حظر جوى وإجراءات استثنائية وسط إسرائيل بسبب نجل نتنياهو    مواعيد مباريات مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية بقيادة عمر مرموش    محافظ أسيوط يعلن عن بدء أعمال تقدير الدرجات لامتحانات الشهادة الإعدادية    تعرف على الحالة المرورية اليوم    طقس اليوم الأربعاء.. أجواء شديدة الحرارة والعظمى بالقاهرة 37 درجة    عريس متلازمة داون.. نيابة الشرقية تطلب تحريات المباحث عن سن العروس    سعر الدولار اليوم الأربعاء 11 يونيو 2025    وزير المالية: حجم الدين الخارجي لأجهزة الموازنة انخفض بقيمة 2 مليار دولار خلال 10 أشهر    حسم فى مواجهة التعديات    بالزيادة الجديدة.. موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025    ما مصير من لم تشملهم الأولوية في «سكن لكل المصريين 5»؟    «فتح» تدعو الإتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات حاسمة ضد المخططات الإسرائيلية    مسئول بجيش الاحتلال الإسرائيلي: إصدار 54 ألف أمر تجنيد للحريديم الشهر المقبل    مجددًا.. إسرائيل تفتح النار على منتظري المساعدات وسط غزة    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الشرقية وأسوان    زيزو: مكالمة الخطيب لها طعم خاص.. وجمهور الأهلي مصدر طاقتي    الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم 2026.. المنتخبات المشاركة ومواعيد المباريات والقرعة    كأس العالم للأندية| تشيلسي يتصدر القيمة التسويقية للمجموعة الرابعة    بروتوكول جديد لدعم صغار المزارعين وتحقيق الأمن الغذائي في مصر    الأوراق المطلوبة للحصول على مساعدات مالية من بيت الزكاة والصدقات    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن انتداب معلمات من أسوان لمراقبة امتحانات في دمياط    سكك حديد مصر: وزارة الداخلية ألقت القبض على مرتكب واقعة لمبة القطار الروسي وأحالته للنيابة    تنسيق الجامعات 2025، كل ما تريد معرفته عن كلية علوم التغذية بحلوان    ماجد الكدواني ضيف معتز التوني في "فضفضت أوي" الليلة    يحيى الفخراني: الطب لم يكن شغفي.. وعبد الحليم علّمني احترام الجمهور    زاهي حواس يروج للسياحة على «FOX TV» ويدعو الشعب الأمريكي لزيارة مصر    مجدي شاكر: الفيوم مؤهلة لتكون من أهم الوجهات السياحية في مصر والعالم    "الصحة" تطلق خطة وطنية طموحة للقضاء على الجذام بحلول 2030    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 11 يونيو 2025    أبو مسلم: أنا قلق من المدرسة الأمريكية الجنوبية.. وإنتر ميامي فريق عادي    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 11 يونيو بسوق العبور    25 شهيدا برصاص قوات الاحتلال قرب مركز توزيع المساعدات وسط قطاع غزة    القوات الروسية تتقدم في سومي وتهاجم خاركيف بالمسيرات    بعد إجرائه عملية جراحية وتدهور حالته الصحية.. محمد ثروت يطالب بالدعاء لابن تامر حسني    رئيسة الاستخبارات الوطنية الأمريكية: العالم أقرب منه في أي وقت مضى إلى الدمار النووي    يتحدث نيابة عن نفسه.. الخارجية الأمريكية ترفض تصريحات سفيرها لدى إسرائيل بشأن الدولة الفلسطينية    الدولار ب49.52 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 11-6-2025    إصابة 3 بطلقات نارية في مشاجرة بسبب النزاع على قطعة أرض بسوهاج    حملة دمياط الشاملة ترفع الإشغالات وتحمي المستهلك من تلاعب التجار    غرق طالب أثناء استحمامه فى ترعة بسوهاج    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    هل شريكك من بينهم؟ 3 أبراج الأكثر خيانة    لكسر الحصار.. التفاصيل الكاملة حول قافلة صمود    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    ظاهرة تتفاقم في الأعياد والمناسبات .. المخدرات تغزو شوارع مصر برعاية شرطة السيسي    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    بعض الأشخاص سيحاولون استفزازك.. حظ برج القوس اليوم 11 يونيو    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    بعد زيزو.. تفاصيل إنهاء الأهلي لصفقته قبل السفر لكأس العالم للأندية    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى    المذاكرة وحدها لا تكفي.. أهم الفيتامينات لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحانات ومصادرها    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعًا عن حرية الكلام.. دفاعًا عن آدمية الفرد
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 07 - 2012

