كانت أشبه بالمرافعة أمام منصة قضاة دفاعا عن حقوق المستهلك وطلبا بضرورة إدراج نص فى مشروع الدستور الجديد الجارى إعداده يحمى حقوق المستهلكين أسوة بالعديد من دول العالم باعتبار أن حماية المستهلك تعد إحدى أدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقد استمعت لجنة الاقتراحات والحوارات والاتصالات المجتمعية بالجمعية التأسيسية فى إطار حملة «اكتب دستورك» على مدى ساعتين يوم الاثنين الماضى لأعضاء جهاز حماية المستهلك وبعض ممثلى الجمعيات، وكان ملفتا أن المناقشات لم تقتصر على التشريع فقط والاقتراحات بتعديل بعض النصوص والصياغات على باب الحريات أو أهمية استقلال الجهاز عن الحكومة كأى جهاز رقابى فاعل، لكن امتدت المناقشات إلى مشاكل حقيقية تمس المستهلك بشكل مباشر مثل ارتفاع أسعار السلع وضرورة وضع سقف للربح لبعض السلع الأساسية. كان ملفتا تناثر الحديث ما بين المنصة والقاعة حول أسعار الفاصوليا التى تباع ب12جنيها والطماطم التى تأبى أسعارها عن النزول إلى مستوى أقل من 5 جنيهات للكيلو على مدى شهر تقريبا وحتى الآن، واقتصار تحرك أسعارها للزيادة فقط، كما تطرق الحديث إلى التحذير من لعب الأطفال المصنعة من المخلفات وخطورتها على الصحة بجانب أن بعض اللعب المستوردة قد تتسبب فى إحداث فتن طائفية، وهى ظواهر تشير إلى غياب الرقابة على الأسواق.
26 دولة سبقتنا
جهاز حماية المستهلك يحمل شعار الثورة باعتباره إحدى الأدوات الفاعلة لتحقيق العدالة بحسب عاطف يعقوب رئيس الجهاز، مشيرا إلى أن جميع المصريين مستهلكين لسلع وخدمات بداء من رئيس الجمهورية وحتى أصغر مواطن، لافتا إلى أن 26 دولة سبقتنا إلى وضع نص حماية المستهلك فى دساتيرها مثل تركيا، إسبانيا، سويسرا، كينيا، تيمور الشرقية وغيرهم، وقال يعقوب إن إدراج حق المستهلك فى الدستور لن يسمح بتطاول أحد مستقبلا على حقوقه، وسوف يرفع من مستوى أداء الأجهزة الرقابية بالدولة مطالبا بتشكيل هيئة عليا لحماية المستهلك وتطرق رئيس الجهاز إلى قضية انفلات الأسعار فى مصر، مشددا على إدراج نصوص فى التشريعات تحمى المستهلك من زيادة الأسعار ليس فى السلع فقط ولكن فى الخدمات مثل الكهرباء والمياه ومشيرا إلى أن ارتفاع سعر البترول فى السبعينيات دفع بالولايات المتحدة إلى إنشاء مجلس أعلى للأسعار.
القانون السويسرى
الصياغة الحالية لباب الحريات العامة والحقوق فى الدستور الحالى تخلو من أى نص يحمى حق المستهلك يقول الدكتور حسام الصغير أستاذ القانون بجامعة حلوان وعضو مجلس إدارة جهاز حماية المستهلك مؤكدا على العلاقة الوثيقة بين حقوق المستهلك وحقوق الإنسان حيث تشير المادة 2 من قانون حماية المستهلك إلى 8 حقوق أساسية اهمها الحق فى الحصول على الاحتياجات الأساسية من سلع غذائية وتعليم وصحة وغيرها والحق فى السلامة عند استعماله للسلع والحق فى المعلومات عن المنتج والحق فى اختيار السلعة تحقيقا لمبدأ المنافسة إلى جانب الحق فى تسوية قضائية سريعة وعادلة للمنازعات فى حالة وقوع الضرر فضلا على حقه فى التعويض عن الأضرار التى تنتج من شراء أو استخدام منتج ما دون انتظار سنوات لتسوية المنازعات ويضيف الصغير أن العهد الدولى للحقوق الاجتماعية والاقتصادية الذى صدر عام 66 أدرج حقوق الإنسان ضمن الحقوق الاقتصادية التى تنظم العلاقة بين المستهلك والمورد، وأشار إلى دستور دولة مثل سويسرا فى المادة 97 التى تتحدث عن وضع الدولة لتدابير لحماية المستهلك وتدعيم جمعيات حماية المستهلك بمنح حقوق لها مثل النقابات والغرف التجارية والصناعية، منتقدا التشريع المصرى الذى أعطى حقا للجمعيات فى رفع دعاوى قضائية لصالح المستهلك وحرم عليها الحصول على تعويضات على عكس ما شرع القانون السويسرى.
