اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش، المعنية بحقوق الإنسان، جنود الجيش والشرطة العسكرية بالفشل في حماية المتظاهرين، خلال اعتصامهم بميدان العباسية بالقرب من وزارة الدفاع مطلع الشهر الجاري، من هجمات العصابات المسلحة، مضيفة "بل إن جنود الجيش ضربوا وعذبوا واعتقلوا المتظاهرين". وأشارت المنظمة، في بيان مساء اليوم السبت، أنها حصلت على تقارير من معتقلي العباسية الذين تم الإفراج عنهم تثبت تعرضهم للتعذيب والضرب خلال احتجازهم من قبل الشرطة العسكرية، منوهة إلى أن الجيش اعتقل ما لا يقل عن 350 متظاهرا، من بينهم 16 امرأة و10 أطفال، مثلوا أمام النيابة العسكرية، وتم الإفراج عن بعضهم، ولايزال 256 متظاهراً في السجون العسكرية.
واعتبر نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، جو ستورك، أن ما ظهر من "الضرب الوحشي للمتظاهرين والمتظاهرات يدل على أن ضباط وجنود الجيش ليس لديهم إحساس بالحدود التي لا يمكنهم تجاوزها والقيود المفروضة"، مشيراً إلى أنه "من حق السلطات تنفيذ القانون والقبض على المواطنين في حال توفر أدلة على ارتكابهم للمخالفات، لكن لا يحق لها مطلقاً ضربهم وتعذيبهم".
وأضاف ستورك: "المصريون لن يشعروا بالأمان حتى يتم تطبيق القانون في مصر بشكل يجعلهم يثقون بأن الشرطة ستحمي المظاهرات وتحمي المشاركين فيها من هجمات قطاع الطرق، ولن يشعروا بالأمان مادام العسكريون يعذبون ويعتقلون الناس ويحاكموهم عسكرياً".
وقالت المنظمة إنه وفقاً لشهود العيان فإن الشرطة العسكرية "المسلحة" كانت متمركزة بالقرب من أماكن العنف والضرب وشاهدة عليها، وكان لزاماً عليها التدخل لوقف إطلاق النار الذي استمر لمدة ست ساعات على الأقل لكنها "لم تتخذ أي إجراء لمنع ذلك". لافتة إلى أن "العسكريين فشلوا في إنهاء أعمال العنف ووضع حد لها وحماية المتظاهرين، وعدم إلقائها القبض على العصابات المسلحة، وهذا يعتبر إهمال خطير في أداء واجباتهم المكلفين وتنفيذ القانون".
وتابعت "لم يكن هناك أي مساءلة ومحاسبة عن حالات التعذيب السابقة على أيدي ضباط الجيش التي وثقتها المنظمة وغيرها من منظمات حقوق الإنسان، مثل مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب، طوال الفترة الانتقالية في مصر". وشددت المنظمة على أن دور الجيش في الحماية من التزامات مصر في مجال حقوق الإنسان التي تحمي ضد الاعتقال التعسفي والضرب والتعذيب للمحتجزين، والاستخدام التعسفي للقوة المميتة بشكل خاص.
وذكرت المنظمة أنه خلال العام الماضي وثقت ما لا يقل عن ثلاث حالات حماية عسكرية لعصابات في ثياب مدنية، وفي بعض الحالات كانت تحت قيادة عسكرية، وهاجموا المتظاهرين وألقت القبض على بعضهم أحياناً، وتشمل هذه الحوادث كل من مظاهرة ميدان التحرير في مارس 2011، ومظاهرات ماسبيرو في أكتوبر الماضي، ومظاهرات العباسية مؤخراً.
وقدمت المنظمة شهادات لأغلب المتظاهرين الذين اعتقلتهم الشرطة العسكرية ومثلوا أمام النيابة العسكرية وأنهم جميعاً ظهرت عليهم علامات التعذيب والضرب، كما أن بعضهم "خاف من تقديم شكاوى أو مقاضاة ضباط الجيش الذين ضربوهم وعذبوهم".
واستشهدت المنظمة بما نشر في «الشروق» على لسان مدير إدارة التشريح ومساعد كبير الأطباء، أشرف الرفاعي، من أنه تم تشريح 7 جثث في مشرحة زينهم التي أوضحت أن سبب وفاة ستة أشخاص كان الرصاص الحي، من بينهم ثلاثة من المصابين بجروح في الرأس، وكان من أسباب وفاة شخص الإصابة ب"الكريات"، الخرطوش في صدره.
وأوضحت المنظمة أن شهادات المحتجزين المفرج عنهم والمحامين، تشير إلى أن "الشرطة العسكرية لجأت إلى ضرب المتظاهرين بشكل ممنهج أثناء القبض عليهم، واستمر أثناء الاحتجاز". منوهة إلى وجود مقطع فيديو ظهر على "شبكة رصد" يُظهر رجال شرطة عسكرية يضربون متظاهرين بالهراوات أثناء القبض عليهم، وفيديو آخر يظهر ستة على الأقل من جنود الشرطة العسكرية وهم "يجرجرون" رجلاً على الأرض مغطى بالدم وقميصه مقطوع، إلى جدار، مع ضربه بالهراوات، حتى تدخل ضباط آخرين لوقف الضرب.