أمضى القيادى الجهادى، ياسر السرى، 24 عاما مهاجرا متنقلا بين دول مختلفة قبل أن يستقر، فى نهاية المطاف، فى لندن، حيث أمضى فيها 15 عاما، كان حلم العودة للوطن يراوده خلالها، لتنفرج أزمته عقب الثورة بعد الإفراج عن المسجونين السياسيين من عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ثم تنفرج الأزمة أكثر عقب تولى الرئيس محمد مرسى مقاليد الحكم.
صدر بحق السرى ثلاثة أحكام غيابية فى محاكمات عسكرية، منها الإعدام، فى قضية محاولة اغتيال عاطف صدقى، والسجن 15 عاما مع الأشغال الشاقة، فى قضية الاتصال بين الجهاد والإخوان، ثم السجن المؤبد مع الأشغال الشاقة فى قضية «العائدون من ألبانيا».
فى حواره مع «الشروق»، لم يتوقع السرى نشوب خلافات أو صراعات بين التيارات الإسلامية الصادقة، على حد تعبيره، فيما يخص تطبيق الشريعة الإسلامية، كما نفى احتمالية وجود اتصالات بين التنظيمات «التكفيرية» فى سيناء وتنظيم القاعدة، مشددا على عدم وجود أى صلة بين الحادث ومن خرج من أبناء التيار الإسلامى مؤخرا من السجون.
وذهب السرى إلى أن الحادث يتقاطع مع الأجندة الصهيوينة ويخدم أهدافها، كما أنه يهدف إلى إحراج الرئيس مرسى وحكومته الجديدة، والدفع به لإصدار قرارات متسرعة، لكنه اعتبر أن الحادث، فى الوقت نفسه، فرصة تاريخية لتغيير نمط اللعب مع إسرائيل وبسط السيطرة المصرية على سيناء كاملة.
فى سياق آخر، اتهم القيادى الجهادى الإعلام المصرى بممارسة «الدعارة الفكرية»، كما حذر التيار الإسلامى من أى قرارات وممارسات خاطئة تلحق الأذى بهم ليس فى مصر فقط بل فى العالم، مؤكدا أن مشعل فتيل ثورات الربيع العربى كان التيارات الإسلامية التى قاومت الأنظمة الحاكمة منذ زمن بعيد وامتلأت المعتقلات بهم، وشدد على ضرورة ألا ينسى منتسبو التيارات الإسلامية أنهم دعويون وإصلاحيون وأنه يجب عليهم ألا ينشغلوا بالعمل السياسى على حساب الدعوى.
وهذا نص الحوار:
● هل تتوقع أن تشهد الفترة المقبلة صراعات بين التيارات الإسلامية عموما، وبين الإخوان والسلفيين على وجه الخصوص؟ لا أعتقد أن التيارات الإسلامية الصادقة قد تدخل فى صراعات خلال المرحلة المقبلة، لأن الأمر مسئولية، والجميع فى مركب واحد، ولا بد للجميع أن يساعد الدكتور مرسى حتى وإن اختلفنا معه، من أجل تمكينه حتى يستطيع الحصول على كل الصلاحيات كاملة، ويجب تجنب إقصاء بعضنا البعض.
● بعد خروج المنتسبين للتيار الجهادى من السجون، كيف ترى مستقبل هذا التيار فى ظل حكم مرسى؟ نظام الرئيس المخلوع مبارك دمر ضحاياه من السجناء السياسيين كما دمر مصر، والكثير من هؤلاء يحتاج إعادة تأهيل وترتيب للأولويات أولا، ولا أشك أنهم يريدون الخير لمصر، ويجب ألا ننسى أنهم كانوا أول من عارضوا مبارك ونظامه وقاموا بالثورة.
