التعليم يكذب قرار زيادة المصروفات فى المدارس الخاصة    قفزة في سعر الذهب بأكثر من 65 جنيها بعد خفض الفائدة.. اعرف التفاصيل    سيلتك ضد روما.. الذئاب تخطف ثلاثية أمام بطل أسكتلندا فى الدوري الأوروبى    حسام حسن يعلن قائمة منتخب مصر النهائية لبطولة كأس الأمم الأفريقية    أولياء أمور مدرسة الإسكندرية للغات ALS: حادث KG1 كشف انهيار الأمان داخل المدرسة    محافظ الجيزة يتفقد موقع حادث انهيار عقار سكنى في إمبابة.. صور    ياسمين عبد العزيز: أنا واثقة في نفسي وبحب أطلع حلوة    أليو ديانج يقود قائمة منتخب مالى الرسمية استعدادا لأمم أفريقيا 2025    القوات الإسرائيلية تجدد اعتداءها على الأراضي السورية    الدفاع الجوي الروسي يسقط 17 طائرة مسيرة    مجلس الدولة يحدد ضوابط استخراج الصور التنفيذية والرسمية للأحكام والشهادات    أستون فيلا يفوز على بازل بثنائية في الدوري الأوروبي    مصطفى شوبير تحت الأنظار: جيرونا يراقب حارس الأهلي    كامل الوزير: النصر للسيارات أنتجت 300 أتوبيس خلال عام.. وأول ميني باص كهربائي بعد 6 أشهر    "العدل" يكشف تفاصيل اليوم الثاني لإعادة انتخابات النواب 2025 في 30 دائرة برلمانية    إصابة ملازم شرطة انقلبت سيارته في ترعة على طريق دكرنس بالدقهلية    أكسيوس: ترامب يخطط لتعيين جنرال أمريكي على رأس قوة استقرار غزة    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة مع ناس مايستاهلوش    ياسمين عبد العزيز تكشف دروس ما بعد الطلاق وشرط تكرار تجربة الزواج    مدير الصحة العالمية: رصدنا سلالة جديدة من كورونا نراقبها    كامل الوزير: ندرس حاليا إنشاء مجمع صناعات معدنية.. وهنعمل مصانع بفكر وتكنولوجيا جديدة    حرمانها من بناتها.. أحدث شائعة طاردت شيرين عبد الوهاب في 2025    لحظة دخول ياسمين عبد العزيز ستوديو معكم منى الشاذلي    ضبط شخصين بحوزتهما دعاية انتخابية ومبالغ مالية بمحيط إحدى اللجان في المنيا    انطلاق فرز الأصوات بالدائرة الثالثة بالفيوم    تعزيز التعاون الدوائي بين مصر والصين.. مباحثات موسعة لزيادة الاستثمار ونقل التكنولوجيا في قطاع المستلزمات الطبية    أحمد سالم في كلمة أخيرة: متوقع اكتمال تشكيل مجلس النواب الجديد بحلول أوائل يناير    في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ.. «الحرافيش» درة التاج الأدبي المحفوظي    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    محمد رمضان ل جيهان عبد الله: «كلمة ثقة في الله سر نجاحي»    جيمي كاراجر يهاجم صلاح ليتصدر التريند.. مدافع ليفربول السابق لم يفز بالدورى الإنجليزى وسجل 10 أهداف منها 7 فى نفسه.. ميسى وصفه ب"حمار".. رونالدو تجاهله على الهواء.. ومورينو: أنت نسيت الكورة.. فيديو    وزير الصحة يتفقد مقر المرصد الإعلامي ويوجه باستخدام الأدوات التكنولوجية في رصد الشائعات والرد عليها    ضبط كميات من مصنعات اللحوم مجهولة المصدر داخل مصنع غير مرخص بالغربية    دوري المحترفين ..أبو قير يواصل السقوط والترسانة يتعادل أمام طنطا    سيناتور روسي: العلاقات مع أوروبا لم تعد أولوية لترامب    إطلاق قافلة طبية علاجية شاملة لقرية أربعين الشراقوة بكفر الشيخ    فوز مشاريع تخرج كلية إعلام جامعة 6 أكتوبر بالمراكز الأولى في مسابقة المجلس القومي للمرأة    حسام وإبراهيم حسن يزوران معسكر منتخب مصر مواليد 2007.. صور    العدل: معايير النزاهة في الاستحقاقات الانتخابية منارة تضئ طريق الديمقراطية    بعد أسبوع من البحث| اصطياد «تمساح الزوامل»    نصائح شعبة الذهب عند شراء الجنيهات والسبائك .. خاص    أشرف زكى عن عبلة كامل : مختفية عن الأنظار .. ونشكر الرئيس على رعاية كبار الفنانين    «صحة قنا» تعقد اجتماعًا بمديرى المستشفيات لتعزيز جاهزية منظومة الطوارئ والرعاية الحرجة    تطورات الوضع في غزة تتصدر مباحيات الرئيس السيسي وملك البحرين    حبس عاطل بتهمة التحرش بفنانة شهيرة أثناء سيرها بالشارع في النزهة    «المشاط» تبحث مع بنك الاستثمار الأوروبي نتائج زيارته لمصر    المشدد 7 سنوات لرئيس حي شرق الإسكندرية السابق في قضية رشوة    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية بأطسا    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    بث مباشر الآن.. مواجهة الحسم بين فلسطين والسعودية في ربع نهائي كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    أسعار الفضة تلامس مستوى قياسيا جديدا بعد خفض الفائدة الأمريكية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعًا عن حرية الكلام.. دفاعًا عن آدمية الفرد
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 07 - 2012

