●● عندما قلت قبل أسابيع إننا فى أيام صعبة، وأن الأصعب لم يأت بعد، كنت أرى هذا المشهد مسبقا، ووصفته قبل أن أشهده. قلت سوف تكبر كرة النار حين تعلن العقوبات على المصرى، وسوف ترفض العقوبات فى بورسعيد، وسوف ترفض فى الأهلى، وسوف ترفض فى جميع الأوساط.. فلم يعد العقل موجودا، ولم تعد الشجاعة موجودة، ولم تعد الأخلاق موجودة، ولم تعد المصلحة العامة موجودة، ولا أدرى ماذا بقى لنا وماذا يوجد.. أنظر حولى فأرى تلال الفوضى تكبر مثل جبال القمامة.. أرى صوت الجهلاء والأغبياء والجبناء والحمقى والموتورين والمضللين والمزايدين واللاعبين بالنار والذين أدمنوا النفاق.. نفاق الناس والجمهور والمشجعين والمشاغبين.. ●● قلنا ألف مرة إن قيمة القرار وقوته فى توقيته، والواقع أن القرارات الخاصة بكارثة بورسعيد لم تتأخر فحسب، وإنما صدرت بعد هجوم مضاد قاده شخصيات عامة ونواب فى البرلمان، وصحفيون يدفعون عن أنفسهم تهمة الصمت نحو أبناء دائرتهم أو جيرانهم وأصدقائهم، ولا يدافعون عن سقوط ضحايا العنف وتعصب ممجوج ومريض.. وهؤلاء جميعا هم اول من أقحم بورسعيد فيما لم تقحم فيه، هم الذين خلطوا الأمور، ووضعوا بورسعيد بأهلها وشبابها وكياناتها فى سلة واحدة مع الذين ارتكبوا الجريمة، وكان ذلك بدفاعهم غير المفهوم عن المدينة، وهى ليست متهمة ولا يجب أن تكون متهمة؟
●● كانت القرارات مضحكة لأنها صدرت بترتيب هزلى، بقدر ما يدعو للتأمل، فقد بدأت القرارات بعقاب الأهلى وجوزيه وحسام غالى ثم استاد المصرى ومن شوهوا النادى فى كتاب التاريخ.. بدأت العقوبات بالمفعول به، ثم بالفاعل..؟
●● الآن نحن فى الصعب الذى جاء، فبورسعيد تغلى، وهناك مظاهرات وقعت وتهديدات مضادة خرجت من فريق ألتراس المصرى وردا على بيان ألتراس أهلاوى.. وكلاهما بيان مرفوض فى صياغته، وفى مضمونه، فالحق يأتى بالحق. الحق يسترد بالقانون. الحق حق مهما طال الزمن.. الحق لا يمكن أن ينتزع بالقوة أو بالعنف أو بالفوضى.. وهذا التلويح يفتح الباب للدخول إلى دائرة جهنمية سوف يسأل عنها كل من دعا إليها، سوف يسأل أمام المجتمع قبل القانون.
●● الرياضة وكرة القدم ليست لغوا ولا لهوا، ولا شرا من الشرور.. كرة القدم توحد الناس والشعوب، ولكنها هنا تبدو مبررا لافتعال أزمات وكوارث، مدفوعة بتدبير شياطين وأشقياء وفاسدين، يبذلون جهودا مضنية من أجل دفن كل ما هو جميل وما كان جميلا فى هذا البلد..
ومرة أخرى أتساءل: هل نلوم كرة القدم أم نحاسب الذين امتطوا كرة القدم واستخدموها فى العنف والثأر.. هل نلوم كرة القدم لأن القانون ظل غائبا ومترددا أمام الشغب والاعتداءات..؟
لم يعد هناك ما نقوله، لا يوجد هناك ما نقوله سوى انه بدون القانون، وعدل تطبيق القانون لا أمل فى أى إصلاح.. وانسى.. يا محمد ويا جرجس ويا.. عمرو؟