توافد أبناء الجالية المصرية في كينيا وإثيوبيا للإدلاء بأصواتهم في اليوم الثاني للتصويت بانتخابات مجلس النواب    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة لمصاب بسلالة جديدة من إنفلونزا الطيور    مصر تحصل على 250 مليون دولار لدعم مشروعات خفض الانبعاثات الصناعية    التعليم العالي: معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    غنيم: خطة الصناعة لتحديد 28 فرصة استثمارية خطوة استراتيجية لتعزيز التصنيع المحلي    إنفوجراف| أهم ما جاء في مسودة خطة السلام الأمريكية لأوكرانيا    غزة والسودان والاستثمارات.. تفاصيل مباحثات وزير الخارجية ونظيره النيجيري    وزير الرياضة يهنئ الحسيني بعد توليه رئاسة الاتحاد الدولي للسلاح    تشيلسي يتقدم على بيرنلي في الشوط الأول    انطلاق معسكر مغامرات نيلوس لتنمية وعي الأطفال البيئي فى كفر الشيخ    الأهلي ينعي نبيل خشبة أمين صندوق اتحاد كرة اليد    رسميًا.. لا يشترط وجود محرم للسيدات دون 45 عامًا خلال الحج    سحب 625 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    إصابة 4 أشخاص بنزلة معوية إثر تناول وجبة فاسدة فى الفيوم    ليست المرة الأولى لوقف إسلام كابونجا عن الغناء.. مصطفى كامل: حذرناه ولا مكان له بيننا    السيدة انتصار السيسي تشيد ببرنامج «دولة التلاوة» ودوره في تعزيز مكانة القرّاء المصريين واكتشاف المواهب    رمضان 2026 - أول صورة ل عمرو سعد من مسلسل "الريس"    قبل عرضه.. تعرف على شخصية مي القاضي في مسلسل "2 قهوة"    وزير الصحة يتفقد مشروع مبنى الطب الرياضي بالمعهد القومي للجهاز الحركي    علاج نزلات البرد، بطرق طبيعية لكل الأعمار    الرعاية الصحية: حماية صحتنا تتم من خلال طريقة استخدامنا للدواء    "رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب    «من تركيا للسويد نفس الشبكة ونفس النهب».. فضيحة مالية تضرب شبكة مدارس تابعة لجماعة الإخوان    شهيد في غارة إسرائيلية جديدة على جنوب لبنان    حبس المتهمين بالاعتداء على أطفال المدرسة الدولية بالسلام 4 أيام على ذمة التحقيقات    قرقاش يدعو لوقف حرب السودان فورا ومحاسبة طرفي النزاع    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    الإحصاء: 10.6% ارتفاعا في حجم الصادرات المصرية إلى مجموعة دول العشرين خلال 9 أشهر    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    وزير الثقافة يختتم فعاليات الدورة ال46 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي    27 ديسمبر.. الحكم في اتهام مها الصغير في قضية اللوحات الفنية    مايان السيد: "عانيت من الخوف سنين ومعنديش مانع أتابع مع طبيب نفسي"    الإفتاء يوضح حكم التأمين على الحياة    محافظ المنيا: تنفيذ 3199 مشروعا ب192 قرية في المرحلة الأولى من حياة كريمة    زجاجة مياه تتسبب في فوضى بعد قمة عربية بدوري أبطال أفريقيا    لاعب الاتحاد السكندري: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    تعافٍ في الجلسة الأخيرة، الأسهم الأمريكية تقفز 1% رغم الخسائر الأسبوعية    بث مباشر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا 2025.. مشاهدة دقيقة-بدقيقة والقنوات الناقلة وموعد اللقاء    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    عاشور: زيارة الرئيس الكوري لجامعة القاهرة تؤكد نجاح رؤية الوزارة في تعزيز الشراكة العلمية    دعم العمالة المصرية بالخارج وتوفير وظائف.. جهود «العمل» في أسبوع    مصرع عنصر جنائي شديد الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا    تشيلسي في مواجهة سهلة أمام بيرنلي في البريميرليج    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع في الحرارة العظمى إلى 29 درجة مئوية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    ليلة فرحها.. جنازة مهيبة لعروس المنوفية بعد وفاتها داخل سيارة الزفاف    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    انتخابات مجلس النواب بالخارج، التنسيقية ترصد انطلاق التصويت في 18 دولة باليوم الثاني    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقال زيوس: (شو تايم)
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 03 - 2012

