رئيس جامعة حلوان يهنئ الدكتورة أماني فاخر بمناسبة تعيينها عضوا بمجلس الشيوخ    الهلال الأحمر الفلسطيني: طواقمنا تدخل سجن عوفر لنقل أسير مريض    خبراء فلسطينيون: قمة شرم الشيخ تعكس دور مصر الداعم للقضية الفلسطينية    محاكمة 54 متهما ب"خلية الهيكل الإداري للإخوان" اليوم    طقس اليوم الإثنين.. انخفاض مستمر بالحرارة| انتبهوا للسعات البرد    إصابة 3 أشخاص فى انقلاب سيارة ملاكى أعلى محور سمير فرج بالأقصر    بعد استشهاده أمس.. ننشر نص وصية صالح الجعفراوي    مصادر تكشف أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات مجلس النواب بعدد من المحافظات    السيسي يمنح ترامب قلادة النيل لإسهاماته البارزة في دعم جهود السلام    إعلام إسرائيلي: الصليب الأحمر أبلغ إسرائيل بتسلمه 7 محتجزين    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الإثنين 13-10-2025 عالميًا.. وعيار 21 بالمصنعية    حزب مارين لوبان يعتزم تقديم اقتراح بسحب الثقة من الحكومة الفرنسية الجديدة    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    بكام الطن اليوم؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض الإثنين 13-10-2025 ب أسواق الشرقية    محمد صبحي: المنافسة في منتخب مصر صعبة بكل المراكز    طريقة تحميل صحيفة أحوال المعلمين 2025 بصيغة PDF من موقع الوزارة (رابط مباشر)    الدرندلي بعد فوز المنتخب: «أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي»    قرارات جديدة بشأن مد الخدمة للمعلمين المحالين إلى المعاش 2025    سعر طن الحديد يقفز 2000 جنيه.. أسعار مواد البناء والأسمنت الإثنين 13 أكتوبر 2025    الأمل فى شرم الشيخ    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    موعد ومقررات امتحانات شهر أكتوبر 2025.. أول اختبار رسمي في العام الدراسي الجديد    بعد 6 أشهر من الحادث.. التصريح بدفن شاب لقى مصرعه خلال حفل زفاف في البحيرة    موعد عرض مسلسل ورود وذنوب الحلقة 2 والقنوات الناقلة وأبطال العمل    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 13 أكتوبر    مصر تعلن قائمة الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ    بدون محصل.. 9 طرق لسداد فاتورة كهرباء شهر أكتوبر 2025    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    ترامب: منحنا حماس موافقة مؤقتة لاستعادة النظام ونوكل لها مراقبة ألا تكون هناك جرائم ومشاكل في غزة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    إعانة وسكن كريم للأطفال.. استجابة إنسانية من محافظ قنا لأسرة الزوجين المتوفيين    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 13 أكتوبر    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    انطلاق تصوير فيلم «شمشون ودليلة» ل أحمد العوضي ومي عمر    سلوكيات تدمر أقوى الصداقات.. تجنبها قبل فوات الأوان    وائل جسار يُشعل ليالي لبنان بحفل طربي قبل لقائه جمهور بغداد    حضور إعلامي دولي واسع لنقل قمة شرم الشيخ للعالم.. 88 وسيلة إعلامية كبرى    صلاح عبد الله: محمد صلاح يستحق أن تُدرّس قصته في المدارس    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاثنين 13102025    عاجل- رئيس هيئة الرعاية الصحية يراجع جاهزية المستشفيات والمخزون الدوائي لقمة السلام بشرم الشيخ    طريقة مبتكرة تعتمد على جزيئات الذهب لعلاج أمراض دماغية خطيرة    خبراء التغذية يحددون أفضل الأطعمة لصحة المفاصل والوقاية من الالتهابات    حسام حسن: صلاح مثل أخي الصغير أو ابني الكبير.. إنه نجم العالم    إبراهيم حسن: اكتشفنا إن صلاح في حتة تانية.. وسننتحر في المغرب للفوز بكأس الأمم    زيزو: التأهل للمونديال لحظة تاريخية.. وأتمنى تحقيق حلم المشاركة في كأس العالم    حصيلة ممتلكات سوزي الأردنية.. 3 وحدات سكنية ومحافظ وحسابات بنكية.. إنفوجراف    على أغانى أحمد سعد.. تريزيجيه يرقص مع ابنه فى احتفالية التأهل للمونديال    مياه الشرب بدمياط تعلن فصل خدمات المياه عن قرية السنانية 8 ساعات    محمود حميدة وشيرين يشاركان فى مهرجان القاهرة بفيلم شكوى رقم 713317    غريب في بيتك.. خد بالك لو ولادك بعتوا الصور والرسايل دي ليك    محمد الشرقاوي لليوم السابع: عروض فرقة المواجهة والتجوال في رفح 18 أكتوبر    أنواع الأنيميا عند الأطفال وأسبابها وطرق العلاج    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    القائمة الكاملة لأسعار برامج حج الطبقات البسيطة ومحدودي الدخل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 12-10-2025 في محافظة الأقصر    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يكرم الطالبة هاجر إيهاب فهمي لتفوقها في القرآن والخريدة البهية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوافق والاختلاف والتنافس فى مجلس الشعب وفى المجتمع
نشر في الشروق الجديد يوم 31 - 01 - 2012

