الأمن يضبط عدة أشخاص بمحافظات مصر لتوزيع أموال وبطاقات على الناخبين خلال الانتخابات    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    وفقا لآخر تحديث لسعر الذهب اليوم.. عيار 24 ب6594 جنيها    وزيرة التنمية المحلية تتفقد مصنع المعالجة الميكانيكية والبيولوجية والمدفن الصحي للمخلفات بقوص    رئيس الوزراء: منصة مصر العقارية تيسر تملك العقار للمصريين بالخارج والأجانب    مساع سعودية وفرنسية وأمريكية لدفع خطة نزع سلاح حزب الله    هيئة البث: نتنياهو يترأس فريقا وزاريا لتحديد اختصاصات لجنة التحقيق فى 7 أكتوبر    تعادل سلبي بالشوط الأول بين السعودية والإمارات في تحديد المركز الثالث بكأس العرب 2025    توروب يشرح خطة الأهلي لعبور سيراميكا في كأس عاصمة مصر    خروج جثمان نيفين مندور من مشرحة الإسكندرية لدفنها بمقابر العائلة.. فيديو    الداخلية تضبط شخصين يوزعان أموالا بمحيط لجان أجا بالدقهلية    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    ضبط 5 قضايا تهريب و3699 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    القس أندريه زكي يهنئ بطريرك الأقباط الكاثوليك بعيد الميلاد المجيد    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    الوطنية للانتخابات للمواطنين: شارك ..صوتك مهم يصنع فرق فى القرار    بمنتصف التعاملات.. البورصة تواصل ارتفاعها مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    توافد الناخبين منذ الساعات الأولى للتصويت بدائرة كفر شكر القليوبية    ضبط سيارة زيت طعام غير صالح وفول مصاب بالسوس بساقلته قبل توزيعها على المطاعم    أمواج 2.5 متر.. الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    أمين مجمع اللغة العربية: العربية قضية أمة وهويتها ولغة الوعي القومي العربي    "الست" خارج الصورة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    مدافع بتروجت يدخل ضمن اهتمامات الزمالك لتعويض رحيل مصدق    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    زوج يعتدي بالضرب علي زوجته بالفيوم    البرد القارس يودي بحياة رضيع في غزة ويرفع عدد الضحايا إلى 13    مع تراجع التضخم محليا.. محللون يرجحون خفض الفائدة 1% في آخر اجتماعات العام    سد النهضة وتسوية الأزمة السودانية تتصدران قمة السيسي والبرهان اليوم بالقاهرة    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    الكوكي يشيد بإمكانيات المصري ويكشف سبب قبوله تدريب الفريق    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: انطلاق اليوم الحاسم لجولة الإعادة وسط تصويت محسوب واستقرار أمني    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    السعودية.. تعليق الدراسة حضوريا في الرياض بسبب سوء الطقس وتساقط الثلوج    بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي انقسم إلى معسكرين بسبب الخلاف حول مصادرة الأصول الروسية    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    راشد الماجد يشعل حفله في مصر ويهدي أغنية ل ملك السعودية: "عاش سلمان" (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    الإعادة تشعل المنافسة.. مجلس النواب 2025 على صفيح ساخن    «صوت هند رجب وفلسطين 36» ضمن القائمة القصيرة للأوسكار ال 98    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لم يصدر قانون الحريات النقابية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 05 - 2012

عندما كان هناك قناعة أن ما يحدث فى مصر هو ثورة حقيقية، خرج للنور مشروع قانون الحريات النقابية فى أثناء تولى الدكتور أحمد البرعى وزارة القوى العاملة وهو من الشخصيات التى امنت ودافعت عن فكرة حرية التنظيم النقابى على مدار تاريخها. والحقيقة انه عندما خرج هذا المشروع للنور كانت قناعتى انه تغريد خارج السرب، وأن كل ما يحدث فى مصر منذ استفتاء 19 مارس من العام الماضى يشير إلى أن القائمين على الحكم سواء المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو السلطة التنفيذية أو التشريعية فيما بعد ليسوا مقتنعين بمثل هذه التحولات الديمقراطية سواء عبرت عن نفسها فى إصدار قانون الحريات النقابية أو تحرير العمل الاهلى أو غيره، ولكنهم يسعون إلى انتاج نفس النظام التسلطى القديم، وإن كان بلباس جديد. وأن مثل هذا القانون لن يصدر بأى حال من الأحوال. وبالفعل ذهب مشروع القانون ليسكن لدى المجلس العسكرى شهورا طويلة، وبعد تشكيل البرلمان رحل إلى هناك حتى يموت. فليس متوقعا من نظام سياسى يقوم على تحالف قوى اليمين المحافظ من العسكريين والاسلاميين أن يصدر مثل هذا القانون.

