توجيه مهم من رئيس الوزراء للمحافظين استعدادًا لفصل الشتاء    بعد صراع مع المرض.. وفاة زوجة شقيق الفنان حمدي الوزير    مسئولو جهاز تنمية المشروعات يستعرضون عددا من الأنشطة المختلفة والخريطة الاستثمارية بالمحافظات وملامح الاستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية    تراجع أسعار الذهب محلياً والجرام يفقد 80 جنيهاً    الجالية المصرية في بروكسل تستعد لاستقبال الرئيس السيسي    كواليس سقوط "نيكولا ساركوزي".. من خيمة القذافي إلى زنزانة السجن    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فياريال.. موقف عمر مرموش    فني ينهي حياة شقيقه بسبب ادمانه علي المخدرات ببولاق الدكرور    إصابة 10 أشخاص في تصادم سيارتين بالشرقية    بالمستند..التعليم تحدد 25 جنيها لاعادة قيد الطالب المفصول    في دورته الثلاثين، نحاتين من مصر ودول العالم في "سيمبوزيوم" أسوان للنحت    أسرار العائلة إلى رواية نسائية.. ناهد السباعي بين دراما الواقع وخيال الأدب    عاجل- 30 ألف خيمة إيواء تصل العريش تمهيدًا لدخولها غزة.. تعاون مصري قطري يتوسع ليشمل الصحة وتمكين الشباب    لافروف: العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا تحقق أهدافها ولا شك أنها ستكتمل بنجاح    عاجل| الرئيس السيسي يصل مقر إقامته بالعاصمة البلجيكية بروكسل    "الابتكار في إعادة تدوير البلاستيك".. ورشة ببيت ثقافة إطسا| صور    851.4 مليار جنيه تمويلات من الجهات الخاضعة للرقابة المالية خلال 8 أشهر    وزير المالية:نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادى نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    الطقس غدًا.. ارتفاع بدرجات الحرارة وشبورة مائية ونشاط رياح والعظمى في القاهرة 33    موعد إجراء قرعة حج الجمعيات الأهلية لاختيار الفائزين بالتأشيرات    تجديد حبس المتهم في "جريمة المنشار" بالإسماعيلية    وكيل تعليم الفيوم يشهد فعاليات تنصيب البرلمان المدرسي وتكريم الطالبات المتميزات على منصة "Quero"    أبناء الجاليات المصرية في أوروبا وأمريكا يحتشدون في بروكسل لاستقبال الرئيس السيسي| صور    وزير الآثار: المتحف المصرى الكبير رسالة حضارية وإنسانية وثقافية ترسخ مكانة مصر فى طليعة الدول السياحية الكبرى    إندونيسيا ضيف الشرف معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2026    نيلي كريم: كنت نفسي في البداية أقدم شخصية "حنان مطاوع" لأنه دور فيه عمق وشجن وحزن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    وزير الصحة يبحث مع السفير الفرنسي تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    عضو الجمعية المصرية للحساسية: ضعف المناعة والتدخين أبرز محفزات ارتكاريا البرد    ارتفاع إصابات الجدري المائي بين طلاب مدرسة بالباجور إلى 24 حالة    تطورات مطمئنة بشأن إصابة إمام عاشور.. وموقف توروب    أسامة نبيه: لا حديث عن منتخب 2005 بعد الآن.. وعلينا التركيز على المستقبل    هل الاحتفال بمولد سيدنا الحسين بدعة؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة: إدخال تقنيات المستشفيات الذكية والجراحة الروبوتية ضمن المنظومة    هجوم بطائرة مسيرة يستهدف محيط مطار الخرطوم    قادما من كفر الشيخ.. اصطدام قطار برصيف 3 في محطة مصر    تنس طاولة - محمود أشرف: أعتذر عما حدث مع عمر عصر.. ومستعد للمثول للتحقيق    الخميس.. محمد ثروت ومروة ناجى بقيادة علاء عبد السلام على مسرح النافورة    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    اليوم، ختام تعديل رغبات الانضمام لعضوية اللجان النوعية بمجلس الشيوخ    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظتي القاهرة وكفر الشيخ    أمريكا وأستراليا توقعان إطارا للمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة    صندوق التنمية المحلية يمول 614 مشروع ب10 ملايين جنيه خلال 3 أشهر    الصحة تعلن أهداف النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    نيويورك تايمز: إدارة ترامب تضغط على نتنياهو لعدم تقويض الاتفاق مع حماس    الدماطي: ياسين منصور الأنسب لرئاسة الأهلي بعد الخطيب.. وبيراميدز منافسنا الحقيقي    هنا جودة تحتفل بوصولها لأفضل تصنيف فى تنس الطاولة    ما حكم الاحتفال بالموالد مثل مولد سيدنا الحسين والسيدة زينب؟ وما حكم أفعال بعض الناس خلال الموالد من الذبح والنذور وغيرها من الطقوس ومظاهر الاحتفال؟ وما حكم تشبيه بعض الأفعال الخاصة فى الاحتفالية بمناسك الحج؟    المشرف على رواق الأزهر عن جدل مولد السيد البدوي: يجب الترحم عليهم لا الرقص عند قبورهم    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    مباريات اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    محافظ أسوان: منح إجازة لأي موظف بالمحليات ومديريات الخدمات فى حالة ترشحه للانتخابات    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص فى العياط    مع اقتراب دخول الشتاء.. أبراج تبحث عن الدفء العاطفي وأخرى تجد راحتها في العزلة    أسعار الذهب العالمية تلتقط الأنفاس بعد ارتفاعات قياسية    القائد العام للقوات المسلحة يستقبل اللواء محمود توفيق وزير الداخلية للتهنئة بذكرى انتصارات أكتوبر    خليل الحية للقاهرة الإخبارية: نشكر مصر على جهودها في وقف إطلاق النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آمال أكتوبر.. أكبر مما جرى
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 10 - 2012

