سعر الذهب اليوم السبت 12 يوليو 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب 3994 جنيها    كامل الوزير يفتتح مصنعا ويضع حجر أساس آخر لإنتاج ثلاجات وديب فريزر    دخول محطة المعالجة بالفوزة فى إدفو بأسوان الخدمة 30 أغسطس المقبل    الاتحاد الأوروبى يهدد بالرد بالمثل بعد إعلان ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 30%    87 شهيدا بنيران الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    خبير عسكري: إسرائيل لا تلتزم بتعهداتها وتضغط على لبنان بشروط جديدة    ملك إسماعيل: مصر قريبة من تحقيق ميدالية أولمبية للسيدات فى الخماسى الحديث    الأهلي يستقر على شراء بيكهام نهائيًا من سيراميكا بدلا من نظام الإعارة    وزارة الداخلية تضبط المتهم بضرب شخص بسبب أولوية المرور    الطقس غدا شديد الحرارة رطب وشبورة والعظمى بالقاهرة 35 درجة والإسكندرية 30    وكيل تضامن الغربية تزور مصابى حادث طريق المحلة كفر الشيخ الدولى    30 يونيو.. الإنجازات الثقافية في مصر خلال عام    محمد هنيدي ل اليوم السابع: أنا زي الفل وخضوعي لعملية جراحية "شائعة"    متحف المجوهرات الملكية بالإسكندرية يفتتح القاعة الرئيسية بعد ترميمها    هل تراجع وسام أبوعلي عن قرار الرحيل؟ الأهلي يرد    ستيفانو بيولي يعود إلى تدريب فيورنتينا    حصاد أسبوعي لنشاط وزير الشئون النيابية.. شارك في جلسات برلمانية حاسمة وأكد أهمية دعم الشباب والحوار المؤسسي    البابا تواضروس الثاني يصلي قداس عيد الرسل مع شباب أسبوع الخدمة العالمي    حريق ضخم في مصنع للبلاستيك شمال غرب أثينا والدخان يغطي السماء    ترامب يبدل لهجته مع بوتين.. الود السياسي ينكسر تحت نيران الحرب في أوكرانيا    وزيرة التنمية المحلية توجّه بتيسير مشاركة الحرفيات في المنافذ والمعارض الدائمة بالمحافظات    تنسيق الجامعات 2025.. جامعة عين شمس تحذر: لم يُفتح باب التقديم للجامعة الأهلية حتى الآن    عام من الشراكات الثقافية.. بروتوكولات واتفاقيات تعزز حضور مصر الفني محليًا ودوليًا    حسين الجسمي يطلق أحدث أعماله "ألبوم 2025" الإثنين المقبل    طارق الشناوي عن أزمة مها الصغير: «ما حدث تزوير أدبي واضح.. لكنها تلقت عقابها من السوشيال ميديا»    جولة مفاجئة فجراً لمدير "فرع الرعاية الصحية" تغطي مستشفيات إسنا والكرنك والدولي وإيزيس    طريقة عمل الكشري المصري في البيت بطعم المحلات    معركة إنجليزية.. من سيفوز بدوناروما بعد كأس العالم للأندية؟    فريق طبي بالزيتون التخصصي ينقذ 4 مصابين بعد تعرضهم لطلق ناري    7 مشروبات طبيعية للتخلص من أعراض ارتجاع المريء    سحب على 10 تذاكر.. تامر عبدالمنعم يفاجيء جمهور الإسكندرية    شيخ الأزهر ينعى الدكتور رفعت العوضي عضو مجمع البحوث الإسلامية أحد أبرز علماء الاقتصاد الإسلامي    جنايات الزقازيق تؤيد السجن المؤبد لميكانيكي قتل والدته وشرع في قتل شقيقته    فيديو.. سهير شلبي توجه رسالة إلى شيرين: ادعي ربنا ينجيكي    «دفن جثتها داخل مزرعة».. ضبط «خفير خصوصي» بتهمة قتل زوجته في الشرقية    استراتيجية عربية مشتركة للتعاون الجمركي والإداري    موعد مباراة ليفربول ضد بريستون والقنوات الناقلة.. ليلة تكريم جوتا بتواجد محمد صلاح    تلقي طلبات الترشح ل عمادة 7 كليات بجامعة المنيا لمدة أسبوع (الجدول الزمني)    الأهلي يغلق ملف رحيل وسام أبو علي ويخطر اللاعب بالعودة إلى التدريبات (خاص)    ضبط 5444 قضية بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    وزير الإسكان يتفقد محاور الطرق ومحطة تنقية مياه الشرب الجديدة بمدينة السادات    الجيش اللبناني: توقيف 109 سوريين داخل الأراضي اللبنانية لعدم حيازتهم أوراقًا قانونية    "لن يخسروا بسبب يوم واحد".. تيباس يرد على مطالب ريال مدريد بتأجيل مباراة أوساسونا    وزيرة البيئة تبحث مع سفيرة المكسيك بمصر سبل التعاون    نتيجة الثانوية العامة 2025.. جار تصحيح المواد لتجهيز النتيجة    وزير الري يشارك فى الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين لعيد التحرير الوطني لدولة رواندا    القبض على لص الدراجات النارية بحي غرب سوهاج    من التوصيل المخالف إلى الإهمال.. 4 حالات تقودك إلى السجن بسبب الكهرباء    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 التجارة والزراعة والتمريض والصنايع والسياحة فور ظهوره (رابط)    صحة الشرقية تعلن تنفيذ حملة للتبرع بالدم    رئيس جامعة الأزهر: دعاء "ربنا آتنا في الدنيا حسنة" من كنوز الدعاء النبوي.. وبلاغته تحمل أسرارًا عظيمة    دار الإفتاء توضح مسؤولية الوالدين شرعًا تجاه أولادهم فيما يتعلق بالعبادات    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    أسعار الخضروات والدواجن اليوم السبت 12 يوليو 2025    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    تامر حسني يُشعل الرياض في أضخم حفل على هامش كأس العالم للألعاب الإلكترونية.. وأغنية "السح الدح امبوه" مفاجأة تثير الجدل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستضعفون فى مواجهة الشمولية السياسية والدينية والقهر الاقتصادى
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 04 - 2012

