«اليوم قناة (الرحمة).. وغدا قناة (الناس) وبعد غد أى قناة تسىء إلى النظام».. من قائل هذه العبارة؟! متى قالها؟! ولماذا؟!
الإجابة.. قائل هذه العبارة هو الشيخ والداعية الإسلامى صفوت حجازى، وقالها على قناة «الرحمة» الفضائية يوم قرر مبارك أو رجال مبارك أو نظام مبارك إغلاق قناة «الرحمة» الدينية الإسلامية، ووقف بث إرسالها على النايل سات.
أتذكر أننى كنت وقتها أنا وقسم الفن الذى أرأسه في جريدة «الدستور» برئاسة تحرير إبراهيم عيسى، كنا ضد قرار وقف بث قناة «الرحمة» دون أن نعرف أسباب الوقف أو المنع.. كنا ضد الفكرة أصلا.. وتحدثنا مع كل الأطراف لمعرفة أسباب المنع وفضح فكرة المنع أصلا، وتناولنا الموضوع صحفيا وتحدثنا مع شقيق الشيخ محمد حسان، واسمه محمود حسان، وكان مديرا لقناة «الرحمة»، وقال إن قناته أغلقت بسبب صراحتها وجرأتها ضد اليهود.
فى هذا التوقيت خرج الداعية صفوت حجازى مؤكدا فكرة أن وقف بث قناة «الرحمة» ليس سوى بداية لوقف بث باقى القنوات الإسلامية بأى حجة يتم اختراعها، مشيرا إلى أن المنع ليس حلا لعلاج مثل هكذا قضايا، مستنجدا بالرئيس مبارك ليعيد بث القناة!
بينما أكد أصحاب القناة أن المنع هدفه محاربة الإسلام.. على اعتبار أن قناة «الرحمة» كانت تمثل الإسلام! فيما انطلق آخرون من فكرة أن المنع لا يهدف إلا لمحاربة الشيخ حسان نفسه!
وكل كان يغنى على ليلاه.. كل كان يتحدث عن سبب المنع، للمتاجرة به.. سواء كان السبب محاربة الإسلام أو الشيخ حسان أو أصحاب رأس مال القناة الذين بحثوا عن صيغة أخرى لبث ما يرغبون فى بثه عبر قناة تدعى «الوصال» على النايل سات، فقط لمجرد الوجود، وليس حبا فى طرح الرسالة نفسها!
عموما.. يبدو أن التاريخ يعيد نفسه بمنتهى الغباء، وعلينا الآن أن نتفاعل ونوافق على وقف بث قناة «الفراعين»، ويجب أن نؤيده لأن هذه القناة كانت تعادى الثورة ورئيسها ومذيعها يبث سمومه فى عقول البسطاء، وإذا لم نؤيد القرار سنكون فلولا خائنين بشعين أفاقين كذابين! حسنا.. قرار وقف بث قناة «الفراعين» أسوأ قرار يمكن أن يتم فى بلد تحتفى بثورتها وتحتفى بوصول أول رئيس منتخب عبر انتخابات حرة نزيهة لنعيش جميعا فى بلد ديمقراطى يفخر بديمقراطيته.. لماذا؟!
بعد وقف بث «الفراعين».. هل بدأ موسم إغلاق الفضائيات؟
أولا: لأن قرار وقف بث القناة لم يتم بناء على حكم قضائى.. رغم أن الأحكام القضائية بوقف بث القناة صدرت ولم تنفذ فى السابق! ثانيا: لأن الأحكام القضائية السابقة ضد القناة، التى لم تنفذ أصلا -كما أشرنا وكأننا نشرح ونفسر الموقف لأطفال- كانت كافية لغلق القناة بالقانون، فكل التحريض الذى مارسته القناة فى السابق ضد الثوار لم يؤخذ فى الاعتبار، سواء بتحريض القناة وصاحبها على قتل الثوار «الشهيد محمد محسن شهيد العباسية كان أحد ضحايا تحريض القناة»، أو ببث القناة روح الكراهية ضد الثوار: «ماسونيين- شواذ- عاهرات» أو بتحريض القناة ضد الثوار بالعنصرية المقيتة: «بنات شكلهم زبالة ويا ريتهم حلوين بيشتموا الجيش.. وبنت لابسة شيالة صدر.. كنتى رايحة ليه يا اختى؟».
