تحقيق العدالة الاجتماعية هو الشعار الذى وضعته وزارة الإسكان عنوانا لسياساتها الجديدة بعد ثورة 25 يناير، المساندة والإتاحة هى المعايير التى وضعتها الوزارة فى التعامل مع الشرائح محدودة الدخل والمتوسطة، يستهدف مشروع المليون وحدة الفئات الأقل دخلا والأكثر احتياجا، التكلفة المتوقعة للمشروع 130 مليار جنيه شاملة تكلفة المرافق وثمن الأرض، وهو مبلغ أكبر من اجمالى استثمارت الحكومة فى ال20 سنة الماضية. يواجه المشروع انتقادات من عدد من خبراء التخطيط العمرانى، حيث لم يعرض المشروع على المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية، وهو ما فسره الدكتور أبو زيد راجح عضو المجلس بأن اختصاصات المجلس هى مراجعة وإقرار المخططات القومية والإقليمية للمدن، وهذا المشروع ضمن سياسات وزارة الإسكان التى تختار المشروعات التى تراها مناسبة للمرحلة الحالية.
وشكك الدكتور عبدالمحسن برادة عضو المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية أن المشروع قابل للتنفيذ نظرا للتكلفة الضخمة فى ظل عجز مستمر فى موازنة الحكومة.
على العكس من التشكيك السابق يرى الاستشارى صلاح حجاب، أن قطاع المقاولات فى مصر قادر على بناء المليون وحدة بكل سهولة، مستشهدا بدعوات شركات المقاولات الكبيرة فى مصر بأنها قادرة على المشاركة فى إعادة إعمار ليبيا والعراق، قائلا: «لو استطاعت وزارة الإسكان توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروع سينفذ».
إجمالى عدد الوحدات السكنية التى يتم إنشاؤها فى مصر نحو 30 ألف وحدة سنويا يسهم القطاع الخاص بنحو 12 ألفا منها طبقا لتقديرات وزارة الإسكان لعام 2007، وهو نفس العام الذى بدأ فيه مشروع النصف مليون وحدة مساحة 63 مترا والمعروف ب«مشروع مبارك للإسكان».
ولا تختلف رؤية المخطط المعمارى سامى عمارة عن وجهة النظر السابقة بأن قطاع المقاولات فى مصر قادر على تنفيذ المشروع، بل إن المشروع سيسهم فى تحقيق انتعاشة قوية للاقتصاد، ولكنها مؤقته لأن غالبية هذه الوحدات ستنفذ فى المدن الجديدة وستتحول إلى استثمارات مضافة للاستثمارت التى تم تجميدها فى آلاف الوحدات الخالية فى المدن الجديدة.
وبنى الدكتور طارق وفيق أستاذ التخطيط العمرانى انتقاده للمشروع من نفس الزاوية السابقة، فيرى أن مصر ليست فى حاجة لبناء وحدات سكنية جديدة فى هذه المرحلة على الأقل، لأن فى مصر نحو 7.5 مليون وحدة سكنية مغلقة، وهى مشكلة يمكن حلها بإصدار تشريعات جديدة وإجراء بعض التعديلات على القوانين الحالية.
ويلخص الدكتور وفيق مشكلة المشروع فى عبارة: المشروع لن يحل مشكلات المشروعات التى تم إنشاؤها بالفعل ولم تكتمل مثل ابنى بيتك وال22 مدينة جديدة التى لاتزال نسب إشغالهم ضعيفه.
يقدر الجهاز المركزى للتعيئة العامة والإحصاء، إجمالى العجز التراكمى لوحدات الإسكان المتوسط ب4 ملايين وحدة، حيث يزداد هذا الرقم سنويا بمقدار 350 ألف احتياج جديد للسكن، من بينهم 150 ألف عقد زواج جديد كل عام، والباقى احتياجات المصريين العائدين من الخارج، ووحدات سكنية قديمة تحتاج إلى إحلال وتجديد، وأسر تحتاج إلى مسكن أكبر لزيادة عدد الأبناء.
ويضيف المخطط سامى عمارة زاوية آخرى لانتقادات المشروع، أن وزارة الإسكان لن تستطيع أن تجعل هذه الوحدات الجديدة جاذبة للمواطنين بدون مرافق، ومشكلة المرافق ليس فى توفير المبانى الإنشائية فقط سواء كانت مدارس أو مستشفيات أو أسواق، ولكن المشكلة فى الوزارات الأخرى المعنية بتقديم الخدمات مثل التعليم والصحة، وقد لا تضع هذه الوزارات تنمية هذه المجتمعات الجديدة ضمن أولوياتها لتوفر لها الأطقم الفنية القادرة على تشغيلها من مدرسين وأطباء وباقى الخدمات الأخرى.
واستمرت سلسلة الانتقادات للمشروع الذى اعتبره خبير الاقتصاد التمويلى الدكتور سيف الدين فرج، عبأ على موازنة الدولة نظرا للتكلفة الضخمة للمشروع، «على وزارة الإسكان أن تتوقف عن المزايدة على المشكلات» وأن تخرج من الفكر التقليدى، فوزارة الإسكان لاتزال تتعامل بمنطق إما أنها سمسار أو مقاول، والحلول البديلة أمام وزارة الإسكان هى مشاركة القطاع الخاص سواء فى بناء الوحدات السكنية أو إدخال المرافق.
وانتقد محمد عبدالعظيم مدير المركز المصرى للإصلاح التشريعى، التعطيل المتعمد من الحكومة لقانون رقم 110 الصادر فى 1978 الذى ينص على مواصفات المساكن التى تبنيها الدولة للمواطنين، وصنفها لمساكن اقتصادية ومتوسطة وفوق المتوسطة، واشترط القانون أن تتيح الدولة هذه المساكن للمواطنين بدون سعر الأرض وبدون أرباح، وهو القانون الذى يمنع الحكومة من بناء وحدات الإسكان الفاخر أو السياحى.