فى الأسابيع الأخيرة كان الانتباه الدولى موجها نحو الثورات العربية، وبصورة خاصة نحو مصر وسوريا. لكن بالنسبة إلى إسرائيل فإن الاستقرار الداخلى فى الأردن هو الذى يؤثر فيها بصورة مباشرة. وعلى الرغم من موجة التظاهرات التى شهدها الأردن فى ربيع 2011، فقد نجح الملك عبدالله فى تأمين استقرار المملكة والحيلولة دون نشوب ثورة فيها على غرار الثورات التى اندلعت فى الدول المجاورة. لكن التحليل الذى أجرته مجموعة الأزمات الدولية لهذه التظاهرات أظهر بعض الحقائق اللافتة، إذ تبين أنه بالإضافة إلى الأردنيين من أصل فلسطينى الذين شاركوا فى التظاهرات، كان هناك أيضا قبائل أردنية من الضفة الشرقية، التى هى، تقليديا، قبائل مؤيدة للعائلة الهاشمية المالكة، واتضح أيضا أن شعورا بعدم الرضى وبالاستياء يسود منذ عدة عقود هذه المجموعة من السكان. فخلال حكم الملك حسين كان عدد كبير من الأردنيين من سكان الضفة الشرقية يكافأون على ولائهم من خلال توظيفهم فى وظائف الدولة أو فى الأجهزة الأمنية، التى استُبعد عنها الفلسطينيون الذين توجهوا نحو القطاع الخاص، لكن بدءا من التسعينيات، وفى إثر التقليص فى النفقات وخصخصة عدد من القطاعات العامة، تضرر الأردنيون من الضفة الشرقية بصورة مباشرة، الأمر الذى أدى فى الفترة الأخيرة إلى ارتفاع معدلات الفقر بينهم. من يعرف جيدا الساحة الأردنية، لن يفاجأ بتعاطف قبائل الضفة الشرقية مع العقيدة الجهادية، إذ يوجد بين هؤلاء مَن قاتل فى أفغانستان. ومن أبرز النماذج على ذلك أبومصعب الزرقاوى، الذى ينتمى إلى قبيلة بنى حسن المعروفة بولائها للهاشميين، والذى تحول إلى زعيم تنظيم القاعدة فى العراق «حتى اغتياله فى سنة 2006». وقد شهدت الفترة الأخيرة نشوء شبكات جهادية فى إربد بالقرب من الحدود الأردنية السورية.
فى فبراير 2011، حذر زعماء 36 قبيلة بدوية من الضفة الشرقية الملك عبدالله من اندلاع ثورة إذا لم يباشر فى تطبيق إصلاحات شاملة. ووجد ملك الأردن نفسه مضطرا إلى العمل على إرضاء قسمين من الشعب الأردنى: فمن جهة هناك البدو الذين يشعرون بالغبن ويطالبون بإصلاحات تزيد مداخيلهم، ومن جهة أخرى هناك الفلسطينيون الذين يتطلعون إلى زيادة قوتهم السياسية.
فى مطلع آب/أغسطس، وافق صندوق النقد الدولى على منح الأردن قرضا ب2.06 مليار دولار، وكانت هذه الخطوة ضرورية لمساعدته على القيام بالمهمة المطلوبة منه. كذلك سيضطر الأردن على المدى البعيد إلى تحسين علاقته بالسعودية وبدول الخليج، وتجدر الإشارة إلى أن السعودية قدمت العام الفائت مبلغ 1.4 مليار دولار مساعدة للأردن، ودعته إلى المشاركة فى اتحاد التعاون الخليجى. لكن منذ ذلك الوقت اصطدمت هذه العلاقة بعقبات، وتوقف وصول المساعدات المالية من السعودية.
وينبغى التشديد على الدور الذى يمكن أن يؤديه الأردن فى المدى البعيد فى كبح التمدد الإيرانى، فهو يقع على حدود العراق، الذى يقوم رئيسه نورى المالكى بخدمة المصالح الإقليمية الإيرانية. وسبق للأردن أن أرسل قوات إلى مملكة البحرين، التى تشهد انتفاضة مدعومة من إيران، كما اقترح تدريب الجيش اليمنى الذى يقاتل ميليشيات شيعية موالية لطهران.
من هنا يمكن القول إن فى مصلحة الولاياتالمتحدة وحلفائها الدفاع عن الاستقرار الاقتصادى فى الأردن.