سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أول إفطار للبعثة الأمريكية على شرف مصر «الجديدة» نائب مساعد الرئيس الأمريكى للحكومة: «مصر تحتاج للشفافية ومكافحة الفساد وحكومة تحت المحاسبة» .. «صندوق النقد الدولى يستطيع المساهمة فى تحقيق الاستقرار الاقتصادى لمصر»
أقيم صباح أمس إفطار لأكبر بعثة اقتصادية أمريكية تزور القاهرة على شرف مصر «الجديدة»، وهو التعبير الذى تكرر على ألسنة المسئولين المصريين والأمريكيين خلال اللقاء الذى حضره ممثلون رفيعو المستوى لإدارة أوباما، ورئيس الوزراء والمجموعة الاقتصادية فى الحكومة، وإذا كان الطرفان قد اتفقا على أن هناك مصر جديدة بعد رحيل مبارك، إلا أن كل منهما عبر عن تطلعات مختلفة لاقتصاد ما بعد الثورة. وبالرغم من انعقاد الإفطار فى ساعة مبكرة، فإن حشدا كبيرا من رجال الأعمال والمسئولين اهتم بحضوره، وهو ما قد يفسره ضخامة استثمارات الشركات المشاركة فى الوفد والتى تقدر قيمة أصولها الاستثمارية ب7.5 تريليون دولار، كما قال رئيس غرفة التجارة الأمريكية جمال محرم، معلقا: «لو حصلت مصر على 10% فقط من هذه الأصول سيكون أمرا جيدا».
وحرص توماس نايتس، نائب وزيرة الخارجية الأمريكية، على أن يربط زيارة رجال الأعمال الأمريكيين بأهداف الثورة الاجتماعية، فهو يعتبر أن مصر «تعيش فصل جديد من تاريخها»، وأن للبيزنس الأمريكى دور كبير فى خلق الوظائف فى مرحلة ما بعد الثورة.
وهى نفس الفكرة التى أكدها مايكل فورمان، نائب مساعد رئيس الولاياتالمتحدة، الذى يرى أن «نجاح الديمقراطية فى مصر مرتبط بتحقيق النمو الاقتصادى والرفاهة للناس»، إلا أن تدفق الاستثمارات الأجنبية لمصر مرتبطا بتطبيق عدد من الاصلاحات، والتى لو طبقتها مصر ستصبح «ضمن أهم عشرة اقتصادات فى العالم خلال جيل»، بحسب تعبيره.
وإن كان المسئولون الأمريكيون لم يوضحوا فى كلماتهم تفاصيل الإصلاحات المطلوبة، إلا أن فورمان أشار فى كلمته إلى أهمية التعاون التجارى مع الولاياتالمتحدة كأداة لخلق النمو الاقتصادى بدلا من الاعتماد على المساعدات.
وأشار ستيف فارس، رئيس الجانب الأمريكى فى مجلس الأعمال المصرى الأمريكى ورئيس شركة أباتشى، إلى أهمية أن تكون اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والولاياتالمتحدة ضمن أجندة المناقشات التجارية بين البلدين، والتى «ستعطى رسالة قوية لمجتمع الأعمال عن أهمية السوق المصرية»، برأى ممثل مجتمع الأعمال الأمريكى.
مكافحة الفساد واخضاع الحكومة للمراقبة والمحاسبة، كانت ضمن أبرز الإصلاحات التى دعى إليها نائب مساعد الرئيس الأمريكى، لجذب الاستثمارات الأمريكية لمصر، كما أشار فورمان إلى أهمية وتحقيق الاستقرار فى الاقتصاد المصرى، «ومن الممكن أن يساهم صندوق النقد فى هذا المجال»، فى إشارة للمفاوضات الجارية بين مصر والصندوق لاقتراض 4.8 مليار دولار.