«إن الأزمة العميقة للهوية البشرية تكون فى «الكذب».. والحياة الحق تكون فى ممارسة «الحقيقة».. ذلك بتمرد الإنسان على الوضع الذى أجبر عليه فى ظل الشمولية والقهر...».

هذه العبارة وردت فى كتاب فاتسلاف هافل (19362011) «قوة المستضعفين». وهافل كاتب مسرحى ومعارض أصيل للنظام الشمولى فى تشيكوسلوفاكيا، ورأس جمهورية التشيك بعد سقوط النظام الشمولى وانفصال التشيك عن السلوفاك.وقوة المستضعفين كتاب مفيد للمواطنين الذين يناضلون من أجل التحرر بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. فمنذ صدوره سرا فى 1978 إبان سطوة الأنظمة الشمولية كان مصدر مقاومة وتمرد للمجتمعات والشعوب التى تعانى من الاستبداد والقمع فى أوروبا الشرقية. ومنذ أن صدر بشكل رسمى فى 1994 بات مصدرا للإلهام فى شتى المجتمعات خارج السياق الأوروبى. فلقد استفادت منه الحركة الخضراء فى إيران كما استلهمته شرعة 2008 فى الصين..إلخ. كذلك كثير من دول أمريكا اللاتينية خاصة فى فترات التحول السياسى التى مرت بها. ما أهمية هذا الكتاب؟


الشمولية الجديدة

أهم فكرة فى الكتاب هى تمييزه بين شمولية أنظمة الأربعينيات والخمسينيات وبين شمولية الثمانينيات وما بعدها. الشمولية الأولى تعتمد العنف بمستوياته وأشكاله المختلفة وسيلة أساسية للعلاقة بين الحاكم والمحكوم. بينما الشمولية الجديدة إن جاز التعبير فإن حكامها يخضعون المحكومين عن طريق «القمع الانتخابى». أى توظيف الديمقراطية لإحكام السيطرة على الأحزاب والتيارات بما لا يخل بمصالح القلة الحاكمة: دينية أو اقتصادية. ففى رأى هافل أن الشمولية الجديدة هى ثمرة لقاء تاريخى بين: «الديكتاتورية ومجتمع الاستهلاك». فمنذ سنة 1979 وتحديدا مع وصول تاتشر إلى حكم بريطانيا ومن بعدها ريجان فى 1980 بدأ العالم يأخذ بما يعرف بالسياسات الليبرالية الجديدة التى تقوم على اقتصاد السوق والاحتكار والثروة للقلة. وقد احتاجت هذه السياسات الأخذ بالنظام الديمقراطى ولكن من دون جوهره. أى الأخذ بالشكل بما يحقق مصالح القلة الثروية وجعل النظام الديمقراطى يعيد إنتاج القهر ولكن بالقانون.