صوت الجمعيات
كان للجمعيات صوت مهم خلال جلسة الاستماع دفاعا عن حقوق المستهلك، حيث أكدت الدكتورة سلوى شكرى رئيس جمعية مصر الجديدة لحماية المستهلك وعضو مجلس إدارة الجهاز أن وضع حد أقصى لأسعار بعض السلع الأساسية مثل السكر والأرز والزيت يعد مطلبا أساسيا للمستهلكين، وهو ما تلمسه الجمعية من الشكاوى التى ترد إليها محذرة من العدالة البطيئة فى قضايا حماية المستهلك التى تجعل المستهلكين يفقدون الثقة فى دور الجمعيات فيما أكدت عنان هلال رئيس جمعية عين مصر لحماية المستهلك أهمية دعم الجمعيات لتقوم بدورها فى التوعية وإعداد الدراسات اللازمة عن السلع والأسواق مشيرة إلى افتقار الجمعيات للموارد التى تقتصر على اشتراكات الأعضاء المحدودة، مطالبة بأن يتم دعم الجمعيات من حصيلة الغرامات التى توقع على المخالفين لقانون حماية المستهلك.
شاركت عنان الرأى سعاد الديب رئيس الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك مؤكدة أن الدستور أبو القوانين الذى يجب أن ينص على حقوق المستهلك، وأن الجهاز يعانى من التبعية مطالبة باستقلاله وتطبيق تجربة ماليزيا وعمان فى حماية المستهلك فى مجال أسعار السلع بتخصيص صندوق لدعم السلع الأساسية للحد من ارتفاعات أسعارها وللقضاء على الحلقات الوسيطة.
الشيخ شعبان درويش ممثل حزب النور عضو لجنة الاستماع يرى أن جهاز حماية المستهلك يجب أن يكون على رأس الأجهزة الرقابية، وقال ليس مقبولا أن يظل الجهاز تابعا للحكومة مؤكدا أنه سوف يتم رفع طلب أعضاء الجهاز فى اللجنة الحوارية إلى اللجنة العامة، بينما تعهد صلاح عبدالمعبود عضو مجلس الشعب السابق أن تتم التوصية من قبل اللجنة باستقلال الجهاز.
من جهته أكد المستشار محمد عبدالسلام عضو مجلس الدولة وعضو اللجنة التأسيسية أن جهاز حماية المستهلك بدون استقلالية لن يكون أمينا على المستهلك على أن يكون للاستقلال ضمانات وضوابط يكفلها الدستور.
