اختار الدكتور فتحي البرادعي أن يوضح موقف الحكومة من حل مشكلة الإسكان للمواطنين بطريقتين.. الأولي: الحوار.. لاقتناعه بأن هناك آراء وطنية يجب وضعها في الحسبان.. والثانية: مذكرة معلومات.. يعرضها لي وللقارئ.. لعلها توفر بشفافية حقيقة الموقف.. وليس أمامي خيار سوي عرض المذكرة التي أرسلها لي الوزير.. ويقول فيها: بداية، ندرك من متابعاتنا لكتاباتكم اهتماما كبيراً بمشكلة الإسكان في مصر، باعتبارها إحدي أهم العقبات التي تواجه الشباب في هذه الآونة.. كما ندرك أيضا سعيكم الدءوب لضرورة أن تكون هناك جهود ملموسة من الدولة لحل هذه المشكلة، كما وكيفا، بحيث تكون هناك وفرة في الوحدات السكنية المعروضة، وبأسعار تناسب الدخول المحدودة للشريحة العريضة من المصريين. ولأن أهدافنا وطموحاتنا واحدة، نتشرف بأن نعرض عليكم القواعد والأسس التي نسعي لتنفيذها، في قطاع الإسكان، منذ تولي وزير الإسكان المسئولية. أولا: إن الوزارة وضعت أصحاب الدخول المحدودة علي رأس أولوياتها، ولهذا تم الإعلان عن برنامج طموح للإسكان الاجتماعي، يتضمن مشروعا لإنشاء مليون وحدة سكنية، علي مدي خمس سنوات، بداية من يناير 2102، يستهدف هذه الطبقة، التي لا يؤهلها دخلها لدفع ثمن قطعة أرض، وبنائها، وبالتالي ستتولي الدولة »دعم« هذه الشريحة، وسيدفع المستفيدون من هذه الوحدات ما في قدرتهم تسديده، وليس ثمن الوحدة المستحق، وعندما يعلن عن تفاصيل هذا البرنامج بعد موافقة مجلس الوزراء ستدركون قيمة الدعم الموفر لهذه الشريحة، التي تستحق رعاية الدولة. ثانيا: إن السبب الرئيسي للإعلان عن بدء هذا المشروع، في يناير المقبل، انه كان لدينا التزام منذ تولينا المسئولية، لم يكن من الممكن عدم الوفاء به، حيث وجدنا أن هناك نحو 061 ألف وحدة سكنية من المشروع القومي للإسكان »القائم«، لم يتم تسليمها بعد، بينما دفع أصحابها مقدمات الحجز، وينتظرون تحقيق حلم عمرهم في المسكن المناسب، وتعهدنا بأننا سنسلم كامل هذه الوحدات، وبالفعل انتهينا منذ يناير الماضي من تسليم حوالي 08 ألف وحدة حتي الآن، ونجدد التزامنا بتسليم الوحدات المتبقية لمستحقيها من الحاجزين. ثانيا: إن الجانب الأكثر أهمية في مثل هذا المشروع »إنشاء مليون وحدة سكنية«، ليس هو طرح المناقصات علي شركات المقاولات للتنفيذ، ولكن ما يسبق ذلك هو الأهم، فعلي مدي الشهور السابقة، كانت هناك فرق عمل مختلفة تعكف علي دراسات عديدة لتنفيذ هذا المشروع، فمنهم من تولي دراسة احتياجات هذه الشريحة من الوحدات السكنية، ولدينا دراسات عن قدرة شركات المقاولات علي التنفيذ، بالإضافة إلي قدرة شركات مواد البناء علي توفير ما يحتاجه هذا القطاع، وفريق فني تولي حصر الأراضي المخططة والمرفقة »التي تم توصيل المرافق إليها«، سواء بالمدن الجديدة أو المحافظات، التي ستشارك بالمشروع، وفريق آخر قانوني تولي وضع الضوابط التي تضمن منع من لا يستحق من الحصول علي هذه الوحدات المدعمة، ثم أعلنت الوزارة عن مسابقة معمارية لاختيار أفضل التصميمات لهذا