● لكن هل تتوقع عودة العمل الجهادى بأى شكل من الأشكال؟ بعض وسائل الإعلام المصرى تمارس ما أسميه «الدعارة الفكرية» ومحاربة كل ما هو إسلامى، ولا أعتقد أن تحدث مشكلات بين التيارات الإسلامية بخصوص تطبيق الشريعة الإسلامية لأنه يخضع للحوار ما دام هناك حرية تعبير، ولا أعتقد أن أى مسلم يرفض تطبيق الشريعة، ولا العقلاء من النصارى لأن الشريعة الإسلامية تضمن حقوقهم..
● هناك تخوف من تطبيق الشريعة الإسلامية من قبل الأقباط وبعض المسلمين؟ أعتقد أن هناك اتفاقا على صيغة الشريعة الإسلامية بدون كلمة مبادئ، والشعب يريد تطبيق الشريعة التى أنزلها الله، ولعل ما قاله الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمى والدراسات العليا اللاهوتية وممثل الأقباط الأرثوذكس مثال على عدم تخوف الأقباط، عندما أعلن أن «تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية فى مصر أمر لا شك فيه ولا اعتراض عليه، فالشرائع السماوية نور وهداية للبشر، ونحن نؤمن أن الدين لم يعط للناس إلا ليكون عونا لهم».
● ما تفسيرك لصعود التيار الإسلامى على اختلاف توجهاته عقب ثورات الربيع العربى؟ وهل له مدلول معين؟ التيار الإسلامى هو أول من قام بإشعال وبدء هذه الثورات برفضه ومقاومته هذه الأنظمة منذ زمن بعيد، وهو أيضا من رجح ميزان القوى، وتعرضنا لكل الضغوط تحت وطأة التغريب والتعذيب، ومحاولة إقصاء التيار الإسلامى لم ولن تنجح، والتيار الإسلامى أثبت أنه موجود ومتجذر فى المجتمعات العربية، والتيار الإسلامى أول من عارض وثار على مبارك ونظامه لذا فتحت السجون والمعتقلات وامتلأت بهم لا بغيرهم.
كان للتيار الإسلامى دور فعال قبل الثورة وأثناء الثورة ولا يمكن المزايدة ولا ينبغى أن يقوم أى فصيل بإقصاء التيار الإسلامى، وقد يكون ذكاء قيادات التيار الإسلامى وإدراكهم لحساسية اللحظة الثورية وحساباتها فى ظل إرث التربص السلطوى والرفض الغربى لللإسلام مما قد يزيد من احتمالات وأد الثورات العربية وإجهاضها فى مهدها، كما حدث فى الجزائر أوائل التسعينيات.
● تم الإفراج عن غالبية أبناء الجماعة الإسلامية فى حين لم يتم الإفراج عن أبناء جماعة الجهاد، ما رأيك فى هذا الأمر؟ عدم الإفراج عن البقية داخل السجون أمر غريب ولم يكن متوقعا أن يحدث خاصة بعد إعلان مرسى تعهده على الملأ بإغلاق هذا الملف، ويبدو أن هذه الملفات ستظل عالقة، حيث أن اللجنة الأمنية التى شكلها مرسى يشوبها العوار وأصبحت الملفات فى أيد غير أمينة حيث إن الأجهزة التى شاركت فى ظلم هؤلاء هم رجالات نظام المخلوع، وشاركوا فى تلفيق التهم للإسلاميين، وهذا ما قاله مستشار الرئيس القانونى لمرسى.
● ماذا تقول للرئيس مرسى فيما يخص باقى المعتقلين؟ أهمس فى إذن الرئيس مرسى: إنها أمانة فاتق الله ولا تفرط فيها، فكيف يتم التمييز بين اثنين متهمين فى قضية واحدة وحصلا على نفس الحكم وقضيا نفس المدة ويتم الإفراج عن أحدهما ويترك الآخر فى السجن دون مبرر واضح إلا لأن الأخير ليست له علاقة جيدة مع الأمن القومى؟
● كيف تتم معاملتك فى لندن على الرغم من انتمائك لتنظيم جهادى يطلقون عليه «إرهابى» ويلاحقون كل من له علاقة بأى من تلك التنظيمات؟ الغرب يكيل بمكيالين خاصة فيما يتعلق بالقضايا العربية والإسلامية وخاصة قضية فلسطين وقضايا حقوق الإنسان، والحكومة البريطانية حولت المملكة المتحدة من بلد عريق فى مجال حقوق الإنسان إلى مقبرة لحقوق الإنسان، ومعاملة السلطات البريطانية معاملة سيئة، لكنى لم أتقدم بشكوى حتى لا يشمت المخلوع مبارك ونظامه.
