أمام شاشة التليفزيون، ألقى أحمد نظرة على يده اليمنى المقيدة بجبس أبيض صلب منعها من الحركة، ثم تبعها بنظرة أخرى على ما تبثه قناة الجزيرة من أحداث فى ميدان التحرير. كان اليوم جمعة الغضب عندما أصبحت مهمة أحمد عبداللطيف المصور الصحفى بجريدة «الشروق»، أن يبقى فى المكتب لينسق العمل عبر الهاتف بين زملائه المنتشرين فى ميدان التحرير وميادين مصر الثائرة، بعد أن تعرض للضرب المبرح يوم 25 يناير وكانت النتيجة أن يده التى تصور قيدها الجبس.
«لا غنى عن وجود وسائل إعلام مستقلة وحرة وقائمة على التعددية فى جميع أنحاء العالم، لتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان»، بهذا النص اتفق الصحفيون المشاركون فى الحلقة الدراسية لليونسكو والتى كانت معنية بتعزيز صحافة افريقية مستقلة فى ويندهوك بناميبيا، يوم 3 مايو 1991، على اعتبار ذلك اليوم يوما عالميا لحرية الصحافة.
وقبل تلك الذكرى بأربعة أشهر تقريبا العام الماضى، كانت الاحتكاكات قد بدأت بين الشرطة والمتظاهرين فى شارع جامعة الدول العربية، كما يروى أحمد «الضابط لما شافنى باصور قالى لو صورت حضربك بالطبنجة، لكن فضلت أصور لأنها مش أول مرة اسمع فيها الكلام ده فى المظاهرات، ما كنتش متخيل إنها ثورة».
استمر أحمد فى التصوير رغم تهديدات الضابط «عند محيط مجلس الشورى، كانت الحواجز واقعة على الأرض والعساكر فى حالة هدوء، لغاية ما سمعت كلمة اهجموا، لقيت أعداد كبيرة من العساكر بتجرى ناحيتى وقبضوا على».
محاولات أحمد لإخبار الضباط بأنه صحفى باءت كلها بالفشل، «العساكر بدأوا الضرب من غير ما يسمعونى، حاولت أحمى الكاميرا، لكن الضابط فضل يضربنى على إيدى اليمين لغاية ما كسرها، وأخذ الكاميرا».
فى طابور من 30 شابا وقف احمد يحاول إبراز كارنيه نقابة الصحفيين ليخرج من مأزق الاحتجاز، «الضابط اخده منى وقطعه، وقال لى «صحفى يا ابن....».
عند كتيبة أمن مركزى فى طريق السويس، كتب العسكرى الجالس بجوار السيارة اسم أحمد من بين 47 شابا، فى قائمة الصحفيين، ودخل الجميع الحجز.
12 ساعة تقريبا قضاها أحمد مع صحفيين آخرين وثوار، فى زنزانة مظلمة، قبل أن يسمح له الضباط بالبحث عن متعلقاته فى كراتين كبيرة، «دورت كتير لكن للأسف ما لقتش الكاميرا»، بعدها ألقته سيارة أخرى عند مسجد الفتح وفرت هاربة