نعم أنا من المؤمنين بأن حرية الكلام حرية مطلقة لا يجوز تقييدها بأى شكل من الأشكال، نعم أنا أرفض أن يتم إحالة الكلام إلى ساحات المحاكم بزعم حماية الآداب العامة والنظام العام والأمن القومى وغيرها من المصطلحات والكلمات المطاطة، التى استخدمها النظام السابق فى معاقبة خصومة السياسيين، والتى لم يضع لها أحد حتى الآن أطر تعريفية واضحة لمحاولة تجنبها، بل تم تركها فضفاضة لمعاقبة أى شخص بموجب هذه العناوين العريضة.

●●●

إننى أرفض وبشكل قاطع وضع أية قيود أو شروط على فعل الكلام من خلال قوانين وقرارات تهدف إلى تنظيم هذا الفعل، أو وضع قواعد لجعل الحديث يبدو أخلاقيا ومهذبا، وغيرها من التشبيهات النمطية التى تستخدم كحجة لمنع الكلام، مع الأخذ فى الاعتبار أننى على علم جيد بأن الكثير يرفض إطلاق هذه الحرية دون ضوابط تحت زعم حماية المجتمع.

إلا أن الاستثناء الوحيد الذى يمكن قبوله فى هذه القاعدة، هو أن يتضمن الكلام تحريضا على الكراهية والعنف والعنصرية، ولكن أيضا يشترط أن يرتبط هذا القيد بسلوك ومكان وزمان محددين، بمعنى ألا تتم المعاقبة على التحريض إلا إذا ترتب عليه سلوك عنيف ضد مجموعة من البشر، غير ذلك لا يجوز تجريم حرية الكلام ولا يجوز تحويله إلى المحكمة.

أعلم جيدا أن الكثيرين قد يرفضون ذلك الرأى، وفى اعتقادى أن أسباب ذلك الرفض ترتبط بعدم قدرتهم على تقبل الآراء المختلفة أو النقد اللاذع أو حتى الإهانة، فهناك العديد من الأسباب التى تجعل الكثيرين يتخذون مواقف ضد حرية الكلام، أحيانا بسبب المجتمع والعادات والتقاليد، وأحيانا بسبب المواءمة السياسية.

●●●

هناك نظريتان تتعلقان بحرية الكلام، الأولى وهى أنها حرية مطلقة، بحيث يترك للأفراد حرية قول ما يحلو لهم وتحديد ما يناسبهم دون وصاية من أحد، أما النظرية الثانية فهى نظرية التوازن بين هذه الحرية وبين القيم المجتمعية، وهذه النظرية ربما تلقى الكثير من المؤيدين فهى تعتمد على أن حرية الكلام ترتبط ارتباطا وثيقا بالظروف المحيطة، مما يتطلب تقييم كل حالة على حدة كى يتم تطبيق القوانين واللوائح عليها للوصول إلى الصيغة المثالية فى الكلام والتى تحافظ على قيم المجتمع على حد زعم متبنى هذه النظرية.

