انطلاق الاختبارات الشفوية للخاتمين في القرآن الكريم والتجويد والقراءات بالإسكندرية لدور يوليو 2025    محافظ القليوبية يستكمل إجراءات إنشاء مصنع لتدوير القمامة وتحويلها إلى كهرباء    ترامب: اجتماع ثان مع بوتين وزيلينسكي سيكون أكثر أهمية من قمة ألاسكا    جارناتشو يقترب من الانضمام إلى تشيلسي    إصابة شخص في هجوم بطائرة مُسيرة إسرائيلية جنوب لبنان    شوط سلبي أول بين بيراميدز والإسماعيلي    نهاية الجولة 13 والتوقف الدولي.. متى يقام السوبر المصري بعد إعلان رابطة الأندية؟    استشارية نفسية: تصرف الأهلي زعزع انتماء عبدالقادر.. ويجب حمايته من شوبير (خاص)    محافظ القليوبية: صرف تعويضات لأهالي المتوفين في حريق القناطر الخيرية    محافظ دمياط يستعرض أنشطة "المدينة الصديقة للنساء" ووحدة "أيادي مصر"    ساندي على موتوسيكل من أحدث ظهور على السوشيال ميديا والجمهور يعلق    سيارة وسط البحر وقالب تورتة.. هاجر الشرنوبي تحتفل بعيد ميلادها (صور)    لمواجهة حر الصيف| أفضل الوجبات الخفيفة    3 دورات نوعية لرفع كفاءة الكوادر الصحية الربع سنوية بالمنوفية    تعاون بين "الأوقاف" وجامعة بنها لتعزيز الوعي الديني ومواجهة التطرف (صور)    «بحر وميه ولقمة هنية» |انطلاق مهرجان الأجبان المصرية برأس البر    وزير الخارجية يلتقي وزير الاستثمار والتجارة الخارجية    بعد تداول قائمتين للإيرادات.. تضارب فى أرقام شباك تذاكر السينما المصرية.. والصدارة يحسمها «درويش» فى أول أيام عرضه    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ أحمد خليل: حادث الواحات جرس إنذار.. جريمة جمعت الأذى والتحرش والرعونة    رمضان عبد المعز يحذر من السرعات الجنونية وحوادث الطرق: "المتهور يقتل نفسه والآخرين"    الإعلام المصرى قوى    النيل «ماجاشى»    بيروت التونسى وباريس السعودى فى عشية سمك طيبة بالمرسى.. خواطر ذاتية حول روايتى «فى انتظار خبر إن» و«رجل للشتاء»    رسميا انطلاق نظام البكالوريا المصرية الجديد بعد تصديق السيسي على قانون التعليم - التفاصيل كاملة    الرئيس السيسي يصدق على قانون التصرف في أملاك الدولة الخاصة    القائمة الشعبية تبدأ تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    السودان بين تصعيد الميدان وحراك السياسة... مجلس الأمن يرفض السلطة الموازية والجيش يجدد العهد في العيد المئوي    دمشق تشيد بتقرير لجنة التحقيق الأممية حول أحداث الساحل وتتعهد بدمج توصياته في مسار العدالة والإصلاح    السكة الحديد: تخفيض مؤقت لسرعات القطارات لهذا السبب    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لحلاق لاتهامه بالإتجار فى الشابو بسوهاج    كوريا الشمالية تحذر إسرائيل من احتلال غزة وتطالبها بالانسحاب فورا    تأهل 4 لاعبات لنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عاما    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    حكم مرور الطريق من أماكن غير مخصصة للمشاة؟| أمين الفتوى يجيب    خطة وزارة الاتصالات لتطوير بناء أبراج المحمول خلال النصف الثاني من 2025    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    عميد كلية الصيدلة بجامعة الجلالة الأهلية تعلن عن مميزات برنامج "Pharm‐D"    السبت.. عرض أولى حلقات حكاية "بتوقيت 28" على dmc    رامي ربيعة يخطر منتخب مصر بموقفه من مباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    تسليم لجان امتحانات الدور الثاني بالثانوية العامة لرؤسائها استعدادًا لانطلاقها السبت    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    طريقة عمل الكيكة العادية فى البيت بمكونات اقتصادية    السجن المؤبد لأفراد تشكيل عصابى تخصص فى الاتجار بالمخدرات بالقناطر الخيرية    ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    الرقابة المالية تصدر معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي    قرار قاسي في انتظاره.. تفاصيل عفو الزمالك عن فتوح وشرط جون إدوارد    المواد الغذائية: استجابة المنتجين والمستوردين لخفض الأسعار ضرورة وطنية.. ومؤشرات الاقتصاد تؤكد التعافي    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    حلول "فورية وسريعة".. وزير الصحة يبحث تجاوز عقبات صناعة مشتقات البلازما    ب22 مليون جنيه.. الداخلية تضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    العراق تخصص 300 سيارة لمواجهة الحالات الطارئة خاصة الحرائق    رئيس «القومي للطفولة» تزور محافظة الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة والمبادرات    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اطمئنان أمريكى وإسرائيلى لتغييب فلسطين
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 04 - 2012

