المولود الجديد هو كائن حي في المستقبل، وفي خلال الأسابيع الست الأولى من عمره، يعيش الطفل من خلال علاقته بالأم، ولكن يبدأ بعدها التفتح على العالم من خلال حواسه الخمس، ويصبح كل من النظر والسمع والشم والتذوق، واللمس هي الطريقة التي يتعرف من خلالها على حياته الجديدة. حاسة البصر: قد يرث ابنك عيون أبيه ونظراتك وهو ما يلفت نظر الأبوين ولكن هل سألت نفسك إن كان يراك فى أسابيعه الأولى أم لا وكيف تعمل هذه الحاسة؟ وما هى المشكلات التى يمكن أن يتعرض لها وكيف يمكن علاجها؟.
نظرا لأن الطفل ينام معظم الوقت ويكون بصره ثابتا فى اتجاه واحد عند اليقظة توهمنا أنه لا يرى فى الأسبوعين الأولين من مولده، ولكن ثبت خطأ النظرية. فالمولود يستطيع متابعة ما يشبه القلم الرفيع غير الملون لو تحرك فى مكانه ببطء على مسافة لا تبعد أكثر من 30 سم عن عينه على أن يكون الطفل مستيقظا وهادئا لا يبكى.
كما أنه يظهر رد فعل تجاه الضوء القوى بسبب عدم احتواء شبكية العين على صبغات لونية تحميها من الضوء لذلك يولد الأطفال بعيون داكنة وقد لا يتمكن من رؤية الألوان فى هذه المرحلة.
أثبتت الأبحاث الحديثة أن الطفل يرى منذ اليوم الثالث ويمكنه تثبيت نظرته على الأم أو من يقوم مقامها وإن كان لا يستطيع التفرقة فى الملامح بين إنسان وآخر، ثم يأتى دور الصوت والشم ليكمل له الصورة.
عند الأسبوع الرابع يمكنه متابعة اللعبة المتحركة أمامه ويمكنه التمييز بين الألوان.
وفى الأسبوع السادس يستطيع التمييز بين أمه وخالته إذا وضعتِ أمامه صورتين لك ولها مع تجنب كثرة التفاصيل فى الصورة، كما يمكنه أن يتابع بنظراته الأشخاص من زاوية 90 درجة. وعند الأسبوع العاشر يستطيع التفرقة بين المحدب والمقعر.
ومن الشهر الثالث إلى الرابع يستطيع تحريك رأسه ومتابعة الأدوات ويتابع الصورة فى اتجاهين. وعندما يصل إلى سن ستة أشهر يمكنه تغيير وضع جسمه لمتابعة ما يريد ثم يتطور الأمر عندما يبلغ السنة الأولى بحيث يمكنه متابعة الأدوات المتحركة بسرعة.
حاسة التذوق
تبدأ حاسة التذوق عملها فى الرحم فيمكنه تحديد الطعم المالح من السكرى والحامض من الحلو وفى خلال هذه المرحلة يحدد ما يفضله كمذاق. يبدأ التذوق على حبيبات اللسان وفى أعماق الحنجرة مما يجعله قادرا على تحديد المذاق المختلف ويمكنه أيضا تحديد اختياراته ويفضل الأجنة الطعم السكرى بما أن السائل الأمينى الذى يغذيه حلو المذاق وهو ما يفسر زيادة حجم مواليد مريضات السكر بسبب تناوله لكمية أكبر من السكريات المتراكمة فى الدم.
وعند تعريض المولود للمذاق الحلو والحادق والحامض والمر تظهر استجابته من عدمها ويختلف ذوق كل طفل ربما لأسباب وراثية أو لأسباب خاصة به. وأثبتت الأبحاث أن تناول الأم للأعشاب مثل الينسون والكمون يغير طعم اللبن فيحبه المواليد أكثر ويزيد من رغبته فى المص وبالتالى يزيد إفراز الثدى.