●●●

وعلى الرغم من تشاؤمى، سأعود إلى مشروع قانون الحريات النقابية مرة أخرى، فقد كان هذا المشروع هو التجلى الوحيد على أن عقولنا تغيرت وإننا على استعداد للسير فى طريق التحول الديمقراطى وذلك لسببين رئيسيين: الأول يتعلق بمضمونه والثانى يتصل بمنهجية أو طريقة صياغته. فعن المضمون، فإن هذا المشروع

ينطلق من معايير العمل الأساسية التى تنص عليها الاتفاقيات الدولية التى صدقت عليها الحكومة المصرية وبالتحديد اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم رقم 87 لسنة 1948 والتى تنص على حق العمال فى تكوين منظماتهم النقابية بدون تفرقة وبدون ترخيص مسبق وحظر حلها بالطرق الإدارية. وقد اخضع مشروع القانون اتحادات رجال الأعمال ونقابات العمال لنفس القانون، كما كفل عددا من الحريات مثل إطلاق حق العمال وأصحاب الأعمال فى تكوين النقابات والاتحادات والانضمام إليها والانسحاب منها دون موافقة أو إذن مسبق ولكن بالإخطار، وحقهم فى وضع لوائحهم ونظمهم الأساسية. وأعاد الاعتبار والاختصاص للنقابات القاعدية فى المنشآت، ووسع من الفئات التى لها الحق فى تكوين نقاباتهم لتضم العاملين المدنيين فى الشرطة والإنتاج الحربى وعمال الخدمة المنزلية والعاملين فى المهن الحرة، وأعاد الاختصاص فى الإدارة الكاملة للنقابة لهيئاتها الممثلة وجمعياتها العمومية. وحظر على أصحاب العمل أو ممثليهم اتخاذ اى إجراءات من شأنها تعطيل نشاط النقابات.

السبب الثانى يتعلق بطريقة صياغة مشروع الحريات النقابية والتى كفلت مشاركة عمالية ونقابية واسعة النطاق فيه، ولأول مرة فى تاريخ مصر الحديث لا تصنع مسودات القوانين فى الغرف المغلقة أو الكهوف السوداء، ولكن تتم عبر مشاركة حقيقية من اصحاب المصلحة وليست مشاركة شكلية، اسفرت عن عديد من التغييرات فى مسودة القانون، وأدت إلى بناء توافق عمالى واسع حوله. وقد شاركت كل الاطراف فى مناقشة المشروع سواء كان الاتحاد العام لنقابات عمال مصر او النقابات والاتحادات المستقلة وأيضا قطاعات واسعة من القواعد العمالية.

●●●

والسؤال المطروح الآن ماذا كان سيحدث لو تم اصدار قانون الحريات النقابية؟ إن اصدار مثل هذا القانون سيؤدى إلى تحقيق نتيجتين غاية الاهمية ليس للعمال فقط ولكن لكل المجتمع المصرى. النتيجة الاولى انه كان سيحد من تصاعد الاحتجاجات العمالية الفئوية والتى يشكو منها الجميع ويشير إلى اثرها السلبى على الاقتصاد والاستثمار وغيره. والحقيقة ان هذه الظاهرة ليست جديدة ولكنها تعود إلى عام 2005 هذا العام الذى شهد تصاعد الحركة الاحتجاجية العمالية المصرية على نطاق واسع والتى توجت فى عام 2008 بنشأة اول نقابة مستقلة. فقد كان احد الاسباب الرئيسية لتصاعد الحركة الاحتجاجية عدم وجود تنظيم نقابى حقيقى قادر على القيام بدوره الطبيعى فى الدفاع عن مصالح العمال من خلال التعبير عن مطالبهم والتفاوض سواء مع الحكومة أو اصحاب الاعمال حول هذه المطالب. فوجود مثل هذا التنظيم النقابى المستقل وقيامه بدوره كان كفيلا بالحد من موجات الاحتجاج العمالية، فالعمال يلجأون للاحتجاج لأن كل السبل الأخرى غير موجودة. وربما مهما الاشارة إلى حالة لها دلالة فى هذا الشأن، ففى أثناء الازمة المالية العالمية واجهت احدى كبرى شركات انتاج الاطارات على مستوى العالم مشكلة مالية، وكان الحل الوحيد لدى ادارة الشركة هو تخفيض العمالة بنسبة معينة، وعندما استدعت التنظيمات النقابية للمناقشة فى هذه الأمر، كان الحل المطروح من النقابات هو تخفيض الأجر دون تخفيض العمالة، وبالتفاوض مع العمال تم اقناعهم بقبول هذ الحل. فالنقابات الحقيقية المعبرة عن مصالح العمال هى فى النهاية صمام أمان ايضا للدولة وللمجتمع ككل. أما النتيجة الثانية فهى تحسين سجل مصر فى احترام التزاماتها الدولية. إن عدم إصدار مثل هذا القانون يضع مصر فى وضع دولى خطير وحرج، فمنظمة العمل الدولية طالما وجهت إلى الحكومة المصرية انتقادات حادة بسبب سجلها فى انتهاك الحريات النقابية، وان استمرار مثل هذا الامر سيقود إلى وضع مصر فى القائمة السوداء للدول التى تنتهك الحريات النقابية، وان هذا سيكون له آثار غاية الخطورة على وضع مصر الاقتصادى، فتدفق الاستثمارات الاجنبية إلى كثير من دول الجنوب اصبح من شروطه احترام الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية منظمة العمل الدولية 87 لسنة 1948 الخاصة بالحريات النقابية والتى وقعت مصر عليها. خلاصة الامر أن اصدار قانون الحريات النقابية لا تقتصر فائدته على الطبقة العاملة فحسب ولكنها تمتد للاقتصاد والتنمية فى مصر ككل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.