ثالثا: القناة وانتشارها وشهرة صاحبها كانت إحدى خيبات ثورة 25 يناير.. ولم يكن وجوده وانتشاره وتوغله ووصوله إلى من هم أهم منه من قيادات الجيش أو الداخلية والمخابرات الخيبة الوحيدة، خيبات ثورتنا لا تحصى، فتطهير وتنظيف التليفزيون الرسمى «ماسبيرو» بقنواته، كان هدفا من ضمن أهداف الثورة التى فشلت.. نعم كنا نرغب فى تطهير ماسبيرو الذى ضلل وكذب وأسهم فى إراقة دماء أحبابنا، ولكن تحجيم الثورة نفسها قضى على حلم تطهير الإعلام، وبالتالى، فمن الظلم ومن الغباء بل ومن الغباوة أن نبدأ التطهير بإغلاق قناة «الفراعين» وإرهاب صاحبها وترويع موظفيها وموظفى المدينة عموما.. عندما يتأخر رد الفعل يصبح فجا غليظا.. وأنا شخصيا ضد الإرهاب الذى مورس على توفيق عكاشة!
نعم جاء اليوم الذى اضطر فيه إلى الوقوف فى صف توفيق عكاشة.. الآن انتفضتم وانزعجتم لأن عكاشة أساء إلى سيادة الرئيس وحرض ضده.. نعم التحريض على العنف جريمة تستدعى الوقف والمنع والمحاكمة فى كل قوانين الدنيا، لكن لو أن انفعالكم وثورتكم وإرهابكم وترويعكم ضد الإعلام بهدف وقف عكاشة سببه تحريضه ضد السيد الرئيس فقط.. فأنا آسفة.. هذا الشخص ارتكب جرائم التحريض منذ بداية الثورة ومعه مذيعون ومذيعات من قنوات خاصة ومن قنوات التليفزيون المصرى ولم يتحرك لكم ساكن.. إحدى مذيعات التليفزيون المصرى قالت يوم دهست مدرعات الجيش المصرى المصريين فى ماسبيرو إن الأقباط يضربون جنود الجيش المصرى، وأكدت أن عشرات الجنود من أبناء الجيش سقطوا ضحايا للأقباط المعتصمين! يومها قلنا إنهم محرضون ونرجو إيقافهم..
عكاشة قال مع من قالوا إن من دهستهم المدرعات كانوا يستحقون الموت.. لم تفتكوا به يومها ولم يرفع واحد منكم قضية عليه أو على التليفزيون المصرى المحرض بإعلامه وإعلامييه.. لم تتحرك شعرة فى رأس رجل فيكم عندما شهَّر هذا العكاشة بالبنات وحرض عليهن وأسهم فى ترويع أمنهن ومطاردة بعض الحمقى من أمثاله لهن، لم يحاصروا قناته ولم يتجاوز موقفهم تبادل الفيديوهات الساخرة من «هبله»؟! منذ قامت الثورة يرتكب الإعلام جرائم التحريض ونحن نواجهه بالرأى والحجة ونحارب ضد تحريضه وتضليله.. كلمة بكلمة ورأسا برأس.. نواجه بحقائق ويرد علينا بتشويه وتلويث سمعة وتلطيش وسخرية وقلة قيمة.. نواجه هؤلاء من قبل الثورة بالكلمة وتحملنا أيام مبارك عنف قطع الرزق.. وتحملنا بعد الثورة سخف الأراذل، لكن يوم يتم قمع صاحب رأى خائب وغبى ومحرض بإرهابه وإرهاب من حوله، دون اعتبار للقانون -وإن كان غائبا وتائها- فى دولة يحكمها رئيس منتخب وبعد ثورة قامت من أجل حرية الرأى والتعبير، فعفوا..
