منذ خمسة عشر عاما فقط ولأسباب كثيرة أصبح الصيف هو الدجاجة التى تبيض ذهبا للسينما وصناعها، ففى عام 1997 وبعد نجاح مفاجئ لفيلم إسماعيلية رايح جاى لم يكن أكثر الناس تفاؤلا يتوقعه بدأت السينما تعرف طريقها إلى الملايين، وبدأت الصناعة تتخذ منحى مختلفا على جميع المستويات، وكان الصيف صرحا حقيقيا للسينما، لكن ومنذ العام الماضى بدأ هذا الصرح فى التصدع وعلته الشقوق حتى إن البعض أصبح يتوقع له الانهيار وبين الصعود والهبوط فتحت «الشروق» ملف «موسم السينما الصيفى». إيرادات
قبل الصحوة الصيفية كانت نجومية عادل إمام ونادية الجندى ينازعهما فيها أحمد زكى ونبيلة عبيد، وكانت أكبر نسبة إيرادات لا تتخطى الخمسة ملايين، لكن بعد زلزال صعيدى فى الجامعة الأمريكية عرفت السينما وبفضل الأفلام التى عرضت فى الصيف الملايين، حيث حقق صيف 1999 إيرادات وصلت إلى 38 مليون جنيه لأول مرة، من بينها 27 مليونا فى إيرادات هنيدى، وبعدها فى صيف 2000 تخطت الأربعين مليونا، وفى عام 2001 وصلت إلى 51.6، وفى صيف 2002 وصلت إلى 59 مليونا، وفى صيف 2003 بلغت الإيرادات 60.4، وفى صيف 2004 كانت إيرادات الأفلام قد اقتربت من 71.7 مليون جنيه وفقا لدراسة قدمتها مجلة جود نيوز سينما المتخصصة، أما فى عام 2011 فقد تخطت إيرادات الصيف وبفضل وجود أفلام مثل «اكس لارج» و«شارع الهرم» ال70 مليون جنيه.
نجوم صيفية
منذ بداية عام 1998 بدأت شجرة السينما فى طرح نجوم جدد قادوا السوق السينمائية فيما بعد لسنوات طويلة، أول هؤلاء هو النجم محمد هنيدى الذى شارك فى فيلم «إسماعلية رايح جاى»، ولفت الأنظار فتحمس له المنتجون، وقدموه فى فيلم «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» الذى أحدث تحولا فى عالم السينما، حيث وصلت إيراداته إلى 27 مليون جنيه، وهو رقم تاريخى لم تكن السينما تقترب منه مع أهم نجومها، محمد هنيدى اعتلى عرش شباك التذاكر هذا العام، وسطر لتاريخ سينمائى جديد، ومن النجوم الذين ولدوا فى موسم الصيف أيضا الراحل علاء ولى الدين الذى قدم فى صيف 1999 فيلم «عبود على الحدود»، واستطاع أن يزاحم صديق عمره محمد هنيدى على عرش شباك التذاكر فى صيف 1999، حيث خرج هنيدى بفيلم «همام فى أمستردام» فى مواجهة «عبود على الحدود»، وأثبت الصيف أنه موسم يتحمل أكثر من فيلم وأكثر من نجم، ومن همام وعبود تفرعت نجوم جديدة فظهر اسم أحمد السقا الذى ظهر مع هنيدى مرتين قبل أن يأتى صيف عام 2000 ليقدمه كنجم من خلال فيلم «شورت وفانلة وكاب»، وهانى رمزى الذى ظهر مرتين أيضا مع هنيدى ثم قدم عام 2001 فيلمه الأول كنجم شباك فى فيلم «صعيدى رايح جاى»، هانى شارك مع أحمد آدم أحد الأبطال الصيفية أيضا بفيلمه «ولا فى النية أبقى»، لكنه لم يحقق طفرات هنيدى وعلاء ولى الدين الذى خرج من عباءته ثلاثة من أهم نجوم السينما كريم عبدالعزيز الذى شارك فى «عبود على الحدود» قبل أن يقدم فيلمه الأول عام 2000 أيضا «ليه خليتنى أحبك»، والنجم أحمد حلمى الذى شارك فى فيلمين من أفلام علاء ولى الدين «عبود» و«الناظر» قبل أن يتشارك مع نجم آخر هو محمد سعد فى فيلم 55 إسعاف، وقبل أن ينفصل كل منهما ليقدم عملا منفردا فى مواسم الصيف فقدم الأول فيلم «ميدو مشاكل» عام 2003، وقدم محمد سعد فيلم «اللمبى» فى صيف 2002 ليبدأ مرحلة جديدة من السينما داخل مواسم الصيف، آخر عناقيد نجوم الصيف هو الكوميدى أحمد مكى الذى بدأ سلم النجومية فى صيف عام 2008 بفيلم «إتش دبور» بعد عدد من المشاركات الصغيرة التى كان أغلبها صيفيا أيضا.
دور العرض
قبل الانطلاقة الصيفية سجلت دراسة سينمائية عن دور العرض نشرت بمجلة الفن السابع السينمائية المتخصصة أن مصر حتى عام 1997 كان بها فقط 141 دار عرض، من بينها 54 دار عرض فقط فى القاهرة و18 فى الاسكندرية والباقى فى كل محافظات مصر، وهو رقم هزيل إذا عرفنا ومن خلال نفس الدراسة أن عدد دور العرض فى أواخر الخمسينيات وصل إلى 395 دار عرض هدم أغلبها وأغلق وأهمل الجزء الآخر، أما مع حلول الانتفاضة السينمائية الصيفية فقد تخطت شاشات العرض وصالات السينما ال400، وظهر مصطلح سينما المولات حتى أن بعضا من المراكز التجارية الكبيرة تضم 13 شاشة، وهى الصيغ الجديدة التى استحدثت فى فترة الرواج السينمائى بتغيير نمط دور العرض التى كانت فيما مضت تضم عددا كبيرا من الكراسى إلى عدد من الشاشات تعرض أكثر من فيلم فى نفس الوقت.