● هل حصلت على حق اللجوء السياسى؟ حتى اليوم لم أحصل على حق اللجوء السياسى وتعتبرنى الحكومة البريطانية بناء على ضغوط أمريكية من الخطرين على الأمن والسلم الدوليين وبناء على ذلك لم يتم منحى حق اللجوء، ويجب التفريق بين أنى مقيم فى بريطانيا كحق يقره القانون وبين ترحيب من الحكومة، فالحكومة البريطانية غير سعيدة بهذه الإقامة وتود التخلص منى فى أقرب وقت.
● كيف كانت بدايتك مع تنظيم الجهاد؟ تربيت على يد شيخ الثوار، الوالد حافظ سلامة، قائد المقاومة الشعبية فى السويس، ولم أقم بمبايعة أى تنظيم محلى أو دولى، واعتقلت أول مرة فى سبتمبر 1981، ولم أكن تابعا لأى جماعة أو تنظيم.
● ما موقفك من مراجعات تنظيم الجهاد التى قام بها الشيخ فضل داخل السجن؟ أى جماعة أو تنظيم أو أى مجموعة لا بأس أن تقوم بين الحين والآخر بمراجعة نفسها وخط سيرها وهل هى على الصواب أم لا، وهذا شىء ممدوح، أما إذا كانت تراجعات فهذا شىء مذموم.
● هل تعتقد أن العمل الجهادى اختفى؟ أم اندثر حاليا؟ وهل يمكن العودة له؟ الجهاد كجهاد قائم إلى يوم القيامة، وبعد الثورة يجب التركيز والعمل على نشر تعاليم الإسلام السمحة، وأكرر انتهت مبررات وجود التنظيمات السرية فى مصر، وعلى كل مصرى القيام بواجب الجهاد التنموى والجهاد الدعوى بالحكمة والموعظة الحسنة، الوقت الراهن مصر تحتاج إلى سواعد أبنائها من أجل التعمير والتنمية، ولا تحتاج إلى المعونة الأمريكية أو المساعدات الدولية التى تمس السيادة.
● ما تقييمك لأداء المجلس العسكرى منذ استلامه زمام الأمور؟ بداية المجلس العسكرى لم يقف مواقف قوية مع الثورة ولم يؤيدها وإنما أراد احتواء الثورة والقفز عليها، واستخدم جميع الطرق لتحقيق أهدافه لا أهداف الثورة، ولا بد من توحيد الصف حتى يستطيع التيار مواجهة كل المؤامرات والتربصات ليبقى الحق والإسلام فى النهاية، يجب ألا ينسى التيار الإسلامى أنهم جماعة إصلاح ودعوة، فيجب ألا يشغلهم العمل السياسى عن العمل الدعوى.
ويجب على جميع الفصائل الإسلامية التحرك بحكمة وحنكة لأن أى قرارات أو ممارسات خاطئة فى هذه التجربة سوف تلحق الأذى بجميع التيارات الإسلامية ليس فى مصر فقط وإنما فى العالم كله، وأى فشل ستستثمره الأطراف المعادية للإسلام.
● هناك بوادر خلافات تظهر بين الحين والآخر بين الإخوان والسلفيين، تأخذ شكل العتاب أو التراشق الإعلامى.. فكيف ترى ذلك؟ أعتقد الإعلام يضخم الأمور، ولا ينبغى أن تكون هناك معارك فالكل يعمل من أجل الله، وأى خلافات يسهل حلها، ولا حرج أن يكون بين الإخوة عتاب ونصح بين الحين والآخر مع توافر أدب الخلاف وعدم إقصاء الآخر، وأى تيار أو فصيل أو جماعة أو مجتمع أو حزب يمكن أن نجد فيه الصالح والطالح وأصحاب المصالح ومن يخاف الله.
