وصف عدد من خبراء السياسة وأساتذة العلوم السياسية حكم محكمة جنايات القاهرة القاضي بمعاقبة الرئيس المخلوع مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي بالمؤبد في قضية قتل المتظاهرين، وبراءة مساعدي العادلي، بأنه "متناقض للواقع"، مؤكدين أن "هؤلاء المساعدين هم من نفذوا الأوامر بالقتل خلال أحداث الثورة ". واختلف الخبراء حول تأثير الحكم على جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية التي من المقرر أن تجرى يومي 16 و17 يونيو الجاري، فقد اعتبر عدد منهم أن الحكم قد يستفيد منه مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، إذا اتفقت الجماعة مع القوى السياسية على مواجهة المرشح المحسوب على النظام السابق أحمد شفيق، بينما رأى آخرون أن تبرئة بعض رموز النظام السابق تعني تبرئة شفيق أيضا مما يزيد من فرصه في جولة الإعادة.
وأكد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، نبيل عبد الفتاح أن الحكم على مبارك والعادلي "جاء وفقا للقانون وتعبيرا عما ورد في القضية من أدلة وبراهين تثبت تورطهما في قتل الثوار والمتظاهرين خلال أحداث الثورة"، مضيفا أن "تبرئة مساعدي العادلي تجعل الشعب، خاصة أسر الشهداء، والمصابين والقوى السياسية أمام صياغة قانونية تثير الجدل السياسي والقانوني".
وعن تأثير الحكم على المشهد الانتخابي وجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية قال إن "طرفي جولة الإعادة سيحاولان الاستفادة من هذا الحكم في المعركة الانتخابية ومن سيستغل الحكم بطريقة إعلامية قوية وصحيحة سيستفيد منه في حشد عناصر جديدة إلى كتلته الانتخابية التي صوتت له في الجولة الأولى من الانتخابات".
وأضاف عبد الفتاح "من يقل إن الحكم سيصب في مصلحة مرشح حزب الحرية والعدالة محمد مرسي غير صحيح، لأن التصويت في الإعادة سيعتمد على التوجهات السياسية للناخبين، الذين وضعوا بين خيارين كلاهما مر، بين مرشح ينتمى لجماعة إسلامية تسلطية كانت الطرف الثاني من المعادلة السياسية في عهد النظام السابق وشريك لمبارك في فساده، وبين مرشح كان جزء من منظومة فساد استمرت سنوات طويلة".
وتابع عبد الفتاح "التصويت لصالح مرشح الإخوان لا يعني عدم عودة نظام مبارك لأن النظام لايزال قائما بالفعل ولم يحدث أي تغيير فيه أو في قادته، كما أن الدعوة للتصويت لصالح مرسى لمواجهة شفيق تدل على عدم وجود سند معلوماتي وتحليلي للنظام السابق وأساليبه وهياكله التي مازالت تمارس دورها في مؤسسات الدولة حتى الآن".
وأكد عبد الفتاح أن الحكم سيكون له ردود أفعال غاضبة، خاصة فيما يتعلق بتبرئة مساعدي وزير الداخلية قائلا "أتوقع أن تكون هناك سلسلة متكررة من المظاهرات والاحتجاجات خاصة لأسر الشهداء والقوى الثورية، وستكون الأمور أقرب الى ثورة غضب جديدة، لكن بعض القوى السياسية الكبرى سترى أن الحكم على مبارك كان عادلا".
فيما قال جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة "إن الحكم على مبارك ورموز نظامه صدر باسم الشعب وضد الشعب، وسيكون هناك رفض شعبي له لأن تبرئة مساعدي وزير الداخلية تثبت مساندة القضاء للنظام السابق وحرصهم على حمايته"، مؤكدا أن الشعب لن يرضى بأقل من إعدام كافة المتهمين في قضية قتل المتظاهرين والثوار، وإذا لم يحث ذلك ستكون هناك موجة غضب شديدة وثورة شعبية ثانية".
وأضاف زهران أن براءة حسين سالم ونجلى الرئيس المخلوع علاء وجمال مبارك فيه إشارة إلى أن مبارك لم يكن فاسدا وإشارة لدعم المرشح الرئاسي الذى ينتمى للنظام السابق، أحمد شفيق، في جولة الإعادة، وتابع "هذا الحكم عديم القيمة وسيصب في صالح شفيق وعلى الإخوان أن يدركوا انهم خرجوا من سباق الرئاسة مقدما لأنهم خسروا الانتخابات فبراءة رموز مبارك تعنى براءة شفيق أيضا من تهم الفساد الموجهة إليه، وننتظر ما هو أسواء في المرحلة القادمة".
بينما رأى رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاقتصادية، الدكتور احمد مطر، أنه لا يجب التعليق على أحكام وأعمال القضاء مشيرا إلى أن "الحكم بالحبس المؤبد لمبارك والعادلي يثبت إدانة النظام السابق وكل من عمل بهاذ النظام في مناصب وزارية وقيادية خاصة أحمد شفيق الذى كان قريبا من الرئيس المخلوع".
وأضاف مطر أن الحكم بإدانة مبارك وتبرئة بعض رموز نظامه سيكون له تأثيران ومساران، الأول أن الحكم سيشفى غليل وغضب أهالي الشهداء وبعض القوى السياسية، والمسار الثاني هو رفض الكثيرين للحكم واعتباره غير كاف وانه وكان لابد من صدور حكم بالإعدام على مبارك ومساعديه، ما سيدفع بعض القوى الشبابية والسياسية إلى تنظيم احتجاجات واسعة النطاق".
ونوه مطر إلى أن الحكم يدين المرشح الرئاسي أحمد شفيق بشكل مباشر بعد إدانة مبارك مبينا "شفيق كان أحد أعوان مبارك لفترة طويلة كما أن الحكم سيقلل من أسهم شفيق في جولة الإعادة وسيزيد من فرص مرشح الإخوان محمد مرسى".
من جانبه، أكد أستاذ علم السياسة بجامعة الإسكندرية عبد الفتاح ماضي، على أن الحكم جاء متناقضا خاصة بعد تبرئة مساعدي وزير الداخلية على الرغم من أنهم هم الذين ينفذون أومر وتعليمات الرئيس المخلوع ووزير داخليته"، مضيفا أن الحكم "إنذار للقوى السياسية ودعوة لها للاتفاق فيما بينها لمحاربة النظام السابق ورموزه ومرشحه للرئاسة ويجب أن تدرك هذه القوى خطورة الوضع الراهن وتنسى الخلافات فيما بينها وتحاول أخذ ضمانات من مرشح الإخوان لمواجه مرشح الفول في الانتخابات".
وقال ماضي: إن الحكم سيصب في صالح مرشح الاخوان إذا اعطت الجماعة ضمانات مطمئنة للقوى السياسية واتفقت معها، لكن إذا خاض الإخوان المنافسة في الانتخابات بشكل فردى دون اتفاق مع القوى السياسية سيخسرون المعركة الرئاسية ما سيؤدي إلى إعادة وإنتاج النظام القديم بكل أشكاله وأساليبه في الدولة مرة أخرى.