مصر تلغي رحلاتها الجوية مع 4 دول في المنطقة    صافرات الإنذار تدوى فى أنحاء إسرائيل وسط وابل من الصواريخ الباليستية الإيرانية    خيارات إيران للرد على الضربات الإسرائيلية    إعلام إسرائيلي: اندلاع حريق قرب مقر وزارة الدفاع في تل أبيب    إسرائيل تعلن بدء الهجوم الإيراني وتحذر مواطنيها    ميسي يتطلع لقيادة إنتر ميامي لتحقيق إنجاز مونديالي    السيطرة على حريق محدود بمحطة تقوية الإذاعة في بطرة دون خسائر بشرية    من العراق.. إلهام شاهين: ننتظر فتح المجال الجوي للعودة إلى مصر    وزارة الصحة: نجاح فريق طبى بمستشفى الخانكة في إجراء جراحة نادرة لطفلة رضيعة    غرفة عمليات مركزية بالدقهلية للتعامل مع حريق بمنطقة خالية داخل مركز إرسال بطره    «لو طلبوا كنا هنوافق».. بيراميدز يكشف مفاجأة بشأن انتقال إبراهيم عادل إلى الأهلي    أول صور من حفل زفاف شقيقة الفنانة مايان السيد    مسؤول إسرائيلى: هجوم إيرانى وشيك على وسط إسرائيل    إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والمدارس في مصر رسميًا (الموعد والتفاصيل)    نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد امتحانات الفرقة الأولى بطب قصر العيني (صور)    الأحد.. قصور الثقافة تطلق برنامج مصر جميلة المجاني لاكتشاف المواهب بأسوان    منافس جديد لصلاح.. تفاصيل عقد فيرتز مع ليفربول    حقيقة تقرير أيمن الرمادي عن المستبعدين في الزمالك    تفاصيل مران الأهلي.. وفاة نجم المصري.. كابوس يقلق فيفا.. الزمالك يفاوض نجم الأردن| نشرة الرياضة ½ اليوم    رسالة ماجستير فى كينيا تناقش مفهوم الخطايا عند المسلمين والمسيحيين.. بعض الخطايا لا نتغاضى عن الاعتراف بها.. ويحب على الجميع مواجهتها    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب "فيديو"    مانشستر سيتي يخفض أسعار تذاكر مبارياته في الموسم الجديد    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا السبت 13-6-2025    "حلال فيك" ل تامر حسني تتخطي ال 7 مليون مشاهدة فى أقل من أسبوع    ميناء الإسكندرية يستقبل أولى رحلات "WAN HAI" وسفينة "MAERSK HONG KONG" في إنجاز مزدوج    يوفنتوس يجدد عقد مدربه إيجور تيودور حتى 2027    وداع قاسٍ من الربيع.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل ب القاهرة والمحافظات    للوقاية من ضربات الشمس..توزيع أكثر من 5 آلاف مظلة على الحجاج بالمدينة    وزيرة التخطيط تبحث مع سفير بريطانيا تنويع آليات التمويل للقطاع الخاص    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    هجوم إسرائيلي يستهدف "مطار مهرآباد" في طهران    4 أبراج تهتم بمظهرها.. هل أنت منهم؟    دموع على الكوشة انتهت بتعهد.. النيابة تُخلي سبيل والدي عروسين الشرقية    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    «على مدار اليوم».. جدول مواعيد رحلات قطارات المنيا- القاهرة اليوم الجمعة 13 يونيه 2025    بعد استهداف "نطنز" الإيرانية.. بيان عاجل لهيئة الرقابة النووية المصرية    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكيين بالمقصد المصري    القاصد يهنئ محافظة المنوفية بعيدها القومي    خاص| سلوى محمد علي: انفصال بشرى فاجأني وأنهت العلاقة بشياكة    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    وكيل تعليم شمال سيناء يعقد اجتماعًا موسعًا مع رؤساء لجان الثانوية العامة    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ضبط صاحب مخبز بالمحلة الكبرى استولى على 16 جوال دقيق مدعم وباعها بالسوق السوداء    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الجمعة 13-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إصلاح مؤسسات الدولة.. الداخلية نموذجًا
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 02 - 2012