بدأ العرض المسرحى الهزلى للانتخابات الرئاسية المصرية وسط اهتمام عام بهذا الحدث الدرامى الشيق. يحاول كل مصرى هذه الأيام تحديد مرشحه الذى سوف يقف إلى جانبه، بالتصويت لصالحه والدعاية له وسط دائرة أصدقائه ومعارفه. هناك حالة فرحة بفكرة أن الديمقراطية تطرق أبواب الحياة السياسية المصرية. بدأ العرض دون توافر الحد الأدنى من الشروط اللازمة لبدء انتخابات رئاسية. وعلى الرغم من عدم توافر هذه الشروط وأهمها وجود دستور وتفعيل قوانين حياة سياسية رشيدة وفتح الباب للحريات السياسية دون قمع ودون تقييد إلا أن معظم المصريين يعتقدون أن الانتخابات الرئاسية القادمة سوف تتحدد نتائجها وفقا للجهد الذى سوف يبذله كل مرشح لرئاسة جمهورية مصر، ووفقا لما سوف يطرحه من برامج ورؤى سياسية واقتصادية وتبعا لوزن معسكره الأيديولوجى فى الواقع السياسى المصرى. وأنا وعلى العكس مما يعتقده الأغلبية من المصريين أعتقد أن رئيس مصر القادم سوف يكون من تحدده المؤسسة العسكرية المصرية ومعها أجهزة الدولة، من جهاز المخابرات العامة إلى أجهزة وزارة الداخلية إلى الأجهزة الإدارية المختلفة دون اعتبار لأى شروط أخرى.

هل سوف يفوز هذا المرشح المدعوم من المؤسسة العسكرية بالتزوير؟

سوف يفوز بانتخابات حرة ونزيهة.

وكيف إذن سوف يفوز مرشح المؤسسة العسكرية بغض النظر عن الجهود التى سوف يقوم بها باقى المرشحين؟

لأن الديمقراطية التمثيلية كما تمت صياغة شقها الإجرائى من صناعها قائمة على منح شعور للمواطن بأنه يختار رئيس الجمهورية، ولكن الحقيقة أن من يختار هم أصحاب السلطات المالية والسياسية والاقتصادية (وفى بعض الأحيان الدولية) الذين يديرون دفة الأمور. يشارك جميعهم فى المسرحية، يؤدون أدوارهم، ويوزعون الأدوار الأخرى. ويمكن فى بعض الأحيان أن يختاروا أكثر من مرشح ويضعونهم فى سباق، ثم يستمتعون بمشاهدة السباق كما كان يفعل «زيوس» فى بعض الأفلام الهوليودية وهو يستمتع هو الآخر بمشاهدة من صنعهم من بشر وهم يتعاركون. هذه الديمقراطية التمثيلية قامت لحماية أصحاب رءوس الأموال وللدفاع عن مصالح الأغنياء، وتم تطوير آلياتها ليفرح بها الفقراء.

أنا هنا أتحدث عن الشق الإجرائى للديمقراطية التمثيلية وليس عن القيم (المسماة) ديمقراطية والتى تطورت عبر قرنين من الزمان نحو إعادة صياغة كاملة للعلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمواطنين.

وكيف سوف ينجح مرشح المؤسسة العسكرية؟

● سوف يدعم هذا المرشح العديد من القوى المتحالفة مع المؤسسة العسكرية فى صياغة البناء السياسى الذى سوف يحكم مصر خلال السنوات الخمس القادمة، وهم أجنحة من رجال الأعمال (الفلول) والإخوان المسلمين وقوى مصرية مختلفة محافظة، وقوى إقليمية ودولية.

● سوف يتم دفع عجلة الإعلام الذى يمتلكه رجال أعمال، حريصون على حماية مصالحهم المالية المتشابكة، وقوى إسلامية محافظة تعرف حدودها جيدا أمام المؤسسة العسكرية، وقوى حصلت على أموالها من دول الخليج بتلميع هذا المرشح ودعمه بكل قوة عن طريق أوامر مباشرة من المؤسسة العسكرية القادرة على التعامل مع شركائها بكل حسم.

● سوف يتم تخصيص ميزانيات ضخمة وعلى الأرجح هائلة للحملة الإعلامية والسياسية لهذا المرشح فى الأسبوعين السابقين لتاريخ الانتخابات، عارفين أن نسبة كبيرة من المصريين لم تقرر بعد، ومدركين أن الحملات الإعلامية عمرها قصير والذاكرة محدودة والتاريخ السياسى الحقيقى للمرشحين الآخرين منعدم للجميع.

● تم فتح باب الترشح دون تقييد هذا التقديم للترشح بالضوابط والشروط الثلاثة المعلنة فى التعديلات الدستورية. فكانت هذه الأعداد الكبيرة التى وصلت إلى مئات المرشحين. الأمر الذى أدى إلى مزيد من الالتباس لدى نسبة كبيرة من المصريين. وهو الأمر الذى سوف يسهل الدفع الأخير لمرشح المؤسسة.

● سوف تتأثر نسبة كبيرة من المصريين أثناء الإدلاء بصوتها بكون هذا المرشح مدعوم من جهاز الدولة. يجب ألا ننسى هنا أننا أقدم دولة فى التاريخ وأن للدولة هيبتها مهما ظنت النخبة أن أنف هذه الدولة تم دفسها فى التراب.

