ربما لم يعرف العندليب عبد الحليم حافظ، أنه سيأتي اليوم الذي تسكن منزله الأشباح، ويتحول إلى مخبز بدلاً من أن يتم استغلاله كمزار يقصده السياح ومحبيه من كافة البلدان التي ذاع فيها صيته، ولمع نجمه وتغنى بكلماته وأغنياته القاصي والداني، ولكن في مثل تلك المحافظة الولاّدة تموت الموهبة وينقطع ذكرها، كأن لم يكن من قبل، على غرار مقولة "زامر الحي لا يطرب".
ففي قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية، وفي منزل ريفي بسيط ولد عبد الحليم علي إسماعيل شبانة، في 21 يونيو 1929، لكن القدر الذي تغنى به عبد الحليم، وعاتب عليه في كثير من أغانيه كان له بالمرصاد عندما ماتت أمه فور ولادته، ليكون هذا القدر أسرع بضربته القاسية ليلحق الأب بالأم بعد ستة أشهر من وفاتها؛ ليذوق الطفل الصغير مرارة اليتم في مهده، وهنا يرق قلب الجارة "أمينة محمد علي" لترضع الطفل اليتيم، وبفيلا الحاج "متولي عماشة" بقرية الحلوات، كانت سبع سنوات عجافاً قضاها العندليب في منزل الخال "متولي عماشة"، الذي كان يعمل ببنك التسليف الزراعي، ليذوق على يد زوجته العذاب ويعيش منطويًا على نفسه لا يلعب مثل كل الأطفال، بل يطوف بأركان الدنيا تتطلع عيناه إلى سمائها باحثًا عن أرواح من تركوه وحيدًا.
وأكد أهالي قرية الحلوات، أن شقيقة العندليب "علية إسماعيل شبانة" قامت ببيع المنزل منذ ما يزيد عن 15 عامًا لمحمود شندي، الموظف بالجامعة بمبلغ زهيد.
وأكدوا أن "شندي" عرف عنه أعمال النصب؛ حيث كان يتلقى التبرعات لإقامة الأنشطة الخيرية كالمعهد الديني ويقوم بالاستيلاء عليها بعد جمعها من الأهالي، وساعده في ذلك بعض الموظفين المرتشين بديوان عام المحافظة، وبرئاسة المركز. حيث كانوا يسهلون له عملية الحصول على التراخيص الوهمية التي يستخدمها في إقناع الأهالي لجمع التبرعات.
هذا، ولقد تحول المنزل الذي يبدو خاويًا تسكنه القطط والكلاب الضالة، حيث تم اقتطاع جزء منه لإقامة مخبزين، أحدهما طباقي والآخر بلدي.
وأكد أحد الأهالي، أن البيت شاع عنه أنه مسكون بالجن؛ لأن الطباخ الخاص بالعندليب كان قد صدم أحد المواطنين بسيارته وقام بتنظيف السيارة داخل سور المنزل، ومن ثم أحس الأهالي بأنه مسكون لاسيما بعد قيام زوجة المالك الجديد بالاستغاثة أكثر من مرة مما تراه في الليل من أشباح، وأرانب بيضاء تجوب المنزل في أوقات متأخرة من الليل.
كما علم أهالي القرية، بأن وزارة الآثار ستقوم باستلام المنزل وتحويله إلى متحف باسم "عبد الحليم حافظ"، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن.