فى نفس الموعد من كل عام، تجلس هبة وصديقاتها وسط أجولة الأرز والمكرونة وأكياس السكر، وكراتين الزيت والسمن، المرصوصة بجوار حبات الفاصوليا البيضاء واللوبيا، لتبدأن الاستعدادات لشهر رمضان، بتجميع السلع التموينية فى «شنط»، قبل توزيعها على الفقراء، وهى العادة التى بدأت هبة وصديقاتها فى ممارستها، منذ دراستهن فى كلية إعلام القاهرة قبل 5 سنوات. «أول باكينج عملناه، كنا لسه فى الجامعة، واحدة صاحبتنا كان عندها فيلا فى البراجيل، وسمحت لنا نشتغل فيها، وكنا بنجمع السلع فى سياراتنا، ونوزع الشنط فى نفس المنطقة»، هذه أول ذكرى لهبة عن توزيع «شنط رمضان، تحكيها لنا، وهى تحكم إغلاق كيس الأرز، وتعطيه إلى صديقتها منى، التى تقول «الشباب كانوا ينقلون أطنان الرز والمكرونة إلى الدور السادس، ونحن كنا نوزع السلع على الشنط».
تبتسم هبة وهى تسترجع ذكرياتها قائلة، «سبحان الله، الأصل فى الموضوع إنى كنت أذهب مع صديقاتى لنصلى معا فى أحد المساجد فى رمضان، ووقتها فكرنا أن نساعد فى عمل الخير»، ومن هنا بدأت فكرة أسرة «خطى» الطلابية، التى ضمت هبة ورفيقاتها فى كلية الإعلام، ليبدأن منها ممارسة أعمال الخير، لكن ذلك الكيان لم ينته بعد تخرجهن.. تقول هبة «بعدما تخرجنا من الجامعة، أطلقنا على أنفسنا اسم فريق خطى، والآن عددنا بيكبر، والخير بيزيد».
وقبل عامين، شارك فريق خطى مع عدد من شباب الجمعيات الأهلية والفرق ومن بينها جمعية المرابطين فى منطقة زهراء المعادى، وأتباع الصادقين الأوائل فى المعادى، وشريان الخير فى مصر الجديدة، وبناء فى الهرم، وفريق إحياء لتدشين مشروع خيرى جديد أطلقوا عليه اسم «كلنا مسحراتى».
بحسب هبة، شباب الجمعيات والفرق قاموا بجمع مبلغ كبير جدا العام الماضى، مضيفة «فى كل عام، نحاول توزيع الشنط فى قرى وأماكن مختلفة، وفى هذا العام، سنوزعها على قرى فى محافظتى سوهاج وبنى سويف، وجزء منها سيتم إرساله إلى اللاجئين السوريين».
«المستفيد من الخير مش بس الأسرة اللى بتاخد الشنطة.. إحنا كمان» هذا ما تشعر به هبة وصديقاتها ف«القضية مش بس فى إننا بنعمل شنط رمضان، إحنا كنا بنصلى مع بعض ونذكر ربنا مع بعض وندعى.. وإذا كان الفقير بيشبع.. فنحن نرتوى برحمة الله».
الدعاء وتعبئة الشنط لا مانع أن يتخلله قليل من الحديث عن أحوال البلد.. تسأل منى صديقتها نور «انت شاركتى فى الانتخابات»، تجاوب نور «أنا اخترت فى الجولة الأولى أبوالفتوح، وفى التانية مكنتش متخيلة إن شفيق يفوز، فانتخبت مرسى».
بينما كان لمنى رأى مختلف «أنا ما شاركتش فى الانتخابات لا فى الجولة الأولى ولا فى الإعادة.. الحكاية كلها تمثيلية، والدنيا ماشية بالتربيطات والاتفاقات»، تصمت هبة للحظة ثم تقول «والله أنا لغاية دلوقتى مش شايفة حاجة جديدة.. لكن بدرى إننا نحكم دلوقتى».
تختتم هبة حديثها بأمنية «ناس كتير أوى تايهة وضالة الطريق وناس بتفتى فى كل حاجة.. عشان كده نفسى الناس تبقى أقرب لله».