تبدأ الدائرة التاسعة بمحكمة جنوبالقاهرة برئاسة المستشار مكرم عواد بعد غد الخميس، إعادة محاكمة 43 متهما أجنبيا ومصريا فى قضية التمويل الأجنبى غير المشروع لمنظمات المجتمع المدنى العاملة داخل مصر. وتأتى الجلسة الأولى لدائرة المستشار مكرم عواد، بعد أسبوع من رفع حظر السفر عن المتهمين الأجانب، وكذلك بعد تنحى الدائرة الثامنة بمحكمة شمال القاهرة برئاسة المستشار محمود محمد شكرى.
وبحسب مصادر قضائية، ترصد «الشروق» 3 سيناريوهات لسير المحاكمة والأحكام القضائية المتوقع صدورها، وفقا لقانون العقوبات الجنائية، وكيفية تسليم المتهمين فى حال صدور أحكام بالحبس أو السجن ضدهم.
السيناريو الأول
المستشار عادل زكى أندروس، رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق، قال: «من المنتظر أن تتم محاكمة عدد من المتهمين الأجانب كفاعل أصلى فى الجريمة كجناية، وسيطبق عليهم فقرات المادة 80 من قانون العقوبات وتقضى بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، ولا تزيد على خمس سنوات، وغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تتجاوز 500 جنيه، ضد كل من سلم لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها بأية صورة وعلى أى وجه وبأية وسيلة أخبارا أو معلومات أو أشياء أو مكاتبات أو وثائق أو خرائط أو رسوما أو صورا أو غير ذلك مما يكون خاصا بالمصالح الحكومية أو الهيئات العامة أو المؤسسات ذات النفع العام وكذلك ضد كل من تسلم وقبل أموالا ومنافع من الخارج لصرفها فى أنشطة سياسية أضرت بالبلاد».
وأضاف: «سيتم تطبيق المادة 98 من قانون العقوبات ضد عدد من الأجانب، وكذلك جميع المتهمين المصريين باعتبارهم شركاء فى الجريمة، وتقضى المادة بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه ضد كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار فى الجمهورية المصرية من غير ترخيص من الحكومة، جمعيات أو أهليات أو منظمات ذات صفة دولية، كما تقضى المادة 98 أيضا بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه كل من انضم إلى الجمعيات أو الهيئات أو الأنظمة المذكورة».
وأشار إلى أنه فى حال صدور الحكم بالغرامة المالية «فسيتم دفعها ويسدل الستار على القضية نهائيا، أما إذا صدر حكم بالحبس فإن آلية تنفيذ الحبس لا تفرق بين مصرى وأجنبى، وسيتم حبس المتهمين الأجانب المتحفظ عليهم داخل السجون المصرية، وفيما يتعلق بالهاربين فستقوم السلطات المصرية بمخاطبة دولهم لتسليمهم.. وبالتأكيد سترفض هذه الدول لعدم وجود اتفاقية بينها وبين مصر فى هذا الشأن، غير أنه يمكن الدخول فى مفاوضات لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، وفى حال الرفض فلن تتمكن مصر من اتخاذ أى اجراء دولى رادع ضد المتهمين أو دولهم ويتبقى فقط أن تطلب السلطات المصرية من الإنتربول الدولى تتبعهم».
وأوضح أندروس أن الأمر ذاته ينطبق على المتهمين اللبنانيين والأردنيين والفلسطينيين والهاربين فى الأساس من مصر قبل فتح تحقيقات معهم فى القضية ذاتها..
وأكد أن هذا السيناريو سيبقى مرضيا لجميع الأطراف حيث ستكتفى مصر بالمكاسب المادية البالغ قيمتها 50 مليار جنيه وفقا للتسريبات التى نقلتها عدد من وسائل الإعلام ووكالات الانباء بالإضافة إلى 34 مليون جنيه دفعها 17 متهما عند رفع حظر السفر عنهم بينما ستحقق الدول الأجنبية انتصارا معنويا باستعادة متهميها.
السيناريو الثانى
ووفقا لمصدر قضائى فقد وضع السيناريو الثانى من محاكمة المتهمين الأجانب فى قضية التمويل الأجنبى والذى يتفق مع السيناريو الأول تماما حتى خطوة مخاطبة الدول الأجنبية فى تسليم المتهمين فى حال صدور عقوبات بالسجن أو الحبس ضدهم.