● سوف تلعب أذرع الجهاز الإدارى شديد العراقة للدولة المصرية دورا مهما فى دعم هذا المرشح. فهذه الأذرع موجودة فى كل قرية وكل نجع. كل العمد علاقاتها معروفة بالجهاز الإدارى العتيد. وسوف تلعب هذه الأجهزة دورا تم دراسته لإنجاح مرشح المؤسسة.

● أعتقد أن نسبة المشاركين فى الانتخابات الرئاسية سوف تكون مقاربة للنسبة التى توجهت إلى صناديق الاقتراع فى الانتخابات التشريعية الأخيرة. وهنا سوف تكون نسبة المكون الأيديولوجى فى اختيار الناخبين محدود. فسوف تلعب مكونات غير فكرية وغير مذهبية الدور الأكبر فى اختيار الناخب لرئيس الجمهورية. وسوف يستفيد مرشح المؤسسة العسكرية المدعوم من القوى المحافظة (المالية والإسلامية) من هذا الأمر.

● سوف يكون للأداء الممتاز للمؤسسة العسكرية وحلفائها فى الفتك بالحريات العامة وشن حملات إعلامية ضد من يتحدث باسم هذه الحريات وباسم حقوق الانسان دورا مهما فى دفع مرشحهم.

● من خلال تحليلى للواقع السياسى، أرى أن هناك اتفاقا واضحا تم عقده مباشرة بعد سقوط مبارك من قبل قوى مختلفة محلية ودولية على أن يكون رئيس جمهورية مصر القادم من رجال الدولة غير المنتمين للقوات المسلحة وغير المنتمين لما يطلق عليه الفكر الإسلامى. بمعنى رئيس جمهورية مدنى يدعم الفكر الرأسمالى فى المجال الاقتصادى، ويدعم التقارب المصرى الأمريكى ويحترم التعاهدات الدولية (أى معاهدة كامب ديفيد). ويكون البرلمان بأغلبية إسلامية ورئيس الوزراء القادم ينتمى للتيار الإسلامى. وبالتالى مرشحون لرئاسة الجمهورية كمنصور حسن وعمرو موسى هم الأقرب للفوز. وهو نفس ما حدث فى تونس وما يحدث فى المغرب. فالولايات المتحدة الأمريكية الدولة التى تستعمر الوطن العربى منذ قرابة الأربعين عاما، قد عملت بكفاءة خلال هذه الحقب الأربع وتمارس هيمنة غير مباشرة فى بعض الأحيان، قد وضعت تصورات يتم تطبيقها على الجميع.

● من المتوقع أن يفوز هذا المرشح بعد معركة حامية الوطيس مع مرشح آخر ينتمى للتيار الإسلامى. ليكون للعرض المسرحى نكهة. من المرجح أن يكون هذا المرشح هو الداعية الإسلامى حازم صلاح أبوإسماعيل. هذا التنافس الكبير سوف يجعل للديمقراطية طعما محببا للشعب المصرى. فترتفع الآهات عجبا وإعجابا. فوداعا لنسب التسعين فى المائة وأهلا بنسب الخمسين فى المائة. فالديمقراطيات تعشق النسب المتقاربة وإلا فسوف تفقد المباراة رونقها. ولذلك تفرد الفضائيات ساعات لتلميع النجم الجديد الساطع من الدقى، ولا أحد يسأل عن الميزانيات الضخمة التى تجعل صورة حازم صلاح أبوإسماعيل موجودة فى كل أحياء القطر المصرى.

هل هذا معناه أن الثورة تم إجهاضها بالكامل، وأن المستعمر الأمريكى ومعه المؤسسة العسكرية المصرية وجناح من رجال الأعمال (الذين سطعوا فى حقبة مبارك) والإخوان المسلمين والقوى الإقليمية المحافظة (بما تمتلكه من رءوس أموال) سوف يستكملون مسيرة مبارك بنظام سياسى جديد أكثر تطورا؟ نظام «مبارك 2 إس» على سبيل المثال؟

لا أظن. فمصر ليست آى باد أو آى فون.

●●●

الثورة المصرية مازالت فى مراحلها الأولى. بدأت معارك الحرية فى مواقع مصرية عديدة. تفجرت الطاقات الإبداعية كالشلال. هناك من يعمل فى كل مصنع وكل مؤسسة بكل جد لإحداث نهضة نوعية فى تركيبة علاقات العمل. بدأت قوى سياسية جديدة فى التبلور. نعم هذا التبلور سوف يحتاج إلى سنوات، ولكن الجميع يعرف أن الطريق طويل.

لا يهم فى الحقيقة اسم الرئيس القادم، وعلينا ألا ننشغل به كثيرا. ولكن المهم أن ننشغل فى كيفية رصف طريق الثورة الطويل نحو الحرية والعدالة الاجتماعية. يجب أن نعمل فى إعادة بناء البنية التحتية للنظام السياسى والاجتماعى المصرى وندعهم الآن يسكنون على «الروف» فى انتظار أن نسقطهم منه ونحن نقف فوق أرض صلبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.