اعتماد تمريض كفر الشيخ من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    رئيس هيئة الاستثمار ل«الشروق»: طلب قوي على الأراضي الصناعية والسياحية    حزب الله اللبناني يقول إن عدوان إسرائيل على بليدا تم بتواطؤ أمريكي    غارات إسرائيلية ومدفعية تستهدف مناطق شرق غزة ومخيمات النصيرات ودير البلح    نتنياهو يسعى لتشكيل لجنة تحقيق تعفيه من المسئولية عن إخفاق 7 أكتوبر    هاسلبانك: صلاح لم يعد «النجم الأوحد» في ليفربول    بتروجت: سنغيّر آلية انتقال حامد حمدان إلى الزمالك    ضبط صانعة محتوى نشرت فيديوهات رقص بصورة خادشة للحياء تتنافى مع القيم المجتمعية    وفاة مسجل خطر إثر تبادل إطلاق الأعيرة النارية مع قوات الأمن بقنا    وزير الاتصالات: افتتاح المتحف المصري الكبير يؤسس لوعيٍ جديد بين عبقرية الماضي ورؤية المستقبل    «ابن أمه ميتعاشرش».. 4 أبراج رجالهم لا يتخلون عن والدتهم رغم كبرهم    قافلة بين سينمائيات تطلق ورشة الفيلم التسجيلي الإبداعي 2026 لتأهيل جيل جديد من المخرجات    الطريق للسعادة.. 7 أطعمة هتعدل مزاجك مع تغيير الفصول والتوقيت الشتوي    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    مصر السلام: تطالب المرشحين بالالتزام بسقف الإنفاق على الدعاية    جيل بعد جيل على كرسى رئيس التحرير    عاجل- جهّز ساعتك.. طريقة ضبط الساعة مع بدء تطبيق التوقيت الشتوي في الهواتف الذكية (Android / iPhone)    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    إحالة سوزي الأردنية للمحاكمة في اتهامها بغسل 15 مليون جنيه حصيلة أرباحها من المحتوى الخادش    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    إقالة مديرة مدرسة في بنها بعد مشادة بين معلمين    أحمد موسى يتقدم ببلاغات للنائب العام ضد صفحات نشرت تصريحات مفبركة باسمه    أسعار طن الأرز الأبيض والشعير اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    شوبير يكشف تفاصيل مفاوضات الزمالك مع محمد السيد    شوبير يكشف آخر تطورات حالة إمام عاشور ومشاركته في السوبر المحلي    رئيس مجلس إدارة جهاز تنمية التجارة الداخلية الجديد يبدأ مهام عمله    محافظ شمال سيناء: الوفود الدولية ترى على أرض الواقع جهود مصر في تنفيذ اتفاقية السلام بدلاً من الاكتفاء بالمعلومات المكتوبة    بتكلفة 4 ملايين جنيه.. تشغيل وحدة الأورام الجديدة بمجمع الفيروز الطبي في طور سيناء    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    ضبط سلع غذائية فاسدة ودقيق مدعم قبل بيعه في السوق السوداء بأسيوط    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    هالة صدقي تحتفل باقتراب افتتاح المتحف المصري: افرحوا يا مصريين بهذا الإنجاز العالمي (فيديو)    وزيرة التضامن تشهد احتفالية الأب القدوة.. وتكرم شخصيات ملهمة    هل يتنافى تنظيم النسل أو تتعارض الدعوة إليه مع التوكل على الله وضمان الرزق للخلق؟    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اصطدام قائد تروسيكل بأحد الأشخاص بكفر الشيخ    مصر تستضيف الاجتماع الثاني للجنة رؤساء سلطات المنافسة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية    قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي اليوم الخميس 30 أكتوبر 2025    «صحح مفاهيمك».. أوقاف البحيرة تنظّم ندوات حول خطورة التنمر بالمدارس    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    محافظ سوهاج يوقف معدية غير مرخصة بالبلينا بعد تداول فيديو لطلاب يستخدمونها    «بالزي الفرعوني وأعلام مصر» .. مدارس الإسكندرية تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير في طابور الصباح (صور)    هل يحق للزوج منع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الاتحاد الإسباني: أزمة كارفاخال ويامال انتهت    أسعار النفط تسجل 64.52 دولار لخام برنت و60.11 دولار للخام الأمريكى    «الصحة»: خطة طبية متكاملة لتأمين احتفالية المتحف المصري الكبير    الزمالك في اختبار مهم أمام البنك الأهلي لاستعادة التوازن في الدوري المصري    طريقة عمل طاجن البطاطس بالدجاج| وصفة شهية تجمع الدفء والنكهة الشرقية    توفيق عكاشة: السادات أفشل كل محاولات إشعال الحرب في السودان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة قنا    ماس كهرباء وراء اندلاع حريق بمحل مفروشات في النزهة    طابور الصباح فى الشرقية يحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. فيديو    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    محمد عبد المنعم يصدم الأهلي بهذا القرار.. مدحت شلبي يكشف    «فين اللعيبة الجامدة اللي بملايين».. تعليق مثير من مدحت شلبي بعد تعادل الأهلي مع بتروجت    في ذكرى تأسيس بلاده: سفير أنقرة يهتف «تحيا مصر وفلسطين وتركيا»    نبيل فهمي: سعيد بخطة وقف إطلاق النار في غزة.. وغير متفائل بتنفيذها    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درس فى تلغيم الأخبار
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 07 - 2012

