رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    ضبط تشكيل عصابي انتحلوا صفة لسرقة المواطنين بعين شمس    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    ارتفاع سعر الجنيه الذهب اليوم الجمعة 9 مايو 2025    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 9 -5 -2025 الطن ب 4000 جنيه    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    «الأونروا» تؤكد: من الصعب جدّا توزيع المساعدات الإنسانية في غزة من دونها    السيفيتشى ولحم الماعز .. أبرز الأطباق المفضلة لبابا الفاتيكان الجديد    المستشار الألمانى يطالب ترامب بإنهاء الحرب التجارية وإلغاء الرسوم الجمركية    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    محمد صلاح يواصل كتابة التاريخ مع ليفربول.. رقم قياسي بجائزة لاعب العام    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    حافلة الزمالك تصل إلى ستاد المقاولون العرب لمواجهة سيراميكا    الدفع ب 10 سيارات مياه الشرب و12 إطفاء للسيطرة على حريق شون الكتان بالغربية    إصابة 10 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص على طريق الواحات بالمنيا    في «دورة الأساتذة».. تكريم «حنان مطاوع ورياض والغرباوي» بالمهرجان العالمي للمسرح    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    ملتقى الثقافة والهوية الوطنية بشمال سيناء يؤكد رفض التهجير والتطبيع مع الكيان الصهيوني    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    مصر أكتوبر: مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات موسكو تعكس تقدير روسيا لدور مصر    ضبط لصوص الهواتف المحمولة والمساكن في القاهرة    دون وقوع إصابات... سقوط سلك كهرباء تيار عالي على 3 منازل بكفر الشيخ والحماية المدنية تخمد الحريق    ضبط شخص بالوادي الجديد لقيامه بالترويج لبيع الأسلحة البيضاء بمواقع التواصل    إدارة شئون البيئة بالإسماعيلية تعقد حلقات حوارية للصيادين ببحيرة التمساح (صور)    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    رئيس مصلحة الضرائب: رفع نحو 1.5 مليار وثيقة إلكترونية على منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن    وزير الري يؤكد سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ دعما للمستثمرين    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز توت عنخ آمون استعدادا للافتتاح الرسمي    محمد رياض يعلن تشكيل اللجنة العليا للدورة ال18 للمهرجان القومى للمسرح    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    قصة وفاء نادرة.. كيف ردّ النبي الجميل لامرأتين في حياته؟    صادرات الصين تتخطى التوقعات قبيل محادثات مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    «الصحة» تُطلق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد والجهاز الهضمي    لطفل عمره 13 عامًا وشقيقته هي المتبرع.. نجاح أول عملية زرع نخاع بمستشفى أبوالريش المنيرة    إطلاق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد ومراكز الجهاز الهضمي باستخدام تكنولوجيا التطبيب «عن بُعد»    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    وزيرة البيئة: التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا عوامل مُمكّنة وحاسمة للعمل المناخي    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حواديت الرعب
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 02 - 2012

هذه بعض الحواديت التى استمعت إليها يوم الأربعاء الماضى. يوم مسيرة الألتراس.

عرفت منذ عام أن كليتى بدأت تعطب. بدأت بعدها أجزاء أخرى متناثرة فى أنحاء جسدى تتداعى واحدة بعد الأخرى. هذا فى الوقت الذى انخفض فيه دخلى بمعدل يفوق الخمسين فى المائة. يبدو أن الماكينة التى ورثت شفرتها عن أجدادى لا يتعدى عمرها الستين عاما، هذه السن التى بلغتها منذ عام ونصف العام. أصبت منذ ثلاثة أيام بوعكة صحية، فجمعت ما أملك من مال، وأخذت من زوجتى ما كان فى جعبتها. كان ما جمعته هو مبلغ سبعمائة وعشرين جنيها. أخذت هذا المبلغ وتوجهت إلى مستشفى العجوزة. كنت أعرف من خلال اتصالى بطبيب من العائلة قيمة الفحوصات الطبية التى يجب أن أجريها، وكانت قيمتها تقترب من المبلغ الذى فى جيبى. وصلت إلى المستشفى ظهرا، وأخذت دورى فى انتظار الطبيب، وجلست فى الردهة داخل المستشفى. اقترب منى رجلان فى نحو الثلاثين من العمر، جلس الأول عن يمينى ثم جلس الآخر عن يسارى بعد أن تفحصنى جيدا، ثم أخرج كل منهما مطواة وضعاها فى جنبىّ، وطلب منى أحدهما فى صوت هادئ أن أخرج ما معى من نقود، وأن أخرج هاتفى المحمول وأخلع ساعتى. نظرت من حولى عسى أن أجد أحدا أطلب منه المعونة. فقال لى نفس الرجل أننى لو حاولت الاستغاثة فسوف يقتلوننى فورا ولن يجدوا فى ذلك أى مشكلة. كان هناك رجال شرطة ورجال أمن فى المستشفى رأيتهم وأنا داخل. ولكننى لم أشاهد أيا منهم فى هذه اللحظة. فكرت قليلا وقررت أن أنفذ ما طلبوه منى، فمن الغباء المقاومة فى الزمن الذى أستمع فيه كل يوم عن تساقط قتلى من جراء حالة الفوضى العارمة التى تضرب البلاد. أخذوا ما معى وطلبوا منى ألا أفتح فمى بكلمة. وقفت بعد أن اختفوا، وتوجهت فى صمت إلى المنزل. وعندما سألتنى زوجتى عن نتيجة التحاليل. طمأنتها وقلت لها إن الماكينة بدأت أخيرا تستعيد لياقتها القديمة.