● طلبت مصر من السلطات البريطانية تسليمك لأنه محكوم عليك، فكم مرة حدث ذلك؟ حتى عام 97 طلب النظام المصرى السابق تسليمى سبع مرات، وفى كل مرة تطلب السلطات البريطانية أدلة على الاتهامات ويعطونهم مهلة فتنتهى المهلة دون رد فيتم الرفض، وحاول مبارك مع الفاسد المرتشى بلير الذى استضافه مبارك فى شرم الشيخ، ووعد بلير مبارك عام 2002 لكن بعد أن عاد للندن ناقش النائب العام ومستشاره فأبلغاه عدم إمكانية التسليم دون أمر قضائى فأحس بالإهانة، وفى بريطانيا لا يستطيع رئيس الوزراء انتهاك القانون.
الحكومة البريطانية خاصة بعد أحداث سبتمبر قامت بانتهاكات متكررة وممنهجة ضد الإسلاميين والعرب وقامت بتغيير وتعديل القوانين وقامت باعتقالات تعسفية وسنت قوانين تتعارض مع أبسط قواعد حقوق الإنسان، لكن لا أحد يستطيع انتهاك القانون.
● وهل طلبت أمريكا تسليمك؟ لجأ النظام السابق إلى أمريكا للضغط على بريطانيا بعد فشلهم فى تسلمى من بريطانيا، ثم تطور الأمر بأن تقدمت أمريكا بطلب تسليمى لها ورفض القضاء البريطانى تسليمى لأمريكا، وتم اعتقالى بعد أحداث سبتمبر 2011 وحاول الادعاء البريطانى فبركة وتلفيق الأدلة ضدى، وتم هذا رضوخا للضغوط الأمريكية، وليس لوجود مشكلة معى فى الأراضى البريطانية، خصوصا بعد تأسيس المرصد الإعلامى الإسلامى بعد بداية الهجمة الشرسة على المسلمين فى أفغانستان.
● لماذا ترفض السلطات المصرية عودة الجهاديين من مختلف البقاع؟ حتى أنت تعيش فى بريطانيا. أعيش فى بريطانيا لأن الوعد بإغلاق ملفى لم يتمه الرئيس مرسى، فالثورة لم تكتمل بعد، وبقايا النظام القديم ما زال فى الحكم، فالأمن الوطنى هو نفسه جهاز أمن الدولة القديم.
● هل تعتقد بوجود رابط بين صعود تيارات إسلامية عقب ثورات الربيع العربى وما أطلقت عليه الولاياتالمتحدة « الإسلام المعتدل»؟ لا أعتقد، فى حقيقة الأمر لم يكن هناك أى اعتبار أو فرصة أو اهتمام بأى جماعات إسلامية تمارس العمل الدعوى أو الاجتماعى، إلا نشاط الجماعات الإسلامية التى قاومت هذه الأنظمة، فمثلا بن لادن قام بتعرية الوجه الحقيقى لأمريكا وكشف القناع، للجميع أن يتساءل مثلا لو لم تسقط القاعدة هيبة أمريكا هل كانت لتسقط هيبة الأنظمة القمعية فى تونس ومصر؟
● ما الأخطاء التى وقع فيها تنظيم القاعدة؟ وماذا عن مستقبله؟ ركز التنظيم فى فترة على ما يسمى محاربة العدو البعيد، وترك رئوس الطائفة الممتنعة من الحكام، فتحرير القدس لن يتأتى إلا بتحرير البلدان التى يحكمها حكام عملاء، وأعتقد أن قيادات القاعدة ثمنت وباركت الثورات فى مصر واليمن، ولولا وقوف القاعدة أمام الغطرسة الأمريكية ما تم الإفساح للجماعات الإسلامية الأخرى للتحرك، الأمر الذى جعل أمريكا تفكر فى الحريات والديمقراطيات والتيارات الإسلامية الأقل تشددا من وجهة النظر الأمريكية، وهذه الثورات تسعى إلى إسقاط الأنظمة الفاسدة العميلة وهو نفس هدف القاعدة.
