تناول الكاتب والصحفى الفلسطينى عونى فارس ملامح من الحياة الثقافية للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال فى العقد الأخير، مؤكدا فى مقالة مستفيضة نشرتها مجلة الدراسات الفلسطينية فى عددها الأخير على أن قمع الثقافة كان من بين سياسات إدارات سجون الاحتلال الاسرائيلى. وفى المقالة التى جاءت اقرب لدراسة نشرتها هذه المجلة المحكمة التى تصدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية فى بيروت، أوضح عونى فارس أن القمع الثقافى الذى تمارسه إدارات سجون الاحتلال الاسرائيلى يأتى فى ضوء ادراك أن الحالة الثقافية تشكل أداة أساسية للمقاومة من جانب الأسير.
وإلى جانب المشهد الثقافى، تناول الكاتب فى ملامح المشهد التعليمى للأسرى الفلسطينيين فى سجون ومعتقلات الاحتلال الاسرائيلى بين عامى 2000 و2010، ونوه بسبل محافظة السجناء والأسرى على المعالم الرئيسية لحياة ثقافية وتعليمية داخل السجون والمعتقلات.
فعلى الرغم من القمع الاحتلالى، تعددت أشكال الأنشطة الثقافية والتعليمية اليومية سواء على المستوى الجماعى او الفردى داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية وأنتج الأسرى وسائلهم الخاصة لتبقى هذه المعتقلات مفعمة بالحياة الثقافية المناهضة للاحتلال.
وقال عونى فارس إن المشهد الثقافى داخل سجون الاحتلال من أهم معالم "الحياة الاعتقالية التى صاغتها الحركة الأسيرة منذ نشأتها قبل عقود وحتى يومنا هذا"، مضيفا "برزت حاجة الأسرى إلى بلورة أشكال خاصة بالممارسة الثقافية اليومية منذ بدايات نشوء الحركة الأسيرة فسارعوا إلى تشكيل النواة الأولى لحراك ثقافى واسع.
وأكد الكاتب والصحفى الفلسطينى عونى فارس أن هذا الحراك شمل مختلف عناصر الفصائل التى ينتمى لها الأسرى بعد أن أدركوا خطة الاحتلال القائمة على تجهيلهم ثقافيا وزعزعة انتماءاتهم الفكرية والعمل على احباطهم ، فضلا عن حاجة الأسرى إلى ملء الفراغ الناجم عن اعتقالهم والاستفادة من الوقت كما يوضح الكاتب.
ورغم أن المقالة تركز على العقد الأخير فقد عاد عونى فارس إلى سبعينيات القرن العشرين باعتبار أن هذه المرحلة من أهم المراحل التى مرت بها التجربة الاعتقالية على مدى عقود وشهدت ميلاد مؤسسة الأسرى الفلسطينيين ليبقى تأثير هذا البناء فى الحياة الاعتقالية بما فيها الحياة الثقافية حتى اللحظة الراهنة.
وتطرق الكاتب للمجلات والنشرات التى تعبر عن الرؤى السياسية والفكرية لمختلف التنظيمات الفلسطينية ومنها مجلات "الثورة" و"العاصفة" و"الشرارة" و"الطريق" و"الهدف" وكلها كانت توزع باليد وبشكل سرى داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية.
واعتمد عونى فارس فى مقالته المستفيضة على شهادات عدد من الأسرى الفلسطينيين الذين تحدثوا عن التجارب الثقافية والتعليمية لهم فى سنوات الأسر وكانوا يحرصون على القراءة حتى فى الليل على الضوء الضئيل المتسرب من ممرات أقسام السجون والمعتقلات ، فضلا عن تقديم دروس لمحو أمية المعتقلين الذين لايعرفون القراءة والكتابة.