صباح الثلاثاء الماضى (24/7) كان العنوان الذى تصدر الصفحة الأولى لجريدة الصباح كالتالى: سلفيون: تطبيق الحدود بات قريبا. وتحت العنوان ذكرت الجريدة ما يلى: أكد عدد من قيادات التيار السلفى أن تطبيق حدود الشريعة الإسلامية بات قريبا، لأن الشعب يؤيد ذلك بقوة.. وقال الدكتور يونس مخيون عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، ومساعد مقرر لجنة المقومات فى الهيئة التأسيسية للدستور أن السلفيين يسعون لتطبيق «الحدود»، لأنهم على قناعة تامة بأن الشعب المصرى سيكون مهيئا لتطبيقها فى السنوات المقبلة.

حين يدقق المرء فى الكلام المنشور يلاحظ أنه منسوب إلى واحد من السلفيين، وليس إلى عدد من القيادات، وأن هذا الواحد الذى ذكر اسمه لم يقل إن تطبيق الحدود بات قريبا، كما أشار العنوان وكما جاء فى مقدمة الخبر، لأن ما نقل على لسانه أن السلفيين يسعون لتطبيق الحدود لأنهم على قناعة تامة بأن الشعب المصرى سيكون مهيئا لتطبيقها فى السنوات المقبلة. وهناك فرق بين أن يكون التطبيق قريبا، وبين أن يحدث ذلك بعد عدة سنوات. كما أن هناك فرقا بين أن يقول الكلام واحد من السلفيين، وبين أن ينسب إلى قيادات التيار السلفى.

من الناحية المهنية يعد نشر الكلام بهذه الطريقة نموذجا للتلاعب فى الصياغة الذى يستهدف استفزاز القارئ واستنفاره. لأن هناك كثيرين يقرأون العناوين فقط ولا يدققون فى التفاصيل، ومن ثم فإن هذه الفئة من القراء سوف تتلقى الرسالة الخطأ، وتصدق أن السلفيين أعلنوا أن تطبيق الحدود الشرعية سيتم فى وقت قريب. الأمر الذى يعنى أننا مقبلون «قريبا» على مرحلة تقطع فيها أيدى السارقين ويرجم الزناة ويجلد شاربو الخمر.. إلخ.