كالعادة وبعد كل كارثة نعود للحديث عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية، ولتدقيق المفهوم فما يقصده من يتناولون هذا الموضوع هو إصلاح مؤسسة الداخلية. فإعادة الهيكلة هى ضلع من ثلاثة أضلاع أساسية لإصلاح أى مؤسسة، وإعادة الهيكلة وحدها دون الضلعين الآخرين لن تكون ذات جدوى، فهى فى واقع الأمر الضلع الثانى من عملية الإصلاح وليس الضلع الأول الذى هو التطهير والضلع الثالث والأخير هو إعادة التأهيل.

●●●

بعد أن ضاع من عمر مصر عام سماه البعض المرحلة الانتقالية وما هو فى الواقع إلا «مرحلة ما قبل انتقالية»، ومن الواضح أننا نحاول عبر الضغط الشعبى إنهاء هذه المرحلة لنبدأ مرحلة الانتقال الديمقراطى والتى ستقتضى بالضرورة وكخطوة أولى فى هذا المجال الإصلاح المؤسسى، ليس فقط فى وزارة الداخلية وإنما فى كل مؤسسات الدولة عبر تطهير يزيح القيادات القديمة المتورطة فى الفساد ليس المالى فحسب وإنما كذلك السياسى والأمنى، بحيث يطول قيادات الصف الأول والثانى والمتورطون مباشرة فى هذا الفساد، ممن هم فى مستوى أدنى مثل الضباط الصغار المتورطين فى قتل المتظاهرين. ثم إعادة الهيكلة بحيث يعاد بناء هياكل هذه المؤسسات بما يحقق ثلاثة أهداف أساسية: قدر من اللامركزية التى تتيح مزيد من التخصص، قدرة على الاستقلال عن السلطات ليس فقط التنفيذية وإنما كذلك التشريعية بما يضمن حياد أجهزة الدولة، وثالث الأهداف هو أن تسمح هذه الهياكل بشفافية كاملة تجعل من تداول المعلومات الخاصة بهذه المؤسسة مسألة متاحة سواء داخل هذه المؤسسات أو أمام المجتمع ككل. تجربة بعض دول أوروبا الشرقية فى هذا المجال وصلت إلى حد أن وزارات الداخلية أصبحت كلها مبان زجاجية بحيث يتمكن أى مار فى الطريق من رؤية ما يحدث داخل الوزارة. وثالث الأضلاع، إعادة التأهيل ويهتم ببعدين الأول المهنى ويختص برفع الكفاءة الخاصة بالعاملين داخل هذه الأجهزة، والثانى هو الثقافة الخاصة بهم ليس فقط تغيير الذهنية أو العقيدة فى حال المؤسسات الأمنية وإنما كذلك إقناعهم بأن عملية التغيير فى صالحهم أى ربط مصلحتهم بعملية الإصلاح وبمصالح المجتمع ككل.

لن نستطيع التقدم للأمام وبناء ديمقراطية وإعادة بناء مصر دون أن تكون هناك مؤسسات قادرة على حمل المشروع النهضوى الذى نطمح إليه والذى انبرت تيارات سياسية فى طرح رؤى له دون أن توضح من سيقوم بتنفيذه على أرض الواقع فأى مشروع نهضوى لن ينفذه على الأرض حزب أو جماعة وإنما مؤسسات فى الدولة بدونها ستضيع هذه الرؤى هباء مهما كانت قيمتها على المستوى الفكرى أو النظرى. وإذا كانت الوسيلة لذلك هى اختراق هذه المؤسسات من خلال هذه الجماعات أو الأحزاب فبالتأكيد ستتحول هذه المؤسسات إلى مؤسسات تابعة لهذه الجماعة على غرار ما كانت فى ظل الحزب الوطنى وهذه النوعية من المؤسسات لا يمكن أن تتمتع بالعناصر التى سبق ذكرها ضمن الأضلاع الثلاثة الخاصة بإصلاح المؤسسات والتى تعد حتمية لإنجاز أى تقدم حقيقى مثل اللامركزية والشفافية... إلخ. نعم هناك مؤسسات مثل الداخلية والإعلام والقضاء يجب البدء بها لكن كيف يمكن عمل نقلة فى الوضع الصحى أو التعليمى أو مستوى السكن فى مصر دون أن تكون هناك مؤسسات قادرة على القيام بهذه المهمة، كيف يمكننا التحدث عن سياسة خارجية جديدة لمصر تعبر عن مصالح الشعب وتطلعاته ولا تعمل لحساب النظام ومصالحه دون إصلاح لمؤسسة هامة مثل الخارجية المصرية.