مجلس الشعب يبدأ عمله فى ظروف صعبة للغاية: توقعات هائلة، وعدم وضوح رؤية عن الوضع الدستورى، ووضع أمنى واقتصادى صعب، وخلاف فى المجتمع حول ما إذا كان هذا المجلس أصلا سيستمر وما إذا كانت له شرعية كاملة، أم أنه مجرد كيان مؤقت لن يصمد طويلا أمام رغبة الجماهير فى تغييرات أكثر جذرية. فى وسط هذا الوضع المضطرب، فإن قضية التوافق والتنافس داخل المجلس تكتسب أهمية كبيرة ويلزم التوقف عندها، كما أنها تعبر عن إشكالية أكبر فى المجتمع كله حول ما يمكن التوافق عليه وما يجب أن يكون محلا للتنافس.

الحديث عن ضرورة الوصول إلى توافق مجتمعى لم يتوقف منذ نجاح الثورة فى اسقاط رءوس النظام السابق. لجان ومؤتمرات الوفاق الوطنى، ثم الحوار الوطنى، والمجالس الاستشارية بمختلف أنواعها، ووثيقة الأزهر، ومن قبلها وثيقة السلمى، كل هذه محاولات لم تنجح (ربما باستثناء وثيقة الأزهر) فى أن تحقق هدفها، وهو التوصل لتوافق وإجماع وطنى حول الدستور، ولجنته التأسيسية، وهوية الدولة، وتقريبا كل شىء تم تناوله من خلالها، فانتهت اللجان بالاستقالات أو الحل، والمؤتمرات بمعارك طاحنة، والوثائق بالنسيان والاهمال، بل لعل هذه المحاولات «التوافقية» كانت فى نهاية الأمر بمثابة الفتيل الذى أشعل نارا وبارودا كامنا وساعد على تأجيج الخلاف.

ما سبب فشل هذه المحاولات التوافقية؟ فى تقديرى أن السبب الرئيسى هو إشكالية التوافق ذاتها والولع باللجوء إليه بينما التنافس هو المطلوب وهو الوسيلة الطبيعية للتقدم. فالتوافق أصلا كلمة غريبة، توحى بأن المجتمع يمكنه بشكل ما من خلال ممثلين له غير منتخبين أن يجلس فى غرفة واحدة، ويتفق على المستقبل وعلى شكل الدولة وعلى هويتها، وأن الحاضرين فى هذه الغرفة سوف يخرجون فى نهاية جلسات طويلة وشاقة ليعلنوا للناس أن كل الخلافات قد تم حلها، وأن الاتفاق على كل شىء قد تحقق. هذا تصور مستحيل أصلا وغير قابل للتحقق، كما أنه غير مطلوب من البداية لأن المجتمع يتقدم حينما تتنافس فيه الأفكار والرؤى، فينتصر بعضها ويتراجع البعض الآخر، وحينما يكون هذا الصراع بين الأفكار واضحا وصريحا ومعلنا، بل ومحل مشاركة المجتمع كله.