يتقدم الإسلاميون نحو مواقع القرار فى السلطة فى أكثر من بلد عربى، وإن ظلت مصر هى أرض المواجهة الأخطر.

وإذا كان قد بات مكررا ومعادا القول إن هؤلاء المحازبين لتيارات إسلامية متباينة الشعار والهدف لم يكونوا هم قادة الانتفاضات التى حشدت الملايين فى «الميدان»، بل ولم يشاركوا فعليا فيها إلا فى وقت متأخر وفى ظروف ملتبسة، فالواقع يؤكد أن هذه القوى كانت تملك بالخبرة التاريخية القدرة على المبادرة وطرح برامجها القديمة بعد إعادة صياغتها بما يتلاءم مع اللحظة السياسية الراهنة.

ولقد نجحت التجربة فى تونس، حتى إشعار آخر، لأن الإسلاميين وعوا ومنذ اللحظة الأولى أنهم لن يستطيعوا احتكار السلطة، حتى لو كانوا الأقوى بين التنظيمات السياسية التى قاتلها النظام حتى شرد مناضليها بين المنافى والمعتقلات وقبور الصمت. وهكذا لجأوا وبسرعة خاطفة الى إقامة تحالفات مرتجلة، لكنها تؤمن العبور الآمن إلى مشروع النظام الجديد الذى يجرى استكماله وسط تفجرات للقلق من هيمنة «الأقوى» فى هذه اللحظة، لأنه الأفضل تنظيما وليس الأجدر بأن يكون «القائد» العتيد لتونس الجديدة.

ولقد تواضع الإسلاميون فى ليبيا، بفصائلهم المختلفة، فلم يتصدوا لقيادة البلاد المهددة فى وحدة كيانها وقدرة «القيادة» التى استولدها ضغط الخارج (دوليا وعربيا) على تشكيل واجهة سياسية تغطى الاستباحة الأطلسية بالنار لتلك «الدولة» التى تجتمع لحماية تدفق نفطها الى أوروبا دول العالم كله، بذريعة تلبية نداء العجز العربى الذى أطلقته جامعة الدول العربية وأوصلته إلى مجلس الأمن الدولى، فكان ما كان.

أما فى المغرب فكان التواضع من جانب العرش، إذ قرر الملك فى لحظة ارتفاع المد الإسلامى هذه أن يستبدل ركيزته السياسية ممثلة، بالأحزاب التقليدية التى دمرتها تجارب تولى السلطة بينما القرار ليس فى يدها، بحزب التنمية والعدالة الذى ارتضى الدخول فى شراكة غير متكافئة لعل المثل الصارخ على اختلالها صور ولى العهد الطفل وكبار القوم، مدنيين وعسكريين، يتزاحمون على تقبيل يده الشريفة!

ولأن للإسلاميين فى سوريا صورة غير محببة شعبيا» بسبب من تجاربهم السياسية الملطخة بكثير من دماء الاغتيالات بالرصاص أو بالتكفير»، فى العقود الماضية، فقد اجتهدوا تحت الرعاية التركية أن يعدلوا فى برنامجهم السياسى العتيق، كما فى واجهة قياداتهم، بما قد يجعلهم مقبولين أمريكيًا (ومن أهل النفط)، وقد يدخلهم عصر التغيير من بوابة الديمقراطية.