وفى نظرة سريعة على التاريخ، نجد أن المحاكم لم تنجح فى منع الناس من قول ما يحلو لهم، حتى ولو قامت بإصدار أحكام قاسية فى محاولة لإسكاتهم، ولا أعتقد أن ساحات المحاكم والقرارات والقوانين يمكن أن تعد مخرجا لحل هذا الأمر، دعوا الجميع يتحدثون عن أفكارهم، مهما كانت هذه الأفكار التى قد يختلف معها البعض أو حتى يتهمها بالتحريض أو السخرية أو الإهانة أو حتى الشعوذة، فلا أحد يمتلك قاموسا يجعله مخولا للوصاية على الآراء أو تقييمها، ففردية الإنسان هى فقط التى تتحكم فى اختياراته بين ما هو مناسب أو غير مناسب لشخصه، وما هو الأفضل أو الأسوأ له وبالتالى فهو يتحمل نتيجة اختياراته.

●●●

ومرة أخرى نجد أن البعض يحاول اختيار المعارك للناس نيابة عنهم، مرة أخرى يعتقد البعض أنه الأفضل والأجدر فى تحديد الأولويات، أو يتوهم أن هذا الرأى أو ذاك هو الأصح، يخطئ من يتخيل أنه صاحب الحق فى تحديد وطنية هذا الشخص أو ذاك أو يعتقد أنه وحده من يملك الحقيقة دون الآخرين، دعه يتوهم، ودع الآخرين يعبرون عن أنفسهم بالطريقة التى تحلو لهم، دعونا نخرج من دائرة التنميط والمثالية ونملئ ساحات النقاش بالتنوع والاختلاف، علنا نصل إلى عقد اجتماعى مريح لكافة الأطراف.

إن مفهوم حرية الكلام لابد أن يستند إلى التأكيد على حرية الفرد، فالفرد حر فى اختيار الآراء التى يراها متوافقة معه، ويجب ألا نقع فى فخ السيطرة على تحديد المفاهيم والادعاء بامتلاك الحقيقة، فالأفكار وفقا للبعض لها أجنحة ولكننا فى ذات الوقت نردد أن حرية الكلام ليس لها سماء فهى فضاء واسع ونحن هنا ندافع عن اتساع هذا الفضاء وليس عن فكرة محددة.

وحديثى هنا مرتبط بما يتعرض له توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين من بلاغات تطالب بالتحقيق معه تحت زعم ارتكابه العديد من الجرائم منها تفتيت الجيش لصالح الأعداء، وتحريض الجيش لعمل انقلاب عسكرى ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة والرئيس المنتخب، وكذلك اتهامه بالخيانة العظمى، وترويج أخبار كاذبة وشائعات غير صحيحة عن حزب الحرية والعدالة ورئيس الجمهورية محمد مرسى، هذا بالإضافة إلى اتهامه بإثارة الفتنة بين أفراد الشعب المصرى.

الآن فقط يستخدم البعض القوانين والقرارات التى كان يرفضها فى السابق، وتحت نفس المزاعم التى كان يسوقها المجلس العسكرى ومن قبله مبارك لتبرير منع خصومهم من الكلام وتصفية من يحلو لهم، وهنا أنا لا أدافع عن توفيق عكاشة فهو من سب وقذف واتهم الثوار على مدى الفترة الماضية، ومازالت الثورة تتعرض للهجوم من أمثال توفيق عكاشة وغيره تحت رعاية المجلس العسكرى، بل أدافع هنا عن حرية الكلام وحرية الفرد فى الاختيار من بين الآراء.

●●●

إن حرية الكلام والدفاع عنها أصبحت ضرورة بل ويمكننى القول إنها أولوية، فهى الطريقة المثلى للدفاع عن العدالة الاجتماعية والثقافية وهى أيضا الدليل على عدم الانتقاص من آدمية الفرد، ولا توجد طريقة للتغلب على الجوع والمرض والفقر، ووقف الطغيان والاستغلال والفساد، إلا عن طريق مجتمع منفتح يقبل الاختلاف والتنوع فى الآراء، مع ترك مساحة للنقد وحرية رفض أو قبول تلك الآراء دون وصاية أو تدخل من السلطة أو المجتمع، ودون إحالة الكلام إلى ساحات المحاكم، ويجب ألا ينسى الجميع فالرصاص لا يقتل الأفكار،والسجن لا يمنعها من الانتشار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.