركية بمبادرة منها، جاء بناء على رغبة واضحة من قيادات عسكرية رأت أن التفاوض في أثناء العمليات العسكرية يمثل رسالة سلبية للقوات التي تنفذ العمليات في سيناء الآن، ويوحي بالانكسار أمام الجماعات الجهادية، كما أنه يمثل رسالة بالغة السلبية لإسرائيل الحدودية، التي أعربت بوضوح خلال اجتماعات تنسيق أمني مشترك مع مصر ومع أمريكا عن عدم ارتياحها لمستوى الانضباط الأمني في سيناء وتأثيره على المصالح الإسرائيلية الأمنية المباشرة."
وعلى ذكر رسائل الطمأنة الرئاسية للقوات المسلحة، والتي كانت آخرها نفي تكليف مساعد الرئيس عماد عبد الغفور بالتحاور مع الجهاديين في سيناء، قالت مصادر إن الشهر الماضي كان بامتياز «شهر القوات المسلحة»، حيث سعت رئاسة الجمهورية لإرسال أكثر من رسالة طمأنة، ليس فقط للقيادات ولكن أيضا للقاعدة العريضة من القوات المسلحة.
وبحسب أحد المصادر الذي تحدث مشترطا عدم ذكر اسمه، فإنه تم الوعد قطعيا بعدم المساس بحال بوضعية القوات المسلحة أو امتيازاتها أو نشاطاتها التجارية «سواء في مشروع الدستور، أو أية قوانين أو قرارات إدارية». رسائل التطمينات شملت أيضا تحسين دخول قطاعات من القوات المسلحة، بما في ذلك مستحقات التقاعد، مع وعود، حسب مصدر آخر، بمزيد من التحسين.
وتقول المصادر إن رسائل التطمينات المنتظرة علي هذا الصعيد من مؤسسة الرئاسة تتجاوز مسألة المستحقات المالية والمعاشات. «المهم هو هيبة القوات المسلحة، نحن نحترم أن مصر أصبح لديها أول رئيس مدني منتخب، والجيش دعم الثورة التي أتت بهذا الرئيس، وقيادات الجيش امتثلت لرغبة الرئيس في أن يقوم بتغييرات في رأس المؤسسة العسكرية، ولم تحدث أيه مشاكل، لكن هيبة القوات المسلحة في بلد مثل مصر يمكن ان يواجه بتحديات عسكرية فعلية في يوم من الأيام، لا يمكن المساس بها»، بحسب أحد المصادر الذين تحدثوا ل«الشروق» بشرط اخفاء الهوية.
المصدر ذاته أضاف أن أية محاولة لتحويل أي مسؤولين عسكريين للتحقيق تحت ادعاء تورطهم في أية مخالفات «أمر غير مقبول أن يتم خارج أطر وقوانين القوات المسلحة، وفي إطار من السرية التامة».
وكان الرئيس مرسي أكد عدم نيته تحويل المشير حسين طنطاوي، القائد العام السابق للقوات المسلحة خلال الفترة الانتقالية، ورئيس أركانه سامي عنان، المحالين للتقاعد في أغسطس الماضي. غير أن مصادر «الشروق» تصر أن هذا الموقف جاء في ضوء ما وصل للرئيس من القيادات العسكرية أن «الجيش غير مرتاح لهذه الخطوة، بوصفها تمس بهيبة الجيش».
وكانت كثير من القطاعات الثورية، ومازالت، تصر على محاسبة القائمين على إدارة البلاد أثناء الفترة الانتقالية، عن جرائم وقعت في تلك الأثناء، بما فيها ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء. وتؤكد مصادر مطلعة أن الإجراءات الأولية لإحالة طنطاوي وعنان كانت قد اتخذت بالفعل.
ويقول مصدر رئاسي: "إن مرسي ليس ساعيًا لإثارة حفيظة أي من أجهزة الدولة السيادية وخصوصًا القوات المسلحة، ولكن قراراته بشأن طنطاوي وعنان جاءت بواعز من أمرين؛ أولهما إنهاء ما بدا للجميع في الداخل والخارج على أنه ازدواجية في رأس الدولة «وهو أمر لا يمكن لرئيس منتخب أن يقبل به»، وثانيهما هو التجاوب مع رغبة الرأي العام في «تحقيق المساءلة».