أما فى اليمن فقد وزع الإسلاميون أنفسهم على معسكرى الحكم والمعارضة، ليضمنوا لأنفسهم حصة فى السلطة، كائنا من كان المنتصر تحت رعاية مجلس التعاون الخليجى معززا بالخوف من تنامى القوى التى تنسب نفسها إلى تنظيم القاعدة الذى يحظى برعاية قوى متعارضة، ويتلاقى على أرض «الجنوب» مع المعارضة العائدة إلى ميدان المطالبة بالانفصال وإعادة جمهورية اليمن الديمقراطية بعاصمتها عدن إلى الحياة فى «الجنوب» بعدما كان الظن أن هذا الجنوب قد عاد إلى وطنه الأم فى عام 1990 سلما ثم فى عام 1994 حربا.

●●●

على أن الامتحان الأخطر لمشروع الإسلاميين، إخوانا وسلفيين، يبقى مصر ومستقبل السلطة بل النظام فيها.. خصوصا أن مصر كانت مهد ولادة «الأخوين العدوين» اللذين يصعب تحديد حقيقة العلاقة بينهما، وهل هى علاقة تنافس قد يصل إلى الخصومة أم علاقة تكامل قد تنتهى الى الشراكة فى مواجهة القوى المنافسة من «العلمانيين» الذين قد يقتضى التكتيك تكفيرهم أو أقله فرض الامتحان اليومى عليهم فى إيمانهم، أمام مجتمع متدين عامة.

يتبدى للمراقب، خارج مصر، أن الإسلاميين قد نجحوا فى إثارة فوضى منظمة فى لحظة فاصلة من تاريخ أكبر وأقوى دولة عربية، بينما يعود شعبها إلى الميدان وقد أنهى عصر تغييبه وتهميشه.

ويُحار المتابع فى تفسير العلاقات الملتبسة بين الإسلاميين بشقيهم وبين المجلس العسكرى، خصوصا أن تجربة «الميدان» قد كشفت نوعا من التواطؤ بينهما فى مواجهة الشباب الذين فجروا الانتفاضة، وقادوا حركتها على امتداد شهور، حفلت بالعديد من المناورات والتحالفات المريبة والمواجهات، لكنها صبت جميعا فى مصلحة الطرفين، حتى لقد ذهب الظن بالبعض إلى افتراض وجود شراكة من نوع ما، أو من تلاقٍ فى المصالح يتصل بطبيعة نظام المستقبل فى مصر ومواقع الأطراف الفاعلة فيه.

ولقد عزز هذا الانطباع قدرا من الرضا الأمريكى، بل الرعاية الأمريكية، كما ذهب البعض إلى الافتراض، لهذا التحالف أو التكامل، ولو مؤقتا وبما يخرج شباب الميدان بتلاوينهم الفكرية والسياسية من دائرة الفعل، مستبقيا لهم شيئا من التمثيل الرمزى، للتدليل على ديمقراطية التحالف المستجد بين الخصمين التاريخيين: العسكر والإخوان.

ولقد تأكد هذا التحالف أو فلنعتبره تلاقيا فى المصالح، خلال الإنجاز الأول الذى استولد قيصريا ومشوها، وهو الإعلان الدستورى.. فقد وضع هذا الإعلان ألغاما قاتلة على طريق إنهاء النظام القديم، بل ومكن من مد عمره، خصوصا أنه استتبع بمحاكمة سينمائية للرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجليه ولأركان نظامه.

لم تكن تلك فترة سماح للنظام القديم برئيسه وأركانه فحسب، بل لقد أمكن خلالها الإفادة من افتراق شباب الميدان، الذين حاولوا استدراك النقص فى تنظيم قواهم وتوحيد صفوفهم لخوض الانتخابات التى فرضت مواعيدها وقوانينها قبل إنجاز الدستور.

فى ظل هذه الظروف كان طبيعيا أن يحصد الإسلاميون أكثرية المقاعد فى المجلسين، وأن ينحسر نفوذ شباب الميدان، وأن تتظهر عوامل فرقتهم وتوزعهم على تيارات متقاربة، لكنها غير موحدة، وأن تتبلور حقيقة كانت مطموسة أو مهمشة، وهى أن أجهزة التواصل الحديثة (الإنترنت والتويتر وفيس بوك) لا تُنشىء أحزابا ولا تنفع قاعدة لجبهة سياسية بين قوة شبابية لا تملك الخبرات التنظيمية ولا هى نجحت فى التلاقى على برنامج سياسى موحد يواجهون به جحافل الإسلاميين، إخوانا وسلفيين، الأغنى بالمال والتجربة والتحالفات، فى الداخل والخارج.

