الطفل يوسف الذى يكبر خلف الجدار العازل

عندما تختلط الحقيقة بالخيال، وتكتشف أنك لست أنت وأن الآخر هو أنت وأنت هو الآخر، بل تكتشف أن من يشاطرك لقمة العيش هو عدوك.

تلك هى قصة فيلم فرنسى درامى بعنوان «ابن الآخر»، الذى يروى عملية تبادل خاطئ للرضع بين عائلتين فلسطينية وإسرائيلية، أثناء خروجهما من مستشفى حيفا بعد الولادة.

وحفلت قاعات السينما الهولندية والأوروبية هذا الصيف بفيلم المخرجة وكاتبة السيناريو الفرنسية لورين ليفى، فهو يلقى الضوء على تجاذب صراع الهويات من خلال قصة مختلقة، إذ تقود الأقدار الرضيع اليهودى للعيش فى الضفة الغربية فى كنف عائلة فلسطينية تحت اسم ياسين، فى حين يذهب الرضيع الفلسطينى مع عائلة إسرائيلية فى تل أبيب ويأخذ اسم يوسف.

ونتيجة لذلك، ينشأ يوسف فى بيئة يغلب عليها الطابع العسكرى ورفاهية العيش، بينما يعايش ياسين هموم الفلسطينيين وراء الجدار العازل فى بيئة تعانى الفقر والحرمان.

وحاولت المخرجة الفرنسية فى الفيلم مراجعة مفاهيم الهوية والانتماء، وطرح أسئلة حول آثار اكتشاف أحد الطرفين أن الآخر، الذى يقاسمنا الحياة قد يكون عدوا مغتصبا للأرض ومهددا للكيان، كما طرحت نقاشا حول الاعتقاد السائد لدى الطرفين وعلى الضفتين كبارا وصغارا عمن يملك الحق ويحتكرها.

وبعد اكتشاف الشابين لأصل هويتهما، تطفو على السطح أسئلة بدهية ومؤلمة، حيث يتساءل يوسف إن كان سيبقى يهوديا مع أن أمه فلسطينية، خصوصا عندما يفاجئه جواب الحاخام بأنه قد فقد يهوديته فور اكتشاف الأمر.

فى المقابل، يبدو أن هذا السؤال الذى ظل يلح طويلا لم يشغل بال ياسين بالدرجة نفسها، حيث كان مشغولا بالكفاح مع أخيه الذى سبق أن قضى وقتا فى ملجأ معاد لليهود.

ورغم أن المخرجة قالت فى تصريحات وحوارات صحفية إنها تجنبت إضفاء الطابع السياسى عند تناولها لموضوع الفيلم، ألمح نقاد كثيرون إلى أن البعد السياسى كان حاضرا فى القصة من خلال معاناة الناس ووضع العائلتين والجدار العازل، فضلا عن عزم الطرفين على الكفاح والنضال ضد الآخر. وفى الوقت نفسه، لقى الفيلم انتقادات بشأن الأسلوب الدرامى الذى اعتمدته المخرجة، واعتبر النقاد أن نجاحه فى طرح صراع الهويات، لم يمنع فشله النسبى فى إبراز البعد الدرامى للفيلم على الوجه الأكمل.

واعتبرت الفنانة رجاء المهندس فى حديث مع الجزيرة نت أن الفيلم أطنب فى البعد الخيالى، حتى تخطى حقيقة الصراع الدائر فى المنطقة، مضيفة أنه سعى للتطبيع مع الواقع من وحى الخيال.

ويذكر أن مدة الفيلم تبلغ 105 دقائق، وقد مثل فيه كل من إيمانيال ديفوز وباسكال إيلبى ويولز سيتروك ومهدى ذهبى وعرين عمرى