● إلى أى حد قد تسمح أمريكا والقوى الغربية بنظام ديقراطى حقيقى فى مصر والدول العربية والإسلامية؟ أمريكا تستخدم شعار الديمقراطية باعتباره سلاحا ذا حدين، فهو يشكل تهديدا لسلطة الأنظمة العربية وبالتالى يدفع هذه الأنظمة إلى التنازل عن كل شىء مقابل أحقيتها فى السلطة، ولا يهم أمريكا إلا مصالحها سواء أنظمة ديمقراطية أو ديكتاتورية، أمريكا لا تعمل إلا لإعادة توزيع وتقسيم العالم ونيل نصيب الأسد فيه فى مواجهة القوى الاقتصادية الكبرى فى العالم، ومنع أى تهديد لمصالحها الاستراتيجية فضلا عن ضمان أمن الكيان الصهيونى، وهى تناصب العداء لأى طرف سياسى فى العالم لديه مشروع مستقل عن السياسة الأمريكية.
● وما الواجب على التيار الإسلامى لإثبات جدارته بالبقاء فى السلطة؟ إقامة العدل وتحقيق أهداف ثورة والسعى من أجل توفير سبل العيش الكريم للشعب، والعمل على انتقال حقيقى للسلطة من المجلس العسكرى إلى السلطة المدنية المنتخبة بشقيها البرلمان ورئيس الجمهورية، وإعداد دستور جديد للبلاد يضمن العدل والمساواة، ويضمن خضوع كل مؤسسات الدولة إلى السلطة المنتخبة بما فى ذلك الجيش والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، كما أن عليهم أن يثقوا فى أنفسهم وفى الشعب الذى اختارهم ولا يسمحوا لأحد بأن يبتزهم أو يرهبهم، لأن الشعب الذى اختارهم لن يقبل منهم أى أعذار، ولن يستمع إليها من الأساس وسينفض الناس من حولهم ولن يثقوا فيهم.
● من وجهة نظرك، ما الأخطاء التى وقعت فيها التيارات الإسلامية بعد الصعود لسدة الحكم؟ الأخطاء متنوعة منها استمرار الخلافات وعدم وحدة الصف بين التيارات الإسلامية، فالتيار الإسلامى انتفض ويفترض أن ينطلق للأمام، وأحذر من مسألة الوقوع تحت هيمنة الأجهزة الأمنية، والحذر من اللقاءات السرية، ومن اللقاءات المنفردة بعيدا عن بقية مكونات التيار الإسلامى.. فلماذا لا تكون هذه الحوارات علنية ما دامت لمصلحة الشعب؟
وهناك من يقوم بالتنسيق مع الأمن الوطنى والفلول ومن الأخطاء الساذجة عدم العمل على تفكيك مراكز القوى فى نظام المخلوع مبارك وعدم تفكيك هذه المراكز المتغلغلة فى الدولة العميقة، ومن الأخطاء الإسراع بإنهاء الحالة الثورية فى مصر بتبنى فكرة إخلاء الميادين من الثوار والمحتجين بحجة تهدئة البلاد وتحقيق الاستقرار وبناء مؤسسات الحكم، وكلها أهداف مشروعة، لكن الذى غفل عنه أن استمرار الحالة الثورية كان أمرا حاسما مع المجلس العسكرى.
● كيف تنظر إلى حادث سيناء؟ مصر تعيش فرصة تاريخية فى قدرتها على تغيير قواعد اللعب مع إسرائيل لذلك على القيادة المصرية والجيش المصرى مسئولية تغيير نمط سيادته على سيناء وأراضيه الحدودية مع الكيان الصهيونى، والأهم هو النظرة المتكاملة للمسئوليات الملقاة على مصر فى بعدها القومى.