وفى ظل هذه الظروف كان طبيعيا أيضا أن تتكشف علاقات لم تكن واضحة للمجلس العسكرى ببعض أركان النظام القديم(؟!) الذى لم يصبح قديما بعد، وأن يندفع عدد من هؤلاء إلى إعلان ترشيح أنفسهم للرئاسة فى ظروف مريبة، ووسط تشجيع معلن (بالصوت والصورة) وإحاطة عسكرية اتخذت شكل تظاهرة الشرطة العسكرية فى حماية عمر سليمان وهو ذاهب إلى تقديم ترشيحه.

●●●

وبغض النظر عن التطورات المقبلة وكيف ستحسم معركة الرئاسة، وأين سيكون موقع المجلس العسكرى أو الجيش فى العهد المقبل، فلابد من التوقف أمام بعض المظاهر المقلقة، ومنها:

أن الإسلاميين، إخوانا وسلفيين، قد أكدوا أنهم الأكثر استعدادا لخوض هذه المعركة.. فهم أصحاب الأكثرية فى المجلسين، بما يوحى وكأنهم الأعظم شعبية فى البلاد، ويهمش القوى السياسية الأخرى المختلفة عنهم ومعهم فكريا وسياسيا.. لا سيما وإن الإسلاميين منظمون ومنتظمون خلف مرشحهم كالبنيان المرصوص.

ثم إنهم الأغنى ماديا، والأكثر كفاءة فى إدارة المعارك، بمناوراتها وتكتيكاتها التى لا بد منها.. ومما يسهل عليهم الأمر تعدد المرشحين الآخرين، والذين يمكن الطعن فى ولائهم للثورة، باعتبارهم كانوا من أهل بيت «الطاغية».

إن سوابق التواطؤ أو التكامل بين العسكر والإسلاميين، منذ بدء الكلام عن تعديل الدستور ثم إجراء الانتخابات، وصولا إلى إرجاء البت بالدستور الجديد قبل معركة الرئاسة، وبحيث تجرى بموجبه، ومن خارج شبهة التواطؤ بين الطرفين، كل ذلك يطلق فى الجو شكوكا وريبة جدية.. حول «مدنية» النظام الجديد وحول ركائز الديمقراطية التى ستعتمد قاعدة له.

فى ظل هذه الملابسات من الطبيعى أن تسود فوضى عظيمة فى مصر بأرجائها كافة، وان تتعاظم أسباب قلق المصريين على دولتهم بنظامها الجديد.. ومن الطبيعى أن تتسع دائرة القلق، عربيا، لتشمل جميع الأقطار العربية، سواء حيث انتصر «الميدان» أم حيث ما زال فى طور التحرك سعيا إلى التغيير.

ولعل الإسلاميين يعتبرون أن وصولهم إلى السلطة الآن، وبعد نضال استمر طيلة عقود، سواء خلال العهد الملكى، أو بعد اصطدامهم بثورة 23 يوليو، ومن ثم عبر «تحالفهم» أو تواطئهم» مع الرئيس أنور السادات للتخلص من «الناصرين» وصولا الى «تحالفهم المؤقت» مع مبارك، هو انتصار تأخر الاحتفال به لعقيدتهم ولجهادهم الطويل، وقد حان موعد قطف ثماره الشهية.

ومن حق الوطنيين داخل مصر، والعروبيين فى مختلف أنحاء الوطن العربى، أن يقلقوا من هذا الهجوم الإسلامى لاحتكار السلطة فيها مع توجيه رسائل تطمين إلى الأمريكيين، وعبرهم إلى الإسرائيليين، فى حين أن هذه التيارات الإسلامية لم تجتهد كثيرا فى طمأنة شباب الميدان، ومن ثم العرب خارج مصر، إلى ثوابت سياستها الوطنية، وأولها فلسطين وهى عنوان المصير المشترك. وفلسطين هى العروبة وهى الإثبات القاطع على نجاح الانتفاضة وانتصار الميدان وفتح الباب أمام المستقبل فى مصر الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.