●●●

كانت الساعة الواحدة صباحا عندما اتصل بى أخى. قال لى إن زوجته على شفا الولادة، وإنه يجب نقلها إلى المستشفى. كنت الوحيد فى عائلتى الصغيرة الذى يمتلك سيارة. اشتريتها منذ عامين بعد أن فشلت خطوبتى، فدفعت فيها ما كنت أتوقع أن أدفعه فى زيجتى. قلت لأخى الأكبر إننى قادم إليك كالحمامة. نزلت مسرعا وتوجهت إلى شارع السودان ومنه إلى المحور، ثم يسارا فى الطريق الدائرى. وقبل أن أصل بقليل إلى الطريق المؤدى إلى المريوطية، خرج من السور عن يمينى صبية لا تتعدى أعمارهم العشرة أعوام، وبدأوا بكل حماسة فى إلقاء بيض نىء على الزجاج الأمامى للسيارة. البيض له خاصية غريبة. فهو عندما ينكسر على زجاج يفرش صفاره ويغطى مساحة كبيرة، بحيث تعجز تماما عن الرؤية من خلاله. وإذا أدرت المسّاحَة، فسوف تزيد الطين بلة. لا أعرف ماذا دهانى ولكننى خفت أن أضع أقدامى على الفرامل، فتحت بسرعة زجاج باب السيارة، وأخرجت نصف جسدى العلوى من النافذة، فوجدت ثلاثة رجال يقفون أمامى وفى أيديهم مسدسات. كانوا يتوقعون أن أقف عندما لا أرى شيئا من أمامى. أدخلت جسدى مرة أخرى وزدت من سرعة السيارة. استمعت ارتطام السيارة بأجسادهم، ثم إلى تهشم عظامهم. كان صوت انكسار العظم مريعا والسيارة تمر فوق أجسادهم. جريت بالسيارة كما لم أجر من قبل. كنت فى حالة رعب أن يكون لدى هؤلاء اللصوص زملاء لهم ينقضون علىّ من جوف الظلام. توقعت هذا الانقضاض فى كل لحظة حتى وصلت إلى العمارة التى يسكن فيها أخى. تسلقت الدرجات وكأن شيطانا أمرد يجرى خلفى حتى وصلت إلى باب الشقة. كانت جارتهم العزيزة قد قامت باللازم، ورزق أخى بابنة حلوة. أتمنى أن تعيش فى زمن بلا قتلة ينتشرون فى الشوارع.

●●●

كنت، فى السنوات الخمس الأخيرة، أعمل حارس أمن فى أحد فنادق الغردقة. ولكن، ومنذ خمسة أشهر، قامت إدارة الفندق بالاستغناء عنى وعن آخرين. ظللت بعدها أبحث عن عمل دون جدوى. حتى عرض علىّ عم صديق لى أن أعمل سائقا لسيارة أجرة يمتلكها. كنت قد عملت سائقا من قبل، فقبلت من فورى على أساس أن لدى خبرة فى هذا المجال. ولكننى فوجئت أن الشوارع أصبحت مرصوفة فوق فوهة عملاقة من براكين الرعب. منذ أسبوع أوقفنى طفل فى التاسعة من عمره، وطلب منى الذهاب إلى شبرا الخيمة. استغربت أن طفلا فى مثل سنه يسير فى الشوارع دون أهله. سألته إذا كان لديه ما يسمح له أن يدفع لى الأجرة، فقال لى إن والده سوف يدفع لى أجرتى وفوقها «بوسة». كان يعرف الطريق وكأنه شيخ حارة. وصلت إلى المكان الذى حدده لى. قفز من السيارة وجرى نحو بناية قديمة وصرخ قائلا إن والده سوف يحضر حالا. كنت فى طريق واسع غير مرصوف. من ناحية سور كبير لمبنى حكومى، أو يمكن أن يكون سورا لمصنع ومن الناحية الأخرى عمارات شبه متهدمة. خرج من البناية رجل ضخم الجثة. وتبعه أربعة رجال. فتح باب السيارة، وسحبنى من ذراعى فأخرجنى من العربة، وهوى بقبضته الضخمة على وجهى بقوة جبارة فسقطت على الأرض. أخرج أحدهم مدفعا آليا، وأخرج آخر مسدسا ضخما. فصرخت قائلا إننى لا أملك شيئا من نور الدنيا. فركلنى الرجل الضخم فى بطنى فصرخت من الألم. ثم أخرج سكينا بحجم السيف. ووضع حافته على رقبتى. ثم ضرب نصله فى ذراعى فتفجر الدم. مد آخر يده فى جيبى يفتشنى. وأخرج أربعة جنيهات كانت فى جيبى. خرج الطفل من المبنى ودخل الجميع فى سيارة الأجرة وتركونى أسبح فى بركة دمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.