صدر عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، العدد الجديد من مجلة "الرافد" الثقافية لشهر فبراير 2012 ، الذي احتوى العديد من الدراسات والأبحاث، في مختلف ضروب الفكر والمعرفة، فضلاً عن المساهمات الإبداعية المتجددة . ومن أهم الموضوعات التي تضمنها العدد الجديد دراسة موسعة عن العلامة الجزائري المؤرخ عبد الرحمن الجيلالي، بقلم محمد سيف الإسلام بوفلاقة، استعرضت جهوده الإصلاحية ومسيرته الحافلة التي امتدت على مدى قرن كامل وعامين، من 1908 إلى 2010.
ومن أهم ما قدمه للمكتبة العربية، موسوعته الضخمة" تاريخ الجزائر العام"، التي تعتبر أهم ما كتب عن الجزائر، من أقدم العصور إلى العهد العثماني، وقد صدرت مؤخرا آخر طبعة له، في خمسة مجلدات .
وفي زاوية "علوم" كتب الدكتور جلال جميل سلمان، عن "ابن سينا، الفيلسوف الموسوعي"، مستعرضا عطاءه العلمي، مع التركيز على مجال الطب الذي قدم فيه ابن سينا الكثير للبشرية، ولا أدل على ذلك من كتابه "القانون في الطب" الذي تربع على عرش مملكة الطب لقرون عديدة.
واعتمد ابن سينا في ممارسته للطب على التجربة والاستفادة من تجارب من سبقوه، وهو أول من قال بالعدوى وانتقال الأمراض عن طريق الماء والتراب.
وكتب السيد بخيت عن البيئة الإعلامية المتجددة، ولاحظ أن للمضامين التي ينتجها المستخدمون أهمية كبيرة في العمل الإعلامي، فهي تزود المؤسسات الإعلامية بمصدر ثري للمعلومات، كما تفيد في تشكيل رأي عام جماعي فاعل ونشط.
وفي ركن "نقد" تناول عزيز العرباوي قضية الغموض في الشعر الحديث، ليخلص إلى أن الشاعر المبدع هو الذي يستطيع أن يقود ثورة في اللغة تضيف إليها أدوات لم تكن فيها، وتعطل فيها وظائف أخرى.
وقال إن شعر الحداثة رغم ما يلفه من غموض وكثافة في المعنى واللفظ، سهل الانقياد في عملية التحليل والتأويل، ويعتبر القارئ فيه منتجا ثانيا للنص بعد الشاعر.
وتناول ملف العدد الجديد من مجلة "الرافد" عوالم اللغة، إذ تضمن خمس دراسات، تحوم حول اللغة وقضاياها وإشكالاتها، مع تركيز على "اللغة العربية"، فكتب الدكتور عبد الله حامد حمد عن "علم اللغة، من حضن الفلسفة إلى علم متميز"، معتبرا أن علم اللغة رغم نشأته الفلسفية قد استفاد من العلوم الطبيعية البعيدة عنه مثل البيولوجيا والفيزياء والطب، في تحديد طبيعة موضوعه، ليستقل كعلم إنساني متميز بفروعه النظرية.
وقدم الدكتور عبد القادر سلامي قراءة في كتاب "العربية" للمستشرق الألماني يوهان فك، والذي يعد جهدا استشراقيا مميزاً في تحقيق لغة العرب، ووقعت عليه الأنظار للمرة الأولى عام 1950، وأثار حين صدوره جدلا كبيرا بين المستشرقين، وكان فاتحة لاتجاه جديد في دراسة اللغة العربية في سيرورتها التاريخية وتحولاتها اللهجية. وترجمه للعربية وقدم له وعلق عليه الدكتور رمضان عبد التواب.
وعن "مساهمة بلاد الهند في تطوير اللغة العربية"، كتب الدكتور عبد المجيد عبد العزيز، الذي أشاد بدور الهنود في الحفاظ على اللغة العربية في تلك الديار، رغم المحيط الصعب، ورغم الاحتلال الإنجليزي القاسي، مشيرا إلى أن الهنود المسلمين كانوا سباقين في إنشاء الصحافة العربية، فأصدروا الصحف والمجلات وفي القرن العشرين، وأنجبت الهند الأدباء والكتاب الذين يضاهون كبار الأدباء العرب، مثل أبي الحسن الندوي وعبد العزيز الميمني وحميد الدين الفراهي وغيرهم.
وكتب عبد العزيز السراج عن "الترجمة الآلية واللغة العربية"، منطلقا من الصلة الوثيقة في عصرنا بين اللغة والحاسوب، والتي أفرزت تجليات عديدة، منها موضوع الترجمة الآلية، وهو ما يعتبره الكاتب تحديا حضاريا خطيرا، يلزم للأمة العربية أن تواجهه.
وكان ختام الملف دراسة مقارنة في موضوع "التذكير والتأنيث"، بين اللغتين العربية والإنجليزية، بقلم ابتهال محمد علي البار، وبعد إجراء المقارنة وتقديم الأمثلة والنماذج، وصلت الباحثة إلى ترجيح كفة اللغة العربية في هذا المجال، حيث تمتاز بدقة التصنيف الجنسي، ولا تحتوي على قسم محايد كما في الإنجليزية، وبغزارة طرق التأنيث في العربية، وأخيرا بظاهرة تأنيث الفعل.