سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحكومة تقدم للبرلمان وصندوق النقد خطة إنقاذ (غامضة) برامج تحفيز اقتصادى غير محدد القيمة وإصلاحات ضريبية شكلية .. والجديد فى الخطة.. زيادة الأعباء الضريبية على الفلاحين
حذرت وزارتا المالية والتخطيط والتعاون الدولى والبنك المركزى المصرى من أن الاستمرار فى تحقيق معدلات النمو الاقتصادى المنخفضة الحالية، والتى تدور حول 2%، صار «مهددا» نتيجة نقص السيولة، بحسب ما جاء فى الورقة التى قدمتها الجهات الثلاث للبرلمان، موضحة خطتها للإجراءات الاقتصادية والاجتماعية «ذات الأولوية» خلال الفترة المقبلة، والتى حصلت «الشروق» على نسخة منها من مصدر برلمانى، إلا أن الورقة المقترحة التى قدمتها الحكومة، تعد أساس المناقشات الجارية الآن بين الحكومة والصندوق تمهيدا لحصول مصر على قرض منه، جاءت غامضة وغير واضحة فى معظمها، فى الوقت الذى ينتظر فيه المراقبون للسياسات الاقتصادية فى البلاد رؤية واضحة من أى من صناع القرار الجدد بعد الثورة، فمن ناحية تحدثت الورقة عن ضرورة «انتهاج السياسات المالية والاقتصادية المحفزة للنشاط الاقتصادى» ولم توضح أبعاد خطة التحفيز المطلوبة وتكلفتها المالية، وبنفس الطريقة أكدت الورقة على ضرورة «تبنى استراتيجية متكاملة لتحفيز الأنشطة المتوسطة والصغيرة» دون أى اشارة لكيفية تجاوز المشكلات المزمنة فى هذا القطاع كارتفاع تكاليف القروض ومصاعب التسويق. ونفس الحال فى الحديث عن «زيادة الاعتمادات المطلوبة لتحسين الأسواق والمناطق اللوجيستية»، و«زيادة اعتمادات التدريب التحويلى فى ضوء اعادة صياغة برامج دعم الصادرات»، دون تحديد حجم التمويل الموجه لذلك. كما استعانت الورقة ببعض التعبيرات الحماسية مثل الحديث عن «إعادة تنمية الصعيد» دون توضيح كيفية تحقيق ذلك، وتبنت الورقة مطلبا قتل بحثا من مختلف التيارات السياسية حول اعادة هيكلة الصناديق الخاصة، ولكن معدى ورقة السياسات يرون أنها لاتزال تحتاج الى «مراجعة» موقفها.
وظهر غموض رؤية الحكومة واضحا فى حديثها عن إعادة هيكلة سياسات الضرائب على الدخل، وهو المطلب الذى رفعته العديد من قوى الثورة كمدخل للعدالة الاجتماعية بزيادة الأعباء الضريبية على الأعلى دخلا، إلا أن حديث المالية والتعاون الدولى فى هذا السياق اقتصر على الكلام عن «تطبيق حزمة من التعديلات على قانون الضريبة على الدخل تحقق توسيع القاعدة الضريبية وتدعم العدالة الضريبية» دون الإشارة إلى الشرائح الضريبية الجديدة.
وفى مقابل ذلك كان حديث ورقة السياسات الحكومية واضحا للغاية فى مجال قد يتضرر منه الفئات الأقل دخلا فى المجتمع، وهو «التدرج فى زيادة القيمة الايجارية للأطيان الزراعية والتى لم يطرأ عليها تعديل منذ عام 1989، وهو ما سيؤدى الى زيادة العبء الضريبى على الأراضى الزراعية.
ويتضح من تناول ورقة السياسات للإصلاحات الزراعية عدم اتساق رؤية معديها مع شكاوى صغار الفلاحين، حيث تتحدث الورقة عن «التوسع فى برامج الارشاد الزراعى» وهى الخدمات التى تتسم فى كثير من الأحيان بالروتينية ورداءة المستوى، بحسب أقوال العديد من الفلاحين.
ويبدو من القراءة الاقتصادية التى تقدمها الوزارات الصناعة للسياسات الاقتصادية فى البلاد ضعف موقف تلك الوزارات وعدم قدرتها على السيطرة على المستقبل الاقتصادى للبلاد أمام التحديات المحلية والدولية المستجدة بعد الثورة، فمن ناحية وضعت الورقة على رأس أولويات إنقاذ الوضع الاقتصادى «البعث برسائل واضحة مفادها التزام جميع القوى السياسية والحكومة وكل الأجهزة الأمنية باستعادة الأمن والاستقرار»، وهى القضية المرتبطة بتراخى الجهاز الأمنى بعد الثورة، لذا أكدت الورقة على ضرورة «وجود مؤشرات على أرض الواقع تحقق ذلك».
ويظهر عجز الوزارات الاقتصادية ايضا فى مجال اقناع المجتمع الدولى بمساندة الاقتصاد المصرى، وهى القضية التى يتضح أن الحكومة تراهن على حلها بدرجة كبيرة من خلال الاقتراض من صندوق النقد الدولى «حيث بات مؤكدا أن الدول ومؤسسات التمويل المختلفة لن تقدم يد العون لمصر خلال المدى القصير الذى تعانى فيه البلاد من حدة هذه الأزمة إلا من خلال برنامج منع صندوق النقد الدولى» بحسب الورقة، لذا يظهر من استعراض المساعدات المتوقعة لمصر، أن قرض صندوق النقد يمثل نحو نصف المساعدات المرجحة منها، حيث تبلغ قيمة المساعدات المرجحة حتى 2012/2013، 6.7 مليار دولار، منها 3.2 مليار دولار و 1.5 مليار دولار من البنك الدولى، ومليار دولار من البنك الأفريقى للتنمية، وباقى المساعدات قيمة كل واحدة منها أقل من مليار دولار، ويحذر الكثير من الخبراء من الاعتماد على صندوق النقد الدولى فى المرحلة الانتقالية لما قد يفرضه من شروط اجتماعية قاسية على الدول المستدينة منه، وبالرغم من أن ورقة السياسات أكدت أن قرض الصندوق سيكون من خلال برنامج اقتصادى وطنى، ولكن الحكومة لم تعلن حتى الآن عن شروط هذا القرض المتوقع توقيعه خلال الأيام المقبلة.