"إبراهيم" يتفقد أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة كفر الشيخ الأهلية    رئيس الوزراء يتابع أنشطة ومشروعات الهيئة العربية للتصنيع في مجال الصناعات المدنية والتدريب والتأهيل    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    «فتح»: نتنياهو لا يريد الخروج من قطاع غزة ويتذرع بأي ذريعة    الاحتلال الإسرائيلي يغلق بوابة "عطارة" وينصب حاجزا قرب قرية "النبي صالح"    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    إصابة محمود جهاد وإيشو خلال مباراة الزمالك وبلدية المحلة    الانتهاء من تطوير ملعب مركز شباب الأحراز بالقليوبية    حبس مسؤولي مركز إدمان مخالف بالمريوطية بعد واقعة هروب جماعي    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    الازهر للفتوى: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل من خلال ظواهر الكون جريمة    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام بمحافظة الغربية    ضبط 3 متهمين تعدوا على جيرانهم وجرحوا أحدهم فى خلافات سكنية    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    ميلان يضرب بقوة ويكتسح فيرونا بثلاثية نظيفة في الكالتشيو    نجوم الفن يشيعون جثمان المخرج داود عبد السيد.. صور    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    رئيس وزراء بولندا: وجود ضمانات أمنية ملموسة لأوكرانيا تعني بولندا أكثر أمانًا    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    أكرم القصاص للأحزاب الجديدة: البناء يبدأ من القاعدة ووسائل التواصل نافذة التغيير    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    انطلاق أعمال لجنة اختيار قيادات الإدارات التعليمية بالقليوبية    من مستشفيات ألمانيا إلى الوفاة، تفاصيل رحلة علاج مطرب المهرجانات "دقدق"    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية تحتفل بيوبيلها الفضي.. 25 عامًا من العطاء الثقافي وصون التراث    رحيل أسطورة الشاشة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر 91 عامًا    وليد الركراكي: أشرف حكيمي مثل محمد صلاح لا أحد يمكنه الاستغناء عنهما    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    الزمالك يصل ملعب مباراته أمام بلدية المحلة    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    انتظام حركة المرور بدمياط رغم سوء الأحوال الجوية    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    مي كساب تبدأ تصوير مسلسل «نون النسوة» استعدادًا لرمضان 2026    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    ولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية العراقية قبيل عقد أولى جلسات البرلمان الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    مد غزة ب7400 طن مساعدات و42 ألف بطانية ضمن قافلة زاد العزة ال103    أحمد سامي: تعرضت لضغوطات كبيرة في الاتحاد بسبب الظروف الصعبة    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    لافروف: القوات الأوروبية في أوكرانيا أهداف مشروعة للجيش الروسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حق الترشح يعلو على حق الانتخاب للمصريين بالخارج
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 11 - 2011

كان على الدولة أن تحسم أمرها فى شأن تصويت المصريين بالخارج فى الانتخابات على أثر حكم محكمة القضاء الإدارى فى هذا الشأن. أمر محمود ولا شك أن يتم تفعيل ممارسة هذا الحق، ويعد خطوة نحو إعادة الأمور إلى نصابها. غير أننى أعتقد أن هذه الخطوة على أهميتها، لا ترقى إلى المستوى المطلوب فى تمثيل المصريين بالخارج التمثيل الصحيح بمجلس الشعب.

وقبل أن أتطرق لشرح الفكرة، من المهم الإشارة إلى ما نص عليه قانون الهجرة ورعاية المصريين فى الخارج رقم 111 الصادر فى أول أغسطس 1983 من أن المصريين المهاجرين إلى الخارج سواء بصفة دائمة أو موقوتة، «يظلون محتفظين بجنسيتهم المصرية، ولا يترتب على هجرتهم الدائمة أو الموقوتة، الإخلال بحقوقهم الدستورية أو القانونية التى يتمتعون بها بوصفهم مصريين، طالما ظلوا محتفظين بجنسيتهم المصرية» (المادة الأولى من القانون) إذن فالمهاجر المصرى يتمتع بالحقوق التى كفلها الدستور بما فى ذلك حق الترشيح وحق الانتخاب. وأكثر من ذلك نصت المادة العاشرة من القانون المذكور على أن «للمهاجر هجرة دائمة أن يكتسب جنسية دولة المهجر مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية، ويثبت هذا الحق لزوجته وأولاده القصر المهاجرين معه. وزادت المادة 11 من القانون على ذلك بالنص على أن «من يولد لمصرى هاجر هجرة دائمة، أن يحتفظ بنفس الحقوق والمزايا المقررة لأبيه، ويسرى ذلك على أبناء المصريين المهاجرين معها والمحتفظين بجنسيتهم المصرية».