هل هذا خطأ مهنى فقط أم أنه تفخيخ مقصود ومنزوع البراءة؟ أرجح الاحتمال الثانى بشدة، لأن ترويع الناس من كلمة الشريعة وتلغيم الآخبار المتعلقة بالتيار الإسلامى عموما بات أحد محاور الخطاب الإعلامى فى مصر. إذ لم يعد سرا أن خطاب «الفزاعة» الذى ظل مستمرا طوال نصف القرن المنصرم لم يتغير فيه شىء بعد الثورة. بل أن الحملة اشتدت بعدما حصل الإخوان والسلفيين على الأغلبية البرلمانية. حيث مازلنا نرى جيش المتربصين الذين لا يكادون يلمحون تصريحا لفرد أو تصرفا شاذا أو فرقعة من أى نوع إلا وأبرزوها وعمموها على التيار فى مجمله وحولوها إلى قضية رأى عام. فافتعال فرقعة عن تطبيق الحدود فى وقت قريب يصبح مقدمة لفتح الملف وتخويف الناس منه. وهو ما حدث مع فرقعات أخرى بعضها كذب صراح مثل مسألة هدم الهرم الأكبر باعتباره رمزا وثنيا، وبعضها سمج مثل شائعة مضاجعة الموتى (هل تذكر حكاية إرضاع الكبير؟) وبعضها لا محل له مثل مسألة الإماء وملك اليمين، وبعضها يداعب خيالات البعض مثل إقامة الخلافة. ينضم إلى قائمة الفرقعات حماقات بعض الأفراد التى تتم باسم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. أو مثل التى يمارسها البعض للفت الأنظار واكتساب الشهرة بلجوئهم إلى ملاحقة الفنانين أو تغطية التماثيل أو العبث ببعض اللوحات الفنية. إلى آخر الممارسات الفردية السخيفة التى يتصيدها المتربصون ويوظفونها لأجل التخويف وتصفية الحسابات السياسية وتسجيل النقاط فى الصراع الدائر بين الاتجاهين الإسلامى والعلمانى.

عقلاء القوم وأسوياؤهم يفرقون بين الأخطاء الفردية والظواهر الاجتماعية. والأولى تعطى حجمها وتنسب إلى فاعليها وتحسب عليهم. من ثم لا تصبح مصدرا للقلق أو الفزع. أما تلك الأخطاء إذا اتسع نطاقها وتحولت إلى ظواهر اجتماعية فهذه تستدعى استنفارا واحتشادا وتصديا من نوع مختلف من جانب السلطة والمجتمع. وللأمريكان تقدير يقول إن المجتمع يكون طبيعيا ومعافى طالما ظل حمقاه بحدود 5٪، أما إذا زاد عددهم على تلك النسبة فالأمر يتطلب نظرا مغايرا يتحرى الجذور والدوافع.

إن أحدا لم يتوقف عند بعض المصريين الذين ذهبوا إلى السفارة الأمريكية طالبين الاستجارة بهم وإغاثتهم. ولم يلتفت إلى صاحبنا الذى تحدث فى الإعلام الكندى مطالبا الحماية من الدول الغربية. ولم يكترث أحد بمن دعت المجلس العسكرى إلى عدم تسليم السلطة إلى المدنيين واقترحت أن يكون للمتعلم ضعف صوت الأمى. ولم يتم وصم الليبراليين جميعا لأن منهم من دعا إلى تدخل قادة الجيوش لمنع الرئيس من ممارسة سلطاته. ولا أدين الجميع حينما انحاز البعض إلى العسكر لإقامة المجتمع المدنى المنشود. ذلك كله تم تمريره على خطورته لأن الصائدين والمتربصين لهم حساباتهم مع الطرف الآخر، جعلتهم يعطون تلك الزلّات حجمها ويتجاهلونها. باعتبارها ممارسات فردية واستثنائية.

ثورة الاتصال لعبت دورها فى إنجاح حملات التخويف والترويع من خلال التمكين للفرقعات أن تحدث قدرا أكبر من التشويش والبلبلة. وفى مناقشة جرت حول هذه النقطة قلت إن وسائل الاتصال ومنابره سلاح بحدين، فإذا استخدمها البعض فى الترويع، فإن الحل لا يكون بإسكات تلك الأصوات، وهو أمر متعذر، وإنما يكون بتقديم أداء إيجابى أفضل يطمئن الناس ويستعيد ثقتهم، ويبدد آثار التخويف والترويع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.