من يحاصر ويهدد مذيعا قال رأيا فى رئيس منتخب، فإنه محض إرهابى، المذيع يحاكم قانونا بالتحريض على العنف والكراهية والعنصرية ضد رئيس الدولة وقبلها ضد البنات والسيدات الشريفات اللاتى خاض في شرفهن، ثم يتم سجنه أو إعدامه قانونا لتحريضه وسبه الشهداء وأمهاتهم وأخواتهم وأهاليهم، ثم يرفع الشعب كله 80 مليون قضية لتحريضه على رئيس الجمهورية، ليتم الحكم عليه بمنعه أو إغلاق قناته.. لكن ترويعه لأنه سب وأهان وحرض ضد رئيس الجمهورية، يقع تحت بند الإرهاب والترويع ويجب أن يحاكم كل من شارك فى الأمر.. تلك قوانين الحياة والمجتمعات الطبيعية.. أما قوانين الغاب فتسمح بالتجاوز الخائب فى حق عكاشة، كما سمحت لكم قبلها بأن تصمتوا عندما تجاوز هذا الخائب فى حق البنات وأعراضهن.. قوانين تفصيل تطربون عندما تعاقب من تريدون عقابه الآن وفورا، وتثورون بحق أو بغير حق عندما تفشل فى ردع من تعتقدون أنه عدوكم الآن! ثم ولأنكم مستمتعون بقوتكم ومستندون إلى سلطة رئيسكم قررتم أن تعاقبوا من تجاوز فى حق صاحب القوة التى تستندون إليها فى تجبركم على الآخرين! تجمع العشرات من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، ولو حلفوا على القرآن والإنجيل وكل الكتب السماوية أن من حاصروا مدينة الإنتاج كانوا من غير الإخوان لما صدقناهم، فهناك شهود عليهم.. تجمعوا لإرهاب الإعلاميين بحجة تطهير الإعلام، وبعد يوم من إرهابهم للإعلاميين وتحطيمهم سيارات بعض العاملين فى مدينة الإنتاج الإعلامى ومن بينهم مصور شاب فى قناة ترفيه أعمت الغباوة أيدى من حطموا زجاج سيارته «التقسيط»، إضافة إلى تحطيم سيارة الصحفى خالد صلاح، بعد هذا الإرهاب تم وقف بث قناة «الفراعين»!
قناة أغلقها إرهاب بعض ممن ينكر حزب الحرية والعدالة انتماءهم إليه، وبالطبع يستنكر الثوار محاصرتهم لعزل، لكن رغم ذلك تم وقف بث قناة «الفراعين» دون حكم محكمة على خلفية الأحداث التى شهدتها بوابات مدينة الإنتاج الإعلامى مساء الثلاثاء الماضى، وأرسلت المنطقة الحرة بهيئة الاستثمار مساء أول من أمس -الخميس- قرارا إلى النايل سات يفيد بوقف بث قناة «الفراعين» نتيجة المخالفات التى ارتكبتها القناة، هذا وقد أكد لنا أحد المصادر داخل النايل سات -رفض ذكر اسمه- أن الشركة لا علاقة لها بالقرار، خصوصا أنه صدر من المنطقة الحرة التى تمنح القنوات المتعاقدة معها تصريح البث، وقد قامت هيئة الاستثمار بإرسال خطاب إلى النايل سات يتضمن العقوبة، التى تفيد بوقف بث قناة «الفراعين» لمدة 6 أسابيع، على أن يعود البث عقب ذلك بشرط أن لا تعود القناة للتجاوزات التى وقعت فيها خلال الفترة الماضية.
وأضاف المصدر -الرافض ذكر اسمه- أن تجاوزات عكاشة فى الفترة الأخيرة كانت هى السبب فى وقف بث القناة، خصوصا أنه تطاول على الرئيس محمد مرسى بشكل مهين وغير أخلاقى وكذلك طال هجومه وزير الاستثمار، وأشار المصدر إلى أن هذه هى المرة الثانية التى يتم فيها وقف البث عن قناة «الفراعين» بعد أن تم ذلك خلال تولى أنس الفقى لوزارة الإعلام!