تاريخ
المؤرخ السينمائى محمود قاسم يستعرض بدايات الموسم الصيفى قائلا: قبل عام 1997 كان الصيف سينمائيا مخصصا للأفلام ذات التكلفة المنخفضة والأفلام التى كان أصحابها يريدون أن يعرضونها بأى طريقة، وكانت المواسم الأهم فعليا هى مواسم الأعياد، وهى التى كان عادل إمام ونادية الجندى يطرحان فيها أعمالهما، لكن مع تغيير نظام التعليم فى مصر واعتماد نظام الترمين الدراسيين، وبعد أن انتشرت صالات السينما فىما عرف باسم سينما المولات، وبعد نجاح فيلم «إسماعيلية رايح جاى» الذى حقق إيرادات كانت غير مسبوقة فى مصر، وقتها بدأ الموزعون ينتبهون إلى أهمية موسم الصيف، وبدأ جيل جديد أغلبهم من الطلاب والتلاميذ الصغار يهتمون بمشاهدة الأفلام فى الصيف، والحقيقة أن كل هذه العوامل أدت إلى بزوغ نجم الموسم الصيفى، وبدأت شركات الإنتاج تقدم نوعية من الأفلام هى أفلام الكوميديا التى لاقت ترحيبا بين الشباب، وأفرزت نجوما جديدة وصيغا إنتاجية جديدة ودور عرض جديدة، وارتفعت الإيرادات فى السينما، وأصبح الموسم من وقتها هو الموسم الأهم فى السينما.
أما الناقد والمؤرخ يعقوب وهبى فقد أكد أن البداية الحقيقية للموسم السينمائى الصيفى الذى تم اكتشافه بالصدفة على حد قوله تأتى مع فيلم صعيدى فى الجامعة الأمريكية، ويضيف: منذ فيلم صعيدى عام 1998 أصبح هناك مفهوم حقيقى للموسم الصيفى الذى أصبح فيما بعد مثل أمواج البحر مع النجوم فقد كان يرفع نجوما ويهبط بآخرين وارتبطت مع الموسم الصيفى الإيرادات العالية، لكنها لم تكن يوما مقياسا لمستوى الأفلام، فهناك أفلام حققت طفرات مادية، لكنها لم تقدم جديداً على المستوى الفنى، وارتبط أيضا بالمواسم الصيفية ظاهرة اختفاء التوزيع الخارجى الذى كان مصدرا للدخل فى السينما، واكتفى الموزعون بشباك التذاكر المصرى فى الداخل فقد كان يقدم أموالا طائلة لهم.
هذا العام
لأنه موسم مضطرب غير محدد المعالم بسبب الأحداث الكثيرة التى تمر بها البلاد فقد أصبحت أجندة السينما غير واضحة تماما هذا العام، وإن كانت هناك مؤشرات غير مؤكدة حتى الآن بعرض أفلام و«ساعة ونصف» بطولة هيثم أحمد زكى وفتحى عبدالوهاب محمد إمام وماجد الكدوانى وعدد آخر من النجوم و«مصور قتيل» من بطولة إياد نصار ودرة وفيلم الألمانى من بطولة محمد رمضان.
الحاضر والمستقبل
الموزع هشام عبدالخالق يتحدث عن حاضر الموسم الصيفى ومستقبله, فيقول: منذ أربعة أعوام تقريبا والموسم الصيفى يعانى من أشياء كثيرة والعام الماضى، وهذا العام كانت هناك عوامل أخرى أثرت بالسلب على الموسم السينمائى إضافة إلى أنه أصبح أقصر، وأصبح مع زحف رمضان عليه أقل قيمة فتناقصت إيراداته، وزادت تكلفة الفيلم، وبدأ الإنتاج يقل خاصة للأفلام الكبيرة، ومع ارتفاع أجور النجوم التى لم تتأثر ولم تنخفض، أصبح الإنتاج السينمائى صعبا بشكل عام، وأصبح الموسم الصيفى لا يتحمل أكثر من فيلمين كبار، ومع الظروف التى نعيشها منذ عامين وارتباك السوق وخوف المنتجين وتراجع شباك التذاكر وتغيير المزاج العام أصبح الموسم مهددا، وبدأ بالفعل الموسم فى التراجع، وهذا العام يمكن أن تقول إن الموسم بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة فلا يوجد أفلام مهمة فيه حتى الآن، والامتحانات سوف تستمر إلى وقت أطول، وشهر رمضان اقترب أكثر، وهناك ظروف الانتخابات الرئاسية التى سوف تبدأ فى منتصف الموسم، وكلها عوامل تهدد الموسم الحالى وتهدد الصناعة أيضا.
هشام عبدالخالق يرى أن عيد الفطر هو المرشح المحتمل لاحتلال عرش المواسم السينمائية، ويقول: أعتقد أن موسم عيد الفطر الذى سوف يبدأ فى العشرة أيام الأخيرة من شهر أغسطس هو الموسم المناسب لعرض الأفلام، وأعتقد أنه سوف يستمر حتى بدايات نوفمبر، وهى فترة كبيرة ربما تعوض خسائر الموسم الصيفى، وأتمنى أنا شخصيا أن يحدث ذلك لأن الصناعة كلها أوشكت على الانهيار.