لماذا لا ننسى موضوع التوافق إذن وننتقل إلى فكرة ثانية ومغايرة تماما، وهى البحث ليس عن الاتفاق والاجماع، وإنما عن كيفية تنظيم التنافس والاختلاف والصراع بحيث تأتى النتائج معبرة عما ترتضيه الأغلبية ولكن دون اهمال دور وحقوق الأقلية؟ والبرلمان خير مثال على ذلك. الحديث عن توافق داخل مجلس نيابى منتخب من الشعب أمر غير معقول وفيه تناقض داخلى. الناس لم تنتخب فريقا قوميا يلعب المباراة مرتديا لباسا واحدا، بل اختارت فرقا لكى تتنافس ولكى تتصارع ولكى يكون خلافها لمصلحة المجتمع والشعب. والمصلحة العامة تقتضى أن يكون التنافس حقيقيا ومستمرا بين التيارات والأحزاب السياسية، لا أن تتكرر محاولات حسم كل خلاف عن طريق المفاوضات فى غرف مغلقة. لذلك فلا أفهم أهمية أن يكون اختيار رئيس مجلس الشعب ووكيليه بالتوافق، بل الصحيح أن يكون بالتنافس (وهو ما حدث بالفعل ويعطى للفائز قيمة ومكانة أكبر من حصوله على موقعه بالاجماع أو بالتزكية)، ولا أرى أهمية أن يكون اختيار رؤساء لجان المجلس بالاتفاق والتفاوض بين الأحزاب، بل ينبغى أن يكون محل صراع وأن تأتى نتيجته معبرة عن توزيع القوى فى المجلس، ولا أتفق مع فكرة أن يسعى المجلس لتحقيق توافق فى المجتمع بينما دوره تحديدا أن يكون ساحة شريفة للتصادم والصراع والمنافسة على الأفكار وعلى المصالح الاجتماعية (وليس الشخصية) وعلى رؤى متباينة فى كل موضوع تقريبا.

الإشكالية الحقيقية هى كيف يمكن الحفاظ على حقوق الأقلية السياسية والاجتماعية من طغيان الأغلبية العددية فى لحظة تاريخية معينة. وهذا بالتحديد ما أقترح أن يتم حله ليس عن طريق سراب التوافق الذى لن يتحقق أبدا إلا من خلال صفقات مشبوهة، بل عن طريق وضع قواعد اللعبة بما يحفظ حق الأقلية فى التعبير، وفى المشاركة، وفى الاعتراض، وفى التعديل، وفى أن تكون حقوقها مصونة. والضمان الآخر لعدم طغيان رأى الأغلبية هو ألا ينعزل مجلس الشعب (أو أى مجلس آخر منتخب) عن الشعب الذى اختاره، ولا يتصور أنه أصبح مصدر الشرعية فى البلد، لأن الشرعية مصدرها الناس وليس المجلس، وبالتالى يظل معبرا طوال الوقت عن الشارع، وعن الميادين، وعن القرى، وعن الحضر، ويظل منصتا لهم ومستجيبا لرغباتهم. المجتمع الواسع بطبيعته أكثر توافقا واعتدالا من القوى السياسية التى تزعم أنها تمثله، والرجوع للناس هو ما يكبح طغيان الأغلبية على الأقلية.

دعونا ننسى التوافق الذى لا يعنى فى نهاية الأمر إلا أن يتم تحديد مقدرات الأمة بناء على صفقات بين رؤساء الأحزاب ومفاوضيهم، ولنجرب قليلا التنافس. وليكن مجلس الشعب الجديد فرصة للتخلص من الخوف من أن تؤدى المنافسة إلى نتائج وخيمة وعواقب غير محمودة، فلا سبيل للتقدم سوى النزول إلى الملعب والاشتراك فى المباراة. أما الجلوس فى غرفة مغلقة والتفاوض حول نتيجتها فلن يحقق سوى نتيجة مزورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.