سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حقوقيون: محاكمة مبارك أدانت الرموز وبرأت المؤسسة الأمنية النيابة لم تستغرق أكثر من 35 يومًا فى التحقيقات استمعت فيها إلى 1630 شاهدًا.. وكان يمكنها الوصول للفاعل الأصلى
«إدانة للرموز التى سقطت وتبرئة للمؤسسة الأمنية التى مازالت قائمة»، كان هذا العنوان الرئيسى الذى فضلت المحامية بالمبادرة المصرية للحقوق والحريات الشخصية وأحد أعضاء هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدنى فى محاكمة مبارك والعادلى وأعوانه، هدى نصرالله، أن تطلقه على المحاكمة، حيث ترى أن النيابة العامة كانت لديها خطة من خلال التحقيقات التى أجرتها وقدمتها بعد ذلك للقاضى لإدانة الرموز دون أن تقترب من جهاز الشرطة. وعددت نصرالله، خلال ندوة بعنوان «الحكم على مبارك ورموز نظامه.. بين ترسيخ الإفلات من العقاب وضبابية المشهد السياسى» التى نظمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أمس الأول، المآخذ التى رصدتها فى أداء النيابة العامة منذ بدء التحقيقات، وفى مقدمتها التأخر فى التحقيق لما بعد تنحى مبارك عن الحكم، «أى أنها لم تتخذ أى موقف من يوم 25، وتقريبا كانوا شبه جهاز غير موجد»، على حد قولها، مضيفة أن التحقيقات كانت مستهدفة حبيب العادلى ورجاله ولم تستهدف مبارك فى البداية إلا بعد جمعة التطهير والمحاكمة التى طالبت بمحاكمته فى 8 أبريل.
وتعجبت من أن النيابة لم تستغرق أكثر من 35 يوما فى التحقيقات استمعت فيها إلى 1630 شاهدا، وأطلعت على دفاتر التحركات ودفاتر التسليح فى وزارة الداخلية، وحاولت تجميع الأحراز، مضيفة أن «أدلة كثيرة وأحرازا قدمت من الأفراد كان ممكن النيابة تأخذ منها لكنها كانت تتعامل بمنطق أنها تريد إدنة رموز الداخلية وليس المؤسسة الأمنية»، على حد قولها.
وبحسب نصرالله فإن «النيابة العامة كان ممكن توصل للفاعل الأصلى بسهولة، لكنها لم تفعل، فرغم أن الأحراز من الجهات الرسمية من الدولة قليلة لكن كان ممكنا من الرصاص الحى المستخرج والمثبت فى دفاتر مستشفيات مثل مستشفى المنيرة معرفة نوع السلاح وتتبعه لمعرفة صاحبه، لكن النيابة لم تفعل هذا ولم تهتم بالأمر».
وأضافت أن القاضى فى حيثيات الحكم لم يهتم بتسبيب الحكم بشكل جيد، فلم يركز على التوصيف الوظيفى لمساعدى العادلى، وهو السبب الأقوى الذى يجعلهم غير مسئولين عما حدث أمام القانون.
الباحثة بمنظمة هيومان رايتس ووتش، هبة مورايف، أشارت من جانبها إلى أن التحقيقات التى تمت فى الشهور الأولى بعد الثورة كانت فى إطار غضب شعبي، وكانت هذه هى الفرصة فى المراحل الانتقالية أن يكون هناك محاولة لتغيير توازن القوى.
وأضافت مورايف أن الناس فى مصر كانوا معتادين على الإفلات من العقاب فى كل الأحوال، «لذلك كان قرار تركيز النيابة على سبع أيام فقط من حكم مبارك بداية النهاية خاصة عندما يتم تبرئة رئيس جهاز أمن الدولة أو رئيس جهاز الأمن المركزى، الذى كان معروفا بحالات التعذيب الواسعة التى كان يقوم بها».
من جانبه اعترف رئيس محكمة استئناف المنصورة، المستشار أيمن الوردانى، بأن «هناك فسادا لحق بالقضاة نتيجة تماس بين السطلة التنفيذية التى تريد أن تصبغ استقلال وهمى على السلطة القضائية»، إلا أنه حذر فى ذات الوقت من المساس بمؤسسة القضاء «لأنها إذا انهارت ستنهار مؤسسات الدولة كلها»، على حد قوله.
ورفض الوردانى القول بأن التحقيقات كانت تسير فى اتجاه معين، قائلا: «هذا اتهام أرفضه، إلا بدليل»، مضيفا أنه فى حال إعادة أوراق القضية للنيابة لاستكمال الأوراق كانت ستلجأ أيضا إلى الشرطة، التى ستحاول تبرئة نفسها لأنها من يضع الأوراق التى بها الأدلة، مطالبا فى هذا الصدد بتفعيل قانون الشرطة القضائية للخروج من هذا المأزق.
من جانبه، أوضح مدير مركز هشام مبارك للقانون وعضو حملة حاكموهم الشعبية، المحامى أحمد راغب، أن معالجة قضايا الثورة والشهداء والمصابين من البداية بها أكثر من مشكلة، فى مقدمتها أن أنه تم التعامل مع هذه القضايا بشكل فردى «كأن هناك شخصا ما أخطأ وليس نظاما كاملا وأن هناك دولة تحمى وترعى الخروج على القانون»، على حد قوله.
أما المشكلة الثانية، بحسب راغب، فهى أن بعض الجرائم ارتكبت باسم القانون وباستخدام آليات قانونية، قبل وبعد الثورة «مثلا عندما أصدر الحاكم العسكرى عشرات الآلاف من قرارات اعتقال مواطنين مصريين لأسبابا كلنا نعرفها، هذا استخدام للقانون الذى يتيح لهم هذا».
وأضاف أن المشكلة الثالثة هى قصر الموضوع على 18 يوما حدثت بها مجموعة جرائم وسنحقق فيها ونحيل من ارتكبها للمحاكمة، وغض الطرف عن جرائم 30 سنة، بينما مبارك مفترض أن يحاكم على جرائم التعذيب، والخصخصة، وتلوث المياه والفشل الكلوى وغيرها.
وأخيرا يرى أن أخطر مشكلة هى أن التحقيقات فى قضية قتل المتظاهرين تمت باستخدام «آليات مبارك بمعنى أن يتم استخدام جهاز النيابة العامة وهو جهاز كان وظيفته فى حكم مبارك التستر على الجرائم التى ارتكبها أفراد النظام، وهى مشكلة يتربت عليها غياب فى الأدلة، والتراخى فى التحقيقات».