القاهرة الساحرة.. الساهرة التى كتب فيها الشاعر سيد حجاب أروع قصائده وتغنى بها على الحجار لن تصبح ساهرة بعد عيد الأضحى المبارك والسبب قرار مجلس المحافظين برئاسة رئيس الوزراء بإغلاق المحلات التجارية فى جميع محافظات مصر الساعة العاشرة مساء واستمرار عمل المقاهى حتى الثانية عشر واستثناء المطاعم والأماكن السياحية والصيدليات من الغلق المبكر. القرار أثار الكثير من الجدل ما بين معارض ومؤيد وذهب المعارضون الى أنه قرار متعجل لم يشمل آليات تنفيذه فضلا عن انه سوف يزيد من معدلات البطالة بين من يعملون أثناء ورديات الليل ولن يتيح للأسر خاصة التى يعمل أفرادها فرصا ملائمة للتسوق الى جانب انتشار الباعة الجائلين.. فيما اشار المؤيدون للقرار الى مساهمته فى توفير الطاقة الكهربائية التى تستهلكها هذه المنشآت وإكساب المصريين ثقافة العمل فى وقت مبكر.
اجتماعات طارئة
منذ أن صدر القرار لم يهدأ الاتحاد العام للغرف التجارية ولا غرفة القاهرة وشهدا نشاطا ملحوظا انعكس فى عقد اجتماعات عاجلة وإصدار بيانات تعكس قلق نحو 4 ملايين تاجر ينتمون الى الاتحاد من جراء التطبيق.
وطرح أحمد الوكيل ورقة استفتاء تتضمن التعرف على آراء الشعب فى مقترحات الاتحاد وتتضمن استثناء المطاعم والمولات والصيدليات والمخابز من القرار، الى جانب السماح لمن يرغب باستمرار العمل بعد المواعيد الرسمية بدفع رسوم بعد مواعيد الاغلاق المحددة، وأن يحاسب بالكهرباء بكروت ذكية.
من جانبها عقدت غرفة القاهرة اجتماعا طارئا طالبت فى مذكرة بمد الفترة الليلية إلى الساعة الثانية عشرة كمرحلة أولى خلال فترة الشتاء، وذلك لعرضها على وزير التنمية المحلية.
لم يؤخذ رأينا
أكد الباشا ادريس عضو مجلس ادارة الغرفة التجارية بالقاهرة أن قرار الإغلاق يحتاج الى آليات لتنفيذه وتوافر الكثير من الشروط، مشيرا الى أهمية مراعاة ظروف كل محافظة التى تختلف اقتصاداتها وأنشطتها فالمحافظات السياحية تختلف عن التى لها طابع تجارى وقد لا تناسبها تلك المواعيد.. وحذر إدريس من تزايد معدلات البطالة بين من يعملون ورديات ليلية خاصة فى المقاهى والمطاعم موضحا أن كثيرا من هذه المنشآت لا تستطيع ان تحصل على رخصة سياحية تتيح لها مواعيد عمل مفتوحة لصعوبة الحصول على تلك الرخص وقال ان الغرفة التجارية بالقاهرة رفعت مذكرة تتضمن مقترحاتها الى محافظة القاهرة ولفت ادريس الى ان مطاعم الفول والطعمية ومطاعم الكباب والأسماك المنتشرة فى الأحياء الشعبية التى يرتادها المصريون يصعب تحولها الى محلات سياحية.
لم يؤخذ رأى اصحاب الشأن فى القرار ولم يناقشنا أحد من المسئولين فيه يقول أحمد يحيى رئيس شعية المواد الغذائية بغرقة القاهرة مضيفا وقال توقيت القرار سيئ موضحا أن هناك حالة من الركود تشهدها الأسواق حاليا ومع تقييد المواعيد سوف يزداد الركود وهو ما قد يسبب خسائر للتجار ويرى يحيى أن يتم الأمر بالتدريج لافتا الى حساسية قطاع البقالة والمواد الغذائية الذى يلبى حاجة المستهلكين بشكل يومى والى وقت متأخر من الليل على عكس محلات الملابس والأحذية والأجهزة الكهربائية التى تبيع سلعا لا يوجد عليها طلب يومى ويطالب رئيس الشعبة بتحقيق العدالة فى تطبيق القرار بين محلات البقالة الصغيرة والمراكز التجارية الكبرى مع عدم السماح للباعة الجائلين بالتواجد أمام المحلات بعد مواعيد إغلاقها لمحاربة التجارة العشوائية التى تضر بالمحلات رغم أنها تسدد التزاماتها تجاه الدولة ويقترح يحيى ان تمتد مواعيد إغلاق البقالة الى الساعة 12 مع اجراء حوار بين الحكومة وممثلى الغرف التجارية للتوصل للقرار الصحيح الذى لا يسبب اضرارا لأى طرف.