المشروع، والآن يتم وضع القواعد المالية التي سيتم علي أساسها طرح الوحدات السكنية قريبا. رابعا: نود الإشارة إلي أن الوزارة أعلنت عن مشروع آخر، ضمن برنامج الإسكان الاجتماعي، يتضمن طرح قطع الأراضي العائلية الصغيرة بالقرعة العلنية، ضمن برنامجها للإسكان الاجتماعي، بهدف »مساندة« شريحة الدخول المتوسطة، للحصول علي قطعة أرض بسعر مناسب، أقل من السعر »السوقي« الذي تصل إليه المزادات، لبناء مسكن مناسب، في بيئة حضارية مخططة. ومنذ بدء التفكير في طرح أراض لشريحة الدخول المتوسطة بالقرعة، كان لدينا حرص علي أن تكون بأقل سعر »ممكن«، ولكن كان دائما لدينا عقبة هي ضرورة ألا يقل سعر المتر عن سعر توصيل المرافق، ولهذا تم حساب سعر المتر حسب تكلفة توصيل المرافق، وطبيعة قطع الأراضي في كل منطقة، وكل مدينة، مع مراعاة أن مساحات الأراضي التي يتم بيعها تمثل نحو 04٪ من إجمالي مساحة الأراضي التي يتم تخطيطها وترفيقها، بمعني أنه إذا كان سعر توصيل المرافق للمتر يكلفنا في بعض المناطق حوالي 091 جنيها، فهذا معناه ضرورة أن يكون سعر البيع للمتر ما يزيد علي ضعف هذه القيمة، فالأسعار التي تم تحديدها روعي فيها أنها أسعار أراض مخصصة للمواطنين المستفيدين ببرنامج الإسكان الاجتماعي، أي أنه لن تتم مقارنتها بأي أسعار للمزادات. وقد تم وضع تسهيلات كثيرة لمن سيحصل علي أراضي القرعة، فلأول مرة يتم مد فترة تنفيذ المسكن لخمس سنوات، كما أن ثمن الأرض تم تقسيطه علي أربع سنوات، بدون فوائد، وسيتم تسليم نماذج مختلفة للوحدات السكنية، يلتزم بها المستفيد بالقرعة. هذا الحرص علي تخفيض سعر متر الأرض، ينبع من عقيدة راسخة لدينا، وهي أن دور وزارة الإسكان هو مساعدة الشرائح المستحقة، للحصول علي المسكن المناسب. أما ما آثرتموه بخصوص مشاركة رجال الأعمال الشرفاء في المشروعات السكنية، فنحيطكم علما بأن الوزارة قد تلقت بالفعل مبادرات من عدد كبير من رجال الأعمال المخلصين، للمشاركة في برنامج الإسكان الاجتماعي، الذي يخدم فئة محدودي الدخل، وسيتم تفعيل هذه المبادرات عقب اعتماد قانون الإسكان الاجتماعي، الذي يتضمن إنشاء صندوق للإسكان الاجتماعي، يحق له قبول هذه المساهمات. ونرجو أن تكون الصورة قد أصبحت أكثر دقة أمامكم، كما أن الوزير أكد أكثر من مرة، منذ تولي المسئولية، أن وزارة الإسكان وزارة خدمية في المقام الأول، ولا تهدف للربح، وأن الوزارة ستقدم خدماتها لفئات المجتمع المختلفة، حسب رؤية محددة تحقق العدالة الاجتماعية المنشودة، فشريحة محدودي الدخل سيكون هناك »دعم« من الوزارة لها، بخلاف شريحة متوسطي الدخل التي تستحق »المساندة« للقيام بدورها في تنمية المجتمع، أما أصحاب الدخول الكبيرة والقادرون، فسيتم معاملتهم بمبدأ »الإتاحة«، حيث نتيح لهم الأراضي المطلوبة، ولكن بسعرها الحقيقي الذي يحدده المزاد العلني، وسنعيد استثمار عائد هذه المزادات في توفير أراض مرفقة للفئات المستحقة. انتهي كلام الدكتور فتحي البرادعي وزير الإسكان.. لكن الأزمة لم تنته!