اتفاقية الصندوق كانت من أولويات حكومة مصر الجديدة، كما يتضح من كلمة رئيس الوزراء، هشام قنديل، الذى قال إن الحكومة ستنتهى من إعداد برنامج للإصلاح الاقتصادى فى الفترة المقبلة، والذى سيتم على أساسه الاتفاق على قرض الصندوق، وان كان قنديل شدد على أن الحكومة ستتمسك بالإصلاحات التى ستحددها فى برنامجها الاقتصادى حتى وإن لم يوافق عليها الصندوق، إلا أنه عاد، وقال إنه يثق فى أن الصندوق سيوافق عليه «لأنه برنامج جيد».
بينما ينتظر أن تنتهى الحكومة من برنامجها الاقتصادى خلال شهرين، كما أشار قنديل، إلا أنه كشف عن بعض الإصلاحات التى تضعها الحكومة على أولوياتها لجذب الاستثمارات، ومن أبرزها تسهيل دخول وخروج الاستثمار، ممازحا الجمهور الأمريكى: «لن تكون بيئة الاستثمار فى مصر مثل معاملة مؤجرى الجمال، حيث يكون صعود الجمل بخمسة جنيهات والنزول منه بخمسين جنيها، من زار الهرم يعرف ذلك».
كما تسعى الحكومة إلى تهيئة إصلاح بيئة العمل فى ظل تصاعد الاحتجاجات العمالية، «نتواصل مع اتحاد العمال ونعمل على إخراج قانون يوازن الحقوق والواجبات واتحاد يمثل العمال بحق»، أضاف قنديل.
وكان مساندة «الطبقة المتوسطة المطحونة» ضمن أبرز الأهداف التى أشار إليها فى خطابه، حيث أراد أن يظهر بمظهر المسئول الذى ينحدر من أصول بسيطة وكان «يركب المواصلات العامة»، وأنه يتطلع إلى تأسيس نموذج اقتصادى يصل بثمار النمو الاقتصادى إلى الطبقات العريضة.
اتفاقية التجارة المصرية الأمريكية التىحُرم منها مبارك
على الرغم من أن المفاوضات التمهيدية بين مصر والولاياتالمتحدة للتوصل لاتفاقية تجارة حرة بينهما قد بدأت مع بداية الألفية الجديدة، فإنها لم تصل لشىء، نتيجة لربط الولاياتالمتحدة لتلك الاتفاقية بإحراز تقدم فى ملف الحريات السياسية، وهو غير موقف نظام الرئيس السابق من تلك الاتفاقية، من الإشادة بها فى البداية باعتبارها فرصة كبرى أمام الاقتصاد المصرى، إلى التصريح بأن مصر لا تحتاجها، بحسب آخر تصريحات لوزير التجارة والصناعة، رشيد محمد رشيد، لأنها اتفاقية تجارية لكن الولاياتالمتحدة تربطها بالسياسة.
وقد ناقشت الولاياتالمتحدة مع حكومة الرئيس السابق حسنى مبارك لعدة سنوات مسألة التفاوض حول اتفاقية للتجارة الحرة، لإزالة الحواجز التجارية أمام كلا الطرفين على أن تقوم مصر بإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال فى قطاع الخدمات المالية وحماية حقوق الملكية الفكرية ومجالات أخرى. وقد وقعت الولاياتالمتحدة مع الأردن خلال نفس الفترة اتفاقية مماثلة.
وربط بعض المحللين بين قضية سجن أيمن نور، المرشح الرئاسى السابق أمام حسنى مبارك فى انتخابات الرئاسة عام 2005، وبين الخلاف بين الجانبين المصرى والأمريكى فيما يتعلق باتفاقية التجارة الحرة، بينما أكدت الحكومة المصرية فى ذلك الوقت أن الأمر لا يتعلق بنور وإنما المشكلة أن الحكومة الأمريكية أكدت فى مراجعتها للاتفاقية ضرورة الربط بينها وبين تطور الإصلاح السياسى فى مصر، وهو ما رفضه الجانب المصرى على اعتبار أن هذا تدخل صريح فى الموقف السياسى المصرى.