المفارقة أن الاستمرار فى الحكم يكون باسم الجماهير وتحت مظلة أفكار (أيديولوجية) يتم تسويقها وترويجها؛ ثقافية أو دينية، شريطة أنها تكون قادرة على إقناع المستضعفين المواطنين، بأنه ليس هناك أفضل من القائم. وعن هذا يقول هافل: «إن نظام ما بعد الشمولية يلاحق الإنسان بمبرراته فى كل خطوة يخطوها تقريبا. يلاحقه بالطبع مرتديا قفازات الأيديولوجية. فالحياة فيه متشابكة كنسيج طحلبانى من الكذب والادعاء. إن حكومة البيروقراطية تسمى حكومة الشعب، وباسم الطبقة العاملة يتم استعباد الطبقة العاملة، الإذلال المستشرى للإنسان يفُسر على أنه تحرير كامل للإنسان، ويطلق على حجب المعلومات تداول المعلومات. والتلاعب بالقوة التحكم العام فى القوة والتعسف فى استعمال القوة حفظ النظام العام، وقمع الثقافة تنمية الثقافة، كما يفسر نشر التأثير الامبريالى على أنه دعم المضطهدين، والحجر على حرية الرأى على أنه أعلى درجات الحرية، وتزوير الانتخابات على أنه قمة الديمقراطية، ومنع حرية التفكير أفضل الآراء العلمية العالمية، والاحتلال على أنه مساعدة الأشقاء. إن السلطة حبيسة الكاذبين، لذلك عليهم أن يزوروا. يزورون الماضى والحاضر والمستقبل كما يزورون الاحصائيات. يدعون أنهم لا يملكون الآلة الشرطية الجبارة والمهيمنة. يدعون أنهم لا يدعون شيئا. ليس مطلوبا من الإنسان أن يصدق هذه التعمية. لكنه يجب أن يتصرف على أنه يصدقها أو يقبلها صاغرا، أو يتعامل بصورة مقبولة مع من يتبعها. لهذا هو مجبر أن يعيش فى الكذب. إنه غير مضطر إلى أن يصدق الكذب. يكفى أن يتقبل الحياة بكذبها ويتعايش معها. وبهذا يدعم النظام ويؤيده ويجعل من نفسه جزءا منه».

هكذا تحصل السلطة الشمولية على شرعية لا تستحقها. ولكنها تأخذها بفعل ماكينة مجتمعية تسوغ الأكاذيب التى يصدقها الناس. أكاذيب تبدو كحقائق قادرة أن تمنح السعادة للناس. سعادة لا تأتى قط ولكن المستضعفين فى انتظارها.

نحو نموذج سياسى بديل

مما سبق تصنع السلطة الشمولية حياة وهمية يصبح بموجبها المستضعفون مواطنين كاملى المواطنة، من خلال الأيديولوجية التى تروج لها. إنها الأيديولوجية التابعة، بحسب هافيل، «للمصالح السلطوية لذلك هى تميل بطبيعتها إلى الابتعاد عن الحقيقة، وتشكيل عالم من الأوهام».. وتعمل إلى تحويله إلى «طقس ولغة مصطنعة خالية من أى محتوى دلالى يربطها بالواقع، تتحول إلى نظام من الرموز الطقسية التى تستبدل الحقيقة بحقيقة أخرى مزيفة».. هكذا «تصبح الأيديولوجية بمثابة شرعية تبريرية.. وتصبح هى نفسها الحقيقة». حقيقة لا تمت بصلة للواقع، وإنما يتم توظيفها لخدمة السلطة الشمولية والأقلية الحاكمة الثروية والدينية.

وبدلا من يسود خطاب فكرى يعمل على تضامن المواطنين معا من أجل الصالح العام. نجد أن الأنظمة الشمولية تشجع كل ما يفكك جهود المواطنين ومنعهم من التكاتف فيما بينهم لأن هذا يعنى بدء التمرد على الأيديولوجية المهيمنة والانقضاض على السلطة الشمولية.

فى هذا المقام تنسج السلطة الشمولية فى مرحلتها الديمقراطية نسيجا متشابكا من الأوهام للسيطرة على المواطنين مجازا المستضعفين فى الحقيقة. من ملامح هذا النسيج:

• قدرة السلطة على تأمين الاستقرار: استقرار يضمن دوام السلطة الشمولية،

• زيادة معدلات النمو الاستثمارى: نمو فى استثمار القلة يؤدى لإفقار الأغلبية،

• سيادة خطاب الإنجازات: إنجازات لا تستمر كثيرا لأنها ذات طابع كمى لا نوعى،

فى مواجهة ما سبق، ولتجاوز الاستضعاف، يؤكد هافيل ضرورة وجود «نموذج سياسى بديل، يحشد الناس ويستوجب حراك سياسى حقيقى»، من أجل ضمان:

• «..حاجة الإنسان الأساسية فى العيش بدرجة ما متوائما مع نفسه، العيش بطريقة محتملة، ألا يتم إهانته من قبل رؤسائه او إدارته، ألا يكون ملاحقا على الدوام من قبل الشرطة، أن يستطيع أن يتكلم بحرية، أن يجد لإبداعه الشخصى الفطرى مكانا، أن يحصل على الضمانات القانونية..إلخ». أو بلغة أخرى هو هل يمكن للمستضعفين «الحياة كآدميين أم لا».

قوة المستضعفين، كما يقول المترجم خالد البلتاجى (أحد ثوار التحرير والمترجم المتخصص فى التشيكية والسلوفاكية إلى العربية) رسالته عن «الهوية البشرية فى صراعها من أجل تحقيق ذاتها فى مواجهة النظم الديكتاتورية.

إنها رسالة للقوة الثورية التى تريد أن تتحرر من كل أشكال السلطة الشمولية بأفكارها الكاذبة وشعاراتها التى تأخذنا بعيدا عن القضايا الحقيقية.

وحذار من إعادة إنتاج الشمولية الجديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.