أكثر من أربعين عاما مضت على إطلاق الجائزة العالمية للإبداع الروائى «البوكر البريطانية» التى تأسست 1969، وهى ثانى أهم جائزة أدبية فى العالم بعد «نوبل للآداب»، وتفرعت منها ثلاث جوائز للرواية هي: جائزة «بوكر» الروسية 1992 وجائزة « كاين « للأدب الأفريقى 2000، وأخيرا جائزة البوكر العربية «الجائزة العالمية للرواية العربية» فى 2007 بأبو ظبى، وكونت لجنة من الأدباء، لتقديم المشورة حول تقديم الجائزة، وإنشاء مجلس أمنائها. وتعد «البوكر العربية» أضخم جائزة عربية للرواية، حيث تمنح 10 آلاف دولار لكل رواية من الست فى القائمة القصيرة، وتفوز الأولى ب50 ألف دولار، مع ضمان ترجمة الرواية، وللجائزة قائمة طويلة يتم فيها اختيار مجموعة من أفضل الأعمال التى ترشحها دور النشر، وتصفى إلى قائمة قصيرة مكونة من ست روايات. ورغم أن القائمين على الجائزة يسعون إلى أن يكون هناك نوع من الموضوعية والنزاهة فى الاختيار، على غرار الجائزة الأصلية، إلا أن الجائزة العربية طالها الكثير من الجدل واللغط، وصل إلى حد التشكيك فى هذه الموضوعية، وتلك النزاهة.
ولم يشفع للجائزة، التى لها نجوم وضحايا، قيام مجلس الأمناء سنويا بتعيين لجنة تحكيم تتألف من خمسة أشخاص وهم نقّاد وروائيون وأكاديميون من العالم العربى وخارجه، ومن أجل ضمان نزاهة الجائزة التامة لا تُكشف هويات أعضاء لجنة التحكيم حتى موعد الإعلان عن القائمة النهائية.
معروف أن من شروط المشاركة فى المسابقة أن تكتب الرواية باللغة العربية وأن يكون صاحبها على قيد الحياة، ولا يمكن للمؤلف أن يرشح روايته بنفسه، بل ينبغى لدار النشر أن تتولى عملية الترشيح، ويحق للناشر أن يختار أهم ثلاث روايات صدرت عن داره خلال الأعوام الثلاثة الاخيرة، ولعل هذه الجائزة، جعلت بعض دور النشر لا تنشر إلا الروايات التى ستقدمها فى المسابقة، والتى تضمن وصولها إلى القائمة القصيرة.
الرواية الفائزة.. دروز بلغراد يلفت الروائى اللبنانى ربيع جابر، الفائز فى دورة البوكر هذا العام، إليه الأنظار منذ وقت طويل، قبل أن تعلن القائمة القصيرة لجائزة البوكر التى ضمت روايته «أميركا»، منذ سنتين، وقبل أن يشترك فى مهرجان بيروت 39. فمن يقرأ ربيع جابر يجده شغوفا بكتابة التاريخ، وهذه منطقة يتميز بها ربيع الذى يبلغ من العمر 39 عاما، والذى أصدر أكثر من 18 رواية بدأها عام 1992 أى أنه يكتب رواية كل عام. وبطبيعة الحال ليست غزارة الإنتاج وحدها هى ما يلفت فى كتاباته - فقد تكون هذه النقطة سلبية- بل جودتها وغناها وتنوع أجوائها ومشاربها وأساليب كتابتها التى يعرفها من قرأوا أعماله الروائية أو بعضها.
و«دروز بلغراد..حكاية يعقوب حنا» تحكى أنه بعد حرب 1860 الأهلية فى جبل لبنان ينفى عدد من المقاتلين الدروز بالبحر إلى قلعة بلغراد عند تخوم الامبراطورية العثمانية ويؤخذ معهم (بدلا من شخص أطلق سراحه بعد أن دفع والده رشوة للضابط العثمانى) رجل مسيحى من بيروت (بائع بيض وضعه القدر فى ساعة نحس على أرصفة المرفأ) يدعى حنا يعقوب. فى بلاد البلقان المملوءة بالفتن يحاولون البقاء على قيد الحياة.
