من المرتقب أن يعرض بالقاعات السينمائية المغربية خلال شهر مارس الجاري، فيلم "أندرومان من فحم ودم" الحائز مؤخرا بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة على 4 جوائز. وكان مخرج الفيلم عز العرب العلوي ينوي تقديم عمله بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، غير أن أجندة العديد من المسؤولين في الحكومة المغربية الذين سيتشرفون بحضور العرض الأول حال دون ذلك.
وقال العلوي "إن مجموعة من الوزراء والمسؤولين في حكومة عبدالإله بن كيران ستحضر العرض الأول للفيلم، ونظرا لتزامن تاريخ 8 مارس مع بعض الأنشطة السياسية لهذه الشخصيات، فإننا نعمل على اختيار موعد آخر يناسبهم"، مشيرا إلى أن موضوع الفيلم لا يتحدد بزمن باعتباره يتطرق لمظاهر مسخ الجوهر الإنساني واضطهاد الجسد والروح والأنثوية.
وأضاف أن عنوان فيلم "أندرومان" والذي يحيل على شجرة تسمى بالأمازيغية (génévrier thurifère) أطلقه كاسم على الشخصية الرئيسية التي تعيش بين القهر النفسي والجسدي وسلطة الأب "أوشن" الذي لبى رغباته النفسية بتحويلها إلى ذكر حرم من إنجابه.
وأفاد أن قصة الفيلم تتحدث عن أسرة قروية متواضعة تعيش من أشغال تجارة الفحم الخشبي بأقاصي قمم جبال الأطلس، وأن الأب أوشن في الأربعين من العمر، وهو رجل فظ متعجرف، يمارس مهنة فحام (معد للفحم الخشبي) ورثها عن أبيه، ويوصي بها كعمل لابنه، ولكن القدر يقضي للأسف بحرمانه من ابن قادر ناجح على تملك مهنته المفضلة، وفي أن يحافظ كذلك على أرض في ملكية الأسرة يمكن أن يحرموا منها في حالة عدم وجود طفل ذكر بين أفرادها.
وبالتوازي مع هذه الأحداث، يقرر أوشن تغيير مسار حياة ابنته البكر التي ستتحول بمجرد أن توفيت والدتها إلى ابن أندرومان، ولكن حدث وعن طريق الصدفة أن اكتشف راعي غنم، والذي يمثله أمين الناجي، تضاريس الجسد الأنثوي ل "أندرومان" حين سقوطها في نهر ينساب بين سهوب القرية، ليصاب بالدهشة والانبهار بجسد يختبئ قسرا في صفة رجل.
شخصية أندرومان تتحمل الثقل الأساسي
وصرحت الممثلة جليلة التلمسي التي جسدت دور "أندرومان": "إن فقدان الهوية كانت هي السمة الأساسية لمختلف شخصيات الفيلم، فرحلت للبحث عن الذات داخل فضاء يعمه الخوف والاضطراب النفسي وقسوة الطبيعة والإنسان، فإذا كانت "أندرومان" حسبها تعيش بين القهر النفسي والجسدي وسلطة الأب، فإن هذا الأخير الذي لبى رغباته النفسية بتحويل ابنته الي ذكر حرم من إنجابه، يعكس شخصية مرضية متأثرة بشكل كبير بأصداء المجتمع السلبية وكذا أصداء الماضي الذي ظل يرفض الخروج عنه".
واعتبرت التلمسي أن تجربتها فيلم "أندرومان من دم ولحم" وجائزة أحسن دور نسائي التي حصلت عليها من خلال الدور الذي أدته في الفيلم بمهرجان طنجة الوطني ساهما في أن تحتل وضعا أفضل تجاه المشاهد السينمائي، مشيرة إلى أن التحدي الأول الذي واجهته هو لعب دور شخصية ذكورية عليها أن تبرز من خلال نبرة الصوت والحركة وبالأخص على مستوى المشي والنظرات.
وبينت أن شخصية أندرومان ذات طبيعة مركبة وتتحمل الثقل الأساسي في الفيلم، مع أنها لم تكن تتحدث في مختلف أطوار الحكاية إلا 3 مرات، وأنها استطاعت الوصول به نحو النتيجة المرجوة، وقالت:"في كل مرة كنت أقرأ السيناريو أكتشف جوانب خفية في هذه الشخصية وأعيد التأمل في شكل التعامل معها، وكنت أقوم بمعية المخرج بتجارب عدة على الماكياج للوصول إلى النتيجة التي نطمح إليها".
وتوضح بأن استغناءها عن الشعر حد الصلع لم يكن مبادرة مجانية أو بحثا عن الإثارة الإعلامية، بل كان تعبيرا منها عن اختيار جمالي وفكري تستدعيه طبيعة الدور، مفيدة أن هذه المغامرة منحتها القدرة على الاندماج في الشخصية والإحساس بها بقوة وهو اختيار تقول أنها تحملت مسؤوليته دون أن تأخذ في الاعتبار ردود فعل المجتمع.
يُذكر أن "فيلم أندرومان" حصد 4 جوائز في المهرجان السينمائي الوطني في نسخته الأخيرة بطنجة، وهي جائزة النقد وأحسن دور نسائي وأحسن دور رجالي ثاني وأحسن موسيقى.