حاسه الشم:
حاسة الشم شديدة الحساسية فعند الميلاد يستطيع تحديد الرائحة الجيدة من السيئة ويسمح له أنفه معرفة أمه من خلال رائحة جسمها. استطاع العالم «داروين» اكتشاف ذلك عام 1877 حيث أثبت دور رائحة الثدى فى تحقيق التواصل بين الأم والمولود وعند بلوغ الطفل شهرا من عمره يستطيع التوجه برأسه تجاه ثدى الأم لمسافة من 10 إلى 30 سم عن طريق الشم. وأثبت الباحثون بعدها أن المولود النائم عند بلوغه يومين فقط يمكنه التفاعل مع الروائح ويتحرك بقدميه وذراعيه وفقا للرائحة أيا كان وضع مصدر الرائحة لأنفه كما أن المواليد أقل من 12 ساعة تتغير انفعالات وجهه وفقا للروائح فيمكنه التمييز بين الرائحة العديمة والروائح المحببة مثل الفانيليا والموز والشيكولاتة والعسل والروائح غير المحتملة أما رائحة العرق فلا تزعج المواليد. ويمكن للمواليد عند بلوغهم اليوم العاشر التعرف على أمهاتهم من خلال الرائحة الخاصة للأم عند الرقبة. ولإثبات الأمر وضعوا قطنة تحمل إفرازات عرق الأم عند الرقبة وقدمت للمواليد فكانوا أكثر هدوءا وأكثر قدرة على النوم. كما أن الأم تميز رائحة طفلها حتى لو أغمضت عينيها.
حاسة السمع:
للطفل أذن صغيرة ولكنها تعمل بكفاءة وكل العوامل متوافرة كى يستمع للأصوات والجلبة المحيطه به.. وأثبت الباحثون أن حاسة السمع تبدأ فى العمل عند المواليد وهو فى رحم الأم بين الشهر الخامس والثامن للحمل، كما يمكنه تخزين الصوت من الشهر الخامس للحمل وعند الشهر السابع للحمل يبدأ الجنين فى سماع الأصوات الخارجية والضوضاء مما يجعله يتحرك نتيجه الانفعال بالأصوات الخارجية الكثيفه وذلك من خلال الوصلات العظمية، كما يمكنه تعلم الكلام فى هذه المرحلة ويبدو أن هذه الأصوات والكلمات يتم تسجيلها فى الذاكرة الخاصة بالطفل فإذا ما قامت الأم مثلا بقراءة رواية للطفل عدة مرات بصوت مرتفع فى هذه المرحلة ستجده يفضل هذه الرواية عن غيرها عندما يولد حتى لو قرأها له صوت آخر غير صوت الأم.
عندما يولد الطفل تكون حاسة النظر ثانوية وعندما يستثار الطفل من حافزين أحدهما سمعى والآخر بصرى يتجه نحو الأول أولا، بينما يحدث العكس فى الشهر التاسع.
كما يستطيع المولود معرفة الأدوات الصوتية فنجده يفضل الأصوات القوية عن الحادة وقد أثبت «ديكاسرو فيفر» أن المواليد أقل من يومين يستطيعون تمييز صوت الأم عن غيرها من الأصوات ويعرف الصوت جيدا عند الشهر الأول وتزيد قدرة الطفل على السمع فى الهدوء وعند الاستيقاظ من النوم.
كما ثبت أن الطفل يحرك جفنيه ويبكى كما يتوقف عن الرضاعة إذا سمع صوتا حادا أو ضوضاء وإذا حركتِ «الشخشيخة» فى الظلام يحرك يده فى اتجاه مصدر الصوت.
فى الشهر الثامن يتجاوب مع اسمه حين تناديه وفى الشهر التاسع يقلد صوت أمه حين تناغيه. ومن الشهر التاسع حتى سن سنة يمكنه إدراك صوت الكلمات.
حاسة اللمس:
لا يوجد أنعم من ملمس الطفل وهى الوسيلة المباشرة التى تربطه بالعالم المحيط به فإذا استفاد فى ساعاته الأولى من لمساتك وتدليك جسمه يستطيع اكتشاف قدرته على لمس كل ما حوله فيستطيع التمييز بين الخشن والناعم والبارد والساخن.
تبدأ حاسة اللمس لديه عن طريق الفم والجلد أولا لذلك يفضل أن تحمليه بين ذراعيك وأن تربتى عليه فاللمس مع النظر والسمع مهمان جدا لنموه النفسى كما أن اللمس مرتبط بالاتصال السمعى والبصرى كنوع من اللغة أيضا. أثبتت الأبحاث أن الاتصال بالجلد والحرارة منشط قوى ومثير فعال للتوقف عن البكاء فيستطيع الطفل إدراك حنانك من النعومة فى التعامل معه وهو ما يسمى الحوار باللمس. كما أثبتوا أن مشكلات السلوك الخاصة ببعض الأطفال تنتج عن فقدان الاتصال اللمسى مع الأم وأوصوا بالرقة فى التعامل مع المواليد حتى فى حضانات المستشفى فى الأيام الثلاثة الأولى من مولده.
تدليك جسم المولود يساعده على الهدوء واسترخاء العضلات كما ينشط الدورة الدموية والليمفاوية ويساعد على تنشيط حركة الأمعاء.