الأمن أولا
محمود بدوى أستاذ جامعة يقول فى كل دول العالم هناك مواعيد محددة لغلق المحلات التجارية، مشيرا الى ان ذلك سوف يساهم فى تغيير ثقافة المصريين من عدم النزول الى الشارع فى وقت متأخر واتباعهم أسلوبا جديدا للنوم والاستيقاظ المبكر لزيادة الطاقة الانتاجية بينما يرى عبدالله الأتربى موظف انه كان على الحكومة أن تحقق نتائج ملموسة فى القضاء على ظاهرة الباعة الجائلين الذين انتشروا فى جميع الأحياء والشوارع وما صاحب هذه الظاهرة من بلطجة وتعدٍ على المستهلكين فضلا عن أهمية توفير الأمن فى الشارع، مشيرا الى ان نزول المواطنين تحت اى ظروف الى الشارع بعد مواعيد إغلاق المحلات سوف يهدد سلامتهم وأمنهم.
التجربة فشلت
سلوى محمد زوجة وام تعمل بإحدى المنشآت الخاصة وتنهى عملها فى الساعة الخامسة تنتقد القرار متسائلة بعد رحلة العودة الطويلة للمنزل بسبب زحام المرور وبعد الوفاء بالتزاماتى اليومية تجاه أسرتى كيف يتسنى لى التسوق وشراء ما احتاجه والمحلات سوف تغلق أبوابها الساعة العاشرة؟ مضيفة: يجب إعادة النظر فى القرار على الأقل بمده خلال فصل الصيف والإجازات.
حركة الرواج والبيع تزداد بعد صلاة المغرب خاصة فى فصل الصيف ونحن نعمل من الساعة 11 صباحا حتى 11 مساء يقول محمود عبدالقادر مدير احد محلات الملابس النسائية بمنطقة وسط البلد وبعد انتهاء عملى احتاج لبعض الوقت للجلوس على المقهى للتخلص من ضغط العمل على مدى اليوم ويفضل عبدالقادر ان تمتد فترة عمل المقاهى الى الساعة الواحدة، مؤكدا ان قرار الإغلاق المبكر سوف يؤثر على دخل العاملين بالمحلات نظرا لضعف الاقبال على الشراء وبالتالى خفض عمولتهم على المبيعات.
لقد خضنا تجربة مماثلة فى فترة السبعينيات وكنا نغلق المحلات الساعة الثامنة مساء ثم امتدت حتى التاسعة واستمرت هذه التجربة على مدار موسمين لكنها فشلت تبعا للحاجة وهيبة صاحبة محل احذية بشارع قصر النيل بعد تضرر التجار وقالت ان منطقة وسط البلد تغلق ما بين الساعة 11- 12 مساء وترى ان فتح المحلات مبكرا لن يفرق كثيرا لأن الزبائن لا تأتى إلا بعد الساعة 12 ظهرا وأن أصحابها سوف يضطرون الى إغلاق أبواب المحلات على الزبائن بعد المواعيد حتى يفرغوا من الشراء.
المحلات الكبرى ذات التوكيلات المعروفة لا يمثل لهل قرار الغلق مشكلة حيث يغلق الكثير منها ابوابه فى العاشرة مساء وبعضها فى الحادية عشرة يشير احمد عبدالسلام «بائع» ان المبيعات تقل كثيرا بعد الساعة العاشرة وان محلات التوكيلات لها مواعيد ثابتة فى الإغلاق فى كامل فروعها، مشيرا الى ان التبكير بالغلق يمثل فارقا بالنسبة للعامل خاصة مع زحام المرور لمن يقطن بمناطق نائية.