التوسع في المستوطنات، والذي أتاحته القيود التمييزية المفروضة على الفلسطينيين في وادي الأردن، يدمر إمكانية وجود دولة فلسطينية، قابلة للحياة في المستقبل، وفق تقرير جديد أصدرته منظمة« أوكسفام» اليوم، حمل عنوان «على حافة الهاوية المستوطنات الإسرائيلية وأثرها على حياة الفلسطينيين في وادي الأردن». وأضاف، أن وادي الأردن بالضفة الغربيةالمحتلة قادر على أن يغدو سلة الغذاء للفلسطينيين، لكن القيود المفروضة على استغلال الفلسطينيين للأرض والمياه، وكذلك على البناء في الوادي، تحبسهم في دائرة الفقر، بينما تساعد المستوطنات الإسرائيلية المجاورة على الازدهار.
وأوضح التقرير، أن أحد التقديرات يشير إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يستطيع أن يكسب مليار دولار إضافية كل سنة من العائدات الزراعية، في حال رفع القيود المفروضة على استغلال الفلسطينيين للأرض والمياه، وعلى قدرتهم على التنقل في وادي الأردن.
مشيرًا إلى أن الفلسطينيين ليس بإمكانهم استغلال سوى 6% من الأرض في وادي الأردن، بينما يسيطر المستوطنون الإسرائيليون، الذين يمثلون 13% فقط من سكان الوادي، على أكثر من 86% من أرضه.
وأضاف التقرير، أن المستوطنات في وادي الأردن أنشئت بطريقة غير مشروعة بموجب القانون الدولي مزارع صناعية تنتج محاصيل عالية القيمة، تباع في الأسواق المحلية والخارجية، وتلقى الدعم من خلال مجموعة من المنح والإعانات التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية، والتي تيسر لها النمو والاستدامة.
في الوقت نفسه، زادت معدلات الفقر بين المجتمعات الفلسطينية في وادي الأردن إلى الضعف تقريبًا عن مثيلاتها في بقية أنحاء الضفة الغربية، في ظل كفاح الكثيرين لكسب قوت يومهم من الزراعة وتربية الحيوانات في غياب النفاذ المناسب للأرض، حسبما أفاد التقرير.
من جانبه قال جيريمي هوبس، المدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام الدولية: "لقد خلقت المستوطنات وما ارتبط بها من سياسات إسرائيلية، مثل الإزالات الممنهجة والقيود على استخدام الأرض والمياه، واقعًا بائسًا للفلسطينيين في وادي الأردن. على الحكومة الإسرائيلية التزام بحفظ سلامة كل السكان، ولكن تلك القيود المبالغ فيها على الفلسطينيين، داخل الضفة الغربية لم تكن لتتسم بأية ضرورة لو لم يكن الإسرائيليون قد استوطنوا هناك. لقد دفعت تلك السياسات والممارسات التمييزية المزيد من الفلسطينيين إلى دائرة الفقر، فضلاً عما تتسبب فيه من تدمير لاحتمالات وجود دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب في أمن وسلام."
ودعا التقرير الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، بوصفه الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل والمانح الأكبر للفلسطينيين، إلى القيام بتحرك عاجل للضغط على الحكومة الإسرائيلية، لوقف بناء المستوطنات فورًا، وإنهاء إزالة المنشآت الفلسطينية، بما فيها المساكن، وحظائر الحيوانات، وصهاريج المياه، وألواح الطاقة الشمسية.
مؤكدًا، أن أمام الاتحاد الأوروبي فرصة لتخطي العبارات مع الزيارة التي من المقرر أن يقوم بها خوسيه مانويل باروسو، الرئيس الحالي للمفوضية الأوروبية، إلى الضفة الغربية خلال الأيام القادمة، ومع الاجتماع الذي سيُعقد، في وقت لاحق من هذا الشهر، على أرفع مستوى بين إسرائيل ولجنة الشراكة الأوروبية.
وقد صرح هوبس بقوله: "دأب قادة العالم طويلاً على قول كلمات صائبة، ولكن الكلمات القوية لا تساعد وحدها، المزارعين والرعاة الفلسطينيين الذين يعيشون في وادي الأردن على تنمية اقتصادهم وبناء البنية التحتية اللازمة للنمو الإيجابي للمجتمع."
يذكر أن نداء منظمة أوكسفام يأتي في أعقاب البيان غير المسبوق للاتحاد الأوروبي، والذي صدر في 14 مايو، ضد عمليات الإزالة التي تجرى في الأجزاء التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة الغربيةالمحتلة؛ حيث لم ير الفلسطينيون منذ ذلك الوقت تغييرًا حقيقيًا على الأرض؛ حيث أزالت حكومة إسرائيل 59 منشأة فلسطينية على الأقل، ونزحت 34 أسرة فلسطينية عندما تم استخدام مجتمعهم موقعًا للتدريبات العسكرية المكثفة في منطقة بوادي الأردن، تعمل فيها منظمة أوكسفام.
وتقول منظمة أوكسفام: "إن الوضع مرشح لمزيد من التدهور ما لم يتم التحرك الآن". لافتا إلى أن سنة 2011 شهدت زيادة نسبتها 20% في بناء المستوطنات الجديدة في شتى أنحاء الضفة الغربية، مقارنة بسنة 2010. وخلال الفترة نفسها تضاعف عدد الفلسطينيين الذين نزحوا جراء عمليات الإزالة، التي جرى 60% منها في مناطق قريبة من المستوطنات.