سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خالد محمود يكتب من مهرجان أبوظبى السينمائى: فوز هالة لطفى بجائزة أحسن مخرجة أكدت الممثلة الألمانية فرانزيسكا الحاصلة على جائزة أفضل ممثلة سعادتها بهذه الجائزة وأنها تعنى لها الكثير.
الحلم المصرى الجميل الذى شكل بارقة أمل هو فيلم «الخروج للنهار» للمخرجة هالة لطفى التى نالت جائزتين من مهرجان أبوظبى السينمائى وهما أفضل مخرجة عربية فى مسابقة آفاق، وجائزة النقاد «الفيبرسكى». اللحظة كانت مهمة مثل الفيلم تماما والذى عاد بنا إلى واقعية صلاح أبوسيف كما قال ناقدنا الكبير كمال رمزى فى زمن ظل ويبقى عزيزا فى تاريخ السينما المصرية. هالة لطفى هنا أعادت إحياء هذا الزمن بصورة سينمائية شفافة. وقدمت فيلما فى زمن سينمائى انعكس على كل شىء فى الحياة، من حدوتة.. ديكور.. إضاءة، أداء.. منزل.. شارع، لدرجة تشعرك بالتوحد مع كل هذه المفردات بإيقاعها وزمنها، ومع لحظات الصمت التى تطول من حين لآخر بين أفراد الأسرة وكأنهم باتوا ينطقون رغما عنهم، حيث باتت الأم والابنة على وشك فقدان الأب المريض الجليس الصامت العاشق لصوت أم كلثوم، هنا نحن أمام ثلاث شخصيات: الأب، الأم التى تعمل ممرضة والابنة التى ترعى أباها طوال الوقت، وبدت أحلامها فى الحياة مكبوتة شأنها شأن لحظة الموت للأب، فالفيلم يلقى الضوء بلغة سينمائية مدهشة يخترقك واقعها القاسى، وأنت فى صالة العرض، على محنة أسرة فقيرة فى أحد أحياء القاهرة الشعبية، وترى الفتاة تواجه مصير يوميات حياتها وهى تبدو عاجزة عن التعبير عن مشاعرها وأحلامها، وتقبل بمصير تلك الحياة عن طيب خاطر، فهى أصبحت فى الثلاثين، لم ترتبط، ولا تفعل شيئا سوى رعاية أب غائب عن العالم.
هالة لطفى فى عملها الروائى الطويل الأول تسير على نفس نهج أعمالها الوثائقية فى تناولها لموضوع بسيط بعمق، يؤرخ ويطرح تساؤلات.. هل نحن الذين نختار بأنفسنا حياة العزلة، السجن داخل عالمنا بدون أحلام متجددة، كانت اللحظة متوهجة عندما خرجت الفتاة لتزور الحسين وتمر بشوارع القاهرة القديمة وتجلس فى إحدى المناطق بعد أن فقدت آخر جنيه معها لتعود مع ضوء النهار إلى منزلها سيرا على الأقدام لتطرح على أمها سؤال: «إحنا هندفن أبويا فين». أداء دنيا ماهر، سلمى النجار وأحمد لطفى والتصوير والملابس والديكور كان لها تأثير شديد فى وصول الفكرة إلى المشاهد الذى حلم مع العمل بروح سينمائية جديدة نتمنى أن تأخذ طريقها للعرض الجماهيرى.