نعم أنا من المؤمنين بأن حرية الكلام حرية مطلقة لا يجوز تقييدها بأى شكل من الأشكال، نعم أنا أرفض أن يتم إحالة الكلام إلى ساحات المحاكم بزعم حماية الآداب العامة والنظام العام والأمن القومى وغيرها من المصطلحات والكلمات المطاطة، التى استخدمها النظام السابق فى معاقبة خصومة السياسيين، والتى لم يضع لها أحد حتى الآن أطر تعريفية واضحة لمحاولة تجنبها، بل تم تركها فضفاضة لمعاقبة أى شخص بموجب هذه العناوين العريضة.

●●●

إننى أرفض وبشكل قاطع وضع أية قيود أو شروط على فعل الكلام من خلال قوانين وقرارات تهدف إلى تنظيم هذا الفعل، أو وضع قواعد لجعل الحديث يبدو أخلاقيا ومهذبا، وغيرها من التشبيهات النمطية التى تستخدم كحجة لمنع الكلام، مع الأخذ فى الاعتبار أننى على علم جيد بأن الكثير يرفض إطلاق هذه الحرية دون ضوابط تحت زعم حماية المجتمع.

إلا أن الاستثناء الوحيد الذى يمكن قبوله فى هذه القاعدة، هو أن يتضمن الكلام تحريضا على الكراهية والعنف والعنصرية، ولكن أيضا يشترط أن يرتبط هذا القيد بسلوك ومكان وزمان محددين، بمعنى ألا تتم المعاقبة على التحريض إلا إذا ترتب عليه سلوك عنيف ضد مجموعة من البشر، غير ذلك لا يجوز تجريم حرية الكلام ولا يجوز تحويله إلى المحكمة.

أعلم جيدا أن الكثيرين قد يرفضون ذلك الرأى، وفى اعتقادى أن أسباب ذلك الرفض ترتبط بعدم قدرتهم على تقبل الآراء المختلفة أو النقد اللاذع أو حتى الإهانة، فهناك العديد من الأسباب التى تجعل الكثيرين يتخذون مواقف ضد حرية الكلام، أحيانا بسبب المجتمع والعادات والتقاليد، وأحيانا بسبب المواءمة السياسية.

●●●

هناك نظريتان تتعلقان بحرية الكلام، الأولى وهى أنها حرية مطلقة، بحيث يترك للأفراد حرية قول ما يحلو لهم وتحديد ما يناسبهم دون وصاية من أحد، أما النظرية الثانية فهى نظرية التوازن بين هذه الحرية وبين القيم المجتمعية، وهذه النظرية ربما تلقى الكثير من المؤيدين فهى تعتمد على أن حرية الكلام ترتبط ارتباطا وثيقا بالظروف المحيطة، مما يتطلب تقييم كل حالة على حدة كى يتم تطبيق القوانين واللوائح عليها للوصول إلى الصيغة المثالية فى الكلام والتى تحافظ على قيم المجتمع على حد زعم متبنى هذه النظرية.