فى «سواق الأتوبيس» 1983، فتح عاطف الطيب، لأول مرة، سينمائيا، باب الأسئلة المسكوت عنها، أو المؤجلة، وأهمها: إلى أين ذهبت آمال الذين خاضوا، بدمائهم وأرواحهم، حرب أكتوبر؟.. الإجابة تأتينا طوال الفيلم، خلال متاهة الرحلة التى يقطعها «حسن»، بأداء نور الشريف، من أجل إنقاذ ورشة الخشب، المهددة بالضياع، التى يملكها والده.. «حسن»، من جيل عاطف الطيب، كل منهما ولد فى أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وبينما كان الطيب مجندا أيام أكتوبر شارك «حسن» فى معاركها.. والآن، ها هو يذهب لشقيقته، فى دمياط وبورسعيد، وبرغم ثراء زوجيهما الواضح، فإن قيم الانفتاح الأنانية أثرت فى أخلاقيات الأسرتين، فجعلتهما أشد شراهة، فيقترحان بيع الورشة لبناء عمارة كبيرة.. وفى مشهد يغلفه الشجن، تحت ضوء القمر، عند سفح الهرم، مع لحن «بلادى بلادى» الذى يأتى خافتا، حزينا، بعيدا، يلتقى «حسن» ببقايا زملاء الجيش، تنتعش أرواحهم بذكريات أيام النار والفداء، والأحلام بوطن يختلف عما أصبح عليه.. يحاولون تجميع النقوذ اللازمة لاستمرار الورشة، بكل ما تحمله من معنى، لكن تغيرات الواقع، بتوجهاته السياسية والاقتصادية، تقضى على آمال أبطال العبور.

فى العام التالى، يحقق أحمد السبعاوى «بيت القاضى»، المأخوذ عن رواية لإسماعيل ولى الدين. لم يستطع الفيلم التخلص من خشونتها وبعض جوانبها الفجة. لكن قيمته ترجع إلى قدرته على رصد العديد من الظواهر التى غيرت من سلوك الناسو بدءا من بيع القطاع العام وإلغاء المجمعات الاستهلاكية، إلى ظهور الجماعات المتطرفة، وبروز دور الأكثر فسادا، ومهاجمة السلطات لقوى اليسار.. هنا، مرة ثانية، يطالعنا نور الشريف، فى دور «فتحى الدفراوى»، العائد من الخليج بعد ثلاثة أعوام. فى الحى الشعبى يلتقى بصديق وزميل حرب أكتوبر، «حسن» فاروق الفيشاوى الذى بترت ذراعه أثناء المعارك وقد أصبح إلى البلطجية أقرب، ذلك أنه بلا عمل ومن دون سكن بعد انهيار بيته القديم وغدت والدته نصف معتوهة، تتساقط اللعنات على من دمروا حياتها. تتدفق الحياة فى الحارة، بصراعات ذات طابع مخاتل ووحشى، تنتهى بمقتل «حسن» الذى يتذكر، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، لحظات النصر، حين رفع «فتحى» علم مصر، فى سيناء.. نهاية فاجعة، يزيد من وطأتها هتافات تؤيد دخول تاجر المخدرات مجلس الشعب، بينما يقف «فتحى» حائرا، ضائعا.