وأفاد المصدر، الذى فضل عدم ذكر اسمه، بأنه على سبيل المثال عندما تطلب السلطات المصرية من الولاياتالمتحدةالأمريكية تسليم المتهمين الصادرة ضدهم أحكام بالحبس أو السجن فإن الأخيرة سيكون ردها جاهزا: «لا نستطيع لعدم وجود اتفاقية» وبالطبع سيكون الرد المصرى جاهزا هو الآخر وسيتبع رد فعل الولاياتالمتحدةالأمريكية مباشرة: «عدم وجود اتفاقية لا ينفى الدخول فى مفاوضات وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل».
وأشار إلى أنه وفقا لهذا السيناريو فإن مسئولى الولاياتالمتحدةالأمريكية ومصر سيجلسان على مائدة المفاوضات ووقتها ستتفادى أمريكا بالطبع تسليم مواطنيها المتهمين الصادر ضدهم أحكام لمصر وتصل المفاوضات إلى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل ولكن فى صورة تبادل المساجين والمعتقلين وليس تسليم متهمين حيث ستصل المفاوضات بين الطرفين إلى طلب أمريكا الاحتفاظ بمواطنيها المتهمين مقابل تسليمها مصر لمعتقليها فى السجون الأمريكية.
وأكد المصدر أن ما يدعم من هذا السيناريو الضغوط التى يمارسها أهالى وأسر المعتقلين المصريين فى السجون الأمريكية وعلى رأسهم الشيخ عمر عبدالرحمن. وأوضح أنه فى ضوء السيناريو الثانى: «ستضيف مصر مكسبا آخر لكنه معنوى، وهو استرداد عدد من المعتقلين المصريين وعلى رأسهم الدكتور عمر عبدالرحمن المسجون فى الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ 19 عاما».
السيناريو الثالث
يأتى السيناريو الثالث مخالفا ومغايرا تماما للأول والثانى حيث ينتهى إلى إصدار حكم يقضى ببراءة المتهمين وذلك من منطلق تطبيق «القانون الأصلح للمتهم».
ووفقا لما قاله المستشار عبدالحكيم الكردى، عضو هيئة الدفاع عن المتهين المصريين فى المعهد الجمهورى الدولى»، فإن الحلقة الأولى من هذا السيناريو تكون فى يد مجلس الشعب من خلال مناقشة قانون الجمعيات الأهلية الجديد ومن ثم إصداره بشكل نهائى فى غضون شهور قليلة وتحديد مدى دور كل من وزارة الخارجية ووزارة التضامن الاجتماعى والجهات الأمنية فى منح التراخيص اللازمة لتلك المنظمات وكذلك ينظم القانون عملية تلقى المنظمات للأموال.
وأضاف الكردى أنه من هذا المنطلق تحصل تلك المنظمات على تراخيص عمل رسمية لممارسة أنشطتها وبموجب ذلك فإن القانون الجديد للجمعيات سيلغى الجريمة السابقة أو يخفف عقوبتها.
وأوضح أن الفقرة الأولى من المادة الخامسة لقانون العقوبات تنص على أن «المتهم يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها» ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذى يتبع دون غيره «وبذلك فإنه اذا كان القانون الجديد يوجد من حيث التجريم أو العقاب، مركزا أو وضعا أصلح للمتهم على وجه من الوجوه، فإنه هو الذى يطبق فى هذه الحالة ومن ثم يستبعد النص الذى كان نافذا وقت ارتكابه للجريمة. كما تنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة أيضا على أنه إذا صدر القانون الجديد الأصلح للمتهم بعد الحكم النهائى عليه يجعل الفعل الذى حكم على المجرم من أجله غير معاقب عليه ويوقف تنفيذ الحكم وتنتهى آثاره الجنائية.
وأكد المستشار عبدالحكيم الكردى أن أهمية تطبيق القانون الأصلح للمتهم يعود إلى اعتبارات متعلقة بالعدالة وبمصلحة كل من المجتمع والفرد. حتى لا يحدث خلل بميزان العقاب حينما يظل الجانى خاضعا للنص القديم الأشد، بينما يخضع مرتكب ذات الفعل بعد العمل بالقانون الجديد الأصلح لهذا القانون الجديد، فيتفاوت بذلك مصير كل منهما رغم تطابق فعليهما. وتوقع بأن هذا السيناريو هو الأقرب للتنفيذ خصوصا فى ظل المشاورات المستمرة بين كبار المسئولين بالحكومة الأمريكية مع المجلس العسكرى والدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء وكذلك اللقاءات المتكررة للسفيرة الأمريكيةبالقاهرة آن باترسون مع المستشار عادل عبدالحميد وزير العدل هذا إلى جانب اعتزام البرلمان إصدار قانون جديد ينظم عمل الجمعيات الأهلية.