ملحوظة مهمة تعليقا على آخر كلمات المصدر، فقناة الفراعين تم وقف بثها أيام حكم محمد حسنى مبارك بسبب تجاوز قانونى يتعلق ببث القناة إعلانات عن توفيق عكاشة فى أثناء انتخابات مجلس الشعب، وهو ما يخالف أحد بنود قانون الانتخابات فى هذا الوقت.. لم يكن الأمر فجا لدرجة إغلاق القناة بسبب التهجم على رئيس الجمهورية.. طبعا عكاشة لم يكن مهاجما لمبارك وقتها، بل إنه كان أحد مقبلى أيدى صفوت الشريف وواحد من ماسحى جوخ أقل فاسد فى نظام المخلوع، لكن أن يضطرنا نظام مرسى الآن إلى الوقوف مع هذا الأرجوز، فتلك أخطر جرائم نظام مرسى. قناة عكاشة كانت على وشك الإغلاق بسبب قضايا رفعت ضد مالكها، وبأحكام قضائية من بينها تحريضه على قتل الثوار، فلماذا يتم ترويع من سيحكم القضاء بإنهاء أسطورة هبلة؟! لا إجابة على السؤال سوى أن حكامنا الجدد يرغبون فى ترويع المخالفين، وكما كان عكاشة أشرس المهرجين بشاعة، قرروا هم أن يكونوا أكثر المتباهين بالقوة بشاعة.
هل توافق على إغلاق قناة «الفراعين» دون حكم قضائى؟! هل توافق على الإرهاب الذى تم من قبل بعض من قالوا إنهم ثوار وتبرأ منهم الجميع؟!
سيد الغضبان مستشار رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى، قال رأيا مفيدا موضحا لأهم نقاط الخلاف بين من ذهبوا لإرهاب العاملين فى مدينة الإنتاج الإعلامى اعتراضا على ما يطرحونه، وبين من يعترضون ويعارضون، بل ويكرهون شخصا مثل توفيق عكاشة ومن هم أهم منه، ويرغبون فى منعه بالمنطق والقانون.. قال سيد الغضبان: أنا ضد إغلاق القنوات الفضائية دون أحكام قضائية، وأعتبر أن هذه عودة سيئة إلى الوراء، وفى ما يخص قناة «الفراعين» فهناك مليون سبب قضائى لوقف بثها، وما كان هناك داع أبدا لصدور الأمر من الرئيس مرسى بغلقها دون الرجوع إلى القضاء، لأن هذا يعنى أننا نسير بلا قيود إلى طريق مجهول لا ضوابط فيه ولا أسس وهو أمر يجب التوقف عنده قليلا.
هذا بالضبط ما نخشاه، وما كنا ننبه ونحذر منه أيام المخلوع، ففى عهده كانت القنوات تغلق دون أحكام قضائية، وبقرارات من هيئة الاستثمار، ففى نوفمبر 2010 تم وقف بث 12 قناة فضائية وهى: «الخليجية، والوصال، والصحة، والحكمة، والفجر، ونسائم الرحمة، والجمال، والحافظ، وسائط الخير، والبدر، والرحمة، والناس»، بينما نجحت الأخيرة فى إعادة البث من جديد بعد أن قام المسؤولون بها بكتابة تعهد على أنفسهم باحترام ميثاق الشرف الإعلامى وعدم الترويج للخرافات وعمل خريطة برامجية جديدة!
هل حاصر أحد من مشاهدى هذه القنوات أو من مؤيدى مبارك أو من عشاق مذيع فى أى منها مدينة الإنتاج الإعلامى، معترضا أو مؤيدا أو مناديا بأى مطلب ضد أو مع هذه القنوات؟!
أبدا.. كان المشاهد يستسلم لإغلاق قناته، بل ربما كان بعض المشاهدين لا يفهمون سبب عدم وجود قناتهم المعتادين على مشاهدتها فى ترددها المعتاد، فمثلا عندما تم إغلاق قنوات الناس والحكمة ونسائم الرحمة والحافظ، قيل وقتها فى الصحف إن قرار هيئة الاستثمار بوقف بثها سببه حض بعضها على الفتنة الطائفية، بينما تم وقف قنوات الوصال لحضها على الإباحية من خلال المواد الإعلامية ومحتوى البرامج التى تعرض على شاشتها، وذلك حسب الأسباب التى تم إعلانها فى ذلك الوقت، أما باقى القنوات فكان السبب وراء إغلاقها هو أن التصريحات الخاصة بها كانت تتعلق بعملها كقنوات عامة، ثم تحولت فى ما بعد إلى قنوات دينية دون الحصول على تصريحات بذلك.