شعبة اللحوم تتوقع أزمة فى العيد إذا لم توفر الحكومة لحومًا مستوردة
قال محمد وهبة رئيس شعبة اللحوم بغرفة تجارة القاهرة إن كثيرا من المستهلكين بدأوا فى الاتجاه لشراء اللحم الجملى نظرا لرخص ثمنه مقارنة بأسعار اللحوم الضانى والكندوز، مشيرا إلى أن سعر كيلو اللحم الجملى لا يزيد على 45 جنيها، وتوقع وهبة أن تحدث أزمة فى توافر اللحوم مع اقتراب عيد الأضحى المبارك إذا لم تسارع الحكومة بطرح كميات من اللحوم المستوردة بالأسواق، وأشار إلى أن إنتاح مصر من اللحوم البلدية لا يغطى سوى 40% من احتياجات السوق المحلية ونسبة ال60% تتوافر عن طريق الاستيراد،
تصوير : مجدى ابراهيم ويضيف: كان على الحكومة أن تبدأ استعدادتها لمواجهة زيادة الطلب على اللحوم خلال الفترة المقبلة بعد انتهاء شهر رمضان مباشرة. وحذر وهبة من ظاهرة تهريب أغنام الساحل الشمالى ومطروح وبرج العرب إلى الأسواق الليبية، وهو ما سوف ينتج عنه نقص فى المعروض من اللحوم الضانى التى يقبل على شرائها المستهلكون فى عيد الأضحى، وأشار إلى مذكرة تعدها الشعبة لرفعها إلى رئيس الوزراء تحذر من استمرار تهريب الأغنام وتطالب بتشديد الرقابة على الحدود، كما أشار وهبة إلى مذكرة أخرى موجهة للدكتور هشام قنديل تتضمن إنشاء مجلس أعلى للثروة الحيوانية. عندما أصبحت الفاصوليا أغلى من «الفراخ» والطماطم مثل المانجو • سعد نصار: الفلاح يحصل على 40% فقط من سعر المستهلك.. والباقى للوسطاء • توقعات بانخفاض الأسعار خلال أسبوع مع بدء موسم التصدير
الطماطم «7 جنيهات»، الفاصوليا «12 جنيها»، الكوسة «6 جنيهات» البامية «10 جنيهات».. فى غير مواسم الارتفاع التقليدية اشتعلت أسعار الخضراوات الأساسية فى السوق لتتجاوز أسعار الفاكهة التى كان يضرب بها المثل فى زيادة الأسعار، والمفارقة أن أسعار بعض هذه الخضروات مثل الفاصوليا تجاوزت سعر كيلو الدجاج الذى يباع حاليا بنحو 11 جنيها للكيلو فيما تجاوز سعر الطماطم المانجو.
«منذ أسبوعين أو أكثر لم أشتر طماطم ولم أطبخ أى خضار ما عدا الملوخية، سعرها رخيص ولا تحتاج طماطم، الكيلو وصل 7 جنيهات ومن يومين أصبح 6 جنيهات قلت بلاها طماطم»، تقول ماجدة محمد التى تعول أربعة أبناء وتعمل باليومية فى تنظيف المنازل.
تصوير : جيهان نصر فى سوق العبور تختلف أسعار الخضراوات تماما عن أسواق التجزئة فعلى البوابة الإلكترونية للسوق التى تنشر أسعار الجملة يوميا تشير إلى أن أسعار الطماطم تتراوح بين 2.5 و4 جنيهات والفاصوليا بين 6 و8 جنيهات والكوسة بين 2.5 و3.5 جنيها، بينما يتراوح سعر البامية بين 4.5 و5.5 جنيهات، بينما تترواح الزيادة فى أسعار المستهلك لدى التجار بين 50% و80%، ويتوقع الموقع ارتفاع أسعار الفاصوليا خلال الأيام القليلة المقبلة بينما يتوقع انخفاض أسعار الطماطم بعد وصول السعر إلى 7 جنيهات بحسب الموقع الذى يتوقع أيضا انخفاض أسعار البطاطس لظهور الإنتاج الجديد فى السوق، بينما يتوقع ارتفاع أسعار البصل لأن الموجود حاليا من مخزون قديم وفقا للموقع.
موجات الحر وأشياء أخرى
«موجات الحر الشديد خلال يوليو وأغسطس أثرت على المحاصيل وأدت إلى انخفاض الإنتاج وقلة المعروض والمسألة فى النهاية عرض وطلب» يقول شريف البلتاجى عضو المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، مشيرا إلى أن الأيام القليلة المقبلة سوف تشهد تراجعا ملحوظا فى أسعار الخضروات خاصة الفاصوليا الخضراء التى تنخفض أسعارها عادة مع بدء موسم التصدير قبيل نهاية الشهر الجارى، حيث يتم تصدير نحو 50% من المحصول، ويطرح الباقى فى السوق المحلى، ويتوقع البلتاجى أن يصل سعر الفاصوليا إلى 3 أو 4 جنيهات خلال أسبوع بالكثير وفقا له.
«الوسطاء وجشع التجار السبب الرئيسى وراء ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه، فالمزارع لا يحصل سوى على 40% من أسعار البيع للمستهلك»، وذلك بحسب الدكتور سعد نصار وزير الزراعة الأسبق والخبير الزراعى الأشهر، مضيفا أسباب أخرى أهمها الظروف المناخية والموسمية، فأسعار السلعة ترتفع إذا كنا فى نهاية الموسم لقلة المعروض فى الأسواق، بينما تنخفض الأسعار فى بداية الموسم الجديد لزيادة المعروض وعادة فى شهرى أكتوبر ونوفمبر تمثلان نهاية مواسم وبداية أخرى تبعا لنصار.
