«بدت علامات الحزن والإحباط على وجهه بوضوح شديد، وتلاشت حالة النشوة والانتصار التى كانت تسيطر عليه، عندما كان أعضاء حملته يعملون بكل قوتهم للدعاية له، وتعليق صوره فى كل مكان يتمكنون من الوصول إليه»، هكذا رأى الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، المرشح المستبعد من سباق الرئاسة، خلال ظهوره مع الإعلامى يسرى فودة فى برنامج «آخر كلام» مساء أمس الأول. يؤكد المهدى أن «صوت أبوإسماعيل كان منخفضا عن ذى قبل، وأخذ الموقف الدفاعى طوال الوقت فى مواجهة الجمهور، وكان كل همّه تبرئة نفسه من كل الاتهامات التى نسبت إليه خلال الفترة الماضية بما فيها تخليه عن أنصاره والذين آل بهم الحال لاشتباكات العباسية، وقام فى سبيل ذلك بالتنكّر لكل ما كتب على صفحته على فيس بوك».
ومع أن صورته كانت تتصدر واجهة الصفحة، وبالرغم من أن الكلمات التى كتبت عليها «واضح أنها أسلوبه» إلا أنه تبرأ بشكل يدعو للعجب منها، وهو ما قال عنه المهدى «كان ذلك غريبا، وغير متوقعا منه لمعرفتنا بأسلوبه».
المهدى أشار إلى أن «أبوإسماعيل كان يبدى إعجابه بالكلمات التى كتبت على صفحته، لما كانت فى صالحه، وقبل وقوع أحداث العباسية، إلا أن ذلك تحول للعكس تماما عندما وقعت الأحداث بالفعل، وتغيرت لهجة ما تبثه صفحته إلى نوع من التحريض وبث الرسائل المزدوجة، وكأنها تدعو للصبر والسلمية تارة، وللثورة والتمرد والاندفاع تارة أخرى، وهو ما جعله يتنكّر لتلك الكلمات ويقول لست أنا من يكتبها».
ومع استمرار المحاصرة من المحاور بحسب المهدي أصبح أبوإسماعيل مهتما ومعنيا بنفسه، ولم تعد هناك قضية سياسية أو اجتماعية أو حتى دينية يهتم بها فكل تركيزه كان منصبا على محاولة النجاة من الاتهامات، وكأنه غريق، وبدا ذلك واضحا فى تبرؤه من أنصاره «دول مش تبعى»، كما بدا واضحا فى حديثه كثيرا عن نفسه «وكأن الأمر اختزل فى أزمته الشخصية»، وهو ما يعكس أنه انتقل من الرؤية العامة وغرق تماما فى الرؤية الشخصية.
ويعلق المهدى على مواجهة فودة له بأحد مقاطع الفيديو الذى يوجه فيه أبوإسماعيل كلمة لأنصاره الذين أطلقوا بعدها «تكبيرات مدوية» وبدا مدى تأييدهم له قائلا «بالرغم من قيام أنصاره بذلك، إلا أنه أكد أنه لا سلطان له عليهم وأنهم ليسوا أتباعه بل أشخاص غضبوا لما قامت به اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية من استبعاد له»، وهو ما يشير بحسب المهدى إلى «أنه كان يحاول غسل يديه من كل ما حدث فى العباسية، بادعاء أنه لم يكن على علم بشىء مما جرى ولم يحرك أحدا، رغم أن الرسائل التى كانت تبث على صفحته على الفيس بوك خلال وقوع اشتباكات العباسية كانت تعكس مواكبته للحدث ومتابعته الدقيقة له».
وقال المهدى «كان يحرص على أن يظهر هادئا بقدر الإمكان وساعده على ذلك أنه متمرس فى الحوارات التليفزيونية التى كان يظهر فيها خلال الفترة الماضية، وكان يحاول أن يخفى غضبه وإحباطه»، لافتا إلى أن أبوإسماعيل شعر بأنه محاصر رسميا وإعلاميا وشبابيا من فئات كثيرة أطلقت عليه نكات وتعليقات ساخرة جعلته مادة للتشفى والسخرية، وربما يكون ذلك ما دفعه للإصرار على عدم تلقى أية اتصالات من الجمهور.
وعن اتهامه المستمر لوسائل الإعلام يرى المهدى، أنه قام بذلك لأنه يريد أن يوصل رسالة مفادها أن هناك مؤامرة كبيرة جدا ضده، شاركت فيها وسائل الإعلام، وهذا جزء من قناعة أوصلها أبوإسماعيل لأنصاره ومحبيه الذى وصل الأمر بعدد منهم بالاقتناع بأن هناك مؤامرة كونية ضد شيخهم.
وعن أنصار المرشح المستبعد قال المهدى «أنصار أبوإسماعيل ومحبيه فى حالة قابلة للانفجار»، مشيرا إلى «أنهم يعتبرون أنفسهم يدافعون عن الإسلام وأنهم يخوضون معركة مقدّسة، الموت فيها أكبر شرف لهم، وهو ما يجعلهم يشعرون بحالة من الظلم والاضطهاد من قوة متآمرة عليهم منها الإعلام وأمريكا والسلطة القائمة حاليا».
ويرى المهدى أن «كل ذلك يضع الشباب الذى يؤيد أبوإسماعيل فى موقف خطر، وعلى الرغم من أن كل تصرفات الشيخ تدفع فى اتجاه تبرئته من أى تأثير له على أنصاره، إلا أن تفكيرهم سيظل محصورا فى إطار أن ابتعادهم عن دعم حازم هو ابتعادهم عن نصرة المشروع الإسلامى، لكن بعضهم قد ينفضون عنه».