على العكس من «بيت القاضى» المشتت، يأتى «زمن حاتم زهران» لمحمد النجار 1988، متماسكا، قويا، بفضل السيناريو المكثف، الذى يعرف هدفه تماما، والذى كتبه عبدالرحمن محسن.. الفيلم يبدأ بمشاهد تسجيلية من المعارك، يتخللها زواج المجند «يحيى زهران»، الذى يستشهد فى آتون القتال، ثم تظهر العناوين، وكأنها فاصل زمنى بين الماضى والحاضر.. سنوات قد لا تكون طويلة، لكن المسافة بين العالمين، جد واسعة. فالآن، نحن فى «زمن حاتم زهران»، المناقض تماما لأيام «يحيى زهران». وسواء كان «حاتم» هو شقيق الشهيد «يحيى» حقيقة، أو أن الربط بينهما يتخذ معنى رمزيا، فإن الفيلم يتابع مجىء حاتم، بأداء نور الشريف، بعد حصوله على درجة الدكتوراه من أمريكا التى ذهب لها هربا من فاتورة الوطن.

إنه نموذج لوجهاء المرحلة الجديدة: ذكاء مقترن بالدهاء والخبث. شراهة للمال والنفوذ. خفوت فى الحس الأخلاقى. يوصف بأنه رجل أعمال، بينما مشروعه لا يتعدى إقامة مصنع مستحضرات تجميل فوق أرض زراعية نرى فلاحيها يطردون منها بلا رحمة، والفيلم فى هذا يشير إلى كارثة تبوير الأرض التى استفحلت فيما بعد.. مع توالى المواقف، والمشاهد، يصعد حاتم زهران، على كرامة وحقوق الآخرين، متنكرا لزوجة شقيقه البطل، مؤكدا أن ثمار النصر، التقطها شبيحة متأنقون.

يعود عاطف الطيب، فى «كتيبة الإعدام» 1989، ومعه نور الشريف أيضا، ليفتح من جديد، ملف ما بعد أيام المجد والأمل.. وبعيدا عن الطابع البوليسى المشوق للسيناريو الذى كتبه أسامة أنور عكاشة، وما يمكن أن يؤخذ عليه من ثغرات، ينجح الفيلم فى توجيه أصبع الاتهام نحو الذين حولوا دماء الشهداء إلى «سوبر ماركت»، بكل ما يحمله «السوبر ماركت» من معنى. هنا يخرج «حسن عز الرجال» من السجن بعد عقد ونصف، عقابا على جريمة لم يرتكبها: سرقة مستحقات أفراد من الجيش وقتل بطل المقاومة الشعبية «الغريب وأولاده».. مباحث الأموال العامة تراقبه، وتطارده، لاسترداد المال، ابنة «الغريب» تبحث عنه للانتقام. نتابع، بأداء المتمكن نور الشريف، اليأس، المنهك نفسيا، محاولة فك لغز عملية القتل وسرقة المال.. أخيرا، ينكشف السر: الخائن «فرج الأكتع»، الذى أصبح من وجهاء المرحلة الدنيئة، هو المجرم، ميت الضمير، الذى يلقى حتفه بين رفوف بضاعته.

هذه الأفلام الأربعة، وكأنها حلقات، منفصلة، متصلة، تؤكد أن آمال أكتوبر أقوى وأوسع وأشرف مما جرى بعده، على أرض الواقع، وتثبت بجلاء، أن فى السينما المصرية، ما يستحق الدراسة والتأمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.