ابحث عن الوسطاء
الجمعيات التعاونية والمجمعات الاستهلاكية ووزارة التموين والتجارة الداخلية يجب أن يكون لها دور فاعل فى استقرار أسعار الخضراوات من خلال اختصار الحلقات الوسيطة وفقا لسعد نصار الذى يرى ضرورة أن تقوم هذه الجهات بالتعامل مع الفلاح مباشرة، وفى ذلك صالح الفلاح والمستهلك معا.
يؤكد وزير الزراعة الأسبق دور التصنيع الزراعى فى معالجة مشكلة الارتفاع الموسمى لأسعار المحاصيل الزراعية خاصة الأساسية منها، مشيرا إلى أن نسبة التصنيع الزراعى لا تزيد على 8% فيما كان المستهدف أن تصل إلى 40% مما يسهم فى الحفاظ على استقرار الأسعار، ويذكر الوزير أنه أثناء عمله كمحافظ للفيوم اضطر مزارعو الطماطم إلى حرث المحصول فى الأرض عندما وجدوا أن تكلفة جمع المحصول أكبر من سعر بيعه للتجار، وكان يمكن حل هذه المشكلة عن طريق تصنيع المحصول وتحويله إلى صلصة مما يؤدى إلى استقرار أسعار الطماطم من ناحية إلى جانب توفير النقد الأجنبى الموجه لاستيراد الصلصة من إيطاليا وإسبانيا من ناحية أخرى، ويتطلب ذلك وعيا من جهة المستهلك وتغيير فى أنماط استهلاكه ليتحول من الخضر الطازجة إلى المصنعة فى حالة ارتفاع الأسعار.
رئيس جمعية منتجى الملابس: «المستهلك آخر واحد تفكر فيه الحكومة.. وإحنا كمان»
• إلغاء رسوم الحماية على القماش لن يلغى زيادة أسعار الملابس هذا الموسم على الاقل
قال يحيى الزنانيرى رئيس جمعية منتجى الملابس الجاهزة ونائب رئيس شعبة الملابس باتحاد الغرف التجارية إن المستهلك لن يستفيد من قرار إلغاء الرسوم الوقائية على واردات المنسوجات وإن القرار لن يؤدى إلى إلغاء زيادة أسعارالملابس أو تخفيضها هذا الموسم على الأقل لأن المصنعين استوردوا بالفعل المنسوجات اللازمة للموسم الشتوى بالأسعار السابق تحميلها بالرسوم الحمائية وتصنع الملابس حاليا تمهيدا لطرحها فى الأسواق خلال أسابيع.
ويتشكك الزنانيرى فى امكانية حدوث تراجع فى أسعار الملابس الموسم المقبل على خلفية إلغاء القرار الذى قال عنه فى وقت سابق إنه سيرفع أسعار الملابس بنحو 25%.
«المستهلك آخر واحد بتفكر فيه الحكومة واحنا كمان».. يقولها الزنانيرى صراحة مشيرا إلى أن مشاكل الصناعة متضخمة والمصنع يفكر أولا فى تجنب الخسائر ثم تحقيق هامش ربح معقول «فلن أضحى بمصلحتى من أجل المستهلك وأنا أرى أن الدولة لا تعيره أى اهتمام»، مدللا على ذلك بالقرارات التى تصدر وتؤدى إلى رفع الأسعار ومنها على سبيل المثال إلزام مستوردى النسيج بالحصول على شهادة تؤكد أن النسيج المستورد غير مسرطن، وعندما تعذر الحصول عليها من الخارج حولوها الى صندوق دعم الغزل الذى يتقاضى 1500 دولار على الرسالة فضلا على عدم كفاية معامل الفحص، وهو ما أدى الى زيادة التكلفة 20%، وزيادة التهريب وبالتالى زيادة الأسعار، والمستهلك يتحمل جميع الارتفاعات فى النهاية.
«الغريب اننا سمعنا ان القرار ليس من اجل عيون المستهلك ولكن لترشيد الاستيراد» يقول الزنانيرى لافتا الى ان الصناعة المحلية غير ملزمة بالحصول على مثل هذه الشهادة فأين مصلحة المستهلك فى هذه التفرقة؟!