فى بداية القرن الماضى داهم مرض الكوليرا مدينة الإسكندرية، لذا بادر الإيطالى بيترو فازاى بنشر نداء إلى الجنسيات المختلفة لتدشين مؤسسة يمكنها مواجهة مثل هذه الحالات الطارئة، وهى الفكرة التى بدئ فى تنفيذها عام 1902، وتشكلت لجنة مؤقتة بهدف بحث الوسائل الفعالة لتحقيق هذا الهدف، وفى أغسطس من العام ذاته، بدأت اللجنة المؤقتة بدعاية واسعة على صفحات الصحف بين أعضاء الجاليات الأجنبية والمصريين على السواء تناشدهم فيها الحضور إلى اجتماع مخصص لإقامة مؤسسة اجتماعية دولية خاصة بالإسعاف بدار الجامعة الشعبية الحرة فى الثالث من أغسطس عام 1902. وكان المقر الأول للإسعاف بالإسكندرية عبارة عن مجموعة من الدكاكين بشارع الكنيسة الأمريكية. وبدأت العناصر الأولى للمتطوعين تمارس دورها، تحت اسم الجمعية الدولية للإسعافات الصحية العاجلة، ومنذ تأسيس جمعية الإسعاف بالإسكندرية أصدرت لجنة الإدارة قانونا لها فى العام نفسه لتنظيم أعمال الجمعية.
واشترك المصريون فى مجلس إدارة جمعية الإسعاف، وفى عام 1912 انتخب مصريان بمجلس الإدارة أولهما: رمضان يوسف الذى ظل عضوا بالجمعية حتى 1922 وثانيهما: د. نجيب قناوى، الرجل الذائع الصيت آنذاك الذى تطوع عام 1912 بوصفه طبيبا، وقام بإلقاء الدروس على المتطوعين فى الإسعافات.
وقد أدى قيام الحرب العالمية الأولى عام 1914، إلى حدوث انقسام بين مؤسسى الجمعية، لولا أن بدأ فريق من الصفوة المصرية يطرق أبواب هذا العمل، فكان محمد يكن باشا أول رئيس مصرى للجمعية عام 1914 على رأس هذا الفريق لذا عادت الجمعية بقوة إلى دائرة الضوء ولم تخط من أزمتها وحسب لكن بدأت أيضا تلفت إليها أنظار السلطات المحلية.
وفى عام 1924 قامت نهضة كبيرة بالجمعية، إذ بدأت تدب فيها روح جديدة، وانعكس ذلك على الخدمات التى تقدمها الجمعية، ففى هذا بدأت فكرة تأسيس اتحاد يضم جمعيات الإسعاف فى مصر، وانتهت المفاوضات فى هذا الشأن فى 14 من ديسمبر 1924 إلى تأسيس اتحاد فى القاهرة تحت رعاية الملك فؤاد الأول يضم هذه الجمعيات وأطلق عليه «الاتحاد الملكى لجمعيات الإسعاف العمومية بالقطر المصرى».
وفى عام 1937 بدأ الإسعاف يسير فى اتجاه التمصير، وأخذ الطابع الوطنى الصميم بعد أن ظل 34 عاما يغلب عليه الطابع الأجنبى، ومع ظروف استجدت تحول الإسعاف من الطابع الأهلى الاجتماعى إلى الطابع الذى يغلب عليه الشكل الحكومى الرسمى، وذلك بصدور القانون (49) لسنة 1945 الخاص بالجمعيات الخيرية وإخضاعها لإشراف جهاز المحاسبات، بعد أن أصبحت تتلقى معونات من الحكومة، وبالتالى تتم مراجعة ميزانيتها عن طريق الجهاز.
وقد أصبحت الإسعاف فى كنف وزارة الصحة عام 1966 بصدور القانون رقم (8) بشأن الاسعاف الطبى، وبمقتضاه أصبح الإسعاف الطبى من المرافق التى تتولاها الدولة وضمت مواردها المالية وموجوداتها إلى مجلس المحافظة واصبح الاخير هو المسئول عنها فى حدود السياسة العامة لوزارة الصحة ثم صدر قرار وزير الصحة رقم (403) لسنة 1966 وهو اللائحة التنفيذية للقانون رقم 8 لسنة 1966 والذى نظم المرافق تنظيما إداريا وماليا.
ثم صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون الادارة المحلية، ومنذ ذلك الحين والاسعاف الطبى يتبع المحليات إداريا، دخلت خدمة الاتصالات اللا سلكية لأول مرة لمرافق الإسعاف بعد أن أصبح خاضعا لوزارة الصحة، حيث تم البدء فى تنفيذ شبكة للاتصالات اللاسلكية تخص مرافق الإسعاف.
وفى عام 1996 قامت الوزارة بتحديث وتطوير الشبكة لتعمل بنظام الترنك اللاسلكى EDACS مع الاستفادة من الإمكانيات المتاحة من أبراج وأجهزة، وفى عامى 2003/2004 تم شراء 446 جهاز لاسلكى ثابت وسيارة لاستكمال الاحتياجات، وفى عام 2005 تم تنفيذ أول نواة لمشروع التتبع الآلى لسيارات الإسعاف بمحافظة الإسكندرية من خلال الشبكة القومية للاتصالات اللاسلكية.