●●●

فى ظل ثورة لا تحكم سيظل الأمل فى الإصلاح مرهونا بضغط شعبى، والشرعية الثورية التى يتحدث عنها الكثير دون أن يدركوا معناها، فمجتمعنا المدنى مازال يعمل فى معظمه بآلية رد الفعل، وبعضه الآخر يعمل على تقديم مبادرات ويرفع مطالب، فى الواقع لن يحدث مثل هذا سوى بإدراك معنى الشرعية الثورية، أى التحرك بمساندة الشارع لتحقيق مطالبه مما يضع النظام الحاكم أمام الواقع المر ويضعه أمام مسئوليته دون استجدائه. فالتطهير لن يحدث سوى بملاحقة قضائية للقيادات التى تحرض وتعمل ضد الثورة وأهدافها فكيف تصدر صحيفة قومية بمقال لكاتب يتهم الشعب المصرى أنه شعب يعشق الفوضى وأنه لا يمكن التعامل معه إلا بالعصا وأنه شعب سيئ الأدب، دون أن تلاحقه المؤسسات الحقوقية (راجع مقال شعب يعشق الفوضى جريدة الأهرام 4 فبراير2012). أما عن إعادة الهيكلة وإعادة التأهيل فبدون تحركات تخترق مؤسسات الدولة للوصول إلى الشرفاء داخلها للدفع نحو ذلك من داخل المؤسسات ذاتها، فلا يمكننا توقع أن تتم هذه الخطوة بمجرد نقد ومهاجمة هذه المؤسسات من خارجها، ففى أحداث محمد محمود خرج علينا بيان من أكثر من ثلث وزارة الخارجية المصرية وكان أطباء وزارة الصحة جنبا إلى جنب مع الثوار فى العيادات الميدانية فهل تم التواصل مع هؤلاء أو محاولة دعمهم داخل مؤسساتهم؟ لم يحدث بل استمرت نفس الطريقة القديمة التى تعتمد على اعتبار مؤسسات الدولة تابع لنظام الحكم واتخاذ موقف منها ككل. البديل الوحيد لذلك أن ننتظر إرادة سياسية تقوم بهذه المهمة، ولكن هذه الإرادة لا تلوح فى الأفق، فلا المجلس الذى يحكم تتفق مصالحه مع هذه العملية التى بالضرورة تقضى على عسكرة مؤسسات الدولة المختلفة، ولا مجلس الوزراء الذى يعمل بعقلية عام 2001 وقت مغادرة رئيسه لمنصبه للمرة الأولى والذى يرتبط بشبكة المصالح القائمة منذ ذلك الحين، فالرغبة والقدرة مفقودان لديهما، كما لا يوجد ضمان أن البرلمان الحالى أو الرئيس القادم ستتوافر لديه الإرادة السياسية لذلك. فالإصلاح المؤسسى لن يأتى إلا من خلال القوى الحية الراغبة فى إعادة بناء مصر الجديدة مستندة إلى الشرعية الثورية، وإلا سيكون علينا الاستمرار فى المرحلة ما قبل الانتقالية وتأجيل أى تحول ديمقراطى أو أى مشروع نهضوى سنوات أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.