وفى نظرة سريعة على التاريخ، نجد أن المحاكم لم تنجح فى منع الناس من قول ما يحلو لهم، حتى ولو قامت بإصدار أحكام قاسية فى محاولة لإسكاتهم، ولا أعتقد أن ساحات المحاكم والقرارات والقوانين يمكن أن تعد مخرجا لحل هذا الأمر، دعوا الجميع يتحدثون عن أفكارهم، مهما كانت هذه الأفكار التى قد يختلف معها البعض أو حتى يتهمها بالتحريض أو السخرية أو الإهانة أو حتى الشعوذة، فلا أحد يمتلك قاموسا يجعله مخولا للوصاية على الآراء أو تقييمها، ففردية الإنسان هى فقط التى تتحكم فى اختياراته بين ما هو مناسب أو غير مناسب لشخصه، وما هو الأفضل أو الأسوأ له وبالتالى فهو يتحمل نتيجة اختياراته.

●●●

ومرة أخرى نجد أن البعض يحاول اختيار المعارك للناس نيابة عنهم، مرة أخرى يعتقد البعض أنه الأفضل والأجدر فى تحديد الأولويات، أو يتوهم أن هذا الرأى أو ذاك هو الأصح، يخطئ من يتخيل أنه صاحب الحق فى تحديد وطنية هذا الشخص أو ذاك أو يعتقد أنه وحده من يملك الحقيقة دون الآخرين، دعه يتوهم، ودع الآخرين يعبرون عن أنفسهم بالطريقة التى تحلو لهم، دعونا نخرج من دائرة التنميط والمثالية ونملئ ساحات النقاش بالتنوع والاختلاف، علنا نصل إلى عقد اجتماعى مريح لكافة الأطراف.

إن مفهوم حرية الكلام لابد أن يستند إلى التأكيد على حرية الفرد، فالفرد حر فى اختيار الآراء التى يراها متوافقة معه، ويجب ألا نقع فى فخ السيطرة على تحديد المفاهيم والادعاء بامتلاك الحقيقة، فالأفكار وفقا للبعض لها أجنحة ولكننا فى ذات الوقت نردد أن حرية الكلام ليس لها سماء فهى فضاء واسع ونحن هنا ندافع عن اتساع هذا الفضاء وليس عن فكرة محددة.

وحديثى هنا مرتبط بما يتعرض له توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين من بلاغات تطالب بالتحقيق معه تحت زعم ارتكابه العديد من الجرائم منها تفتيت الجيش لصالح الأعداء، وتحريض الجيش لعمل انقلاب عسكرى ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة والرئيس المنتخب، وكذلك اتهامه بالخيانة العظمى، وترويج أخبار كاذبة وشائعات غير صحيحة عن حزب الحرية والعدالة ورئيس الجمهورية محمد مرسى، هذا بالإضافة إلى اتهامه بإثارة الفتنة بين أفراد الشعب المصرى.

الآن فقط يستخدم البعض القوانين والقرارات التى كان يرفضها فى السابق، وتحت نفس المزاعم التى كان يسوقها المجلس العسكرى ومن قبله مبارك لتبرير منع خصومهم من الكلام وتصفية من يحلو لهم، وهنا أنا لا أدافع عن توفيق عكاشة فهو من سب وقذف واتهم الثوار على مدى الفترة الماضية، ومازالت الثورة تتعرض للهجوم من أمثال توفيق عكاشة وغيره تحت رعاية المجلس العسكرى، بل أدافع هنا عن حرية الكلام وحرية الفرد فى الاختيار من بين الآراء.

●●●

إن حرية الكلام والدفاع عنها أصبحت ضرورة بل ويمكننى القول إنها أولوية، فهى الطريقة المثلى للدفاع عن العدالة الاجتماعية والثقافية وهى أيضا الدليل على عدم الانتقاص من آدمية الفرد، ولا توجد طريقة للتغلب على الجوع والمرض والفقر، ووقف الطغيان والاستغلال والفساد، إلا عن طريق مجتمع منفتح يقبل الاختلاف والتنوع فى الآراء، مع ترك مساحة للنقد وحرية رفض أو قبول تلك الآراء دون وصاية أو تدخل من السلطة أو المجتمع، ودون إحالة الكلام إلى ساحات المحاكم، ويجب ألا ينسى الجميع فالرصاص لا يقتل الأفكار،والسجن لا يمنعها من الانتشار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.