قال المحلل الإسرائيلي يارون فريدمان، إن «موجة الاحتجاجات التي تشهدها دول الربيع العربي ضد الفيلم المسيئ للنبي محمد، وخاصة الاعتداء على السفارات الأمريكية في مصر وليبيا واليمن, تؤكد وجود صراع بين القوى الإسلامية التي سيطرت على الحكم في تلك الدول, وهي تيار الإسلام المعتدل المتمثل في الإخوان المسلمين، وتنظيم القاعدة».
وكتب فريدمان، في موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، على الإنترنت، محللاً أسباب السخط والمظاهرات العنيفة ضد الفيلم المسيئ للنبي، رغم أن المسلمين أنفسهم, كما يقرر الكاتب, يؤمنون بأن النبي بشر من لحم ودم, فيقول إن «أعمال العنف في مدينة بنغازي الليبية كشفت عن وجود مقلق لعناصر من تنظيم القاعدة, وعندما اندلع الربيع العربي في ليبيا حذر الزعيم الليبي معمر القذافي من أن تنظيم القاعدة سيحكم ليبيا, كما أن الاستخبارات الأمريكية كانت على علم بوجود عناصر من القاعدة في ليبيا، وتعلم بتدريبهم في أفغانستان، مثلما كشفت عن ذلك فيما بعد وثائق ويكيليكس, وبعد التصفية البربرية للقذافي ارتفع علم القاعدة على مبني المحكمة في بنغازي».
ويشير فريدمان، صراحة إلى مسؤولية القاعدة عن اغتيال السفير الأمريكي، فيقول إن «اغتيال السفير يتطلب استعدادًا مستمرًا من أعمال رصد ومعلومات استخباراتية, ولم يكن توقيت الاغتيال في اليوم التالي للحادي عشر من سبتمبر أمرًا عفويًا تمامًا».
ويقرر المحلل الإسرائيلي، أن «الإساءة للنبي محمد كشفت عن مشكلة عميقة في دول الثورات العربية, فالربيع العربي يتكون بالفعل من ثلاثة شرائح: الشريحة الشعبية التي تقود الحركة الإسلامية في الانتخابات بعد سقوط النظام, وثالثًا الطرف الإسلامي المتطرف وهو طرف سري يرمز لمحاولة تنظيم القاعدة ركوب تلك الثورات واستغلالها في زيادة الإرهاب، مثلما هو الحال في الثورة السورية. وعلي ذلك فإن الاعتداء على القنصلية الأمريكية في ليبيا يمثل تقصيرًا أمنيًا أمريكيًا خطيرًا للغاية, لكن دعم الثورات العربية لا يخدم المصالح الأمريكية، لأن ذلك الدعم يشكل بنية تحتية إسلامية في الشرق الأوسط».
ويضع فريدمان، سببين لسخط واحتجاج المسلمين ضد الفيلم الذي يصفه بأنه «فيلم تافه وغبي», السبب الأول هو «المكانة التي يتمتع بها النبي محمد وسط المسلمين»، والسبب الثاني وهو الأهم أن «الإساءة للنبي محمد تذكر كل مسلم بحالة الانحطاط في مواجهة الغرب الذي يسيطر على العالم الإسلامي منذ القرن التاسع عشر، ويذكر المسلمين بالحلم الإسلامي بالعودة إلى الأسبقية الثقافية والسياسية والعسكرية للمسلمين في العصور الوسطى. ولذلك فإن أي إساءة للنبي محمد تعطي الشرعية لعمليات إرهابية كتلك التي نفذتها القاعدة مؤخرًا, وتخفي الفارق بين المسلمين المتطرفين والمسلمين المعتدلين».
ويختم فريدمان، تحليله «بأننا سنرى خلال السنوات المقبلة صراعًا بين الشريحتين الإسلاميتين اللتين سيطرتا على الربيع العربي، وخاصة بين الإخوان المسلمين الذين يوصفون بالمعتدلين وبين تنظيم القاعدة والجهاد. وفي تلك الآونة سيضطر الغرب إلى أن يكون أشد حذرًا عندما يتعلق الأمر بالنبي محمد».