إذن فالدولة تشجع على الهجرة، بل ترى فى إطلاق حق الهجرة للمصريين مواصلة للدور الطليعى الذى بدأته مصر وجالياتها فى عملية البناء فى كثير من الدول العربية، وفقاً لما جاء بالمذكرة التفسيرية للقانون المذكور. كما حرص المشرع على تأكيد احتفاظ المصرى بجنسية المصرية حتى إن اكتسب جنسية دولة المهجر، وينصرف هذا الحق إلى زوجته وأولاده القصر المهاجرين معه أو الذين يولدون فى الخارج لأب أو أم مصرية. لذلك فالحديث الذى يثار من وقت لآخر حول موضوع الجنسية المزدوجة، والدعوة إلى حرمان أصحابها من حقوق كفلها الدستور للمصريين، حديث خاطئ تماماً، ويتناقص مع أهداف قانون الهجرة ونصوصه، التى سعت للتسهيل على المصرى المهاجر، والعمل على الإبقاء على صلاته وصلات ذريته من بعده للوطن الأم. بل يتناقص مع الدستور نفسه الذى أفرد نصاً مستقلاً يقضى بأن للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج. فلسفة القانون المذكور قائمة على إسباغ كافة الحقوق الدستورية على الأجيال المتعاقبة للمصريين بالخارج من أجل ضمان ارتباطهم بالوطن الأم.



غير أن ما يدفعنى للحديث عن هذا الموضوع، وإبراز النصوص القانونية التى تحكم استمرار تمتع المهاجر بجنسيته المصرية، ليس أمر إدلاء المصريين بأصواتهم فى الانتخابات (إذ أضحى هذا الأمر محسوماً) إنما حرصى على انتهاز الفرصة المتاحة حالياً، بعد ثورة 25 يناير، وصياغة دستور مصرى جديد، كى أدعو إلى تبنى مبدأ أسمى وأعمق أثراً من مجرد حق الانتخاب. أعنى بذلك حق المصريين فى الخارج فى ترشيح وانتخاب من يمثلهم من أعضاء جالياتهم بالخارج كى يصبحوا أعضاء فى مجلس الشعب المصرى. ليس هذا الأمر بدعة، إذ سبقتنا إليه العديد من الدول ومن بينها الجزائر. ويعنى هذا الحق الانتقال إلى درجة أعلى من التمثيل والمشاركة السياسية للمهاجر بالخارج، من مجرد الإدلاء بصوته لانتخاب عضو برلمان بدائرته الانتخابية بالوطن الأم، إلى حقه فى ترشيح نفسه أمام جاليته فى المهجر، التى تقوم بانتخابه لتمثيلها فى البرلمان.

أعود إلى تجربة الجزائر التى ولا شك أنها تجربة رائدة لم تطبقها دولة عربية أخرى حتى الآن، وأملى كبير أن تكون الدولة العربية التالية فى هذا المجال هى مصر الثورة. شاركت فى يونيو عام 1997 فى الوفد الذى أوفدته جامعة الدول العربية لمراقبة الانتخابات التشريعية التى أجريت فى الجزائر فى ذلك التوقيت. انتهزت فرصة وجودى بالجزائر للاطلاع على تجربته فى تمكين المهاجرين بدول المهجر من ترشيح من يمثلهم فى المجلس النيابى الجزائرى (المجلس الشعبى الوطنى) بالإضافة إلى حقهم فى التصويت فى الانتخابات الرئاسية وفى الاستفتاءات العامة الجزائرية.

اجتمعت لهذا الغرض بكاتب الدولة لشئون الهجرة بوزارة الخارجية الجزائرية الذى أوضح لى تفاصيل هذه التجربة وآلياتها، وعندما عدت للقاهرة رفعت مذكرة بذلك إلى السيد وزير القوى العاملة والهجرة، الذى كنت أعمل مستشاراً له فى هذه الفترة، من أجل بحث إمكانية استفادة مصر من هذه التجربة المتميزة.

