البدري ل في الجول: توجنا بالدوري الليبي رغم الصعوبات.. ورئيس النادي طلب تجديد تعاقدي    ليفاندوفسكي: كنت أرغب في الانضمام إلى مانشستر يونايتد ووافقت على عرض أليكس فيرجسون    مياه الشرقية ل"ستوديو إكسترا": حل مشكلة الصرف بقرية "ميت العز" بمشروعات "حياة كريمة 2"    إصابة مدنيين في غارة إسرائيلية على بلدة الناقورة جنوب لبنان    محمد معيط ينعى علي المصيلحي: قامة وطنية خدمت مصر بإخلاص    جحيم في غزة| 227 ضحية للتجويع.. و48 شهيدًا بالقصف الإسرائيلي    للشهر الرابع على التوالي.. الجفاف يضرب الأراضي الأوروبية بنسبة 52%    أمين عام الناتو يشارك في اجتماعات افتراضية مع قادة أوروبا وأمريكا لمناقشة الوضع في أوكرانيا    دوناروما يودع باريس سان جيرمان رسميا    وفاء رشاد توجه الشكر لقيادات «الجبهة الوطنية» وأهالي قنا بعد فوزها    الإسكان تكشف تفاصيل بدء تنفيذ قانون الإيجار القديم وإطلاق منصة إلكترونية للتخصيص    انتحل صفة أنثى.. تفاصيل القبض على البلوجر ياسمين بتهمة نشر فيديوهات خادشة    فرقة فلكلوريتا تشعل أجواء مهرجان جمصة السياحي في نسخته الأولي.. فيديو    أكاديمية الفنون تحتفي بعيد وفاء النيل بمعرض فوتوغرافي    نادي سينما المرأة يحتفي ب "أثر النيل في السينما" بسينما الهناجر    من النقابة إلى الاستوديو.. راغب علامة يحضّر أغاني جديدة مع عمرو الخضري    200 عنوان لقصور الثقافة في معرض رأس البر السادس للكتاب    وكيل صحة شمال سيناء يعقد اجتماعا لمتابعة خطة تطوير الخدمات الطبية    «وكيل صحة سيناء» يناقش خطة تطوير الخدمات الصحية المقدمة للمرضى    مسؤول أوروبي: الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة كبيرة لتحسين القرارات البشرية    نقابة العلوم الصحية: تكليف خريجي المعاهد خطوة لتعزيز المساواة    زاهي حواس: موعد افتتاح المتحف المصري الكبير مناسب للجميع وسيكون أسطوري    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    عيد مرسال: مصر تقف بثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني    الدحيل يحسم مواجهة مثيرة أمام أصفهان في دوري أبطال آسيا    غدا.. الفرقة القومية للفنون الشعبية تقدم عرضا بمدينة المهدية ضمن فعاليات مهرجان قرطاج بتونس    خالد عبدالعزيز يكرم رائد الإعلام العربي فهمي عمر    حكم الوضوء لمريض السلس البولى ومن يعاني عذرا دائما؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    تصاعد الصراع وكشف الأسرار في الحلقة الرابعة من "فلاش باك".. أول ظهور ل خالد أنور    نجوى كرم: أتمنى تقديم دويتو مع صابر الرباعي (فيديو)    ريال مدريد يرفض إقامة مباراة فياريال ضد برشلونة في أمريكا    تعرف على قرارات مجلس إدارة صندوق دعم وتمويل المشروعات برئاسة وزير التعليم    هشام طلعت مصطفى يتصدر قائمة «فوربس» ب 4 جوائز للأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط    الرقابة الصحية (GAHAR) تطلق أول اجتماع للجنة إعداد معايير "التطبيب عن بُعد"    منسقة الأمم المتحدة: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب يعكس اهتمام مصر بالرياضة كقوة ثقافية ومحرك للتنمية    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    الحسيني وهدان يتوج بذهبية الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    ضبط سائق لحيازته 53 ألف لتر سولار بدون مستندات تمهيدًا لبيعها بالسوق السوداء في الأقصر    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    طريقة عمل البصارة على أصولها بخطوات سهلة وأرخص غداء    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    "الجمهور حاضر".. طرح تذاكر مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري    الوزير يترأس اجتماع الجمعية العمومية العادية لشركة السكك الحديدية للخدمات المتكاملة    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    القبض على بلوجر شهير بتهمة رسم أوشام بصورة خادشة للحياء    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    برلماني: توجيهات الرئيس لبناء إعلام وطني ضمانة لمواكبة التطورات العالمية    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر بين الإسلام الجهادى والإسلام السلمى
نشر في الشروق الجديد يوم 05 - 04 - 2012