روايات القائمة القصيرة «عناق عند جسر بروكلين».. عز الدين شكرى
أنباء صحفية كثيرة كانت تشير إلى أن هناك منافسة قوية بين ثلاث روايات، هى رواية ربيع جابر، وجبور الدويهى، وعز الدين شكرى « عناق عند جسر بروكلين»، الصادرة عن دار العين، وهى رواية تتناول الإشكالات الجوهرية الكبرى التى تخترق الفرد فى تجربة الحياة، وهى تقع فى 219 صفحة، وتتوزع على ثمانية فصول: 1- كتاب درويش 2- اللجوء إلى مارك 3- فرسان الدمار 4- عين جالوت 5- ماريك 6- مدرسة كوينسى آدامز الابتدائية 7- رباب العمرى 8- منتصف الليل فى محطة بن.
فى إحدى الندوات، قال شكرى: «إن الطابع الإنسانى للرواية الذى شمل البعد السياسى شمل أيضا جانب أبعاد ثقافية وفلسفية وإنسانية أخرى».
العاطل... ناصر عراق تدور أحداث رواية «العاطل»، الصادرة عن المصرية اللبنانية للنشر، حول شاب مصرى متعلم من أسرة متوسطة الحال توصد أبواب العمل فى القاهرة مثل غيره من الملايين العاطلين فى مصر فيغادرها مقهورا إلى دبى لينفتح أمامه عالم مدهش من الأحداث والشخصيات والجنسيات المتباينة. حيث يواجه فى دبى العديد من المواقف النبيلة والخسيسة من قبل أصدقاء وأقارب ومعارف حتى ينتهى به الحال إلى دخوله السجن متهما فى جريمة قتل عاهرة روسية، فى اللحظة التى يشرق فيه فى قلبه بحب فتاة مصرية تعمل فى دبى!.
دمية النار بشير مفتى تحكى رواية «دمية النار» قصة لقاء بين الروائى بشير مفتى مع إحدى الشخصيات الغامضة والذى يسلمه بدوره مخطوط رواية يحكى فيها سيرته الذاتية، إنه رضا شاوش الذى يسعى جاهدا أن لا يشبه والده مدير الزنزانة فى السبعينيات الذى انتحر نهاية الثمانينيات. غير أن الظروف أو الأقدار شاءت له أن يسير على نفس الطريق وينضم إلى جماعة تعيش فى الظل ويصبح واحدا من رجالها الأساسيين.
شريد المنازل جبور الدويهى فى هذا العمل، الصادر عن دار النهار، يرسم «الدويهى» كاتالوجا للطوائف والجماعات والتناقضات التى وسم بها المجتمع اللبنانى، ويتطرق إلى علاقة الريف بالمدينة واتصال لبنان بالعالم الخارجى.
يقول الكاتب عن عمله هذا: «حاولت أن استكشف فيها كيف يمكن لشاب من دون مزايا ولو اقتباسا عن عنوان رواية «روبير موزيل» الزائعة الصيت، لكن أيضا من دون انتماء دينى أو جغرافى مثبتْ وذلك لأسباب تتعلق بحياته العائلية وفصول طفولته الخاصة، كيف يمكنه أن يجتاز المدينة بمختلف وجوهها والنساء بتنوعهن وفورة الأفكار المثالية وكيف يواجه الانهيار المدوّى والمفاجئ للأمكنة التى كانت تؤدى وتشهد إقباله الفرح على حياة اعتقد لوهلة أنها رائعة وفريدة وبمتناوله ومن حقه». «بكلام مباشر، أردت أن أبين كيف دمرّ شيئا فشيئا حيزا عاما للحياة والحب والأذواق والثقافة والتمتع الذى ساد بيروت الستينيات وبلغ ذروة تألقه فى النصف الأول من السبعينيات، وهى ذروة تزامنت مع الانفجار كأنها تسبب به، حيّز من الجامعات والمقاهى والشوارع وجوهه المعاصرة (اليسارية الثورية والميول الفنية والثقافية الشائعة) وترتدى رداءه المدنى (سلوك الحرية فى القول والتجمع والعلاقات الخاصة) واعتقدت أن تغيير العالم من حولها مسار لا جدال فيه».
نساء البساتين الحبيب السالمى «نساء البساتين» للحبيب السالمى، رواية تقارب عالم أسرة متواضعة فى أحد أحياء مدينة تونس وهى تتدبر أمر عيشها اليومى. من هذا العالم الصغير الذى تمتلك فيه المرأة حضورا قويا تنفتح الرواية على عالم أكثر رحابة تتجلى فيه تناقضات الذات التونسية وهشاشتها وشروخها فى مجتمع يتأرجح بين تقاليد دينية ثقيلة وحداثة مربكة.