هل تصدق هذه الأسباب؟! هل تعلم أن كل هذه القنوات أغلقت دون أحكام قضائية وبشكل تعسفى وبمنطق سلطوى فرض قوته على هذه القنوات ومن فيها؟! هل تعلم أن صفوت حجازى يوم صدر قرار من هيئة الاستثمار بإغلاق قناة «الرحمة» خرج على الناس من استوديوهات القناة -رغم أنه كان يقدم برنامجا فى قناة «الناس» وقتها، ولكنه خرج من قناة «الرحمة» تضامنا مع قرار منع بثها- قائلا: «اليوم قناة الرحمة وغدا قناة الناس وبعد غد أى قناة تسىء إلى النظام».
كل الصحف المعارضة وقفت مع قناة «الرحمة» يوم صدر قرار بوقف بثها، لأن القرار كان إداريا بلا حكم قضائى بما يناهض حرية الرأى والتعبير بغض النظر عن مضمون هذه القنوات ومحتواها الإعلامى، فحتى هذا المحتوى الإعلامى سواء كان جيدا أو رديئا يحتاج إلى حكم قضائى يحكم على مدى جودته، وإلى معايير تحدد مدى رداءته، وهو ما اتفق معه د.محمود علم الدين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، الذى أكد أن الموضوع أكبر من مجرد إغلاق قناة، مضيفا أن المسألة الإعلامية فى مصر تحتاج إلى تنظيم كامل، وينبغى أن تكون هناك هيئة مشتركة ممثلة من أصحاب المصالح بما فيهم الرأى العام، وأصحاب المؤسسات الإعلامية، كى يحموا حق الجمهور وكذلك حق الإعلاميين فى الدفاع عن أفكارهم، ويتولوا هم مهمة المراقبة والإشراف، ويحددوا العقوبات التى تبدأ من الغرامات وتنتهى بالإغلاق، مشيرا إلى أن هذا هو الحل الوحيد المعمول به أصلا فى معظم دول العالم. وهى الهيئة التى تتلقى أى شكاوى من الجمهور بخصوص أى تجاوزات تحدث ثم تصدر قراراتها بشأنها.
هل يعنى ذلك أن محاصرة الإعلاميين ومهاجمتهم لمجرد طرحهم لرأى خاطئ مقبولة قانونا؟! هذا السؤال رد عليه د.محمود علم الدين أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة مؤكدا أن فكرة الضغط الشعبى مرفوضة تماما، ولا تصلح لعلاج أزمة الإعلام فى بلد قام بثورة أو بلد بلا ثورة.. لا بديل عن مناقشة الأفكار رأيا برأى وحجة بحجة.
نعم تم وقف قناة «الخليجية» بعد أن غيرت نشاطها من قناة للمنوعات والأغانى إلى قناة دينية، كان هذا سببا لوقف بثها من قبل هيئة الاستثمار، فعندما تكون السلطة فى يد هيئة أو جهة أو شخص أو نظام دون قضاء أو محكمة أو قانون، من حق أى شخص اختلاق أى سبب لوقف أى قناة، قناة «الرحمة» قيل إن بثها توقف بسبب تحريض الشيخ حازم شومان ضد اليهود وبثه خطاب كراهية، مما دعا الشركة الفرنسية «يوتيلسات» المالكة للقمر الرئيسى الذى يبث من خلاله النايل سات ونور سات لوقف بثها! بلا قضاء أو قانون ستظل الأمور غامضة وخاضعة لتفسيرات أى شخص. ولا يعد منطق أن القضاء فى مصر غير نزيه مفيدا أو صالحا للاستخدام كحجة، ففى النهاية الاحتكام إلى القضاء فاسدا أو غير ذلك هو السند الوحيد لحفظ حقوق القنوات ومشاهديها إلى أن ينصلح الحال، وها هو إعلامى بحجم حمدى قنديل يؤكد قائلا: على المستوى الشخص أتمنى أن تتم زلزلة قناة «الفراعين»، بمعنى أن يحدث لها زلزال يخلصنا منها.