أبلغنى المسئول الجزائرى إن حق الترشيح والانتخاب للمهاجرين الجزائريين بالخارج قد تقرر لأول مرة فى مارس 1997 بمقتضى قانون الانتخاب الجزائرى الذى صدر فى هذا التاريخ أى قبل ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات الذى توجه وفد الجامعة العربية لمراقبتها. ونص القانون على تخصيص ثمانية مقاعد فى البرلمان الجزائرى للجزائريين المقيمين بالخارج (يبلغ عدد أعضاء البرلمان 389 عضواً) مع توزيع هذه المقاعد الثمانية على مختلف القارات وفقاً لكثافة الجالية الجزائرية المهاجرة المتواجدة بها. حصلت فرنسا على نصيب الأسد من هذه المقاعد حيث يتواجد بها أكبر عدد من المهاجرين الجزائريين بالخارج (80% من إجمالى الموجودين بالخارج البالغ عددهم حوالى 2.5 مليون نسمة) فمخصص لها أربعة مقاعد، وخصص لباقى أوروبا مقعد واحد، ولأفريقيا مقعد واحد أيضاً، وللعالم العربى مقعد، ولأمريكا وآسيا واستراليا مقعد واحد كذلك. ويحق للمهاجر الجزائرى فى هذه القارات ترشيح نفسه عن الحزب السياسى المنضم إليه أو كمرشح مستقل. وقد بلغ عدد إجمالى المرشحين الذين يتنافسون على المقاعد الثمانية 182 مرشحاً من مختلف الدول، ومن كل التخصصات، ومن مختلف الانتماءات السياسية، وذلك فى الانتخابات التى كانت تجرى فى ذلك الوقت.

لا شك أن أعضاء البرلمان، الذى ترشحوا وتم انتخابهم من قبل الجاليات الجزائرية بالخارج، هم أعلم من غيرهم بشئون جالياتهم ومتطلباتها ومشكلاتها. وبالتالى هم أصلح من يتبنى ويدافع عن هذه القضايا.

وفوق ذلك يمثلون جسوراً للتواصل بين المهاجرين وبلاد المهجر من ناحية، وبين الوطن الأم من ناحية أخرى، ويعظمون من فرص استفادة الجزائر من الطاقات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية (الاستثمارية والتجارية) المتوفرة لدى هذه الجاليات بل ولدى المجتمعات التى تعيش فيها.

تتولى السفارات والقنصليات الجزائرية بالخارج الإشراف على العملية الانتخابية فى دوائر اختصاصها (للجزائر 18 قنصلية بالمدن الفرنسية المختلفة). وأمكن لهذه البعثات الدبلوماسية والقنصلية تسجيل ما يقرب من 80% من الجزائريين الموجودين بالخارج، وترتبط هذه البعثات بوسائل الاتصالات الحديثة بالوطن الأم جنب يتم إبلاغ لجنة الانتخابات المركزية بالجزائر بسير العملية الانتخابية أولاً بأول.

أخذت دول أخرى بنظام تمثيل المهاجرين فى الخارج فى برلماناتها، فخصصت فرنسا 12 مقعداً بمجلس الشيوخ للفرنسيين فى الخارج، كما خصصت إيطاليا 12 مقعداً بمجلس النواب و4 مقاعد بمجلس الشيوخ. وهناك دول أخرى مثل رومانيا والبرتغال وكرواتيا ومقدونيا تتبع نفس النظام.



نأتى إلى الوضع فى مصر حيث إن ذلك هو بيت القصيد من كل ما قدمت. فى تصورى أن ليس هناك ما يحول دون تضمين الدستور الجديد نصاً يسمح بتخصيص عدد من مقاعد مجلس الشعب للمصريين بالخارج الذين يقدر عددهم بحوالى 7 ملايين فى مختلف دول العالم، وذلك بما يتناسب مع هذا العدد الضخم من المهاجرين المصريين، وعلى أن يتم توزيع هذه المقاعد وفقاً للكثافة العددية للمصريين بالدول المختلفة. جدير بالذكر أن وزارة الخارجية المصرية تحث باستمرار المصريين الموجودين بالخارج فى ضرورة تسجيل بياناتهم بالسجلات المعدة لذلك بالسفارات والقنصليات. كما قطع قطاع الهجرة شوطاً كبيراً فى سبيل توفير قاعدة بيانات للمصريين بالخارج، واتحاداتهم وجمعياتهم ونواديهم. ومما لاشك فيه أن تفعيل حق المصريين بالخارج فى الترشح والانتخاب سيشكل حافزاً إضافياً للمصريين لتسجيل بياناتهم دون إبطاء.

من غير المتصور استمرار حرمان المصريين بالخارج، بكل الكفاءات والقدرات المتوفرة لديهم، من حق الترشح لمجلس الشعب بالإضافة إلى حق الانتخاب. ولا شك أن الإقرار بهذا الحق فى الدستور الجديد سينزل برداً وسلاماً على قلوب كل المصريين بالخارج. ثمرة طيبة أخرى ولاشك من ثمار ثورة الشعب العظيمة فى 25 يناير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.