وفى مؤشر بسيط للوضع الأمنى فى سيناء يكفى الرجوع إلى تقارير الأمن الصهيونى قبل عامين عن حجم التشكيلات الإجرامية التى تقوم بعمليات تهريب البشر والمخدرات.
● أصابع الاتهام دائما تذهب للتيار الجهادى خصوصا بعد خروج عدد من أبناء هذا التيار من السجون عقب الثورة؟ الحادث يتقاطع مع الأجندة الصهيونية، ولا يخدم سوى العدو الصهيونى، ومن خرجوا من السجون لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بهذا الموضوع، وإذا ثبت أنها مجموعة إسلامية خارجة عن جادة الصواب فلا ينبغى إلصاق التهمة بالجميع، ويجب الضرب بيد من حديد فى وجه من يعبث باستقرار مصر، وسبق أن أكد جهاز المخابرات المصرى براءة عموم التيار الإسلامى السيناوى من مثل هذه الأعمال. كما أن هناك عبث صهيونى فى منطقة سيناء من خلال تواجد شبكات تجسس تعمل على الأرض تقوم بوظيفة الاختراق والمتابعة لكل نشاط فى المنطقة وصولا للتجسس على مصر.
● لو صح وجود تنظيمات «تكفيرية» تنتمى إلى السلفية الجهادية فكيف يمكن التعامل معها؟ لا علاقة بين التنظيمات التكفيرية والسلفية الجهادية، المجموعات التكفيرية صغيرة وغير منتشرة وإنما خلايا صغيرة ويسهل على الإسلاميين التعامل معهم سواء بالنصح والمناظرة، والحلول الأمنية ثبت فشلها فى التعامل مع هذه المجموعات فلا بد من الحوار معها، والمناظرة تسهل دحض تلك الأفكار، فنحاور المتعلم أما الجاهل فليس من أهل المناظرة.
● إلى أى حد تقع مسئولية الحادث على عاتق السلطات الأمنية والجيش فى مواجهة هذه المخاطر فى سيناء؟ بالتأكيد الأجهزة الأمنية مسئولة مسئولية كاملة وتتحمل نتيجة ممارساتها الخاطئة طوال حكم المخلوع مبارك، ويجب أن تلتزم الأجهزة الأمنية عدم التجاوز مع أهلنا فى سيناء والاهتمام بأحوالهم وعدم تهميشهم، ومن الواضح أن اتساع رقعة المواجهات فى سيناء أثناء حكم المخلوع مبارك إنما يرجع للتجاوزات الأمنية والاعتقالات العشوائية والممارسات غير الإنسانية التى تعرض لها أهلنا فى سيناء.
● كيف أثر هذا الحادث على صورة التيار الإسلامى؟ هذه العملية تهدف بالأساس لإحراج للرئيس محمد مرسى وحكومته الجديدة بحادثة وفاجعة بهذا الحجم، ومحاولة توريطه فى قرارات سياسية متسرعة كردة فعل، والزج باسم غزة وحكومتها لتحجيم العلاقات بين الجانبين، واستغلال المجلس العسكرى للحادثة بتوسيع نفوذه وبسط سلطاته بصورة أكبر بحجة تحجيم انفتاح الإخوان على غزة وحكومتها وهو ما يعود بالضرر على أمن مصر وسلامتها.
● احتمالية التواصل بين مثل تلك التنظيمات وتنظيم القاعدة؟ لا أعتقد فالفكر مختلف والجماعة التكفيرية تكفر الجميع، على سبيل المثال جماعة التكفير فى السودان عام 1994 هجموا على مسجد أثناء صلاة الجمعة بأم درمان، وأيضا هجموا على المنزل الذى يقيم فيه بن لادن لمحاولة اغتياله، وهذا دليل على أن أصحاب الفكر التكفيرى المنحرف لا يوجد نقاط التقاء بينهم وبين الجماعات الإسلامية الأخرى.