لكن على المستوى المهنى فأنا أرفض وقفها بقرار إدارى، لأن القرار الذى أغلقها اليوم قد يغلق غدا قناة تقدم محتوى إيجابيا، طالما أنه لا توجد قيود محددة أو واضحة، ويكمل قنديل قائلا: لا أستبعد أن يكون قرار غلق قناة «الفراعين» سياسيا وربما لا يكون كذلك.. لا أعرف، لكن إصدار قرار إدارى لإغلاق القناة سهل جدا لكونها تخالف مواثيق الشرف الإعلامى بوضوح.
لكن هل تحددت مواثيق الشرف الإعلامى أصلا؟! ميثاق الشرف الإعلامى الذى تتم محاكمة قناة «الفراعين» بموجبه، وسيحاكم أى إعلامى آخر بموجبه هو الميثاق الذى وضعه وزير الإعلام السابق أنس الفقى منذ سنوات واستاء كل الإعلاميين منه، لأنه كان مفصلا على معاقبة أى إعلامى يناهض التوريث.. هذا الميثاق هو ما يحدد قرارات هيئة الاستثمار الآن، فما المنطق أصلا؟!
الإعلامية ريهام السهلى رفضت القرار منطلقة من فكرة أنه يعطى لأى أحد الفرصة للعنف ضد صاحب رأى، مشيرة إلى أنه مهما كان اختلافنا أو اتفاقنا مع أسلوب أى قناة أو مع مضمونها فلا ينبغى التعامل معها طبقا للأهواء، لأن هناك شيئا اسمه القانون.. «هو يعنى علشان شخص بيهاجمنى، وآراؤه مش عاجبانى أروح أقفل قناته؟! علشان نبقى دولة محترمة لازم الأول نكون دولة قانون، فى تلك الحالة فقط سنصل إلى النهضة الحقيقية وسنصبح واحدة من أهم الدول فى العالم ودون الالتزام بالقانون لن نتقدم خطوة واحدة للأمام وسنظل فى مكاننا لسنوات ضوئية مقبلة».
بعد غلق مبارك ونظامه ونفس هيئة الاستثمار بنفس آليات تطبيق ميثاق الشرف الإعلامى الذى وضعه أنس الفقى قناتى «الرحمة» و«الحكمة».. قبل عامين من الآن اعترض السلفيون وبعض مشاهدى القنوات من العاديين على قرار وقف البث وأصدروا بيانا ندد بموقف الحكومة من إغلاق القنوات الدينية دون الرجوع إلى المحكمة!
بالطبع لم يقوموا بالتظاهر وقتها ولم يستخدموا العنف.. فقط أصدروا بيانا كنا ضمن من نشره بين كثير من الصحف.. احتراما لحق المعترضين فى التعبير عن رأيهم، وتضامنا وموافقة منا على بيانهم الرافض إغلاق أى قناة دون حكم محكمة، ودون اعتبار للمادة التى كانت تبثها هذه القنوات ولا لمن يعمل فيها.
وبنفس المنطق فلا يجوز لسلطة أن تصدر قرارا بمنع بث قناة بلا حكم محكمة، ولا يجوز لجماعة من الناس أن تروع أحدا لأنه قال رأيا فيصدر قرار غلق لقناته.. لكن يجوز ويصلح ويجب أن يتم تحريك دعاوى قضائية ضد كائن اسمه توفيق عكاشة بتهمة التحريض والحض على العنف والكراهية والعنصرية.. بالقانون.
ويا من تحركتم بحجة تطهير الإعلام من أعداء الثورة فحاصرتم مدينة الإنتاج الإعلامى لترويع وتخويف كل من سوّلت له نفسه مهاجمة الثورة كما زعمتم.. ألا تستحون من كذبكم؟! الإعلام خاض فى شرف البنات وأسهم فى تشويه الثوار وقتل شباب أنقى منا جميعا فى محمد محمود ومجلس الوزراء.. الإعلام يبث رسائله القذرة من اليوم الأول للثورة، ورسائله سواء خاصا أو عاما شوهت الثوار وقضت على الثورة أصلا، وبسبب رسائل بعض الإعلاميين سالت دماء أطهر من فينا.. هل تذكرتم تطهير الإعلام الآن.. توفيق عكاشة هدد مرسى بالقتل أو حرض ضد قتله؟! يا سيدى الدكر الهمام.. توفيق عكاشة قال إن ست البنات نزلت التحرير «مستعرضة شيالة الصدر»! فاكر؟!