لحظة الأمل المصرية الأخرى هى صعود النجمة سوسن بدر لتتسلم جائزة إنجاز العمر «وما أجمل أن تشعر بأن هناك من يكرم مشوارك» هكذا قالت الفنانة المصرية التى أشارت إلى أن هذا التكريم مسها بشكل شخصى، وجعلها تحس بأنها قدمت شيئا تستحق عليه أن تحصل على جائزة يطلق عليها إنجاز العمر، وشكرت كل من يصرون على دعم الفنان العربى. نالت بدر هذه اللحظة فى مهرجان أبوظبى مع النجمة الإيطالية كلوديا كاردينالى.. وتذكرت تلك اللحظة التى أخبرها فيها الناقد السينمائى انتشال التميمى مبرمج الأفلام العربية عندما أخبرها بمنحها تلك الجائزة. والواقع أن التميمى استطاع هذا العام أن يأتى بمجموعة من الأفلام العربية المتميزة أثارت ردود أفعال قوية شأن لحظة تكريم سوسن بدر، وكانت تنافس ندا بند مع الأفلام الأجنبية لتبدو سينما العالم كلها وكأنها تسير فى أفق واحد بتيارات متعددة ومتجددة. ومنها الفيلم الفلسطينى الأردنى الإماراتى «لما شفتك» إخراج آن مارى جاسر الفائز بجائزة أفضل فيلم من العالم العربى والذى تدور أحداثه عقب نكسة 67، بعدما احتلت إسرائيل أراضى عربية متعددة، وتدفق الفلسطينيون إلى الأردن للعيش هناك، نرى طارق 11 عاما ووالدته وهما يعيشان فى مخيم الحريرى حيث تفاصيل الحياة التى باتت بلا هوية، يعكس العمل واقع الفتى وأمه والحلم فى الكفاح والتحرر وبنظرة قاسية على الأرض التى احتلت وأنت تشاهدها من مكان آخر. بينما فاز الفيلم اللبنانى الإماراتى الإنجليزى «عالم ليس لنا» إخراج مهدى فليفل بجائزة أفضل فيلم آسيوى وجائزة اللؤلؤة لأفضل فيلم وثائقى الذى سار أيضا على نهج الحنين إلى الوطن المضطرب، فنحن هنا فى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بلبنان، حيث يتذكر المخرج من خلال المكان لحظات الطفولة والمراهقة..
ورصد فيلفل مدى التغييرات الاجتماعية عبر أجيال متعددة، وواقع مؤلم لمن يعيشون فى تلك المخيمات، وبأن هذا العالم الذى يسكنه اللاجئون الفلسطينيون ليس لهم، ولا حتى أرضهم باتت لهم بعد تصعيد الحلم الإسرائيلى. وفاز المخرج التونسى نورى بوزيد بجائزة أفضل مخرج عربى فى مسابقة الأفلام الروائية عن فيلم «مانموتش» أما باقى جوائز المهرجان، فقد خرجت بصورة مقنعة إلى حد كبير، وأصبح من فازوا هم بحق من اجتهدوا فى تجسيد تيارات سينمائية ملهمة للفن والحياة، وخاصة جائزة أفضل ممثلة التى فازت بها فرانزيسكا بيترى بطلة الفيلم الروسى الرائع «خيانة»، حيث ظهرت النجمة الألمانية بأداء مميز، وكذلك أحسن ممثل وبجائزة اللؤلؤة السوداء فليم «أراف بين وبين» التركى الألمانى الفرنسى، بينما فاز الفيلم الفرنسى «جيبو الظل» إخراج مانويل أوليفيرا بجائزة لجنة التحكيم الخاصة وفى مسابقة آفاق جديدة فاز فيلم «وحوش البرية الجنوبية» الأمريكى بجائزة أفضل فيلم.
وأفضل ممثل سورين مالينج من الدنمارك عن فيلم اختطاف وأفضل ممثل جو لشفتيه فرحانى عن فيلم «حجر الصبر».
وفى مسابقة الأفلام الوثائقية فاز بجائزة اللولؤة السوداء، فيلم «عالم ليس لنا» والفيلم الكندى «قصص نرويها» إخراج ساره بولى بجائزة لجنة التحكيم الخاصة وأفضل مخرج جديد ليوبوفى أركوس عن الفيلم الروسى أنطون قريب هنا، وأفضل فيلم من العالم العربى «يلعن أبوالفوسفات» إخراج سامى تيلى إنتاج إماراتى لبنانى تونسى قطرى. بينما فاز وائل عمر وفيليب دريبا بجائزة أفضل مخرج عربى عن فيلم «البحث عن النفط والرمال» مصرى إماراتى.