كانت صيحة الثوار فى ميدان التحرير «سلمية.. سلمية» فى الخامس والعشرين من يناير 2011 هى المفاجأة الحقيقية التى زلزلت أركان مصر والعالم العربى والإسلامى بل والعالم كله، ذلك لأن مسار التاريخ الإسلامى العربى وأحداثه يقول غير ذلك، فالثورات فى العصور القديمة كانت تقوم على الاغتيالات والحروب والقتال فى الشوارع، وفى القرن العشرين، كانت الثورات على المستعمر خلال قيام جنرالات الجيش بانقلابات عسكرية وقيادات مغامرة ولم تخلُ أيضا من اغتيالات كما حدث فى مصر قبل 1952 تمهيدا للثورة ولقد كان لهزيمة 1967 الفضل فى إشعال وتطوير الإسلام الجهادى، حيث سقطت دعاوى القومية العربية من حالق، وبدأ الحديث عن أن الهزيمة بسبب ترك الدول العربية والإسلامية للدين، من هنا ظهرت الجماعات الإسلامية العنيفة، ولقد صورت العمليات الإرهابية بعد 1967 خاصة التى كان يقوم بها فصائل فلسطينية ضد مدنيين وكأنها النموذج المثالى للمقاومة، وأتذكر كيف كانت هذه العمليات تقوم بتغطيتها جريدة الأهرام على جميع صفحاتها بالصور والتعليقات والإشادة، وهكذا ظهر فى مصر أكثر من 70 جماعة إسلامية أبرزهم التكفير والهجرة والجهاد وقد اغتالت الأخيرة الرئيس السادات عام 1981 وبدأ تصاعد العمليات الإرهابية ضد السفارات الأمريكية فى العالم ككل وكانت الضربة القاصمة نسف برجى التجارة العالمى فى نيويورك مما أدى إلى غزو العراق بتأييد من معظم الحكام العرب، وهكذا أصبحت الصورة التى تتسيد العالم هى العربى المسلم الإرهابى، وبدأت الديكتاتوريات العربية تتاجر بهذه الصورة على أنها البديل الطبيعى لها، وهكذا ساند الغرب الديكتاتوريات فى العالم العربى لأنهم على أسوأ تقدير أفضل من حكم الإسلام الجهادى، وفى لحظات انقلبت الصورة فى تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا مع هتاف الشباب «سلمية..سلمية» ولقد أدى انقلاب الصورة هذه إلى اضطراب وتخبط سواء من الأحزاب الإسلامية فى الداخل العربى المصرى أو من الغرب أو من المسيحيين داخليا أو خارجيا كالتالى:


أولا: تخبط الأحزاب الإسلامية لأن الإسلام السلمى حقق ما فشل فيه الإسلام الجهادى:

لقد كان الإسلام الجهادى هو الأمل فى التخلص من المذلة وإهانة الكرامة، مما أدى إلى تعاطف الشعوب العربية عامة والمصرية خاصة معهم، ولقد كان الشعب المصرى يمتلئ سعادة كلما وقعت حادثة نسف سفارة غربية أو مصرع مدنيين بسبب انفجارات هنا وهناك، بل صارت منظمة حماس هى التى تقاوم مقابل منظمة التحرير التى تخاذلت لأنها تتجه نحو السلام، وصار حزب الله هو النموذج للمقاومة أمام تخاذل باقى القوى، وما استمرار حزب الله وحماس من ناحية والقاعدة من الناحية الأخرى إلا بسبب تعلق الجماهير بالأمل فى الكرامة إلا أن كل هذه الجهود لم تأت بأى ثمر بل أتت بنتائج عكسية حيث شوهت صورة الإسلام وأعطت الغرب المبررات للضغط على الشعوب ولتأييد السلطات الاستبدادية، وإذ بالثورات السلمية تقوم وتحمل القرآن بجانب الصليب والمرأة بجانب الرجل والجاهل بجانب المتعلم، وجميعهم ينصهرون فى هتاف واحد «سلمية..سلمية»، وإذ بالأنظمة تنهار، بل تحولت هذه الأنظمة فى لحظات إلى أنظمة إرهابية لقتل شعبها كما حدث فى ليبيا واليمن ويحدث الآن فى سوريا، لقد حولت الثورات السلمية حكامها إلى إرهابيين، وأسقطتهم فزعزعت كل التوقعات على مستوى العالم، وحقق الإسلام السلمى المنفتح على الآخر فى لحظات ما فشل فيه الإسلام الجهادى المنغلق على ذاته على مدى عقود، إننا نرى اليوم وعيا إسلاميا يختلف تماما عما يؤمن به المسلمون الجهاديون وهذا الوعى هو الذى سبب اضطرابا عظيما لدى الإخوان المسلمين فى تونس ومصر واليمن...إلخ، ولأن الإخوان المصريين أيدوا الثورة بعد نجاحها وحصلوا على أغلبية البرلمان، نراهم يتحدثون عن الثورة وكأنهم يتبنون مبادئها السلمية وانفتاحها على الآخر المختلف وليبراليتها ثم نجد فى قراراتهم عنف الإسلام الجهادى سواء عند توزيع لجان مجلس الشعب أو فى اختيار اللجنة التأسيسية أو فى ترشيحهم إخوانى لرئاسة الجمهورية والتاريخ يشهد أن الإخوان لم يدينوا أى حادث إرهابى إلا مؤخرا والمعروف أن الجماعات الإسلامية خرجت من معطف الإخوان وآخر ما تمخض عنه اضطراب الإخوان هو هتاف شباب الجماعة بالجهاد ضد العسكر وأعتقد أن أسباب هذا التخبط أنهم لا يصدقون أن نجاح الثورة جاء بسبب سلميتها ولأن تكوينهم الداخلى وتربيتهم تجعلهم غير قادرين على التوائم مع سلمية الثورة، فهم لم يعدوا للثورة كما أعد لها شبابها، ولم يتفقوا معهم على سلميتها، وفوجئوا مثل باقى الشعب وبلاد العالم بسلميتها، ولكى يصبحوا قادرين على الاستيعاب لابد وأن يأخذوا وقتا، وأن يتراجعوا عن قراراتهم التى تتسم بالعنف ذلك لأن الانتقال من التغيير بالعنف (ولو فكريا) إلى التغيير بالحوار يحتاج إلى تدريب ومعاناة فهل يفعلون؟!


ثانيا: تخبط الغرب لأنهم لا يؤمنون بوجود إسلام سلمى:

لقد كانت صورة المسلم الإرهابى تريح الغرب تماما وتعطيه الفرصة لكى يستغل هذه الصورة فى علاقاته مع دول الخليج لإرهابهم وفرض سيطرته عليهم، أو فى تبرير مغامراته العسكرية عبر البحار أمام شعبه، وبسبب الضغط الإعلامى الرهيب بصورة المسلم الإرهابى صار هناك إيمانا عميقا بأنه لا يوجد ما يسمى الإسلام السلمى، ولن أنسى فى حياتى أحد الأصدقاء من الأمريكيين الذين سألنى وهو متلهف عن آية قرآنية هل هى حقيقة موجودة فى القرآن أم لا؟و كان قد قرأها عبر الإنترنت معلقة فى إحدى القرى السورية التى تقاوم النظام السورى وهى من سورة المائدة 28 «لئن بسطت إلىَّ يدك لتقتلنى ما أنا بباسط يدى إليك لأقتلك إنى أخاف الله رب العالمين»، وهى آخر كلمات هابيل لأخيه الذى همَّ بقتله، وعندما أكدت له وجود هذه الآية، قال: لماذا إذن كان الإرهاب ملتصقا بالإسلام؟! وهذه الآية من أعظم ما قيل فى التوجه السلمى على الإطلاق حيث يرفض المستهدف بالقتل وهو قادر على ذلك المقاومة لئلا يغضب ربه، إن هذا الانقلاب بل الاعتدال فى صورة الإسلام لدى الغرب بعد خمسين عاما من تعميق فكر الإسلام الإرهابى جعلهم يضطربون ويرفضون تأييد الثورات فى بدايتها، وجعلهم الآن يغازلون من يجلسون على الكراسى بغض النظر عن توجهاتهم، فإذا كان الغرب يريد أن يؤيد طبقا لمبادئه فليس أمامه إلا أن يؤيد شباب الثورة، لكن كونه يؤيد من بيده السلطة سواء كانت تنفيذية أو تشريعية بغض النظر عن المبادئ فهذا يعنى أنه ما زال مضطربا متخبطا أو يساوم على المبادئ التى صدّع بها رءوسنا وهذا أيضا نوع من التخبط والارتباك.


ثالثا: تخبط المسيحيون لأنهم لم يصدقوا أنفسهم:

كان المسيحيون بالمقارنة بالإسلام الجهادى أكثر سلمية وحداثة، وكان حديثهم الدائم عن تخوفهم من التيار الإسلامى المتطرف الذى يمتد بطول البلاد وعرضه وكانت الحوادث الإرهابية تؤكد هذا التوجه وتؤيده بشكل أو آخر لكن من قبل الثورة بدأت إرهاصات لشباب مسلم يقف بقوة مع المسيحيين فى أحداث العمرانية ونجع حمادى وكانت القمة فى أحداث كنيسة القديسين ثم جاءت الذروة فى ثورة 25 يناير، والمسلمون يرفعون ترانيم مسيحية مصرية فى ميدان التحرير ويشاهدون عباداتهم والعكس صحيح وشيخ وقس لا للتصدير ولا للتصوير لكن للعلاقة الإنسانية الوطنية الحقيقية، كل هذه الأمور فاجأت المسيحيين فأربكتهم فقد ظهر من بين المسيحيين من هو أكثر أصولية فكرا وتطرفا، ومن يتعايش على تشويه صورة العربى الإسلامى الإرهابى، ومنظمات تقتات من الغرب على بقاء الوضع على ما هو عليه، بل وفى داخل الكنيسة هناك قيادات اكتسبت شعبيتها من تطرفها، وهناك عائلات هرولت للهروب من مصر بسبب هذا الجو العجيب لذلك نرى أن استمرار الثورة فى مسارها الطبيعى سوف يؤدى إلى الكثير من التخبط والاضطراب بين أولئك الذين تعايشوا لعشرات السنين من مسلمين ومسيحيين على الوضع الطائفى القمىء وأعتقد أن أمثال هؤلاء يتعاونون معا ليفرغوا الثورة من مضمونها والأمل الآن هو فى أن يقوم الشعب المصرى ككل متمسكا بثورته وشعاراتها «خبز حرية عدالة اجتماعية» وأن يرفض أى محاولة لإجهاض الثورة النقية السلمية الرائعة سواء أتت المحاولة من المسلمين الجهاديين الذين لبسوا قناع السلمية، أو المسيحيين المستفيدين بالبكاء على الأطلال. الطريق طويل لكن الأمل قائم طالما هناك ثوار أبرياء وأطهار لم يلوثهم فكر غريب أو مال أو سلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.